بعض الفروق بين الدولة المدنية والدينية

 

ميشال شماس

 

من دولة اليهود التي سبا أفرادها نبوخذ نصر، إلى حكم رجال الدين المسيحيين وسيطرتهم على أوروبا في القرون الوسطى، إلى الدولة الدينية التي أقامها المسلمون في الشرق والمآسي التي نتجت عن حكم رجال الدين، سواءً في الغرب والشرق أم في الشمال والجنوب، وانتهاء بانتصار الدولة المدنية في الكثير من دول العالم؛ ثمة من يدعو اليوم إلى إعادة إقامة الدولة الدينية كبديل عن الدولة المدنية التي لولا قيامها لما تطورت البشرية ولما كان للعقل البشري أن يحتل المكانة التي يحتلها اليوم. ومابين الدولة المدنية التي تقوم على أساس مبدأ المواطنة، بصرف النظر عن السياسة والدين والمذهب والفكر والعرق واللون، والدولة الدينية التي تقوم على حكم رجال الدين والفقه والمرجعية الإلهية فروقٌ كبيرة وكثيرة يمكننا أن نشير إلى أهمها فيما يلي:

أولاً - في الفكر:

الدولة المدنية تحترم الفكر وتفسح المجال للإنسان للتقدم إلى أعلى أعالي الفكر على قاعدة الفكر يجابه بالفكر. أما في الدولة الدينية فيغيَّب الفكر باعتباره شرًا يجب استئصاله.

ثانيًا - في النظرة إلى العقل:

يشكِّل العقل، في الدولة المدنية، الأساس والمحرك الأول لعمل الإنسان في بناء الدولة ومؤسساتها. أما في الدولة الدنية فإنه يجري تغييب العقل باعتباره شيطانًا يجب رجمه، ويتم التركيز على الغيبيات والتسليم بما يقوله رجال الدين دون أية مناقشة.

ثالثًا - في النقد والانتقاد:

في الدولة المدنية مجال المناقشة والاعتراض والنقد والانتقاد مفتوح للفرد. أما في الدولة المدنية فلا صوت يعلو على صوت رجال الدين، وإن علا صوت فمصيره إلى جهنم، فكل ما يصدر عن رجال الدين فهو مقدس غير قابل للمناقشة والاعتراض.

رابعًا - في النظرة إلى الآخر:

الدولة المدنية لا تفرق بين مواطنيها بغض النظر عن الجنس واللون أو العرق أو الانتماء السياسي. أما في الدولة الدينية فالتفريق قائم حتى بين أبناء الدين الواحد، ولا اعتراف بالإنسان الآخر المختلف دينًا.

خامسًا - في المعاملة:

الدولة المدنية تقف على مسافة واحدة من جميع أبنائها ولا تتبنى دينًا على حساب دين آخر. أما في الدولة الدينية فإن السيادة تكون لأتباع الدين الأكثر عددًا والذين يفرضون رؤيتهم على باقي فئات المجتمع.

سادسًا - في مرجعية الحكم:

مرجعية الحكم في الدولة المدنية تستند إلى دستور وقانون وضعي يسود على أفراد المجتمع حكامًا ومحكومين. أما في الدولة الدينية فإن مرجعية الحكم هي مرجعية إلهية يلعب فيها رجال الدين دور الوسيط بين الإله والأفراد.

سابعًا - في الأقلية والأكثرية:

في الدولة المدنية يسود حكم الجماعة بينما صوت الأقلية يظل مسموعًا. أما في الدولة الدينية فلا صوت يعلو فوق صوت الجماعة الحاكمة.

ثامنًا وأخيرًا - في الإيمان والاعتقاد:

في الدولة المدنية حرية الاعتقاد والإيمان متروكة لحرية الفرد الذي يستطيع أن يعبد ربه ويؤمن به بالطريقة التي يراها مناسبة دون أي تدخل من أحد. أما في الدولة الدينية فإن الفرد ليس حرًا في اعتقاده ولا في إيمانه بالله، بل يجب عليه إتباع طريقة الجماعة في الإيمان والاعتقاد.

*** *** ***

كلنا شركاء 16-02-2010

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود