نُقْطَة

نصوصٌ هذيانيَّة

 

شريف بُقنه الشهراني

 

نقطة

غير هذه الخطيئة. أصبحتُ أسلاكًا يفغرُ فيها السَّمومُ الأصفر، يشوِي كُتلتي وعَضلاتي. وليمةُ كلِّهم تُمسِّحُ بجلدِ وجهيَ الإسفلتَ، منَ الجفن حتَّى النخاع، فألدُ نصفَ قَدَم. بدورانٍ أبديٍّ أقودُه أنا في سراديبِ فقراءِ الأرض وجَوْعى الأرض في الميادين العامَّة المُنيرة، في فرش نوْم الشيوخ العرايا الصُمِّ، وفي أسطوانيَّة البلعوم الناشفِ. البركان من دونِ قعر، وإنَّما هُلام.

ما يقتُلني، بقاؤها. تتعفَّنُ كالفِطْر بِسُكوتٍ في مؤخِّرةِ الجُمجمةِ–العشِّ، فتفقُسُ الجراثيم. أسمعُ ذلك، فأتنحَّى بعيدًا عن أمِّي وحبيبتي، وأترقَّب، أترقَّب؛ فإذا بيَ أعاودُ الالتصاقَ بالأرضِ، ألحسُ وأزحفُ. أزحفُ. أزحفُ. أزحفُ. الله! رحيمٌ رحيم، رحيمٌ رحيم.

غير هذه الخطيئة – إلى يوم القيامة.

***

 

تيسي

1

وفي أوقاتِ الفشل يُمارسُ ضُرورةَ البَشَر. يضربُ الأيامَ بسوطِ الدعارة في الملْهى الكافِر، ويقسو.

الآن، التوحُّشُ يكونُ على الجبْهة، يمسحُ الظلمَ ويُشبِع. الضميرُ الخُنثى يتأسَّف.

وحيدٌ. تَرَكَك الخوْف عاريًا على أشواك الوحْش الغريب.

جائعٌ. الشهوةُ تتمرَّد في الضرورة.

بكاءٌ مُجمَّد. إنسان.

2

حيوانيةٌ، بحوافرها التيسيَّة تتربَّصُ مباغتةً، بدون سبب واضح، أحاسيسَ هذا المخلوق الآدميِّ للحظات، فيتهيَّج وينهش الجمادات. كأنَّها تنتقمُ لمحاولةِ الترويض الآسِرة وتفضحُ قذارتَه أو جلبة طبيعيَّة من الطين المتَّصل. ألومُ أسناني، وإنْ أتخلَّلها بِعودٍ بعد الشَّبَع. هل يجب، يا ربِّي، أن ألوم؟! فقدانُ سطوَتي على أعضائي يحيِّرني. المثاليةُ والمُباغَتة اللحظيَّة الضَّروس. لو يُمتصُّ أحدُهُم إلى نواةِ الأرض ويزول!

شهوة. شبقٌ برائحةِ حيوانٍ يلعقُ العوْرة. أنانيَّة متجرِّدة.

3

يحاولُ النزيفَ الطاهر. إنسانٌ عُضوي يَشفُط، لتسيل الحلاوةُ على اللسان. يتشفَّطُ مالاً وفرْجًا، فيضيءُ لحِمار الشارع. فإنِ اعترف، وتصوَّف في قذارتِه، يَعْدِل.

***

 

اقشعرار

1

على هذا الاهتزاز الدقيق كالإبرة يكونُ فجورُ أو مثالية إنسان. يريدُ اللَّباقةَ الرَّصينة. يَمشي على الشعرةِ الحمراءِ الرقيقةِ المشهورة، فيقسُو على حياته، ولا يُنكِر الجَميل.

2

عقيدةُ التحدِّي والمُساومة – لا شيءَ غير ذلك تكشَّف للجُمجمة، وهيَ تتفلطحُ صدمةً وخوفًا، ترفُض السباق الظالم الساذِج، لا تَرضى. ثمَّة حقيقةٌ. تراني الآن أخجل، وهي تكونُ عادلة. لأنَّها الأمُّ تُعطي. تزدادُ الجُمجمة تفلْطُحًا.

الحركةُ ميكانيكيَّةُ الاستمرار، من روح الحَقيقة. فسيطرتها تتَّضح. ولقدْ أحسَّها لذَّةً عندما ارتعشتْ روحُه وداخلت الفِكْرَ ذات مساء. وفي نفسِ المساء، أبدع الشاعرُ تناقضاتٍ رائعةً وخيْرًا.

همسُ وساوسِ شياطينِ الخطيئةِ تسوِّس المُضغةَ المُرتعشة قرب منبع الشريانِ الأكبر. إنَّ الحياة لا تستحقُّ، فلا تجتهِدْ. همسٌ مُقيم يحفر، يؤلم اللبَّة.

3

شيءٌ فضائي يُقَشْعِرُ البِطانة. خربشةٌ تئنُّ باستمرار، تَصَّاعَدُ على الكَتِف. يطلُب. وإنَّه ليسَ أنانيًّا سوَّاه الله. يريدُ أنثى.

***

 

عزَّة بالإثم

هل كلُّهم مثله، يُمتصُّ. يريدُ أن يرى الهيْكل.

هيَ العزلةُ الباقية، من دونِ أنثى تحضُن، فيعود إلى الرَّحم ويولد. يغلي القِدْرُ المُطعَّج ويُصفِّر، فيلومُ إناثَ العالم ويهذي ويريهمُ القفا. ينادي الله.

الأنيق يُخفي التغوُّط، ويزأرُ في نظَّارتِك.

***

 

تشريح

الكسل: يكون عقيدة تستمرُّ هُنا. يفرِّخ السذاجةَ والطيبةَ والعذريَّة. والوجهُ المبتسِم اليافِع قد يكون دَجَلاً. فتكونُ الليالي غواني، والجسدُ حلالاً. وأنت الزُّهرة، والقمرُ كذبةٌ، والعِقابُ لن يكون البتَّة. أعبَث؟ قد يكونُ دَجَلاً لأنَّه ساذج.

السَّأم: سيِّدٌ للخوف. الخوفُ يُقلِقنا ويبتدأ الحكَّة، فنخلعُ الحِذاء ونركُض في السَّواد. السَّأم: يشلُّ المجاري. يمضغُ الطفلةَ المكنونةَ، فيؤلمها حتى الإغماء، ولا يبصُقُها. ماردٌ من نار. هل يُعاقَب يوم القيامة؟!

الأشرارُ: أكثر.

أغلبُ الكلام كذبة مائيَّة.

تلك اللحظةُ، عندما ترتعش، لن تعود – وإنْ توفَّرتْ نفسُ درجة الحرارة والتخثُّر والحركة.

الجمالُ: لأنَّه حسناءٌ، من هُناك أيضًا يتفنَّنُ في التبرقُع. شيءٌ من التبختُر الساقِط. نحنُ العراة نُصدَمُ فقط! ونستحي ونغفِر حين نشُمُّهُ.

الموْت: الغولُ الغول، أهذي هُنا... مِنْ دون أنْ يشاهدوا، على الأقلْ، يتسابقون إلى النهايةِ، يفرحون بالنسيان. عُصبةُ القُماش المُبلَّلة بالبرودة على العيْن. أمَّا الموتُ فلديهِ ضَروس. جليلٌ عندهم.

الآهة: نعمةٌ سهلة. كاللعابُ يُفعِم لسان الماعِز وقت الذبح. زبدُ الاشتباكات ينزلِقُ فيدغدغ فتحةَ القُمع البكر، يُقطِّر النَّدى المُعتزَّ. متوفِّرة لكلِّ البشر.

الصبرُ: نعمةٌ صعبة يحفُّ بها ورقٌ بثقوبٍ دقيقة على شكلِ صومعة أسطوانيَّة. من هُناك، يا له من نرجسيٍّ! أوْ، لا حوْل غيره، مُرقَّع أعْوَر، يُلِحُّ ويتبجَّح ويعضُّ، فيأكُل تفاحُنا البُرعم الأبله. الأكثرُ ممارسة عِندنا، حتَّى البكاء.

المأساةُ: تنقِّي تلوُّث الروح؛ تُمكِّن الصَّبر فيتخشَّب؛ تصلُ إلى الحقيقةِ ولا تُدهِش.

الواجِب: حتَّى تنضجُ القطعةُ الرطبة الرخوةُ في الجوف. ثمَّ تبدأ بالتصدُّعِ من هولِ صفائِها.

السَّعادة: تخمةُ الأناني، الأصْلع. تتأرجحُ على عودٍ من زُجاج. شهوةُ الأمل الباقي.

المتكبِّر: رائحةُ الإبط، مُلحدٌ، كرشُه كبيرة ولا يستحمُّ. لن يعرفَ الحبَّ.

الحضورْ: تمسُّه فيكون عبدًا لك يسجُد. بنتٌ عذراء من غيْر سِرٍّ في الحُجرة المحروسة. عفَّةُ الطفل تبرز.

الغيابْ: رخويٌّ، صلصاليٌّ، يتزأبق. الوخزةُ تُبكيه. ينتظِرُ العشيقةِ عند التليفون. قصرُ ملاك الموْت المُجنَّح. عرشُ الله.

الخوفُ: يصبُح ذكاءً في الورْطة. فهوَ تواضعٌ يبعثُ على الشَّفقة. ولله يكونُ خوفٌ وحبٌّ؛ لأنَّه عادلٌ أعطى نعمة.

الموْتُ: يخيفُني. أحسبهُ يوجِع. لو لمْ أكن في الحياة لقلتُ أخافها.

*** *** ***

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود