تزكية القلب مطلب حضاري

 

الأخضر قويدري*

 

إطلالة على مأساة الحضارة الغربية

لقد تفطن عقلاء الغرب، على اختلاف تخصصاتهم العلمية، إلى أن الإنسان الغربي وصل إلى درجة فظيعة من التأزم الأخلاقي بلغ أوجه في انصباغ  جميع علاقاته بصبغة مادية براغماتية. ويمكننا، للتدليل على هذه الحقيقة، أن نستأنس بالشهادات الموالية:

ففيلسوف الحضارة الألماني ألبرت شفيتسر[1] (1875-1965) يؤكد قائلاً:

نحن نعيش اليوم في ظل انهيار الحضارة، وبالرغم من أن الغرب احتفظ بقوته في معظم مرافق الحياة، إلا أنه روحيًا مصاب بالهزال[2].

أما المفكر الفرنسي روني غينون[3] (1954-1886) فيرى أن الحضارة الغربية بُنيت أساسًا على تغييب المبادئ الأخلاقية والروحية، فهي حضارة مادية متصلدة، وقد كانت صبغتها المادية متمركزة في حدودها، لكنها اليوم تسعى جاهدة إلى تصدير هذه الصبغة المادية إلى الشعوب الأخرى بكل الأشكال الممكنة[4].

ويؤكد المفكر الفرنسي روجي غارودي أن الحضارة الغربية قد ضيعت البعد الإنساني للبشر، فباتت ثقافتها ثقافة فرعونية، وهي إذا استمرت على ما هي عليه فإنها ستؤدي إلى انتحار الكون كله[5].

وقد أدرك الطبيب الفرنسي ألكسيس كاريل[6] (1873-1944) أن الحضارة الغربية تسحق كل المعاني الإنسانية لدى الإنسان، ولذلك يعلن قائلاً:

إننا قوم تعساء لأننا ننحط أخلاقيًا وعقليًا[7].

إن التمعن في شهادات العقل الغربي وهو يؤرخ لنفسه، وينقد حضارته، يقودنا إلى نتيجة هامة وهي أنه في حالة انصباغنا نحن بقيم الحياة الاجتماعية الغربية فإننا سنصاب لا محالة بما أصيبت به تلك المجتمعات من الآفات المشار إليها. ومن أخطرها مرض الاغتراب.

الاغتراب كنتيجة للتمدن الغربي

لقد لفتت ظاهرة الاغتراب[8] جل الباحثين الغربيين، وقد تناولها كلُّ دارس من زاوية تخصصه، لأنها ظاهرة هزت أركان المجتمع، وبدت وكأنها تنذر بموت الإنسان كإنسان، وظهور كائن آخر لا يشبهه إلا في تركيبه البيولوجي.

فمن علماء النفس الغربيين الذين استشعروا خطر هذه الظاهرة نذكر، على سبيل المثال، المحلل النفساني إيريك فروم الذي صور في كتابه المجتمع السليم مأساة الإنسان الغربي الذي توالت عليه النكبات النفسية فأفقدته صحته العقلية. فحياة الإنسان الغربي، حسب فروم، خالية من المعنى ومن المتعة الحقيقية ومن المعيارية.

فلقد فقد الإيمان بالله في القرن التاسع عشر، ولكنه في القرن العشرين فقد الإنسان. وإذا كانت القطيعة مع الله أودت به إلى تضييع الإيمان، فإن قطيعته مع الإنسان قذفت به في جحيم فصام الشخصية "الشيزوفرينيا" أو الاغتراب الذاتي. لقد أصبح آليًا شاذًا يسعى إلى تحطيم نفسه وتحطيم العالم من حوله، لأنه لا يستطيع تحمُّل حياة بلا معنى[9]. ويقترح فروم حلاً لأزمة الاغتراب فيرى أنه يكمن في العودة إلى الحب بين الناس والإيمان بالله[10].

إن هذه القيم الإيمانية الجميلة، التي أشار إليها فروم، ما تزال حية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ولكن ما نخشاه هو تقلصها وذوبانها تحت وطأة التقليد اللامحدود للقيم المادية الغربية.

فالمجتمعات العربية، كغيرها من مجتمعات العالم المتأخر، تتغيَّر وتتحرك باتجاه قيم المجتمع الغربي الذي يمثل بالنسبة لها النموذج الحضاري الأمثل، وبالتالي فإننا سنتوقع في كل مرحلة من مراحل تطورنا الاجتماعي مزيدًا من تماثل ثقافي[11] أحادي الاتجاه يتم من خلاله انتشار القيم المادية الغربية بصفتها هي الغالبة ونحن المغلوبون، والمغلوب، بحسب نظرية ابن خلدون، مولع دائمًا بتقليد الغالب.

ولأن المجتمع الغربي قد سبقنا في الاحتراق في جحيم الأمراض النفسية، فإننا بتقليدنا له سنلج لا محالة ذلك الجحيم ولو بعد حين. ومن هنا يصبح استثمارنا لمقدراتنا الروحية، وحسن توظيفها في حياتنا اليومية، أمر لا مناص منه إذا أردنا درء مخاطر مفاسد المادية الغربية.

رجوع الإنسان إلى طفل المعاني[12] كحلٍّ لآفة الاغتراب

كثيرًا ما يكون الأطفال مضرب الأمثال في البراءة والطهر، حتى أنه إذا أريد مدح شخص بالصفاء قيل فيه إنه طاهر بريء كالطفل. وما ذلك إلا لأن مرحلة الطفولة عند الإنسان هي أنقى المراحل وأطهرها، حيث أن شخصيته فيها تكون بيضاء طاهرة خالية من المكتسبات الاجتماعية التي غالبًا ما تدنس ذلك البياض، وتلوث ذلك الطهر.

وإذا كان التصوُّف في أساسه هو سير متواصل نحو عالم الطهر والصفاء، فإن هناك تناسبًا كبيرًا بينه وبين عالم الطفولة إلى حد يجعلنا نقول: إن التصوف هو الرجوع إلى تلك الطفولة التي فقدها الإنسان.

وذلك ما ذهب إليه الإمام عبد القادر الجيلاني (قدس الله سره) حينما ذهب إلى أن كل إنسان يحتوي في باطنه على طفل طاهر يمثل إنسانيته الحقيقية الفطرية المنزهة عن الآفات والشوائب التي علقت بها من جراء التربية والتأثيرات الاجتماعية. وقد أطلق على ذلك الإنسان الحقيقي الكامن في لب القلب الإنساني اسم طفل المعاني.

إن ذلك الطفل من المعنويات القدسية، خُلق في عالم اللاهوت، ومنه تنزَّل. ويعود سبب تسمية ذلك الروح بالطفل إلى عدة عوامل أهمها:

إن الطفل مطهر من أدناس الذنوب، وهذا الروح أيضًا مطهر من دنس الشرك والغفلة والجسمانية. كما أن تولُّده من القلب يشبه تولد الطفل من الأم، وتربية القلب له بمثابة تربية الأم لولدها. ثم إن رؤية هذا الروح في الأحلام تكون في أغلب الأحيان على صورة أطفال مرد[13].

لقد خلق طفل المعاني (=الروح القدسي) في أحسن تقويم، لكن حكمة الله عز وجل شاءت أن ترده إلى أسفل سافلين فتنزَّل من عالم اللاهوت إلى عالم الجبروت ثم إلى عالم الملكوت حتى انتهى إلى عالم الملك حيث اتصل بالجسم[14]. وله في كل مرتبة من تلك المراتب اسم خاص.

ورغم أن طفل المعاني موجود في باطن كل إنسان، إلا أن التحقق به لا يكون إلا للخاصة ممن سلكوا الطريق الروحي، حيث يظهر وجوده فيهم بالتزكية والتطهير المتواصل للقلب. وكلما ترقوا في بواطنهم كلما اكتشفوا ذلك الطفل القدسي الذي يمثل قمة الإنسانية[15].

وعلى هذا فإن الإنسان لا يكون إنسانًا حقيقيًا حتى يحرِّر ذلك الطفل المسجون خلف حجب النفس وظلماتها. فإذا تحولت نفسانيته إلى روحانية محضة، برز ذلك الطفل من الأعماق، وتحققت سعادته[16].

والحقيقة أن الإنسان خيِّر سعيد بالفطرة، وإنما تتأثر خيريته وسعادته سلبًا أو إيجابًا بما يتلقاه من تربية في وسطه الاجتماعي، مصداقًا لحديث النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"[17].

فولادة الإنسان على الفطرة تثبت أن طفل المعاني فطري فيه، لكن ملامحه الجمالية تشوهت لما جاء إلى هذا العالم ونسي عالمه الأصلي الذي منه قدم.

ولذا وضع شيوخ التصوف أدوية كفيلة بإزالة تلك التشوهات، ورسموا طرقًا قمينة بتزكية النفس البشرية، وتخليصها من سجن الجسم لتتصل بعالم اللاهوت الذي هو موطن ذلك الطفل القدسي[18].

إن الطفل القدسي هو الإنسان الحقيقي وهو ذاته الروح الإلهي الذي نفخه الله في الإنسان أول ما خلقه، وهو الكنز المخفي في لب القلب، والذي قال عنه الله تعالى في الحديث القدسي: "كنت كنزًا مخفيًا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف"[19].

غير أن عثور الإنسان على طفله المفقود وروحه الضائعة لا يكون إلا بالتنقيب داخل ذاته، فإذا وجدها وعرفها، وجد طفله الطاهر، ووجد ربه وعرفه، وتراءى له جمال الكنز الخفي، مصداقًا للحديث الذي يتداوله الصوفية كثيرًا: "من عرف نفسه عرف ربه".

ولا شك أن هذه النظرة العميقة للإنسان تدفعنا إلى القول أن الإمام الجيلاني (قدس الله سره) قد أفصح عن المبادئ الكلية التي دعا إليها الفلاسفة الإنسانيون في كل العصور. بل واتفق مع من ذهب منهم إلى أن تحقيق الكمال الإنساني مرتبط بتحقيق الجانب الإلهي فيه. فإذا كان "الاهتمام بالإنسان قد شكل أحد المحاور الفكرية الأساسية التي ميزت التفكير البشري بداية من الثقافة الشرقية القديمة إلى غاية ظهور النزعة الإنسانية في عصر النهضة الأوروبية، والتي ترمي في أساسها إلى "التطوير اللامحدود لإمكانيات الإنسان واحترام كرامته"[20] فإن تلك الإنسانية لا تكتمل في نظر الإمام الجيلاني إلا إذا وجد الإنسان ذلك الروح الطفل الكامن في باطنه والذي يؤهله لأن يكون خليفة الله في هذا العالم"[21].

وبمعنى آخر، إن الألوهية لا تتجلى بكمالها إلا في الإنسان، وإن هذا الأخير يفقد إنسانيته، ويفقد الله، كلما ابتعد عن أصله الروحي. وهذا ما ذهب إليه أحد فلاسفة التربية المعاصرين وهو رونيه أوبير عندما قال: "إن التربية التي يتلقاها الكائن هي في جوهرها نداء له أن يكون من هو"[22].

ولا شك أن مفهوم الإنسانية يرتبط أيضًا ارتباطًا وثيقًا بمفهوم الحضارة التي تهدف إلى "بذل المجهود من أجل تكميل النوع الإنساني"[23]. غير أن هذا التكميل، إذا نُظر إليه من المنظور السابق، لا يمكن أن يكون من خارج الإنسان وإنما من داخله.

ولذلك  شعر كثير من المفكرين بمرارة اغتراب الإنسان المعاصر عن نفسه رغم ما حققه من تقدم مادي فأكدوا أنه

من الأفضل أن نوجه اهتمامًا أكثر إلى أنفسنا من أن نبني بواخر أكثر سرعة، وسيارات تتوفر فيها أسباب الراحة، وأجهزة راديو أقل ثمنًا، أو تلسكوبات لفحص سديم على بعد سحيق[24].

وعلى هذا الأساس فإن كل حضارة أبعدت الإنسان عن روحه، عن طفل المعاني الذي يعيش في داخله، عن جوهره الإلهي، إنما هي حضارة مدمِّرة، معادية للإنسان[25] ومتنافية أساسًا مع قوله تعالى: "ولا تفسدوا الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون" (الأعراف: 85).

ومن هنا تظهر قيمة التصوف في

تحقيق إنسانية الإنسان، ومساعدته على مواجهة كل القوى التي تعمل على تشييئه وتغييبه وامتلاكه واستلابه وتغريبه وإزاحته من مركزية الوجود لمصلحة الآلة والمادة والاستهلاك[26].

الخاتمة

وأخيرًا نصل إلى أن تزكية النفس بمعناها الإسلامي لا يمكن أن تتم إلا في الدوائر الصوفية الحقَّة التي تستمد مبادئها من الكتاب والسنة بعيدًا عن الغلو والتعصب والتطرف. وكل عمل روحاني بعيد عن هذه المعطيات سيكون مآله التيه والضلال. وبهذا تتجلى أهمية الصوفية الربانيون في بناء علم التزكية، هذا العلم الذي ساهم وما يزال في تلطيف الأجواء وإحداث توازن روحي داخل المجتمعات التي تجلُّه وتحترم أصحابه.

وكما أنه ليس من المنطقي أن نجعل كلَّ الناس متصوفين، فإنه ليس من المنطقي كذلك أن تخلو مجتمعاتنا من نخبة روحية تعطي للحياة معنى، وتقيها من السقوط في هاوية التكالب على المادة.

*** *** ***


 

horizontal rule

* أستاذ محاضر في قسم الفلسفة وعلم النفس، جامعة الأغواط، الجزائر.

[1] فيلسوف ألماني، يعد واحدًا من أنبل الشخصيات العالمية في القرن العشرين. كان فيلسوفًا أخلاقيًا ومرشدًا روحيًا يدعو إلى حب الإنسانية. وكان طبيبًا، وموسيقيًا بارعًا. مٌنح جائزة نوبل للسلام سنة 1952.

[2] ألبرت شفيتسر، فلسفة الحضارة، ترجمة عبد الرحمن بدوي، بيروت، دار الأندلس، ط 3، 1983، ص 11.

[3] فيلسوف ورياضي فرنسي اهتم بالدراسات الشرقية، اعتنق الإسلام، وانتسب إلى التصوف، وأطلق على نفسه اسم عبد الواحد يحي، توفي في القاهرة سنة 1954.

[4] René guenon-la crise du monde moderne-Ed bouc hene-Alger 1990-p p 69 120 117.

[5] انظر تعليق غارودي على مؤتمر السكان الذي عقد في القاهرة أيام 5-13 سبتمبر سنة 1994. أورده يوسف القرضاوي في كتابه الإسلام حضارة الغد، القاهرة، مكتبة وهبة، ط1، 1995، ص ص 106-111.

[6] طبيب ومفكر فرنسي منح جائزة نوبل عام 1912 لأبحاثه الطبية.

[7] ألكسيس كاريل، الإنسان ذلك المجهول، تعريب شفيق أسعد فريد، بيروت، مكتبة المعارف، 1998، ص 355.

[8] اعتبرته منظمة الصحة العالمية مرض العصر. انظر خير الله عصار، مبادئ علم النفس الاجتماعي، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1984، ص 179.

[9] انظر السيد علي شتا، نظرية الاغتراب من منظور علم الاجتماع، الإسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، 1993، ص ص 155-156.

[10] حسن حماد، الاغتراب عند إيريك فروم، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1995، ص 60.

[11] أي اختفاء الخصائص الثقافية المميزة لجماعة ما نتيجة لاكتسابها الكلي لثقافة جماعة أخرى. انظر عبد الهادي الجوهري، معجم علم الاجتماع، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 1999، ص ص 64-65.

[12] مصطلح استعمله الشيخ عبد القادر الجيلاني، وسيتم التطرق إليه في هذا المبحث.

[13] عبد القادر الجيلاني، سر الأسرار ومظهر الأنوار، ص11.

[14] المرجع السابق، ص15.

[15] المرجع السابق، ص 14، وكذا ص 27.

[16] المرجع السابق، ص 34.

[17] المرجع السابق، ص 36.

[18] يقول الشيخ محمد بن الحبيب رضي الله عنه متحدثًا عن رحلة العارف في باطنه:
فما زال يرقى في مهامه ذاته          ويفنى فناء ليس فيه سوى الفقد.
انظر ديوانه: بغية المريدين السائرين، ص 40.

[19] المرجع السابق، ص 10.

[20] Julia Didier, Dictionnaire de la philosophie, librairie Larousse, Paris1964, P136

[21] انظر: فكرة الخلافة الإلهية للإنسان في كتاب الرازي نجم الدين أبو بكر، منارات السائرين إلى حضرة الله، تحقيق عاصم الكيالي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2004، ص 98 وما بعدها.

[22] رونيه أوبير، التربية العمة، ترجمة عبد الله عبد الدائم، دار العلم للملايين، بيروت، ط5، 1982، ص 82.

[23] ألبرت شفيستر، فلسفة الحضارة، مرجع سابق، ص 5.

[24] ألكسيس كاريل،الإنسان ذلك المجهول، مرجع سابق، ص 57.

[25] وتلك هي ميزة الحضارة الغربية المعاصرة كما وصفها بذلك المفكر الفرنسي المسلم Guénon  R(عبد الواحد يحي). انظر كتابه:

La crise du monde moderne: ed،bouchéne ،Alger،1990.

[26] سعاد الحكيم، التصوف يحقق التقارب بين المذاهب، مجلة العربي، العدد 579، فبراير 2007، ص 72.

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود