مـن وَحْـي قَـلْـب

 

ثناء درويش

 

رأى قومٌ الفَراشَ يتهافت على المصباح، وتحترق أجنحتُه في وهج النور، فقالوا: "ما أغباه! أما آن له أن يتعلم من تجربته؟! – والتجربة أكبر معلِّم. ألا يكف عن إعادة المحاولة أو يتوب؟!"

ورأى قومٌ آخرون ذاك الفراش ينجذب إلى حتفه ويموت احتراقًا، فقالوا: "تقدَّس الفراش!" ودعوا ربَّهم قائلين: "اللهم، هَبْ لنا قلوبًا كالفراش، تهفو إليك، وتحترق وَجْدًا وشوقًا على أعتابك."

ذلك أن كلَّ قوم قالوا ما بداخلهم، ورأوا في المَثَل المضروب حقيقة ذواتهم.

*

رغم أن نهاية إعقال العقول عُقال، ورغم قول العالِم، بعد كلِّ ما عَلِمَ، "لا أعلم!"، لكن تسليم العالِم، في حدِّ ذاته، هو علم، لأن العجز عن درك الإدراك إدراك. أي أن ثمة بونًا شاسعًا بين تسليم الجاهل وتسليم العالِم. ولا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.

*

نتعوَّذ ونحوقل، مراتٍ ومرات، إذا ذُكِرَ أكلةُ لحوم البشر. ولو كُشِفَ الغطاءُ قليلاً، لهالنا أن نجد أنفسنا من أولئك. فذلك ما يحدث في جلسات الغيبة والنميمة.

*

لكلمة "علم" وكلمة "عمل" الحروف نفسها، ذلك أن العلم والعمل متلازمان لا يفترقان. لكن اللام سبقت الميم في كلمة "علم" وتأخرت عنها في كلمة "عمل". فإذا عدنا إلى تسلسل الحروف الهجائية أدركنا أن علينا أن نعلم أولاً ليأتي العمل ترجمانًا للعلم.

*

تعويذةٌ سحرية تضمن دوام النِّعَم إن علَّقناها على صدر كلِّ وليد، هي بين أيدينا ولا نحسن استخدامها: إنها لغة الحمد والشكر.

*

ألقيتُ عصاي، فتحولتْ حيةً أو حياة روحية تلقفتْ ثعابين علومهم المادية، لأن ما صنعوا كيد ساحر – ولا يفلح الساحر حيث أتى!

*

حواسنا أجهزةُ استقبال رائعة، وفكرنا جهاز إرسال مذهل. وبين الاستقبال والإرسال يكمن التجديد وتُختزَل الحياة.

*

أحْوَل كل مَن رأى مع الله إلهًا آخر، وأعمى مَن لم يرَ للكون خالقًا.

*

أصْدَقُ تسمية للأرض أنها "موطن الحولان"، لأننا جميعًا محرومون من رؤية الواحد – ماعدا بعض الغرباء سليمي النظر.

*

كنافخٍ في قربة مَن يمتلئ زهوًا وغرورًا وهو يرى جسدَه يضج بالحياة، غير مدرِك أن المرض أو الموت كإبرة صغيرة تفرغه من الهواء.

*

في البستان وردٌ وشوك. نستحسن الورد ونزدري الشوك عندما ننظر بعين الحس. بينما ترى عينُنا الأخرى الداخلية أن لكلٍّ مهمتَه التي اقتضتْها الحكمةُ الإلهية.

*

تعلم الوردة أن نهايتها الفناء. إلا أنها تفضل ألف مرة أن تموت على أمها ميتة طبيعية على أن تأتي يدٌ جانية لتنتزعها في قسوة بغرض أنانية الاستمتاع.

*

أية لعنة حلَّتْ على الخفاش حتى حُرِمَ رؤيةَ الشمس، وأي ذنب اقترفه حتى يقضي العمر في الظلام؟!

أخشى ما أخشاه أن نكون جميعًا خفافيش محرومين من رؤية النور، محكومًا علينا بالعيش بين الظلال.

*

الكرة أفضل الأشكال وأكملها، ذلك لأن لا رأس لها ولا ذيل، ولا توجُّه عندها.

ليتنا مثلك، يا كرة، نصل بإيماننا إلى أن درجة أن نرى في كلِّ اتجاهٍ وجهَ الله.

*

يا عصيَّ الدمع! وتعتبر البكاءَ فعل الأطفال والنساء! كماء البحر المالح الذي يحفظ ما به هي دموعُ عينيك مطهِّرةٌ للذنوب. من دمعك تنبت زهور الرحمة، والخضرة لا تنمو إلا من سحاب استغفارك.

*

اغفرْ لهم إلهي! ما قدَّروك حقَّ قَدْرك، ولا عرفوك، لأنهم بحواسهم الظاهرة عبدوك.

*

نفوس الأطفال صفحات بيض. فاكتب عليها منذ البدء كلَّ ما هو جميل وما لا تضطر إلى محوه مستقبلاً، تاركًا تشويشًا عليها.

*

إذا نظرتَ في اتجاه واحد، حصلتَ على فكرة شاملة عن شيء واحد.

وإذا نظرتَ في اتجاهات عديدة، حصلتَ على أفكار جزئية عن عدة أشياء.

فأيهما تفضل؟

*

للمعرفة آداب، أولها أن نأتيها عن طريق الباب. فمَن يحاول التسلل من النافذة أو القفز من فوق جدار اعتُبِرَ لصًّا وفقد حقَّ الضيافة.

*

أخي، أحبك كما أنت. فلا داعي لأن تتجمَّل وتتزيَّن عند لقائي لترضيني.

*

إلهي، لم تعد ذنوبي وآثامي تخيفني منذ أن تعلَّمتُ كيف أغتسل بفيض حبِّك منها.

*

فقدتُ نقودًا فبكيتُها، ووجدَها آخر فرقص طربًا.

هكذا هي الحياة!

*

لا تَخَفْ على الحكمة من وضعها عند غير أهلها، لأنها سرعان ما تغادر كما أتت عندما تجد أن القلب الذي قصدتْه صخرٌ أصم، لا مرآة عاكسة.

*

يهفو المؤمنُ إلى الموت ليتابع رحلة الدهشة والنشوة التي بدأها هنا.

ويهابه طالبُ الدنيا خوفًا من أن يسلبه ما ظنَّه دهشةً ونشوة.

*

الآن أدرك كم كنت ساذجة عندما كنت أدعوك وأعتقد أنك لم تلبِّ ندائي.

الآن أدرك أنك كنت تأتي، ولكن في صورة تخالف كلَّ توقعاتي.

*

لي رأي، ولك رأي، ولله رأي آخر.

*

بين حالين لا أفتأ أحيا:

أغمض عينيَّ كيلا يشغلني خلقُك عنك.

وأفتحهما من جديد لأوحِّدك فيهم.

*

أعرف كم أضيِّع المعنى في زحام الكلمات عندما أتحدث إليك.

سأتعلم كيف أصمت في محرابك لأتيح لمعناي أن يصلك كما هو.

*

أتساءل كلما أصغيت إلى شدو طائر أو تنشَّقت عبق وردة: ترى هل من المحتم أن يأتي التكليف الإلهي بإيصال ما عندنا كنصٍّ مختوم؟

*

مع أن الله يعلم سرائرنا، لكنه يريد أن يسمع تضرعنا، قلبًا وقولاً، إقرارًا بالعوز والطاعة.

*

حسابات الله تتجاوزنا كأفراد أمام الحياة كرسالة، – وكتقريب للفكرة، – تمامًا كما نتجاوز كلَّ المخلوقات لنحقق استمرارنا.

*

التنظير: رغبة تتوق لأن تحيا. ويمنعها إما ضعف شخصي، وإما قهر خارجي، أو كلاهما معًا.

*

أن نثق بالإله أو لا نثق – تلك هي المسألة.

*

ما أكثر ما وقفتُ أمام خيارين: أن أصمت ليرضى الآخر، أو أتكلم لأرضي نفسي.

وكان أن اخترت طريقي.

*

أهديتك مرآةً لتراني كلما نظرتَ إلى نفسك فيها.

*

أستحي أن أدعوكَ إلى مأتم حزني – أنا التي أعرضتُ عنكَ وتشاغلتُ يوم عرس فرحي.

*

يا للسخرية! تريدها أن تتعرَّى أمامك وتُظهِرَ محاسنَها الخفية، وقد أتيتَها مدجَّجًا بالسلاح!

*

يقولون: "تتغنى بحبِّه، وتعاشر غيره؟!"

ألم تخبرهم ما أسررتَ لي أنه وإياك واحد؟

*

ولأنه اعتقد أنه عقيم، مضى يبحث عن طفل – الفرح – يتبنَّاه.

لولا أن بشَّره الحكيم أن عقمه قابل للشفاء، وأن ابنًا ليس من صلبه هيهات أن يهبه ما يتمنَّاه.

*

أسعد الأوقات تلك التي أمتطي بها متن الكلمات الشفافة المجنَّحة وآتيك.

لكنني في شوق أنتظر يومًا أرمي فيه بكتبي وأوراقي وأقلامي كلِّها، وأهرع نحوك، دون وسائط ووسائل. وليس المأمول بمستحيل.

*

هذا القلبُ زرُّ وردٍ –

وكيف تحيا الورود من غير ماءْ،

من دون ضوء أو هواءْ؟!

أيها البستاني، سلَّمتك قلبي،

افعل به ما تشاءْ!

*

وقبل أن أنام أذرف دمعتين:

لماذا أصاب أنفَه الزكامْ،

وضاع عطرُ الورد منه،

وتاهَ في الزحامْ؟!

*

كيفما شئتَ

اختبرْني في هواكْ –

غير بُعدٍ عنك لا أقوى عليه،

هو للروح هلاكْ.

*

حفرتُ كلَّ خير قدَّمتَه لي على الصخر، وعلى الماء كتبتُ إساءاتِك.

أسألك بدمع العين: لماذا تفعل العكس معي، يا أخي؟!

*

طبعتُ فوق خدِّ الجليد قبلة، ولي أملٌ يراودني: لعله يذوب!

المضحك–المبكي – بيني وبينكم – أن ثلجه ما ذاب، لا، ولا اشتعل الصقيع، بل سَرَتَ في دمي قشعريرة... عابرة.

*

كثيرون مَن عرفتُهم قبلك، في كلٍّ منهم خصلة طيبة.

وحدك مَن أحببت، لأنك جمعت خصالهم جميعًا فيك، وأحببتني – بكلِّ عيوبي.

*

في لعبة الاستغماية بيني وبينك، كشفتَ مكاني بمجرَّد أن اختبأت.

أما أنا فمازلت أبحث عنك، فأجد لك في كلِّ ركن أثرًا، ولا أراك.

قل لي: هل سأظفر بك إنْ جمعتُ كلَّ هذه الآثار معًا؟!

*

لمَّا يئس من دُوْر النشر التي اعتذرتْ جميعًا عن تبنِّي أفكار وأشعار كهذه، قرَّر نشرها على حبل غسيل... للضوء والهواء.

*

ما الذي يفعله الصفر بالأرقام؟ ينقلها، بمجرد وقوفه على يمينها، من مرتبة لمرتبة، بينما يكون عدمًا حين يقف وحيدًا. يا مَن يقول لي: هل الأرقام أعطتْه تلك الأهمية، أم هو ما أعطاها تلك المرتبة؟

*

إلهي، لماذا وهبتَنا الحلم إلا لأجل أن يكون وسادةً طريةً تخفِّف من قسوة أرض الواقع التي نغفو عليها.

*

كميزان الذهب قلبي:

كلمة واحدة منك تؤثر في توازن كفَّتيهِ،

رغم أنها بخفة النسيم عليهِ.

*

لا تحلم أن يضيء أنوارَه الكاشفة في داخلك قبل أن تطفئ مصابيح الأنا الكاذبة واحدًا إثر آخر.

*

أشتهي موتًا بيدي، أحيا بعده على يديك.

*

لا أريد أن أشيخ، لا خوفًا من تقدُّم العمر المؤذن بالرحيل، ولكن ليتاح لقلبي أن يحبك أطول وقت ممكن.

*

قال، فسمعت.

ولما قلت، راح يغط في نوم عميق.

لا تَصِفُوه بأنه ملول، لا يحسن الإصغاء! فربما كانت كلماتي كأغنية هادئة هَدْهَدَتْه حتى نام.

*

قبل أن تطفئ نجومي لأنها لا تعجبك، هلا علَّقتَ بدلاً عنها قمرًا؟

*

دفنتُ بذور حزني في قلبي، فَنَمَتْ أزهارُها في عيني فاضحة.

*

أخي: أحبك وتحبني – لا شك عندي. ولكن ينقص محبتَنا أمرٌ أساسي يدعونه الاحترام.

*

ومازلتَ – كعادتك – تذيِّل كلَّ صفحة من كتابك اللامحدود بتوقيعك المميَّز الذي لا يطاله التزوير. ومازلتُ أتساءل: كيف يُشكِلُ الأمرُ عليهم إذًا؟!

*

قطفتُ من فوق سياج حديقتك وردتين أهديهما إليك يوم عيدك.

هل تعتبرني سارقة؟!

*

تضرَّعتِ الألوانُ إلى الإله لما عادت لونًا واحدًا: "أرجِعْنا، مولانا، كما كنَّا، لأننا الآن فقط أدركنا أن السعادة والجمال كانا في ذلك التباين بيننا."

*

خطوة أو خطوتانْ

بيني وبينك، خطوة أو خطوتانْ –

وتقول: ليس بعدُ،

لم يئنِ الأوانْ.

فصبر جميل –

وليس لي عنك صبر! –

يا مَن به القلبُ استعانْ.

*

تصافحني بيد، وفي الأخرى سكين لا أريد أن أراها.

*

يعتاد بعضهم على إحسانك حتى يغدو في نظره حقًّا مشروعًا يطالبك به إن قصَّرتَ يومًا.

*

لله لغة بسيطة لدرجة أن الطفل يفهمها، وصعبة لدرجة أنك تصرف العمر على دروب المعرفة، وتقول بعد ذلك: لا أعرف شيئًا!

*

في جميع قصص الحب يغار المحب من أيِّ منافس له – إلا في قصة حبي.

تراني أنتشي طربًا كلما أُغرِمَ بالورد قلبٌ آخر!

*

"أحبه... يحبني..."

"أحبه... يحبني..."

وتنتهي أوراق تلك الوردة،

ولا تنتهي حكايتي...

لعلني أحتاج لورد الكون كلِّه

لاستكمال قصتي!

*

لمَّا أتيتُ الروضَ يومًا وجدتُ فوق بابه عبارة تقول: "إن شئت أن تلقاني دَعْ ثرثرتك جانبًا وادخل بأذن مصغية."

*

تُروَى الأحاديثُ عمومًا نقلاً عن فلان، عن فلان، عن فلان...

أما أنا فأصغي لأحاديثي المحبَّبة من فراشة، عن ضوء، عن عشق، ومن بلبل، عن وردة، عن فيض. وربما أصغيت لحديث قلبي الذي يستمد الفكرة دون وسائط نقل.

المسألة في النهاية مسألة ثقة.

*

لطالما تُقْتُ وأنا صغيرة إلى جناحَي طائر يحلِّقان بي في الفضاء.

ولما كبرتُ تلمَّستُ لروحي ألفًا من الأجنحة تسمو بي حتى سابع سماء.

*

رغم أن الله لديه ممحاة تمحو الذنوب جميعًا – ما عدا الشِّرك به – لا يمنع هذا أن تكون لديه النسخة الأصلية لجميع خطايانا.

*

لا فضيلة بدون تجربة ومِحَكٍّ.

*

أروع تجلٍّ لله ساعة الفجر، ووجه طفل، وطبيعة بكر.

*

مع مرور الزمن يصير الآكلُ من جنس المأكول.

فلنتخيَّرْ ما نلقي لجسدنا عبر فوهة الجحيم وبوابة النعيم.

*

تدرك الحقيقة أن وصولنا إليها كمطلق ضربٌ من الخيال، لكنها سعيدة بهذه المحاولات – ولعلها لا تريد غير ذلك.

*

لست ذاهلة...

إنني مشغولة عنك بك.

*

أغرقُ في عينيك الرائعتين، فتمتلئ أنت زهوًا، بينما أمجِّد الخالقَ في خَلْقِه.

*

لن نستطيع أن نفهم ماذا يريد الله من ذلك كلِّه مادمنا ننظر بعين أرضية قاصرة.

*

عندما أعجز عن فهمك ليس لي إلا محاربتك. وفي ذلك منتهى العجز – ولو ظننتُ العكس.

*

أفظع ما في الأمر أن نستخدم بعض أقوال الحكمة لنحاربها بها وفق فهمنا المغلوط لها.

*

انتظرتك في ظلِّ الشجرة،

وافيتَني عند موقف الباص.

ناديتُك فجرًا،

أجبتَني عصرَ اليوم التالي.

سألتُك بيتًا،

وهبتَني كرمًا.

بُحْتُ لكَ شعرًا،

رَدَدْتَ لي رمزًا.

أي حبيب أنت؟! –

يفعل ما يحلو له، لا ما يحلو لي،

لأنه... لأنه يحبني.

*

كلهم باتوا يعرفون:

أمِّي والجيران،

معلِّمتي والصديقات.

لا عليك، ما عدت أخاف،

إذ لم يعد حبك إثمًا.

فمذ أعلنتُه على الملأ

صار شرعيًّا.

*

لمَّا أذَّن المؤذن أن "الله أكبر... حيِّ على الصلاة"، وأعادها، توكيدًا للنداء، وتمامًا للأسماء، مضيت أجمع شتاتي وحواسي المتفرقة في مسجد القلب. معًا أقمنا صلاة الجماعة كفرد في حَرَمَه الشريف. وكان العقل إمامًا.

*

قلت آخذ من حبِّك إجازة،

وأرحل بعيدًا.

يا للطفل العنيد!

لقد سبقني إلى هناك!

*

وكنت قبلاً أقول لك كلما نظرتَ إلي: "أبعد عينيك عنِّي... إنهما تحرقانني!"

وأراني أقول اليوم: "دَعْ عينيك تنفذان إلى أعماقي لتزهر، وإلى دمي ليورق، وإلى قلبي ليغدو الخضر الحي."

*

وكان الاستنساخ في نظره ثورةً علميةً مذهلة – لولا أنه وقف متأمِّلاً نتاجه المنسوخ الممسوخ الذي يخدع العين بأنه كالأم.

والعبرة بالنتائج.

*

أحلم بيوم أخلع نعليَّ فيه قبل دخول "واديك المقدس" دون أن أضطر إلى العودة إليهما من جديد.

*

لا تراهِنْ على حصان في حلبة سباق الأفكار. فقد يخذلك في آخر لحظة.

*

لا تسحبِ البساط من تحت قدمي!

أقولها لأجلنا معًا. ألعلك نسيت أننا سوية نقف عليه؟

*

لعلَّ الأحلام ليست إلا مثلاً ضَرَبَه الإله لنا لندرك أن الحياة إنما هي أحلام تنتهي لحظة تسليم أنفسنا للسلام الأبدي.

*

دَعْهم يلهون ويلعبون!

آتٍ زمانُ الجِدِّ.

*

كيف ستصل إليك، وقد زرعتَ بذور الشكِّ شوكًا على طول الطريق؟!

*

كسمكة مائية قلبي، ينام وعيناه مفتوحتان.

*

شفتاي مزلاجٌ محكم، بينما ليس للأذن رتاج.

يا لها من حكمة للصمت والإصغاء!

*

كلما هتفتَ صادقًا "يا الله!" فككتَ خيطًا من الشِّرك العالق به.

فإذا دعوتَه لا تنتظر ردًّا. إنما أنت تدعوه لتقترب أكثر.

*

ماؤك يغلي، ولا تعرف ماذا تفعل؟

فقط أضعِفِ النار تحته!

*

روضٌ من رياض الجنة

بين العين والقلب.

ترى العينُ الجمال، فتبثه للقلب

لينتعش بعد موته.

وربما يحدث العكس

حين تسقط الأنوار على القلب

لتبان النشوة في العين

فاضحةً أسرار القلب.

*

عجيبةٌ هي حروف الجر! لم تصنَّف مع الكلمات، مع أنها مركَّبة من حرفين أو ثلاثة. لكنها، على بساطتها، تفتخر أنها قادرة على جرِّ أعظم كلمة وعلى رسم الكسرة تحتها.

*

ما الذي حدث عندما انعطفتْ ألفُ "نار" وانضمَّتْ، متحوِّلة إلى واو في "نور"، نازلةً عن عرشها العظيم ومكانتها المقدسة؟

لقد تحول اللهيب المُحْرِق إلى ضياء غَمَرَ الكون بالبهجة والألوان.

*

لعل حروف التسويف – س، سوف – من أمقت الحروف إلى المؤمن. فإذا اضطر إلى استعمالها، قَرَنَها بأدوات الشرط – إنْ، إذا – رابِطًا الإرادة الفردية بالمشيئة الإلهية.

*

في حضن مَن كان القمر غافيًا الليلة الماضية؟

*

أحبك على طريقتي...

فهل هم يغارونْ

ليتهموني بالكفر أو بالجنونْ؟

أم تُراهم لا يعرفونْ

ما للحبِّ من فنونْ؟!

*

اختلَّ الميزان، فانقلبتِ النعمةُ نقمة.

*

بعدًا لإسلام!

إسلامُهم مالُهم، ودينُهم دينارُهم.

*

كالقمر المظلم نفسي. فلا تحرمْها من نور شمسك، سيدي.

*

"عباد"... و"عبيد".

ما أكبر الفرق بينهما! – مع أنهما جمع لـ"عبد".

إنك عبد كرهًا. فهلاَّ تحولتَ إلى عبد طواعيةً وحبًّا، أيها القلب؟!

*

لأنه غنَّى

ظنوا أنه لا يعرف الشقاءْ.

لم يعلموا

أنه، مادام اختار هذي الدرب،

حرَّم على نفسه البكاءْ،

حاملاً همَّهم جميعًا

في قلبه الكبير

بصبر الأنبياءْ.

*

لو لم أتعلق بأهدابك، هل كان لي أن أغفو في عينيك حلمًا يتوق إلى الحقيقة؟!

*

أخشى ما أخشاهْ،

ونحن نعيد صناعة الإلهْ،

أن تغيب – إلى غير رجعة –

حلاوةُ الخشوع والخضوع،

وتجفَّ رعشةُ التوحيد

على الشفاهْ.

*

عندما مررتَ تحت نافذتي قطفتُ قرنفلة ورميتُها لك. ياه... لقد دُسْتَها دون أن تنتبه! لا عليك! حدث ذلك سهوًا فيما عيناك تعانقان عيني، فكانت رسالة أبلغ من لغة الورد.

*

-       هاك كتاب الحياة. ضَعِ النقاط على الحروف.

-       لكني، يا سيدي، مُذْ سوَّيتَني ونفختَ فيَّ من روحك، وأنا أحاول ذلك دون جدوى. وما أكثر ما يلتبس الأمرُ عليَّ، فأجعل من العين غينًا، ومن الضاد صادًا.

-       حاول ثانية، ويوم تصل إلى قراءة ترضى عنها، ستشكرني على النعيم الذي أنتَ فيه.

*

أيتها الغيمة الصديقة

اهطلي على أرض جاري،

فشفاهها مشققة، تشتهي قبلة المطر.

أما أنا

فينابيع باطني

تضمن اخضرار قلبي

لسنين قادمة.

*

أرضى أن أكون مجرد صَدَفَة مادمتُ أحتضن في جوفي لؤلؤة.

*

الكلماتُ عيون الشاعر، والصبُّ تفضحه عيناه.

*

ربَّ عريٍ كان أسْتَر من غطاء.

*

أسلمتُك كلتا يدي

ثم في نشوة أغمضتُ عيني،

لم يبقَ مني – يا حبِّيَ – أثرْ.

انتهت قصة الإعراب:

ما عدت أنتَ المبتدأ

وما عدتُ أنا الخبرْ.

*** *** ***

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود