نَـهْـجُ المَـحَـبَّـة

 

يوسف سامي يوسف

 

سهمٌ أصـابَ فأجرى مَدمَعي ودَمي

صبيحةَ النَّحرِ عند المَشْـعَرِ الحَرَمِ

نفسـي الفداءُ لِسَـهْمٍ قد أضَـرَّ بنا

من كفِّ ظَبْيٍ رهيفِ الروحِ كالنَّسَمِ

مَن لـي بحبِّ غزالٍ هـائمٍ رَشَـأ

يرعى مَنابتَ قلبي، بل يريقُ دَمـي

هـلاَّ دنوتَ قليلاً من مدى بَصَري

يا أشَـبَهَ الناسِ، كلِّ النـاسِ، بالحُلُمِ

يا عـاذلاً لامَـني في حبِّ سـيدةٍ

لأجلِها يتجـلَّى النـورُ في الظُّـلَمِ

هي الرجـاءُ لنـا في كلِّ مَسْـغَبةٍ

لولا هَواها لما طابَ الهَوى بِفَـمِي

بفضلِها صرتُ عبدَ النور، وافرحي

بروعةِ النُّـورِ مُنثـالاً مِنَ القِـدَمِ!

مهلاً عليكَ، فـإن الحـبَّ مرتـبةٌ

ينالُها مَن نَجـا مِن سَـطْوةِ السَّـقَمِ

فلو عشـقتَ حَبَـاكَ الحبُّ معرفةً

بسـرِّ نَفْسِـكَ والمسـتورِ والقَلَـمِ

وإذْ عميتَ عن الجُـلَّى وقيمـتِها

فاحذرْ شعورَكَ أن ينحلَّ في السَّـأمِ

بالحبِّ تكتسـبُ الدنيـا عذوبتَـها

إن غابَ عنها فلا يبقى سوى العَدَم

هل المعـلِّمُ غيرُ الحـبِّ نتبـعُه

بوصـفِه غـايـةَ الغايـاتِ والقِيَمِ

أُسُّ الوجودِ وينبـوعُ الحيـاةِ، فلا

يطـالُه غيرُ حَدْسِ الشِّـعْرِ والنَّغَمِ

أكـرِمْ به نعمةَ الرَّحمـنِ أنزلَها

مِنْ منهلِ اللطفِ أو مِنْ منبعِ الكَرَمِ

فجـاءَ بهجةَ هذا العيشِ يُضرِمُه

دفئًا، فتنجو المُنى من سُـلطةِ الهَرَمِ

لولاه صـارَ حَراكُ القلبِ مثـلبةً

كمثـلِ آلـيةٍ بكمـاءَ في صَـمَـمِ

ما حرَّكَ النبضَ إلا الحبُّ فامتزجتْ

ألوانُـه بكـريـمِ العيـشِ والشِّـيَمِ

بفضلِه تصـنعُ الدنيا مَحَـاسِـنَها

وينـزلُ الغـيـثُ منهلاًّ من الدِّيَـمِ

ماذا الذي حرَّكَ الأفـلاكَ مِن قِدَمٍ؟

شوقٌّ إلى الله باري الكونِ والنَّـسَمِ

يا شاعرًا كان رعشَ الحبِّ مذهبُه

حُيِّيتَ من شـاعرٍ فـذٍّ ومحتشِـمِ!

بـ"الترجمان" جعلتَ الشوقَ مدرسةً

والحبَّ منقبةً تسـمو على التُّـهَـمِ

نادمتَ ذوقًا جليـلاً صافيًا وَرِعًـا

فجاءكَ الكشـفُ مثل الزَّاخرِ العَرمِ

وقد تزكَّيتَ روحًـا خـالدًا أبـدًا

إذِ التزمـتَ بحبٍّ طيِّـبٍ عَـمَـمِ

شريعةَ الحبِّ قد أرسيتَ، يا عَلَمًا،

بالكشفِ عن غامضِ الأشياءِ والسُّدُمِ

سمَّيتَ ربَّـكَ حـبًّا فالتـزمتَ به

ورُمْتَه سـاكنًا في قـلـبِ ملتـزمِ

وأنتَ، يا سـيدَ الأحبـابِ قاطبةً،

بالتَّـاءِ صرتَ ولـيًّا وارثَ النِّـعَمِ

لها صلاتُـكَ في المحرابِ ترفعُها

إليـكَ حجَّـتْ وصلَّتْ كعبةُ الأمَـمِ

إنجيـلُها لونُ عينيها، هدًى، وأنا

أتلو وأدرسُـها في الأشـهُرِ الحُرُمِ

لمَّـا رأتْني صَدوقًا بشَّرتْ بمُنًى:

"افـرحْ، ستلثمُ كفِّـي غيرَ متَّـهَمِ!"

لبَّـيكَ، يا سيدي، عندي بِكُمْ ثقةٌ

فابشـرْ بكلِّ مقـامٍ سائغِ النُّـظُـمِ

هي الصَّبا تجعلُ الدنيا صِبًا وهوًى

فهـامَ قلبٌ بذاتِ الشِّـيحِ أو إضَـمِ

وعيُ الثُّمالةِ، لا وعيُ الدلالةِ، في

رؤياه يستخلصُ الفَحْوى من البُهَـمِ

12/8/2005

*** *** ***

تنضيد: نبيل سلامة

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود