<LINK href="favicon.ico" rel="SHORTCUT ICON">

 ميثاق العبرمناهجية - Charter of Transdisciplinarity

هذا الشعار مستوحى من شعار المركز الدولي للأبحاث و الدراسات العبرمناهجية، عن رسم أصلي للفنان البرتغالي الراحل ليماده فريتاس

 إصدارات خاصّة

Special Issues

  المكتبة - The Book Shop

The Golden Register - السجل الذهبي

 مواقع هامّة

Useful Sites

أسئلة مكررة

F.A.Q.

الدليل

Index

 معابرنا

 Maaberuna

أرواح

 

عبد الغني عبده

 

-       مهتم بابن خلدون على إيه؟... ده حرامي.

بهت اتهام الأستاذ – لابن خلدون بالسرقة – طالب الدراسات العليا، الذي تقدَّم بمقترح لدراسة "أثر كتابات ابن خلدون في علم الاجتماع" فخرج السؤال من فمه مترددًا: سرق من حضرتك حاجة؟! وفغر فاه بابتسامة مرتابة.

-       أنتوا كده... جيل تلفان، كل حاجة تقلبوها "قلش"... هايسرقني إزاي يا فالح وهو ميت بقاله مئات السنين؟! أنت قرأت إيه عن ابن خلدون؟! وللا اهتميت بقراءة كتاباته بس؟!

ارتاح الطالب لرد أستاذه الذي تجاوز "القلشة" ببساطة. اختفت الابتسامة، وارتفع حاجباه ليفضحا مفاجأته بسؤال الأستاذ عن قراءاته حول ابن خلدون التي بلاشك ورد في بعضها حكاية "السرقة". هو إذًا لم يجتهد بما يكفي، ولم يحط بكل ما كتب عن الرجل.

(يا دي المصيبة، لسه هاتأخر في التسجيل تاني؟! وابحث من موضوع جديد ووجع قلب. هو طبعًا مش هايقول ولا كلمة أكتر من اللي قاله. رمى الولعة في حجري. وأجري أنا بها بقى قبل ما تولع في... أو أتلكع لحد ما اتكوي بنارها. ابن خلدون حرامي؟! يا دي البلوى. قال وأنا رايح أنشن عليه. هل ممكن أغير الموضوع؟! مش ها يرضى. ده أكيد ما صدق إن ابن خلدون وقع تحت ضرسه. ممكن يكون مختلف مع توجهاته الفكرية وعاوز يلفق له تهمه. أعمل إيه؟! أمشي إزاي دلوقتي من وشه لحد لما أراجع تفكيري واستوعب الصدمة؟! لأ وإيه مش يقول لي من الأول، سايبني أطبش وأوصل لحد كتابة المقترح؛ وهوووب يرزيني!! هو طول عمره كده...)

-       أنت يا ابني سرحان في إيه؟! روح من قدامي دلوقتي.

أمره الأستاذ وصفع مقترح الدراسة المندفع من يده وجه الطالب الذي لم يعتبر التصرف إهانة، بل شعر أنه نجا من جحيم محقق وخطر داهم.

(أها، كده يا عم عبد الرحمن؟! تطلع حرامي فعلاً!! طيب ماشي. اعتمد على الله دلوقتي وأدور من جديد على موضوع تاني. بس لازم أروح الأول استأذنه).

-       بكل سهولة كده تتخلى عن مشروعك؛ لمجرد إنك شفت وجهة نظر تانية؟! لا يمكن بالشكل تكون باحث علمي جاد. أنت إمعة، كلمة تجيبك وكلمة توديك. هو في حد في الدنيا سلم من لسان الناس وادعاءاتهم؟!

-       حضرتك قلت إنه حرامي. وبعدين أنا قرأت فعلاً إنه سرق من "إخوان الصفا". والمنهج العلمي بيقول الأقدم هو صاحب الحق، وإخوان الصفا أقدم من ابن خلدون بكثير، يعني هم كتبوا وهو سرق ما كتبوه.

-       عندك دليل قاطع؟!

-       في باحثين توصلوا للنتيجة دي.

-       وإيه اللي طمنك لنتائجهم؟ مش دورك إنك تختبر ما توصلوا له؟! إما يصمد قدام اختبارك وإما يسقط وتطلع بنتيجة جديدة؟

-       يعني حضرتك عاوزني أكمل في نفس الموضوع؟!

طرح السؤال على أستاذه بينما يدور في ذهنه تساؤل آخر لا يستطيع البوح به: (أومال حدفت المقترح في وشي ليه؟!).

-       مش مهم أنا عاوز إيه... المهم إنت عاوز إيه.

(أنت عاوز تشلني يا عم ولا إيه؟ حيرتني حرام عليك... أنا دماغي طقت). لم يستطع أن ينطق بكلمة واحدة من هذا الذي دار في رأسه، بل ظلت الأسئلة تتداعى والحيرة تأكل كيانه حتى أفاق على تأنيب جديد من أستاذه.

-       أنت بتحب؟! روح اغسل وشك وتعالى.

-       لا لا أنا كويس يا دكتور... وهاكمل الموضوع. أنا كده فهمت إن في نزاع بين الباحثين غير محسوم حول أصالة ما كتبه عبد الرحمن بن خلدون. لكن يا استاذ أنا هاقدر احسم الخلاف ده إزاي؟!

-       أنت وشطارتك. إن شا الله تحضر أرواحهم. دور على طريقة. وللا دي كمان صعبة؟! جيل تلفان... عاوزين دروس خصوصية حتى وأنتوا بتعملوا دراسات عليا!!

ألحت عليه الفكرة في طريق عودته للمنزل (أحضر أرواحهم؟! طيب لو حضرت أرواحهم وقدرت أخد منهم اعترافات هتعتبر "وثائق" مصدقة؟!).

عبر مذياع الميكروباص سمع خبر علمي مفاده اختراع جديد يمكن البشرية من استدعاء الماضي، فبدلاً من السفر عبر آلة الزمن يمكن الآن أن تغذي عقلاً إلكترونيًا بمعلومات عن اسم شخص معين وتاريخ ومكان عيشته، فتجد الشخص متجسدًا أمامك عبر شاشة ملحقة بالعقل الإلكتروني الذي سيمكنك من الاستماع إلى حوارات الشخص مع معاصريه، وسيطلعك على كل ما تريد من نشاطاته؛ حتى دخوله الحمام - إن أردت-! سترى وتسمع كل ما حدث في الماضي في أزمان لم يكن يتوفر بها أية أجهزة تسجيل ولا كاميرات!

(يا فرج الله... طيب وحياتك عندي يا دكتور ما أنا مكسر لك كلمة. ها ها ها. عاوزني أحضر لك روح إخوان الصفا وابن خلدون؟! بسيطة هاجيبهم لك... وهاخليك تشوفهم وهم بيتخانقوا مع بعض...).

أخرج من حقيبته "نوتة" وكتب: اليوم يسجل الإنسان لنفسه خلاصًا جديدًا... لن يجرؤ أحد بعد اليوم على الكذب!! سينكشف كل شيء. وستسود كل قيم الخير وينتهي الشر للأبد. لن نكون في حاجة للقانون ولا للسلطة. كل إنسان سيفكر ألف مرة قبل أن يقدم على ارتكاب أية رذيلة أو جريمة؛ النظرة سيتم استدعاؤها، الهمسة واللفتة. سيفتضح أمر المرتشي والمغتصب والقاتل".

أيقظته وخزة من يد جاره في الميكروباص ينبهه إلى إلحاح السائق في تحصيل الأجرة.

انتبه إلى أنه كان يغط في نوم عميق؛ واكتشف أنه لم يكن يحمل حقيبة أصلاً. دفع الأجرة واستفسر: إحنا فين دلوقتي؟! تلتفت حوله فاكتشف أن الميكروباص تجاوز محطة نزوله!

-       على جنب يا اسطى.

نزل منشغلاً بسرقة ابن خلدون وتحضير الأرواح، إلا أن حلمه بالكشف العلمي طغى على اهتماماته وأصابه بنوع من الرهاب من النطق. الوساوس فئران لا تكف عن اللعب في صدره؛ لا يستطيع طرد فكرة "استدعاء أحداث الماضي" من ذهنه.

(أه هم لسه ما وصلوش للاختراع ده. إنما يا ترى لما يخترعوه؛ ممكن تكون فضيحتي عاملة إزاي؟! دي هتبقى بشخاليل. يا وقعة سودة؟! طيب هو أنا مش ممكن "أفرمت" كل البلاوي اللي عملتها؟ ده أنا كفاية عليَّ الغش في الامتحانات. وللا أبويا لما يعرف إني ياما ضربت "كيميا" وحشيش وملليطت مع بنات!!) لا يراه أحد الآن إلا وهو ساهم يحدث نفسه ويهمهم بكلام غير مفهوم. وكثيراً ما يصرخ: ابن خلدون حرااااامي... حد يقبض عليه... يجوب الشوارع رث الثياب... لا يستطيع النوم ولا يستقر به المقام في مكان.

يردد كل من يعرفوه من أقرباء ومعارف وجيران: "كتر القراية لحست دماغه يا ولاده"! ويحذرون أولادهم من كثرة تعاطي العلم والانكباب على الكتب!

الجيزة 13 مايو 2013

*** *** ***

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود