من محمَّد علي جِنَّاح إلى المَهَاتْما غانْدي

 

محمد علي فرحات

 

أخي في وطننا الأثير، الهند الكبرى،

تكاد العقليةُ القاسيةُ أن تطغى على پاكستان هذه الأيام، فتصادر تعاليمَ الإسلام القائمةَ على الاعتراف والقبول.

وأتأسف من مكاني في "العالم الآخر" لأن عددًا من أبنائي أخطأوا، فانصاعوا للديكتاتورية العسكرية، وسمحوا بإطلاق طلاَّب العلوم الدينية الذين حكموا جارتنا أفغانستان، ثم ارتدوا علينا.

محمد علي جناح (1876-1948)

وأخشى، يا أخي في الوطن الأثير، أن نكون، في پاكستان، على أعتاب انفصال آخر بعد انفصال بنغلادش الذي نسبناه إلى الشرخ الجغرافي وشجَّعه أبناؤك لتصير "پاكستان غربية" فقط، فاقدة جزأها الشرقي. وأخشى اليوم أن يعلو صراخُ أهل السند والمهاجرين بأنهم لن يستطيعوا العيش مع مواطنيهم الپشتون!

وأتساءل: هل كنتُ مخطئًا في مشروع إنشاء دولة إسلامية في شبه القارة الهندية، علمًا أننا تركنا في الجزء الهندي بعد التقسيم أخوةً لنا مسلمين يساوون عدد سكان پاكستان الحالية! وهل ذلك الهندوسي المتعصِّب الذي قتلكَ لأنك فتحتَ ذراعيك للمسلمين والهندوس معًا، في هند واحدة، كان رائدًا لأمثاله من بيننا نحن المسلمين؟!

م.ك. غاندي (1869-1948)

لقد استطاع جواهرلال نهرو، تلميذُك، على الرغم من الصعاب ومن ارتفاع أصوات المتعصِّبين بعد انفصالنا، أن ينشئ دولة ديموقراطية تتنفَّس فيها الإثنياتُ والأديانُ واللغات، وتجد في الحكومة جسمًا شفافًا يعبِّر عنها جميعها ولا يُسقط عليها لونًا واحدًا.

جواهرلال نهرو (1889-1964)

ويا أخي في وطننا الأثير الذي كان،

ها أنا ذا أشهد في پاكستان مَن يقوم بشقِّ المسلمين عبر وجهات نظر مسنَّنة، مفخَّخة، تريد إلغاءَ الآخر، لا محاورته. وها إن بنظير بوتُّهو، إذ تقوم بجولة انتخابية ليؤيدها الناس أو لا يؤيدوها، تُستقبَل بتفجيرات قاتلة ويتم اغتيالُها في راولپندي مع ضحايا آخرين.

الانتحاريون يكرهون الانتخابات. ويريد مَن يقف خلفهم حُكْمَ الناس عبر إرهابهم. وليست استعراضاتُ القوة وصخبُ الجرائم الحقيقية سوى الوعيد بأن تصير پاكستان، وربما دول إسلامية أخرى، على مثال طالبان، خانقةً للإنسان، محوِّلة المواطنين إلى عبيد لرأس الدولة، بعدما كانوا أحرارًا يعبدون الله، ويكسبون من عبادته حريةً مع البشر، أيًّا كانت عقائدُهم.

من دون تعليق!

يا أخي،

مضت ستون سنة على انفصال شبه القارة الهندية. فلا نستطيع العودة إلى أوائل الأربعينيات هندًا واحدة. وليتنا حصلنا على الاستقلال معًا، دولةً واحدةً متنوعة، ولا كانت القسمةُ التي استفادت منها قلَّة وتضرَّر الأكثرون!

*** *** ***

عن الحياة، 28/12/2007

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود