عَـجْـزْ
مسرحية من فصل واحد

 

علي جازو

 

(مقطع من حديقة متخيَّلة، ثلاثة مقاعد خشبية ملونة على شكل نصف دائرة. أمامها نافورة ماء صغيرة. يقف خمسة مغنين شبان، بأقنعة خضراء على وجوههم "أقنعة تشبه أوراق الأشجار"، على المقعد الأوسط، وعلى المقعدين الآخرين يجلس ولد وفتاة؛ كلٌّ على حدة. الوقت مساءٌ غضّ...)

*

الكورس: ما لا تجرؤ القيام به في اليقظة،
ما تفعله البهائم وضحَ النهار! "صمت"

ما الجهل، ما المعرفة، ما المشيئة؟ "صمت"

ما لا تجرؤ القيام به في اليقظة،
ما تفعله البهائم وضح النهار!

الولد: حسبْتُكِ نائمة. كنتِ جميلة مثل ضوء صغير في نسيج وردة!
حتى أنني أشحتُ نظري عنكِ، والتجأت عيناي إلى ماء النافورة. "صمت"
وأنتِ نائمة يصعب تأمّلكِ. كأن ريحًا ما أخذت فكرتي حولك...

الفتاة: ها ذا أنت من جديد! ظننتكَ غائبًا.
كنتُ على وشكِ بناء اسمكَ داخل فمي،
لكنك أوقفتَ بيتَ صوتي بصوتكَ! "صمت"

الولد: خلتني لن أعود أبدًا! لذلك اكتفيتِ ببيتٍ صغير كفمكِ؟

الفتاة: لم يسعني صمتُ كل يوم، فرأيتُ أراكَ في صوتٍ خفيض.

الولد: وكيف رأيتني؟

الفتاة: فمًا مغلقًا مثل برعم بارد!

الكورس: ما لم يحدث قط، الآن نراه مثل ضوء الصباح.
ما حسبناه خيالاً ليس إلا، حياةً يصير. "صمت"
ما الصوت إنْ لم يكن القدرة الكاملة؟
ما العزلة سوى رقةٍ لا تسعها الأيام!
ما لم يحدث قط؛ المحبوس المهمَل، يسمو ويكشف.
ما كان بالأمس ضعفًا كالتراب هو الآن أوراق شجرة.
ما كان بلا عون، هو الآن قوي... حتى بالكاد يتكلم!
ما حسبناه خيالاً، هو الآن حياةً يصير. "صمت"

الفتاة: أرأيت حريق البلدية، ودار محكمة الصلح القديمة؟

الولد: رأيته "صمت"

الفتاة: صفْهُ لي.

الولد: كان شمعة صفراء ضعيفة،
لهبًا عكرًا لنارٍ غاضبة.
كان شمعة! شمعة وسط قذارة هائلة!

الفتاة: ممَّ تأتي النار؟

الولد: من الوحدة...، حينما الهواء مثل جدار يكون.
من الطيش، إذ النجمة أيضًا تسقط.

الفتاة: من أطفأ النار؟

الولد: الإهمالُ، أطفأها الإهمال!
فالوحدة، من بين ما تصنع، تصنع الإهمال.
والإهمال يضخِّم القوةَ، مثلما توسِّعُ العادةُ الغباءَ.

الفتاة: القوةُ، آه شمعةً صغيرة أطفأتِ القوةُ!
إلى الظلام عاد الظلام.
ألا تظنه كسلاً أيضًا هذا الذي يخافُ ما لا يُرَى؟

الولد: الكسل مثل المشيئة مثل الجهل،
حجر الخوف يذلُّ دمعَ اليائس. "صمت"

واليأس مثل النار تدفئ إذْ تحرقُ.
الإهمالُ العريقُ أشعل الحريق،
الإهمال الحديث أطفأ الحريق!

الفتاة: ما يجعل البلدة بيتَ نارٍ.

الولد: الضعف، والكثرةُ الحزينة.

الفتاة: الضعف، والكثرة الحزينة!

الكورس: ما لا تجرؤ القيام به في اليقظة،
ما تفعله البهائم وضح النهار.

ما الدفء، ما الظلام، ما القوة؟

في الأفق نارٌ، في الأفق نارٌ لا مرئية،
وبعد حين - مثل إبرةٍ - في العين تنغرز!

الفتاة: كيف تراني الآن؟

الولد: شمعة صغيرة، أضعفها نورها!

الفتاة: شمعة فحسب!

الولد: شمعة في جسدها ماء، ومن الماء فراشة...

الفتاة: تقصد أنك تحلم بي فيما تراني وحيدة كشمعة!

الولد: أقصد أني أراك الآن كمن يحلم بماءٍ لا يُرَى!

الفتاة: لمْ أرَ جوعًا في عينيك.

الولد: لمْ أرَ الفرح في عينيك.

الفتاة: كنتَ وحيدًا إذن!
فالوحيد يرى موته فحسب...

الولد: كنتُ أتساءل... كيف الموت لا يُرى!

الكورس: هي الحزينة عرَّتْها المخاوف.
هي الوحيدة غلَّفها الصمتُ.

الفقر صخرة، الفقر صخرة.
معتم لمعان وجهها!

ما الشمعة، ما الماء، ما الفراشة؟

رأت الحزن بيتًا يليق بانتظارها،
هي الوحيدة أضناها الألمُ!

الفتاة: كيف يصلح شارع بلا محكمة؟

الولد: مثلما تصلح محكمة بلا شارع!

الفتاة: والناس بلا نظامٍ يقضون أيامهم؟

الولد: مثلما النظام بلا ناسٍ يقضي أيامه!

الفتاة: لمَ اليأس؟

الولد: لمَ السؤال؟

الفتاة: لأنها الرغبة.

الولد: لأنه العجز!

الفتاة: أتكون النجوم فئرانَ اليأس، والسماء حظيرة العالم! "صمت"
كيف وصلت عبر القذارة؟

الولد: إني أرى، أرى فحسب.

الفتاة: أنت تنسى، تنسى فحسب!
ما نفع الرؤية؟

الولد: نفع الغياب.

الفتاة: أتقصدني بكلامك؟

الولد: أنا أعرِّفكِ بكلامي!

الفتاة: أيتها السحب، أيتها السهول،
أنى تمضين؟
لعلكِ كاملة، لعلكِ خرساء!

الكورس: ما لا تجرؤ القيام به في اليقظة،
ما تفعله البهائم وضح النهار...
ما الرؤية، ما الغياب، ما الرغبة؟
ما لا تجرؤ القيام به في اليقظة،
ما تفعله البهائم وضح النهار... "صمت"

الفتاة: أمن الحبِّ أن تنظر إلي وكأن ريحًا أخذتكَ؟

الولد: من القوة أن تحلمي فيما أنتِ يقظة.

الفتاة: ومتى يكون الحبُّ؟

الولد: حين يكون وجهكِ نائيًا.
حين الهواء بأشكال خفيفة يمتلئ.

الفتاة: تحسبني شكلاً خفيفًا، فتحبّ شكلي فحسب؟

الولد: خفيفة هي أيضًا الملائكة، منسجمة
وكاملة مثل أشكال هندسية.

الفتاة: لستُ من الملاك في شيء.
أتريد أن أغيب مثلك حتى تحبني؟

الولد: ما تعرفين عن الملاك لتنفي نفسكِ عن نفسه؟

الفتاة: ما تعرف أنت عن الملاك فتنسبني إليه؟

الولد: أظنني أعرف الرقة...
الرقة والعجز. "صمت"

الفتاة: لم تخلط العاطفة بالإرادة؟

الولد: لأن الجسد والنفس شيء واحد.

الفتاة: من قال بذلك؟

الولد: سبينوزا.

الفتاة: سبينوزا؟ أتحبُّ سبينوزا؟

الولد: باروخ سبينوزا. "صمت"
سبينوزا، سبينوزا
الذي كان يحضن البلُّور...
سبينوزا البارع في صقل عدسات المراصد.

الكورس: حسبنا ما قمنا به حتى الآن.
حسبنا ما قمنا به حتى الآن.

أكانت تفكر به وهي تحسب غيابه غيابًا كاملاً؟
أكان يحادثها وهي نائمة بالفعل!
أمن الغياب يكون الكلام؟
أمن النوم تكون الذاكرة؟

حسبنا ما قمنا به حتى الآن،
حسبنا ما قمنا به حتى الآن.

الفتاة: ما دفعك إلي بعد غيابك؟

الولد: الخوف. دفعني الخوف.

الفتاة: الخوف!

الولد: والحبُّ.
الخوف أن تحبَّ،
فلا يصل صوتك أذن من تحبُّ!

الفتاة: والآن أنت سعيد، فأنا أسمع صوتك؟

الولد: أنا خائف ألا يتجاوز صوتي حنجرتي! "صمت"
لمَ صوتك خفيض إلى هذا الحدِّ؟

الفتاة: الكثير من الأيام مضت،
ولم أحادث أحدًا مثلما نفعل الآن.
إنها العزلة، ربما.

الولد: العزلة فقط؟

الفتاة: العزلة والعجز.

الولد: كيف رأيت غيابي في صمتك الطويل؟

الفتاة: رأيت نفسي.
رأيتُها مثلما ترى الأيام عبورها،
وتبقى، رغم ذلك، أيامًا فحسب!

لا شيء يوجع من لا يملك شيئًا،
وأنا، كيدٍ داخل الظلام، لا ظلَّ احتاجه فأحنُّ إليه.

الولد: للظلام طاقة على كل حال.

الفتاة: وللخائف أيضًا رغبةُ التخلص من الخوف...

الولد: قد يصير الخوف بيت من يرغب،
فلا يدرك من الحنين سوى الخوف!

الفتاة: النار لا تنقذ ولا تطهِّر.
إنها تتخيل، فتتظاهر...
أليست النار، رغم قوتها، علامة يأس؟

الولد: بلى. هي تتظاهر، وفي الآن ذاته تخلق ما تحرق!
ألسنا أيضًا رغم هدوئنا نتخيَّل ما نحبّ؟
أليس التخيل حركة انفعالات لم تجد صورة لحياتها؟

الفتاة: أجسادنا، أهي ملكنا بحقّ!؟
وإذا كانت تمضي وتحلم، تتألق وتُنسى،
فما يدعوها إلى التظاهر كل حين؟

الولد: لأنها تحنُّ وترغب،
وهي إذ تريد الحركة، فإنما
لأجل أن تحافظ على كيانها اليائس!

وإن بدت عمياء تتخبَّط،
فداخل عماها نور لا يمكنها حجبه! "صمت"

الفتاة: بأي نور تراني الآن؟

الولد: بنور الحاضر.
لا أدري لم يدفعني صوتك إلى التذكُّر.
أتذكَّرُ، فأتخيَّل. بينهما
أتأرجح وفي التأرجح يقبض نورُكِ على نظرتي فتخمد!

الفتاة: أتسمع صوت طائر في الجوار؟

الولد: لا أسمع.

الفتاة: أحدهم يرغم طائرًا على الصمت الآن. "صمت"

الكورس: تخيلوا، تخيلوا.
هي ذي الرغبة تبهج،
هو ذا النور يطفئ وله النظرة الخاطفة.
وأنتم إذ ترغبون فإنما تبتكرون خيالكم،
وأنتم إذ تتخيلون فإنما لتبهجوا رغباتكم.

من غيركم يعرِّض للشمس قلبه
من غيركم يعرِّض للشمس قلبه؟
الرغبة لا ترحم لأن الألم لا ينفذ
الرغبة لا ترحم لأن الألم لا ينفذ!

الفتاة: وأضرمتم النار في المركز الثقافي؟

الولد: أضرمنا النار في المركز الثقافي.

الفتاة: لكنها الكتب، هناك، كانت خيركم!

الولد: كتب جوفاء، كتب بلا صوت.

الفتاة: والكلمات التي كان يمكنها أن تصاحب خيالكم...؟

الولد: في مكان قذر لا كلمات تصاحب خيالنا.

الفتاة: إذن، أشبه بقطيع هائج كانت أفعالكم؟

الولد: أجل، قطيعًا هائجًا كنَّا ولسنا نندم.

الفتاة: أمن الحكمة ألا نندم؟

الولد: من الحكمة أن نصرخ.

الفتاة: هاهو الحرق مآل صراخكم!

الولد: بل الضوء؛ الضوء الذي يجعلنا في صمت نفكر.

الفتاة: وماذا يمكن أن ترى في صمتٍ هو الرماد؟!

الولد: أرى الغد الذي ينبغي جرُّه عنوة مثل حيوان يظلُّ يفلت.

الفتاة: وأمسكتم أخيرًا بحيوانكم؟

الولد: أمسكنا بعقل راقص.

الفتاة: وما رأيتم فيه؟

الولد: رأينا الغد لا يُرجى شفاؤه.

الفتاة: تقصد أن رماد الكتب أسكنكم اليأس؟

الولد: لو كانت كتبًا بحق لما حالت سوادًا تالفًا!

الفتاة: أنتم من أتلفتم صفاء عقلكم.

الولد: نحن من نزعنا البرد عن جلودنا المنكمشة،
نحن من أسقطنا الخوف بين أحذيتنا.
لم تكن بشرة حية، كانت بردًا ألصقه الخوف بعظامنا.

الفتاة: "وأسقطتم تمثال الخوف"؟

الولد: أسقطنا الخيال، ولم نجد خلفه بيتًا جديدًا!

الكورس: ما لا تجرؤ القيام به في اليقظة،
ما تفعله البهائم وضح النهار!

ما الخيال، ما البرد، ما البيت الجديد؟
ما الحكمة، ما النار، ما الصراخ؟

ما لا تجرؤ القيام به في اليقظة،
ما تفعله البهائم وضح النهار؟

*

الولد: كيف كان نومكِ؟
أمن زهرة كمدار ليلة هادئة،
أم سطحًا غائمًا بلا ملمس دافئ؟

الفتاة: بالكاد أذكر نومي...
إنه يشبه مظلة واسعة،
تحتها كأس ماء.
وإذا اقتربت أكثر، لرأيت فراغ الكأس،
ولربما أغراك الظلُّ بالنوم في نومي!

الولد: مظلة واسعة وتحتها رغبة الفقدان القوية! "صمت"

آه، إنه لمن المبكر حقًا
أن تفكر بهذه الدرب المريعة!؟

الفتاة: كيف كان غيابكَ؟
هناك في الأعالي الظامئة،
حيث من السهولة العذبة
أن ترافقك نساء جميلات؟

الولد: ليس الجمال ما ينقص، بل العطف!
كنتُ وحيدًا؛ مثلما هي حال الكئيب.

الفتاة: أيُّ قوةٍ حزْتَها حتى عبرْتَ غيابَك، كما
طيفٌ شديد التوقد يخبو بلطفٍ بطيء!

الكورس: ما النوم، ما الزهرة، ما الفراغ؟
أمن الغيمة هو الظلُّ الهائم،
أمن اللطف حنان الليالي؟!

ما اللذة، ما العطف، ما الكآبة؟
جرحًا إثر آخر يدُ الخيبة تنسجُ،
وفي الانزواء عن الحياة حياة.

ما الوقت إلا طفل كلُّ حين،
ما الرغبة سوى كلمات تشبه ريش الطيور!
وإنْ جهةٌ حرة تكلمت، آثرتِ الرقةُ صمتَها الرقيق. "صمت طويل"

الفتاة: أراك سئمتَ محادثتي؟

الولد: ...

الفتاة: أراك ارتبكتَ. عن أية حيلة تبحث؟

الولد: حيلة العاشق إذ يجرفه صمتُ قلبه،
فينسى لسانُه كلماتِ عينيه.
إني لا أميز الضوء عن الظل،
ولا أدري أي كلام أختار.

أرغب لو أضيف زهرة
إلى أذنك بدل صوتي المريض!

الفتاة: ضمَّني إلى صوتك إذا شئت صحبة قلبي؟

الولد: أرجوكِ امنحيني وقتًا كثيرَ الصفاء،
امنحيني إصغاءً عميقًا لأموت بهدوء بين يديكِ.

الفتاة: أنا وقتك كلَّه. خذني كما تشاء.

الولد: لستُ أجد قدرةً لأضمكِ إليَّ.
لطفكِ لا يُطاق!
وبهاؤك المحال قيَّد رغبتي..!

الفتاة: حرًا أراك بلا قيد.

الولد: قيدًا أراكِ، لا ترينه! "صمت"

الفتاة: تأكدتُ الآن ماذا يفعل الضجر.

الولد: أرى خوفي منك في ضجري مني.

الكورس: ما لا تجرؤ القيام به في اليقظة،
ما تفعله البهائم وضح النهار.
ما لا تجرؤ القيام به في اليقظة،
لا تقم به في الظلام.

ما الضجر، ما الخوف، ما الرغبة؟

ما لا تجرؤ القيام به في الظلام،
ما تفعله البهائم وضح النهار!

الفتاة: بدأتُ أخافكَ.

الولد: الخوف سمة حبٍّ.
الخوف علامةُ ذكاء.

الفتاة: مهلَكَ...
كم مخيفًا يبدو كلامُكَ عن الحبِّ!

الولد: يأسي أفقدني حرارةَ دمي،
وقلبي بلا عينٍ يثرثر أمام عيني.

أرى رماد الأيام القادمة؛
حيث لا رأفةَ تعين عقل الإنسان على التفكُّر،
ولا عناء خالصاً يبهجُ فعلَ يديه.

ستدمر الآمالُ الهوجاء كلَّ كلمة خفيضة،
وعبث الألوان يغدو حاكم الساعات الثقيلة!

الفتاة: أرجوك أخفِهِ،
أخفِ حبَّكَ الخائف. "صمت"

تذكُّرتُها. كان ذلك فيما مضى...
لم تترك القبلةُ أثرًا على خدِّي،
كانت أشبه بالجرح؛ الجرح
الذي لا تتركه الفراشات على الأزهار.

يا لخفَّتها! يا للنور الصامت ملأ عينيَّ
وهي ترفُّ خفيفة قرب وجهي! "صمت"

الولد: أرى دمعة تتفتَّحُ داخل عينك مثل زرٍّ بلا لون.

الفتاة: أرى طيفًا يقتربُ مني مثل نارٍ بلا وزن.

الولد: ذاك هو أنا. "صمت"

الفتاة: وحيدةً عدتُ،
وحيدة، وما هي إلا نسمةٌ تحمل روحي.

الولد: وحيدًا عدتُ،
وحيدًا كما كنت دائمًا.

الكورس: أعينوا الوحيدة على الحبِّ.
أعينوا الوحيد.
وإذا امتلكتم شجاعة
أن تروا ما ترونه الآن،
فليكن الوحيد صديق عينكم،
فلتكن الوحيدة خوفكم وصمتكم.
أعينوا الوحيد على الحبِّ.
أعينوا الوحيدة.

ما لا تجرؤ القيام به،
ما تفعله البهائم كل حين...
ما الشجاعة، ما الدمعة التي تُفرِح؟
ما لا تجرؤ القيام به قطّ،
ما تفعله البهائم وضح النهار!

الفتاة:... وقتلتم شرطيًا!؟

الولد: أجل قتلنا شرطيًا، وكدنا نقتل طفلاً.

الفتاة: أبوسعك تخيُّل بيت الشرطي خاليًا من حياته؟
أنظرْ مليًّا في قلب المكان ذاك،
حيث رفاةُ القتيل، حوله العائلة جمَّدها الأسى!

الولد: لم نقصد إيذاء عائلته ولا أصدقائه.
كنا نقتل من حبسنا في أصدقائنا وبيوتنا،
كنا نقتل بؤسنا.

الفتاة: ليس هو ما حسبتموه بؤسكم،
بل ما أرغمه أن يقف "شرطيًا" أمامكم.
لم تقتلوا سوى القناع.
كم هي مسكينة حياة الأقنعة!

الولد: لم نجد حقيقة لنقتلها.
وجدناه شخصًا يمثلها.
لم نجد الوجه الذي
جعلنا نيأس فنقتل. "صمت"

قتلنا الذي أغضبنا،
نحن الذين فقدنا وجوه من نحبُّ،
نحن الذين أفقدنا الظلامُ وجوهَنا،
قتلنا القناع الذي أهان أرواحنا!

الكورس: لنمتلئ بالحبِّ كي لا نسيء إلى الألم.
إننا محكومون بالطيش والذلِّ،
رغم ذلك ثمة الداعي الدائم إلى المرح.

لسنا نعرف جيدًا ما نكره،
لسنا نبرئ اليائس من هول الأمل المحطَّم،
لكننا نتذكر، نتذكر لننسى أننا أبناء أمس حزين.

لو وجدنا المرح ما حزننا،
لو لم نحزن لما دفعنا البؤس إلى الحقد والغضب،
حسبنا أننا الخطأ السليم، حسبنا أننا الغيابُ والغناء.

(ينهض الفتى، تنهض الفتاة. يختفيان خلف أوراق الكورس الخضراء.

تعتم فجأة، وتحمل الريح المسموعة تساقط أوراق لا مرئية...)

تمت المسرحية

عامودا- 23/11/2006

*** *** ***

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود