جدارُنا الأخير

 

زاهد عزت حرش

 

أصبحَ اللحنُ أكثرَ حزنًا، أصبحَ اللونُ أكثرَ بُعدًا، تحتَ تأثيرِ النبيذِ والدخان! امتدتْ مسافاتُ الأنينِ عبرَ النغمِ المسترسلِ من آلةٍ وترية. والعيونُ تراجعتْ خلفَ أسوارِ الجفون!

وتسألُني: من أين يأتي كلُّ هذا الحزن! من أين يأتي كلُّ هذا الأنين!

يا زهرةَ الياسمين*! يتهادى اللونُ على أطرافِ المساحةِ البيضاءَ لِلَوحةٍ جديدة، بارتيابٍ ووَجَلٍ، كأنه العائدُ من مَشْهدِيَّةِ الذبحِ المتكرِّر، على حوافي الطرقاتِ المعبَّئةِ بجُندِ الغاصبين!

ما عسى اللوحة أن تفعلَ في وجهِ بندقيةٍ تمزِّقُ أرجاءَ الصمتِ وأحشاءَ البشر؟! ما عسى الألوانُ أن تحملَ من جُرحِ العيونِ برؤيةِ الدماء، على أرصفةِ الطرقات، سوى هذا الأسود الحزين؟!

وأضعفُ الإيمانِ هو الكلام! فماذا سنصنعُ بالكلام؟! 

1 

هي دعوةٌ للصَّمتِ

هي دعوةٌ للصَّبرِ

فشُدَّ على الجِراحْ!

هي دعوةٌ... للاجتراحْ!

دعوةٌ لكبتِ أصواتِ النباحْ!

فلننتظرْ...

... ... ... ... ...

فلننتظرْ...

ميلادَ فجرٍ للكفاحْ!

صوتُنا صوتٌ مباحٌ

تحتَ قصفٍ

من غبارٍ ورياحْ

فلننتظرْ...

... ... ... ... ...

فلننتظرْ...

كَفْكِفْ رذاذَ البحرِ

وهيِّئْ وقتكَ للموجِ

والأقداحْ...

فكلُّ ما نحتاجُ – يا وطني –

سَرْجٌ وصباحْ!

سلاسلُ من ماءِ وردٍ

من زهرٍ، ومن تفاحْ

كلُّ ما نحتاجُ – يا وطني –

وسيلةٌ وسلاحْ!

2

ثبِّتْ خطاكَ على الثرى

وبعضًا... انحنِ!

كيما تمرَّ العاصفةْ

ثبِّتْ خطاكَ

ودَعْ سيولَ الجَّرفِ

تعبرُ باضطرابٍ

وأنتَ، كالأشجارِ، تضربُ

جذعكَ في الأرضِ

فهي وحدَها عارفةْ

 

3

ثبِّتْ خطاكَ

واضمُرْ يديكَ

على البناتِ

على البنينِ

كي تمضي – يا وطني – السنونُ

لتعيدَ ترتيبَ العِبادِ

وتعيدَ ترتيبَ العَتادِ

فلننتظرْ...

... ... ... ... ...

فلننتظرْ...

واكتبْ...

بما عرفتْ يداكَ من اللغاتِ

واكتبْ...

بما عرفَ اللسانُ من الكلامِ

تاريخَ كُلِّ الغاصبين!

 

4

ثبِّتْ خطاكَ...

على ثراكَ

ولننتظرْ...

... ... ... ... ...    

ولننتظرْ...

حتى تمرَّ العاصفةْ

وانفثْ دخانكَ غاضبًا...

لا ينتصرُ شعبٌ

بحربٍ خاطفةْ

هي لعبةُ

الأسواقِ

والأوراقْ

هي لعبةُ الأموالِ

في أيدي الطغاةِ الجارفةْ

 

5

ثبِّتْ خطاكَ

على ثَراكْ

واجعلْ رداءَكَ

من يديكْ

واجعلْ رغيفَ الخبزِ

واجعلْ طعامكَ

من يديكْ

 

6

ثبِّتْ خطاكَ

على ثراكَ

ولننتظرْ...

حتى ينامَ اللهُ

في كُتُبِ الصلاةْ

أسوةً بالأوَّلينَ من الطُّغاةْ

ولننتظرْ...

... ... ... ... ...

ولننتظرْ...

رحيلَ كلِّ الأنبياءْ

حتى تضيءَ لنا السماءُ

ولننتظرْ زوالَ عهدِ الأولياءْ

ولننتظرْ...

... ... ... ... ...

ولننتظرْ...

غدًا يموتُ القائمونُ عليكَ

من وهجِ الضياءْ

فاغسلْ يديكَ

وعلى الثرى

جدِّدْ خطاكْ...

شفا عمرو، أرض الجليل
السبت، 10/5/2003

*** *** ***

* حبيبتي الأميرة.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود