أرون غاندي في مواجهة اللوبي اليهودي في أمريكا
حفيد غاندي يُرغَم على الاستقالة بسبب آرائه في إسرائيل

 

أدَّت الضغوطُ التي مارسَها اللوبي اليهودي الأمريكي[*] على مدار الشهر الماضي [شباط 2008] إلى استقالة أرون غاندي، حفيد المهاتما غاندي، من منصبه في جامعة Rochester، وذلك في أعقاب تصريحات انتقد فيها إسرائيل وعنف اليهود، قائلاً فيها ما مفاده إن اليهود الآن هم أهم لاعب في عالم العنف.

أرون غاندي

وقد أثارت الاستقالةُ ردودَ فعل منظمات حقوقية وبعض الشخصيات البارزة في الولايات المتحدة الذين اتهموا اللوبي اليهودي بمحاولة قمع حرية التعبير وتنميط أيِّ نقد لسياسات إسرائيل العنصرية على أنها "معاداة للسامية" [كذا].

وكانت وكالة أنباء America in Arabic أول مَن أورَدَ خبر تعليقات غاندي ومَن رَصَدَ ردود فعل المنظمات اليهودية الناشطة في الولايات المتحدة. كما رصدت الوكالة غيابَ أيِّ دعم عربي أو إسلامي لغاندي [كذا].

وكان العديد من المنظمات اليهودية الأمريكية النافذة قد شنَّ حملةَ شجب قوية على تصريحات أرون غاندي التي قال فيها إن "الهوية اليهودية انغلقت في الماضي على المحرقة" Holocaust، بحيث باتت تعيش في الحاضر على القنابل والقتل، وإن اليهود الآن هم "أكبر اللاعبين في عالم العنف".

أرون غاندي والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يوم زارَه في أثناء الحصار الإسرائيلي المضروب عليه
في "المقاطعة"، متضامنًا مع القضية الفلسطينية وداعيًا الشعب الفلسطيني إلى اعتماد الكفاح اللاعنفي.

غير أن 16 منظمة وأعضاء من منظمات جاليات المهاجرين من جنوب آسيا في الولايات المتحدة وأكثر من 100 شخصية من الشخصيات العالمية البارزة، ليس من بينهم عرب [كذا]، أعربوا، في بيان مشترك، عن تصديقهم على البيان الذي أصدرتْه سونيتا مير، الأستاذ المساعد بجامعة كاليفورنيا، والذي تدين فيه الأسلوب الذي أجبر أرون غاندي، رئيس "معهد غاندي للاَّعنف" بجامعة Rochester ومؤسِّسه، على الاستقالة بسبب آرائه في إسرائيل. وقد جاء في البيان:

أرون غاندي شخصية عامة مرموقة ومحترمة، عمل سنوات طويلة للترويج للكفاح اللاعنفي والتفاهم بين الأديان. وقد أثار سجالاً بعد كتابته تعليقًا من فقرتين بعنوان "الهوية اليهودية لا تستطيع الاعتماد على العنف" نُشِرَ في مدوَّنة On Faith التابعة لصحيفة Washington Post، حيث انتقد المقالُ العسكرية الإسرائيلية وسوء استعمال مأساة المحرقة لتسويغ العنف ضدَّ الطرف الآخر، منوهًا إلى أن هذا يقوِّض أيَّ دعم للسياسات الإسرائيلية.

وقال البيان إن ضغط منظمات اللوبي اليهودي، مثل "رابطة مكافحة التشهير"، إحدى كبريات منظمات اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، و"اللجنة الأمريكية اليهودية"، إلى جانب منظمات أخرى هندوسية، أدى إلى إجبار غاندي على الاستقالة من منصبه كرئيس لـ"معهد اللاعنف" الذي أسَّسه بتهمة أنه "معادٍ للسامية"، وذلك على الرغم من اعتذاره سابقًا عن إساءة فهم تصريحاته التي أكد فيها أن سياسات إسرائيل العنصرية لا تعكس وجهة نظر اليهود في العالم.

وكانت مير قد استنكرت في بيان لها الانتقادات التي أثارها اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة لإجبار غاندي على الاستقالة من منصبه الذي شغله لسنوات. وأضافت مير:

في غضون ثلاثة أسابيع فقط، أُجبِرَ غاندي على الاستقالة من منصبه كمدير بعد عاصفة من النقد وانتقاد الجماعات الموالية لإسرائيل له بوصفه معاديًا للسامية، مثل "رابطة مكافحة التشهير"، و"اللجنة الأمريكية اليهودية"، وبضغوط من رئيس جامعة Rochester جويل سيغِلمان.

واستغربت مير أن فقرتين مثل هاتين اللتين نشرهما غاندي "تثيران ضجة" تؤدي إلى استقالة "شخصية عامة مرموقة ومحترمة" مثل أرون غاندي. وقد جاء في البيان:

لم تكتفِ جامعة Rochester بالضغط عليه [غاندي] من أجل الاعتذار. توضح استقالة غاندي بأنه كان آخر ضحايا اللوبي المؤيِّد لإسرائيل، القوي والمنظَّم جدًّا في الولايات المتحدة، الذي يعتبر فورًا أيَّ أو كلَّ نقد لسياسات إسرائيل معاداةً للسامية.

وأضاف البيان:

من العار أن تساند مجموعةٌ مثل "مؤسسة الأمريكيين الهندوس"، التي تدَّعي الترويج للتسامح والتفاهم، مثل هذا الحظر الواضح على حفيد غاندي. لربما اختاروا أن يتجاهلوا تصريح المهاتما غاندي في العام 1946 حين قال إن المستوطنين اليهود ارتكبوا خطأ فادحًا في سعيهم أن يفرضوا أنفسهم على الفلسطينيين بمساعدة الأمريكيين والبريطانيين، والآن بمساعدة الإرهاب الصريح.

من جانبها، صرَّحت ياسمين فاطمة، عضو منظمة "أصدقاء جنوب آسيا"، قائلةً في البيان:

نحن لسنا قلقين من الطريقة التي عومل بها أرون غاندي وحسب، ولكن أيضًا من تشويه الحقيقة، حيث يحاول اللوبي [اليهودي] القوي أن يُخرِسَ أيَّ نقد لدولة إسرائيل، ويقمع حرية التعبير، ويُرهِبَ الأساتذة والكتَّاب الذي يتجاسرون على تحدِّي دعم إسرائيل غير المشروط.

ومن جانبه، انتقد فيليپ بيرد، مؤسِّس "مركز دراسات المحرقة" بجامعة سونوما، موقفَ اللوبي اليهودي ودعمَه غير المحدود لإسرائيل، قائلاً:

أفعال الحكومة الإسرائيلية وعسكريتها وهؤلاء من منظَّمات اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الذين يدعمونها دون حدود هم لعنة على دروس المحرقة.

وأضاف بيرد أن هؤلاء الذين ينتقدون إسرائيل يتم تنميطهم على أنهم

[...] معادين للسامية، في حين أن المعادين للسامية الحقيقيين، يهودًا وغير يهود على حدٍّ سواء، هم الذين يعبِّرون عن دعم مطلق للحكومات والجيوش.

*** *** ***

عن America in Arabic، واشنطن


 

horizontal rule

[*] المقصود بـ"اللوبي اليهودي الأمريكي" حصرًا، كما يُفهَم من الخبر في جملته، تجمعات الضغط الأمريكية الصهيونية التوجُّه والمؤيدة، تاليًا، لسياسات دولة إسرائيل العنصرية، والمفروض أنه لا يمس قطعًا المفكرين

اليهود الكبار، في إسرائيل وخارجه، المناضلين في سبيل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني (وبعضهم يجرؤ حتى على المطالبة بتحويل إسرائيل إلى دولة عَلمانية ثنائية القومية يتعايش فيها اليهود والعرب كمواطنين سواسية في الحقوق والواجبات). إن أسرة تحرير معابر تتحفظ على لهجة الخبر التي يمكن أن تُشتَمَّ منها معاداةٌ لليهود جملةً، سواء من منطلق قومي أو من منطلق إسلامي؛ وهي لم تُعِدْ نشرَه إلا لأن وكالة أنباء "أمريكا بالعربية" التي نشرتْه أولاً هي الجهة العربية الوحيدة التي غطَّت الحدث وتبعاته.
كذلك فإن أسرة التحرير ترى في اتهام مفكر ومناضل إنساني لاعنفي كبير من
قامة أرون مانيلال غاندي بـ"معاداة السامية" سخفًا ما بعده سخف، وتفهم من تصريحاته أنه يستنكر على بعض اليهود اختزالهم دينهم إلى مذهب قومي متطرف وهويتهم إلى "المحرقة" النازية واستعمالهم "نكبتهم" لتسويغ سياسات إسرائيل وممارساته العسكرية؛ ولا يسعها إلا أن تقرأ هذا الاتهام في سياق موقف غاندي الصريح المؤيد للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ودعوته الفلسطينيين إلى الخيار اللاعنفي في مقاومة الاحتلال، كما فعل جده المهاتما حين دعا اليهود، في مقال شهير بعنوان "اليهود في فلسطين" (فليراجَع في معابر)، إلى اعتماد اللاعنف منهجًا لمقاومة الاضطهاد النازي، وطالب المهاجرين منهم إلى فلسطين بالتعايش الإنساني والتعاون مع العرب والكف عن الاتكال على أسنَّة الحراب البريطانية. (المحرِّر)

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود