<LINK href="favicon.ico" rel="SHORTCUT ICON">

 ميثاق العبرمناهجية - Charter of Transdisciplinarity

هذا الشعار مستوحى من شعار المركز الدولي للأبحاث و الدراسات العبرمناهجية، عن رسم أصلي للفنان البرتغالي الراحل ليماده فريتاس

 إصدارات خاصّة

Special Issues

  المكتبة - The Book Shop

The Golden Register - السجل الذهبي

 مواقع هامّة

Useful Sites

أسئلة مكررة

F.A.Q.

الدليل

Index

 معابرنا

 Maaberuna

قراءة استراتيجية: لماذا سورية بكل هذه الأهمية؟

 

محمد سيد رصاص٭

 

كانت سورية مفتاح المنطقة للغزاة والفاتحين، فعند سقوطها كانت المنطقة بأكملها تسقط بعدها بعدد من السنين لا يتجاوز أصابع اليدين، مثلما حصل مع الاسكندر المقدوني ثم المسلمين إثر معركة اليرموك، أو أكثر قليلاً بحد لا يتجاوز ثلث قرن (الرومان حين سقطت سورية بيدهم عام 64 قبل الميلاد ثم مصر في 31 قبل الميلاد)، فيما كان الزمن أقل مع السلطان سليم الأول بعد معركة مرج دابق عام 1516 إذ سقطت مصر والحجاز في العام التالي ثم العراق عام 1534، وفي عام 1918 كان تداعي الدولة العثمانية بعد سقوط دمشق في 1 تشرين الأول (أكتوبر) 1918 بيد الحلفاء لا يتجاوز تسعة وعشرين يومًا حين وقعت صكوك الاستسلام في جزيرة مودروس، فيما هذا لم يحصل لدى انفلات بغداد والقدس من يديها عام 1917 ولا القاهرة في 1882. وفي عام 1955 لم يكن انحياز سورية إلى عبدالناصر سببًا فقط في موت حلف بغداد وإنما أيضًا بعد الوحدة المصرية-السورية في 22 شباط (فبراير) 1958 كان طريقًا أدى إلى سقوط نوري السعيد في 14 تموز (يوليو) 1958 وعدنان مندريس في 27 أيار (مايو) 1960 بانقلابين في بغداد وأنقرة فقدا الحكم وحياتهما بعدهما، فيما لم تؤد الهيمنة الأميركية على القاهرة منذ 1974، ثم سقوط بغداد بيد واشنطن في 9 نيسان (ابريل) 2003، إلى استقرار المنطقة بيد الأميركي، ما دامت دمشق خارج هذا السياق.

في عام 2011، كان نشوب الأزمة السورية منذ 18 آذار (مارس) في درعا سببًا في أزمة دولية هي الأولى منذ انتهاء الحرب الباردة عام 1989، لم تستطع أن تقود إليها، لا حرب 1999 للناتو في صربيا وكوسوفو «الحديقة الخلفية للروس» منذ أيام القياصرة ثم السوفيات ولا غزو الأميركيين للعراق عام 2003.

في 4 تشرين الأول 2011 في قاعة مجلس الأمن في نيويورك أعلن الفيتو الروسي-الصيني المزدوج بداية مجابهة حلف موسكو-بكين، مدعومًا بدول مجموعة البريكس (الهند – البرازيل - جنوب أفريقيا)، مع حلف الناتو الذي يضم دول ضفتي الأطلسي بزعامة الولايات المتحدة وصولاً إلى جناحه الجنوبي الشرقي ممثلاً في تركيا، والذي كان في قمته في نيسان 1990، غداة انتصاره على حلف وارسو، قد وسع نطاق عملياته أبعد من القارة الأوروبية، وهو ما رأيناه في أفغانستان 2001 مثلاً من خلال قوات «ايساف».

خلال عامي 2012 و2013 ترادف الصراع الدولي (على سورية) و(في سورية) بين معسكري العالم هذا، وهو تطور استقطابي على ما يبدو قد كسر القطبية الأحادية العالمية لواشنطن البادئة في عام 1989، مع مجابهة إقليمية بين تركيا والخليج، بدعم من التحالف الغربي بزعامة واشنطن، وبين إيران، المتلاقية في الصراع (على سورية) و(في سورية) مع محور موسكو-بكين، والمدعومة بحكومة نوري المالكي في بغداد و«حزب الله» المسيطر على مقدرات الأمور في بلاد الأرز، مع حيادية مترددة للقاهرة.

هنا، كانت دمشق منصة لإعلان صراع دولي-إقليمي بين معسكرين من طابقين دولي وإقليمي، مع امتدادات سورية محلية لكل منهما. لم تكن بغداد هكذا في عام 2003 على رغم الاعتراض الروسي-الفرنسي-الألماني على غزو العراق واحتلاله، ولم تتشجع موسكو على تحويل أرض الرافدين إلى ميدان للصراع مع واشنطن على رغم انفكاك التحالف الأميركي–الإيراني في آب (أغسطس) 2005 مع استئناف طهران برنامجها في تخصيب اليورانيوم وهو التحالف الذي ظلل غزو العراق واحتلاله ثم صياغة «العراق الجديد» عبر «مجلس الحكم» الذي أنشأه بول بريمر في 13 تموز 2003 وكان في تركيبته صورة مصغرة عن تقاسم النفوذ بين واشنطن وطهران. يبدو أن الضعف الأميركي منذ الأزمة المالية-الاقتصادية في أيلول (سبتمبر) 2008، ثم فشل الأميركيين في احتواء التمدد الإيراني في أعوام 2007 -2011، قد شجع الروس والصينيين على محاولة كسر القطب الواحد الأميركي للعالم من خلال مجابهة واشنطن في الأرض السورية منذ ذلك الفيتو في 4 تشرين الأول 2011 ثم المتكرر في 4 شباط 2012 و19 تموز 2012، قبل أن تقبل واشنطن بالأمر الواقع الدولي-الإقليمي المستجد وتقر في اتفاقية موسكو في 7 أيار 2013 بمفتاحية موسكو في حل الأزمة السورية.

دلالات متعددة

هذه المنصة الدمشقية ليست فقط صراعًا في سورية لقوى دولية وإقليمية وإنما هي كذلك وفي الوقت نفسه صراع على سورية: كان (الصراع في سورية) من أجل تثبيت كتفي واشنطن لكسر القطبية الأحادية الأميركية للعالم، وهو ما تم إعلانه من خلال اتفاقية موسكو التي هي ورقة نعي للقطبية الأحادية وورقة ولادة لعالم متعدد الأقطاب. وليس من دون دلالة أن يعلن ذلك بعد لقاء لوزير الخارجية الأميركي مع فلاديمير بوتين في الكرملين. أيضًا، فإن هذا (الصراع في سورية) هو بالنسبة إلى طهران ميدان لإثبات وتكريس ما حققته من نفوذ وامتداد إقليمي بين كابول والشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط انطلاقًا من البوابة البغدادية في أعوام 2007-2011. من جهة ثانية، يبدو أن (الصراع على سورية) هو بسبب كونها مفتاحًا للمنطقة، بالنسبة الى الروس كامتداد إلى البحر المتوسط، وبالنسبة الى الإيرانيين بوصفها أيضًا سيطرتهم على بغداد وهيمنتهم على الحكومة هناك.

هذا الأمر بالنسبة إلى الروس والإيرانيين لا يقتصر على الميدان الجغرا-سياسي، وإنما له شق اقتصادي من خلال اهتمام روسي باكتشافات الغاز في الشاطئ الشرقي للمتوسط والتي وصلت عند شركة غاز بروم للتوقيع على عقود للشراكة في استثمار حقول الغاز الإسرائيلية، ويبدو أن هناك مؤشرات على اهتمامات لدى موسكو تجاه الحقول السورية واللبنانية عند الشاطئ الممتد من الإسكندرون إلى غزة.

عند طهران نيات معلنة عن مشروع لمد خط لأنبوب غاز إيراني يمتد للساحل السوري عبر الأراضي العراقية، فيما هناك اهتمام تقليدي في بلاد الرافدين باعتبار الساحل السوري مرفأ للعراقيين ومصبًا لأنابيب نفط العراق انطلاقًا من شعور كان يعبِّر عنه نوري السعيد وصدام حسين بأن العراق «يشبه الزجاجة ذات الفتحة الضيقة»، وهو ما دفع الأول إلى طرح مشروع الهلال الخصيب، واهتمام الثاني الكثيف بسورية الذي تجسد في انخراط عملي في أحداث 1979-1982 إلى حدود طرحه آنذاك مشروع «حكومة سورية موقتة»، يكون مقرها بغداد، على المعارضين في «التجمع الوطني الديموقراطي» أثناء تفكيرهم بـ «جبهة عريضة» مع (الإخوان) و(بعث العراق)، كما أن هذا البحث عن نافذة بحرية عراقية هو السبب الذي دفع صدام إلى شن الحرب على إيران في 1980 ثم غزوه للكويت عام 1990.

هذا الانخراط الكثيف للروس والإيرانيين في الصراع السوري له أيضًا أوجه دفاعية وقائية على الصعيد الاقتصادي: مع تهديد إيران المستمر بإغلاق مضيق هرمز، ومع اضطرابات اليمن والصومال والقرصنة البحرية، ومع عدم قدرة قناة السويس على أن تعبرها ناقلات نفط وغاز عملاقة، هناك مؤشرات على أن هناك تفكيرًا عند دول الخليج الخمس (عدا عُمان، بالطبع) نحو جعل الساحل السوري مصبًا لأنابيب النفط والغاز الخليجيين، وفي جعله مرفأ لبضائع الخليج في الاستيراد والتصدير، ويبدو أن التكلفة الاقتصادية أقل من الطرق البحرية إذا استعملت القطارات والشاحنات وهي كذلك أسرع.

يريد الروس والإيرانيون منع حصول ذلك من خلال تثبيت كلمتهم في سورية عبر الصراع المستعر الآن في وعلى الأرض السورية.

وعند موسكو هاجس كبير بأن استغناء أوروبا عن الغاز الروسي، الذي يزودها الآن بثلث احتياجاتها، واستبداله بغاز خليجي يصل بسرعة وبتكلفة أقل عبر الساحل السوري، أو عبر أنابيب تصل من الخليج عبر الأردن وسورية وتركيا الى الأراضي الأوروبية، سيجعل روسيا في موقع الضعيف أمام الغرب ويجعلها غير قادرة على التحكم بعصب الاقتصاد الأوروبي، الذي يتهيأ منذ الآن ويخطط لاتجاهات نحو الاستغناء أو التقليل من واردات الغاز الروسية.

من المرجح أن الأتراك يريدون جعل أراضيهم ملتقى أنابيب الغاز والنفط الخليجية، إضافة الى أنابيب غاز ونفط القوقاز وآسيا الوسطى السوفياتية السابقة، لتكون تركيا ممرًا لها نحو القارة الأوروبية، وهذا على الأرجح سبب انخراطهم الكثيف في الصراع السوري، إضافة إلى حلمهم بجعل دمشق و«شام شريف» مفتاحًا للمنطقة يشبه مرج دابق عام 1516 لتكون اسطنبول من جديد زعامة العالم الإسلامي السنِّي، وهو ما يقلق، الى حدٍّ ما، الرياض والقاهرة، ويثير بالتأكيد القشعريرة في طهران.

*** *** ***

الحياة، الثلاثاء 28 مايو 2013

 


 

horizontal rule

٭ كاتب سوري.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود