من ظلال ذكرى مولد المصطفى... نحمي الكنائس

 

زهير الدبعي٭

 

يجمع المسلمون على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بذكرى مولده، وكذلك لم يفعل أصحابه والتابعون والأئمة والسلف الصالح. وجميل أن تكون الاحتفالات من باب عمل الصالحات والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وأن نذكر بعضنا بعضًا برسالة السماء التي أنزلها الخالق سبحانه وتعالى على صاحب الذكرى، وذلك لأننا مهما أوتينا من علم وفصاحة وبيان، فإن كل احتفالاتنا ومقالاتنا لن تضيف شيئًا إلى من اصطفاه الله تبارك وتعالى ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، ومن وصفه: "وإنك لعلى خلق عظيم". ومن رفع ذكره: "ورفعنا لك ذكرك".

ولقاء الدعاة، وغيرهم من المواطنين، في ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم فيه كثير من الخير والبركة، ويمنحنا فرصة للحوار لتكون الدعوة أكثر قوة وأطيب ثمارًا، ولنتخلص من كثير من السلبيات على امتداد وطن العرب وبلاد المسلمين، ومن أشدها خطرًا معايير تدين تسللت خلال العقود الثلاثة الماضية إلى كثير من شبابنا الطيبين ودعاتنا المخلصين. معايير استبدلت السماحة بالتعصب، والنزعة الإنسانية بالقبلية، والرسالة العالمية بانتماء حزبي، والدعوة بالقدوة الحسنة بالعمل السري والعنيف، والكلمة الطيبة بالتكفير والتخوين.

ومن باب تحصيل الحاصل أن يفرز ثالوث التكفير والعمل السري والعنف، كراهية وقتلاً وسفكًا لدماء المسلمين، وغيرهم من المواطنين، باستهداف مساجد وكنائس في مصر والعراق.

ولم تكن معاناة المسلمين من تكفير الخوارج وعنفهم في القرن الهجري الأول أشد وطأة من تسرب التكفير والعنف خلال العقود الثلاثة الماضية، لما فرضه على مئات الملايين من تقتيل وخوف وتشريد لدرجة أصبح وطن العرب وبلاد المسمين مكانًا طاردًا لأهله، ومن بينهم المواطنون المسيحيون.

وبهذا يتضح أن ضحايا العنف ليسوا القتلى والجرحى والمعوقين والأرامل والأيتام فحسب، وإنما أيضًا الوطن الذي يطرد أهله بعامة، والمتعلمين والمسيحيين بخاصة. وبهذا تحقق قوى الاستكبار رزمة من أغراضها الخبيثة، فمن نزيف العقول وهجرة الكفاءات، إلى هجرة المواطنين المسيحيين، وبذلك يحققون (النقاء الشامل) أي تهجير المواطنين المسيحيين من الوطن الذي ولد فيه السيد المسيح عليه السلام وشهد أول الأديرة والكنائس وطلائع القديسين ورواد البطاركة والأساقفة.

والنظرية الاستعمارية (النقاء الشامل) تتيح لهم تصعيد حملة العنف والغزو بدعوى الحرب على الإرهاب الذي يمثله الإسلام. إن حاجة قوى الاستكبار إلى عدو شديدة جدًا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوط جدار برلين. فماذا يفعل أصحاب مصانع الأسلحة التي كانت تصدر بآلاف مليارات الدولارات سنويًا بدعوى محاربة الشيوعية والدفاع عن الديمقراطية؟ لقد وجدوا في الإسلام عدوًا جديدًا – حسب زعمهم – ولاقوا فينا من انطلت عليهم هذه الخديعة، التي جعلت من المسلمين هدفًا لأحقادهم وروحهم العدائية، وسوقًا لأسلحتهم التي تهلك الحرث والنسل وتدمر ما بنته أجيال من المخلصين، ولتضع أغلال الفقر والجهل والعنف حول رقاب ملايين من الناس، وتفرض تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ بالطائفية والمذهبية.

هذه هي غاية الاحتلال وقوى الاستكبار الذي لا يرتوون من النفط والدم، غاية تزعم عدم وجود أمة، بل يعتبروننا مجرد طوائف وقبائل كثيرة متنافرة متناحرة كلوحة الفسيفساء التي إذا ضعفت المادة اللاصقة التي تجمعها فإنها تهوي وتتناثر على الأرض بآلاف القطع الصغيرة المتنافرة المهشمة. ولا يخفى على أحد القاعدة الذهبية للاستعمار (فرق تسد).

واستهداف كنائس ومواطنين مسيحيين بالتفجيرات وبالطائفية، إنما يصب في طاحونة الاحتلال بغض النظر عن النوايا التي هي أساس العبادات "إنما الأعمال بالنيات ولكل امرء ما نوى". لأن القرارات السياسية والاقتصادية وإدارة الحياة اليومية تقاس بالنتائج وليس بالنوايا.

ولا يخفى على أحد كم استغلت، وتستغل، دوائر العنف والموت النوايا الطيبة لكثير من شبابنا الذين تنهشهم البطالة والفقر والإحساس بالانسداد فيستخدمونهم حطبًا يحرق ويحترق تحت شعارات جميلة ومقدسة. وتكون النتائج تعميق الأزمات واتساعها، مما يخدم الشيطان وينفذ مخططاته.

كان ترحيب المواطنين المسيحيين في مصر وبلاد الشام بأجدادنا الفاتحين عاملاً في فتح العقول والقلوب قبل فتح القلاع والحصون. وذلك لأنهم عانوا من الظلم والاضطهاد وعرفوا عدالة الإسلام، ومكانة السيد المسيح وأمه مريم العذراء عليهما السلام في عقيدة المسلمين. لذلك كانت (العهدة العمرية) التي التزمنا من خلالها بحماية الكنائس والأديرة والرهبان.

وسجل الفاروق رضي الله عنه صفحة خالدة مميزة في سجل المجد التي سبقت كل مواثيق حقوق الإنسان بقرون طويلة بفرض عقاب على ابن والي مصر الذي اعتدى على مواطن قبطي، وأطلق صرخته المدوية التي لن تخبو، وهي: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا".

وكذلك الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه الذي أوصى والي مصر بجميع المواطنين: "ولا تكن عليهم سبعًا ضاريًا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان، إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق".

وتتلمذ الخليفتان، وغيرهما من الصحابة، في مدرسة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي استقبل في مسجده وفد نصارى نجران الذين أقاموا شعائر صلاتهم في المسجد. وتتلمذوا في مدرسة القرآن الكريم: "إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحًا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" – (البقرة 2 : 62).

وقوله تعالى أيضًا: "إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحًا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" – (المائدة 5 : 29).

وقوله تعالى: "إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد" – (الحج 22 : 17).

هذه الآيات الكريمات التي تحترم عقائد أهل الكتاب، وغيرهم، رغم الاختلاف مع عقيدتهم، وأن الخالق هو الذي يفصل بين أهل العقائد المختلفة. فإن إقحام البشر لأنفسهم في شأن إلهي لا يستوي مع التقوى ولا مع خبرات أجيال المسلمين في العيش المشترك – وليس التعايش – وفي سماحة الإسلام وليس تسامحه.

وتغذت هذه السماحة من الايمان بأن الخالق هو رب العالمين جميعًا وليس ربًا للمسليمن فقط، فالله في عقيدة المسلمين هو رب العالمين وهو الرحمن الرحيم لذلك فإن جوهر رسالة السماء هي رحمة الخالق بالخلق كلهم. "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" – (الأنبياء 21 : 107).

كما تغذت السماحة من رافد آخر في عقيدتنا وهو تكريم الخالق للبشر كلهم لمجرد أنهم بشر حتى لو كانوا مخالفين في العقيدة منكرين لوجود الله سبحانه وتعالى: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" – (الإسراء 17 : 70).

ويرفد رافد الحرية بحر السماحة في الإسلام، قال تعالى: "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعًا بصيرًا إنا هديناه السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا" – (الإنسان 76: 2-3). وقوله تعالى أيضًا: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم" – (البقرة 2 : 256).

وتنطلق هذه القواعد الإيمانية العظيمة من إرادة الخالق سبحانه وتعالى الذي شاء أن يكون الاختلاف والتنوع سنة لهذا الكون والحياة، وفي هذا قال سبحانه تعالى: "ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله إن الله على كل شيء قدير" – (البقرة 2 : 148). وقوله سبحانه وتعالى أيضًا: "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعًا، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" – (يونس 10 : 99). وقوله سبحانه وتعالى: "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" – (الكهف 18 : 29). وقوله تعالى أيضًا: "ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين" – (الروم 30 : 22)، وقوله سبحانه وتعالى أيضًا: "ولا تسبوا الذي يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون" – (الأنعام 6 : 128).

تفوق أجدادنا على الأمم كلها في احترام التعددية والتنوع التي شكلت الحاضنة لكثير من الأديان والمذاهب والملل والنحل مما جعلها وطنًا يستقطب العقول والأفذاذ ومنتجي المعرفة والبحث العلمي وطلبة العلم.

وشكل الإسلام قاعدة ومحور الحضارة التي أسهم في بنائها المواطنون المسيحيون واليهود والصابئة والمجوس وغيرهم. وكذلك العرب والقبط والتركمان والكرد والفرس والهنود والأمازيغ، وغيرهم.

لماذا هذه الردة؟ إن الأقوياء ينفتحون على غيرهم ويصافحونهم ويحارونهم ويتعاونون معهم، وتتكامل جهودهم ليس من باب الزهد بالدين وإنما من منطلق الثقة بالعقيدة والممارسة الفعلية للإيمان والترجمة العملية للقرآن. أما الضعفاء فإنهم ينغلقون على أنفسهم بعد إغلاق عقولهم التي خلقها الله سبحانه وتعالى وأنعم بها على الإنسان وأمره باستخدامها وجعلها طريقًا لمعرفته.

الضعفاء تحركهم الهواجس والوساوس ويرفضون أهلهم من الدين نفسه ويرمونهم بسهام التكفير والتفسيق، ويتجاهلون أن في التعددية قوة وفي التنوع ثراء، وبهما وعلى قاعدة الايمان أصبحت بغداد مركز الكون وعاصمة الدنيا وقبلة العلماء، وساحة إنتاج للفكر والمعرفة والأدب والفن.

فمن سعة الإسلام وأفقه المفتوح على فضاء الكون، إلى الولاء لخلايا وزمر وجماعات تفسد ولا تصلح، تفرق ولا توحد، تنشر الظلام بعيدًا عن ما في الإسلام من طاقات كبيرة على التوعية والتنوير وتبديد التعصب.

كثيرة هي الأسباب التي أساءت لنظرة المسلمين إلى المواطنين المسيحيين، أذكر منها:

أولاً: الغزو الفرنجي في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي، والذي أدى إلى احتلال مساحات كبيرة من جنوب تركيا شمالاً، وصولاً إلى شمال مصر جنوبًا.

واستمر هذا الغزو من خلال عدة حملات نحو مائتي عام، مما أدى إلى قتل خلق كثير من عدة أجيال، واحتلال القدس لمدة 88 عامًا.

ورغم أن أجدادنا من المقاومين والمؤرخين والشعراء والسلاطين قد اطلقوا على الغزاة اسم الفرنج أو الفرنجة، وليس الصليبيين كما أراد الغزاة أنفسهم بأن رسموا الصليب على ملابسهم. ورغم أن المواطنين المسيحيين قد نالهم الكثير من اضطهاد الغزاة، وتعرضت الكنائس للنهب، ومنع قرع أجراسها، ورغم مشاركة مسيحيين من أهل البلاد في مقاومة الغزاة، إلا أن العنف والقهر الذي فرضه الغزاة على أمتنا ألقى ظلاله السوداء على صورة المواطنين المسيحيين.

كما أدركت أجيال المسلمين أيضًا الغرض الاستعمالي للدين من قبل الفرنج الغزاة، وهذا أحمد شوقي بعد قرون من دحر الغزاة يقول في قصيدة طويلة، نقتطف منها هذه الأبيات:

عيسى سبيلك رحمة ومحبة في العالمين وعصمة وسلام
ما كنت سفاك دماء ولا امرأ هان عليه الضعاف والأيتام
يا حامل الآلام عن هذا الورى كثرت علينا باسمك الآلام

وجاء في كتاب الحملات الصليبية وأثرها على العالم اليوم، تأليف كارين أرمسترونغ، ترجمة سامي الكعكي، منشورات دار الكتاب العربي، بيروت 2005:

بسط رينو دو شايتون (أرناط) سيطرته على إمارة أنطاكية، ولمدة عشرة سنوات امتهن حرفة سفك الدماء بلا وازع، مما أثار بطبيعة الحال عداء السكان المحليين للفرنجة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تشاجر رينو عام 1165 مع مانويل، أمبراطور بيزنطة، فعمد إلى تعذيب بطريريك أنطاكية، بأن طلى جراحه بالعسل وتركه في الشمس يومًا كاملاً عرضة لهجوم آلاف الحشرات. وقد رضخ البطريريك طبعًا وأعطاه مالاً كافيًا من صندوق الكنيسة ليشن رينو هجومًا ساحقًا ماحقًا على جزيرة قبرص البيزنطية. وقد عاث فيها سلبًا وتخريبًا بحيث لم تقم لها قائمة من بعده. فقد ذبح آلاف الرجال والنساء والأطفال، وفي النهاية جمع كل الرهبان والقسيسين الروم فجدع أنوفهم قبل إرسالهم مشوهين إلى القسطنطينية. لم يكن رينو يحس بأدنى قدر من وخز الضمير وهو يعامل أخوانه في الدين على هذا المنوال. كان بوصفه صليبيًا نموذجيًا يعتبر الروم الأرثوذكس من المهرطقين الضالين الذي يستحقون عقابًا كهذا العقاب.

ومن الواضح من خلال هذا المشهد وآلاف الصور الأخرى، أن الفرنج استخدموا الدين كمادة لإشعال عواطف الناس، وأن سلكوهم وأداءهم يدلان على غايتهم السياسية الاقتصادية الدنيوية وأن الدين وسيلة لا غير.

وكذلك بأن العنف والقتل وشهوة سفك الدماء لا يمكن السيطرة عليها، وذلك لأننا نستخدم العنف مرة، لكنه لا يلبث أن يستخدمنا نحن لمدة طويلة وتحت شعارات مختلفة.

ثانيًا: اقترف الاستعمار كثيرًا من الجرائم خلال غزوه وطن العرب وبلاد المسلمين طيلة فترة الاستعمار التي كانت أطولها 132 في الجزائر. وقد حارب الاستعمار اللغة العربية، وفرض إجراءات لتغيير هوية الأمة التي يشكل الإسلام نواتها وجوهرها، مما أدى إلى ربط أجيال بين الاستعمار من جهة والدين المسيحي من جهة أخرى، الذي حرص الاستعمار على استخدامه في كثير من المواقف محبة بالثروات والأسواق، وليس محبة بالمسيح عليه السلام.

وقد أدرك كثير من المواطنين المسيحيين من أهل البلاد خطورة استخدام الاستعمار للمسيحية كأداة لتحقيق أغراضه المتعسفة الظالمة.

وقال الشاعر كمال ناصر، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الذي اغتاله الاحتلال، وعضوين آخرين في اللجنة المركزية، وهما أبو يوسف النجار، وكمال عدوان، في بيروت في 10-4-1973:

لست مني يا غرب فاحمل صليبك                             راعـفًا بالدماء واتبع ربيبك
لست مني فانزع شعــار صلاتي                  حسبي العمر قد حملت ذنوبك

وحين قصفت كنيسة القيامة في ليلة عيد الميلاد، كتب قصيدة، منها:

عيسى ابن مريم عرفتك هــادئًا                  فاغضب ولو في ليلة الميلاد
واشهد مآسي الغرب كل جريمـة                  قامت هنا باسم المسيح الفادي

ثالثًا: دور بريطانيا وأمريكا في فلسطين. بدأ دور القنصلية البريطانية في القدس وغيرها من قناصل الدول الأوروبية الأخرى في تنفيذ مخططات الحركة الصهيونية في فلسطين بشراء الأراضي وجلب اليهود منذ منتصف القرن التاسع عشر، وكان لهذا الدور أوخم العواقب على فلسطين وأهلها بإحباط كل فرمانات السلطانية وقرارات الصدر الأعظم وغيرهما، التي حاولت كبح جماح المراحل الأولى من مأساتنا المتفاقمة.

ولم يتوقف دور بريطانيا على إصدار وعد بلفور في 2-11-1917، وإنما كذلك إصدار القوانين والإجراءات التي تجعل إقامة دولة على حساب وجودنا، وليس الاكتفاء بإقامة وطن قومي كما نص وعد بلفور.

كثيرة جدًا هي مواقف وإجراءات الولايات المتحدة الأمريكية في دعم المشروع الصهيوني، وليس أولها ولا آخرها، دورها المحوري العميق في الضغط الشديد على أعضاء في الأمم المتحدة لاستصدار قرار التقسيم رقم (181) بتاريخ 29-11-1947.

ظن كثير من أبناء أمتنا أن المواقف العدائية لأوروبا وأمريكا عائد إلى أنها دول مسيحية، وبالتالي فإن المسيحية تتحمل أوزار ما فرض علينا، وما زال يفرض، من عسف واضطهاد.

ومن الواضح أن ما يدفع الساسة ويحدد مواقفهم ليس الدين وإنما المصالح الاقتصادية لذلك فإن شعوب أمريكا اللاتينية تعرضت إلى نهب ثرواتها وقهر أجيالها رغم أنها مسيحية تمامًا. كما تعرض المواطنون المسيحيون في فلسطين لجرائم القتل والتهجير كغيرهم من الفلسطينين.

في ذكرى مولد معلم الناس الخير عليه الصلاة والسلام نستلهم كثيرًا من الرحمة والخير والبركة والفضيلة والنور كي نكون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، وهو أفق واسع في كل فعاليات الحياة وساحاتها، ومن بينها كل لقاء وتواصل مثمر مع كل المواطنين، ومن بينهم المواطنون المسيحيون. ونسهم في حماية الكنائس والأديرة التي ستبقى مكونًا أصيلاً وجميلاً من مكونات الوطن ونكهته.

*** *** ***


 

horizontal rule

٭ المدير الأسبق للأوقاف والشؤون الدينية في نابلس.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود