الوصـايـا الـعـشـر

 

أحمد شهاب الدين

 

الوصيَّة الأولى

* حِبِّي الحياةَ تكوني مؤهَّلةً لها

اعشقي الوجودَ تُمَّحى الأسئلة

خلق الله الكونَ لنعشقه، لا لنسأله

الإنسانُ الإنسان تكفيه لحظةٌ ليحيا الحبَّ كاملاً

 

[بيني وبيني بينٌ – بينك وبينك بينٌ – بين بيني وبين بينك بين]

 

اعشقيني

تعرفيني

البينُ أشباحٌ صَنَعَها العقل

فاعشقي تكوني

 

لا إله، لا شيطان – الكل واحد

تعاشقا، فكان كونٌ وصارت حياة

 

خلق الله على حبٍّ، وأحيا على حبٍّ، وأمات على حب

حبٌّ على حب – يهدي الله لحبِّه مَن يشاء

 

قولي "نعم" و"شكرًا" و"صباح الخير"

إنما الحياةَ حياة – فقولي "نعم" مادمتِ حية

لا يهتم بالموت إلا الأموات

الموت: ظاهرُه نهاية وباطنُه بداية

 

الكافرون يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا

والعاشقون الموحِّدون يعرفون الحياة

 

واأسفاه على الله!

خَلَقَ الدنيا جنةً

فحرقناها

وخَلَقَنا شَبَهَه

فمسخناه

 

[أعداؤنا يعبدون إلهَنا]

 

إذا حييتِ من الموت الجميل قولي: "شكرًا"

إذا نظرتِ إلى وجهكِ الصوفيِّ في المرآة قولي: "شكرًا"

إذا أكلتِ وشربتِ وأمنتِ قولي: "شكرًا"

إذا نظرتِ إليَّ يومًا

ومَسَسْتِني

ووحَّدتِني

قولي: "شكرًا"

وإذا عاودكِ نَسَمُ الموت الجميل فقولي:

"شكرًا دائمًا"

 

لا تقولي: "وداعًا" وقولي: "صباح الخير"[*]

فلا فراق لعشاق الحياة، ولا لقاء لعشاق الصور

 

الوصيَّة الثَّانية

* كوني قديسةً في كلِّ شيء يكن كلُّ شيء مقدسًا

صلِّي!

حتى أدنى الغرائز صلِّيها كي لا تكون المتعةُ حجابًا

تخيَّرَ الله مكانًا لروحه فلم يجد أجمل وأطهر وأنبل من الجسد

ما أجمل الطبيعة، وما أجمل الجسد الحي!

حين تتماسُّ الأجسادُ تتلامس الأرواح

 

الناس: خسيسٌ يرى في الجمال محنة،

وقديسٌ يرى فيه منحة

 

ما أسهل وأسطح وأقبح الصلاة حين تكون طقسًا وكلامًا

وما أصعب وأعمق وأجمل الصلاة حين تكون نَفَسًا وحياة

انظري ما حولكِ: كلُّه مِن صنع الله – تصوري!

 

يا رجالاتِ الدين

المؤمنين العابدين الزاهدين

متى تُصعِدون الله إلى الأرض وتطلقونه من معابدكم؟!

 

الحياةُ حياة

انظريها، ومارسيها،

ببراءة الأطفال، ونقاوة المصلِّين

 

الوصيَّة الثَّالثة

* اصدُقي تصدُق الحياة

الصدق تعبيرٌ وليس خبرًا

ليس الصادق مَن صَدَقَ في الخبر، إنما الصادق مَن كانت حياتُه ذاتَه

 

للوردة طيبُها وللخبز عرفُه

ما أبشع عرف الوردة وطيب الخبز!

 

الذات لا تبرير لتعبيرها: الشمس تشرق وكفى!

تعبير واحد خيرٌ من ألف فكرة

أنتِ منكِ، لا منهم – فاصدُقي

الطبيعة لا عقل لها – فكوني طبيعية

 

الوصيَّة الرَّابعة

* قلبك قلبك!

العقل يفكر، يحلِّل، يعلِّل، يعدِّد

والقلب يعشق، يعرف، يسكر، يوحِّد

القلب أوسع من السماوات والأرض

الله يسكن القلب، والقلب يسكن الجسد الحي

 

حين يحب الربُّ عبدَه ينسى مقام ألوهيته،

وحين يحب العبدُ ربَّه ينسى مقام عبوديته

 

الحب وحدة أحدية – هكذا تكلَّم القلب

 

الوصيَّة الخامسة

* اكفري: فالكفر بدايةُ الإيمان والوجهُ الأول له

الأنبياء ما آمنوا إلا حين كفروا

 

لا تشرق الشمس إلا حين تتحاطم السحب،

ولا تبزغ وردةٌ إلا لمَّا تشَّقَّقُ الأرض –

كذلك لا يؤمن إنسانٌ قبل أن يكفر

 

الوصيَّة السَّادسة

* تطرَّفي: فالمعتدلون هم التافهون السطحيون

حِبِّي إلى آخر الحب

صلِّي إلى آخر الصلاة

عيشي إلى آخر الحياة

تطرَّفي تطرُّفك

 

أهل الجنة يتلذَّذون في غرفهم،

وأهل النار متآلفون مع العذاب،

والأعراف مَن يتبعون الأعراف – الوسطيون:

ذوو المزاج الوسط، والأفكار الوسط، والدين الوسط...

في الوسط لا يشعرون بشيء، ولا يفكرون في شيء

الناس مفطورون مطَّرِّفين

الجميل يُدنينا والقبيح يُقصينا – أما الوسط، كالوسطيِّ،

فلا طعم له ولا رائحة

لا إيمان له ولا كفر

لا حبَّ له ولا كره

 

لا مجال للاعتدال: إما أن تكوني الله أو إبليس!

 

الوصيَّة السَّابعة

* اخطئي: فالذي لا يخطئ آلةٌ وليس ملَكًا

خُلِقَ الإنسانُ خطَّاءً

لا تموت الأخطاءُ الطبيعية إلا بالحياة

كبْتُ الخطأ خطأٌ أبشع من الخطأ

ليس للإنسان أن يصبح أفضل من إنسان

 

الوصيَّة الثَّامنة

* اجعلي لك قرآنًا يمشي بك على قدمين

لكلٍّ قرآنُه

العظامُ: حياتُهم قرآنُهم –

والإنسان خُلِقَ عظيمًا

 

الوصيَّة التَّاسعة

* اعبدي الله فيَّ، في الشجر، في الحجر...

إنك لا تستطيعين أن تدركي الكلِّي إلا في الجزئي

والغيبيَّ إلا في المادي

 

ليس للإنسان أن يدرك إلا الإنسان

لا يسبِّح الله إلا الله

ولا يسبِّح الإنسانُ إلا نفسه

 

يا مَن تقلِّبون وجوهَكم في السماء

الله "أقرب

إليكم من حبل الوريد"

 

[العاشق عابد]

 

انظري – فالنظرة عبادة

تكلَّمي – فكلام العابد قرآن

اقتربي: أدنى من قاب قوسين

والمسيني

لتُعيدي الروحَ إلى الروح

والحياةَ إلى الحياة

 

الوصيَّة العاشرة

* اغضبي!

فالطبيعة تغضب

والعاشق يغضب

 

ألهِمْني غضبَك

يا مَن رضاه مِن غضبي

وغضبي مِن رضاه

 

قلبُ الإنسان مِن حبٍّ

ودمُه مِن غَضَب

ما الإنسان بلا حبٍّ أو غضب؟!

 

أطاعوه في الجور –

فكانوا خدمًا وعبيدًا

غَضِبَ –

فشاركَه الخلود

 

حين أغضب

أشعر أن الله يجري في دمي

كُتِبَتْ في 28/4/2005

*** *** ***


 

horizontal rule

[*] "لا تقولي وداعًا وقولي صباح الخير" – هذه العبارة لأوشو.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود