<LINK href="favicon.ico" rel="SHORTCUT ICON">

 ميثاق العبرمناهجية - Charter of Transdisciplinarity

هذا الشعار مستوحى من شعار المركز الدولي للأبحاث و الدراسات العبرمناهجية، عن رسم أصلي للفنان البرتغالي الراحل ليماده فريتاس

 إصدارات خاصّة

Special Issues

  المكتبة - The Book Shop

The Golden Register - السجل الذهبي

 مواقع هامّة

Useful Sites

أسئلة مكررة

F.A.Q.

الدليل

Index

 معابرنا

 Maaberuna

نزوح مفاجئ

 

نور دكرلي

 

في إحدى مرات النزوح المفاجئ ركبنا في سرفيس متجهين جميعًا إلى إحدى القرى. كان قريبي "أبو علي" يحمل معه طنجرة "محشي" حملها مسرعًا من على النار قبل أن تجهز. أبو علي كان يحتضن الطنجرة طيلة الطريق بينما أطفاله الصغار مرميون على كراسي السرفيس، كغبارها، أمَّا أم سمير – أم سمير هي زوجة أبو علي – كانت تندب وتردد: "ولييي كانوا دبحونا ولييي، أنا شفتهم شفتهم". للعلم فإن أم سمير كانت نائمة طيلة الليلة السابقة حتى قمنا بإيقاظها بغرض النزوح.

كان السرفيس من شدة قِدمه أشبه بخنفسة سقط فوقها حجر كبير. كان يتمايل طيلة رحلتنا وكنا نتمايل معه حتى شعرنا بأننا نتمايل على أنغام الأغنية التي يضعها السائق: "على ناس وناس يادنيا على ناس وناس".

كانت أمي تجلس خلف السائق مباشرة، تمسك مسبحتها وتدعو الله وأحيانًا تطلق الشتائم وتلتفت إلى السائق بين الحين والآخر عله يشعر بالخجل، وبما يتساقط حولنا من قذائف ورصاص، ويطفئ المسجلة. لكن هيهات، فالسائق أبو موسى يحتاج إلى ثلاث قذائف في رأسه على الأقل حتى يبطل مفعول ما تناوله من حبوب مخدرة. أما أنا فكنت أجلس وبيدي آخر ما تبقي لي: ألبوم صوري.

كان ياسر يجلس بجانبي، والذي نسميه "بلبل" لشدة ولعه بالبلابل. بلبل خرج معنا وبقي قلبه مسجونًا بقفص مع بلابله. طلب بلبل مني أن أعطيه ألبوم الصور ليتفرج عليها وكنت أتهرب منه بقولي: "بعدين بس نوصل". ولكني لم أستطع التهرب أكثر حين انضم إليه باقي الجماهير في السرفيس. استسلمت خجلاً وأعطيتهم إياه، وبدأوا يتفرجون على الصور. كنت أضع يدي على قلبي وأدعو الله أن نصل قبل أن تظهر لهم صوري في المسرح، فأنا أعرف أية كارثة ستحل حينها، إلى أن ظهرت إحدى الصور من إحدى العروض المسرحية، أخرجها أبو محمود ونظر إليها. أبو محمود يعمل محاميًا، ويعتقد أن الحياة كلها محصورة في القصر العدلي وأنه أظرف خلِق الله. نظر إليها ثم علَّق متظارفًا بكلمات كنت أسمعها للمرة الألف:

-       شو كنت عم تقول هون؟ أمرك مولااااي.

ثم انفجر ضاحكًا ومعه بقية الركاب النازحين، وأنا انفجرت غيظًا.

وبدأت الأسئلة والتعليقات تتوالى مع ظهور كل صورة:

-       أبو علي: لك هاد ما بيطلع بالتلفزيون يلي متصور معو.

-       أنا: أي هوي أي.

-       أم سمير: وبتحكو فصحى انشالله بالمسرحيات؟

-       أحيانًا إي... هيك وهيك يعني.

-       المحامي الظريف: لك ما كنت تلتهي بدراستك أحسنلك من هالشغلة.

-       ما كتير إلي علاقة بهالشغلة عمي... أنو تسلاي بس.

استمر سيل الأسئلة ربع ساعة تقريبًا، شعرت بأنها ساعات، إلى أن وصلنا أخيرًا. كنت أول من نزل من السرفيس متجاهلاً طلبهم بالمساعدة في حمل أغراضهم، وابتعدتُ عنهم مسرعًا مع أمي ومسبحتها وتمتماتها غير المفهومة.

هامش:

كان معارف أبوعلي ينادونه بهذا الاسم قبل زواجه، ورغم تسمية طفله الأكبر سمير بقي محافظًا على لقب أبو علي.

وصلني بعد فترة أن "أبو علي" نسي طنجرة المحشي في السرفيس ويقيم حاليًا مع عائلته في الأردن.

المحامي الظريف: سافر إلى مصر وافتتح سوبر ماركت.

بلبل "ياسر" قال بعضهم إنه في حمص القديمة، وآخرون قالوا إنه استشهد.

البقية لا أعرف ماذا حل بهم.

أنا وأمي: ما زلنا ننزح من مكان إلى آخر.

*** *** ***

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود