الرِّسَالَةُ الثَّالِثَة
إلى دُرْغَام

 

غياث المرزوق

 

كَيْفَ أبْدَأُ هذا العِتَابَ؟

[... وَسِتًّا مِنَ السَّنَواتِ انْتَظَرْتُ وَقِيدًا

بِزَنْزَانَةٍ

تَسْتَرِيحُ عَلى سَقْفِهَا جُثَّةٌ مِنْ ضَبَابٍ غَرِيبٍ

وَثَمَّةَ حَشْرٌ

تَنُوءُ يَدَاهُ بِرَائِحَةِ المَوْتِ

يَدْنُو مِنَ الصَّدْرِ

لا يَجْفَلُ القَلْبُ

في اللَّيْلِ يَشْرَبُ نَخْبَ البَلادَةِ

إنْ شَفَّهُ عَطَشُ المِلْحِ

في الصُّبْحِ يَمْشِي بِعُكَّازَةٍ

يَتَمَلَّى غَوِيًّا وُجُوهَ الصَّبَايَا

وَشَطْحَاتِ جَوْقِ النَّوَاقِيسِ

أوْ جُثَّةً مِنْ ضَبَابٍ غَرِيبٍ

وَحِينَ يُهَدْهِدُهُ تَعَبُ الطِّينِ

يَنْزِعُ سَوْمَلَهُ في هُدُوءٍ

وَيَمْضِي إلى حَانَةٍ أسْدَفَتْ كَاعِبَيْهَا

أمَامَ فُحُولَةِ نَهْرٍ يُذَكِّرُهُ بِالفُرَاتِ

فيَلْبَسُ كَالرِّيحِ ثَوْبَ الشَّتَاتِ

وَيَمْلَأُ كَأْسَ البَلادَةِ

مَثْنَىْ

ثُلَاثَ

رُبَاعَ

وَرُبَّتَمَا لا يُهَادِنُ ...]

هَلْ تَمْسَحَ القَلْبُ

أيَّتُهَا السَّنَوَاتُ الرَّجِيمَهْ؟

هَلْ تَأفْعَى الوَرِيدُ الوِدَاجِيُّ

أيَّتُهَا السُّلُطَاتُ الزَّنِيمَهْ؟

أمْ تُرَاهُ كَمَا الكَائِنُ البَشَرِيُّ الحَرِيُّ

يَحِنُّ إلى نَبْضَةٍ في السَّحَابْ؟

كَيْفَ أبْدَأُ هذا العِتَابَ؟

***

وَمَدْرَسَةٌ «جَمَّعَتْنَا مَعًا» يَا ابْنَ أُمِّي

مَهْدَنَا هِيَ كَانَتْ

وَإنْ زُرْتَ يَوْمًا ضَرِيحَ المَقَاعِدِ

تُلْفِيهِ يَجْثُو

وَيَشْهَدُ ألاَّ جَلاقَةَ، ألاَّ سَفَاهَةَ

إلاَّ التي «ضَيَّعَتْنَا مَعًا» يَا ابْنَ أُمِّي

مَهْدَنا هِيَ كَانَتْ

تُلَقِّنُنَا الحَرْفَ والخُبْزَ

في الثَّالِثِ الاِبْتِدَائِيِّ

[... أذْكُرُ ذلِكَ تَوًّا ...]

فَحِينَ نَشُبُّ عَنِ الطَّوْقِ

في نَظَرِ الصَّابِئِيِّ

وَنَمْرُقُ مِنْ نِحْلَتَيْ أبَوَيْنَا

[... كَأُودِيبَ مُزْدَوَجٍ ...]

نَتَوَحَّدُ حَتَّى بِصَيْرُورَةِ النَّارِ

في جَنَّةٍ تَحْتَ أقْدامِ حَبَّابَتَيْنَا

/... وَلكِنَّنَا

حِينَ نَشْتَمُّ سَهْوًا سَمُومَ الخِيَانَةِ

بَيْنَ العَقُوقِينَ مِنْهُمْ

وَنَحْرَدُ مِنْ "وَاجِبَاتِ الدِّيَانَةِ"

نَلْقَى عَصَا الزَّانِ

تَكْفُرُ بِالصَّمْتِ أوْ رَاحَتَيْنَا

فَتَنْسَابُ في دَعَةٍ دَمْعَةٌ

تُسْنِدُ الذِّكْرَيَاتِ عَلَيْنَا

وَنَخْرُجُ مِنْ قَاعَةِ الصَّفِّ

كَيْ نَدْخُلَ الوَجْدَ

أوْ نَتَهَجَّى الحَصَى والفُرَاتَ

بِنَاصِيَةِ القَلْبِ والاِشْتِهَاءْ

كَيْفَ أبْدَأُ هذا العَزَاءْ؟

***

وَنَجُوبُ البَسَاتِينَ

شِبْرًا فَشِبْرًا

وَنَصْنَعُ زُمَّارَتَيْنِ وَتَاجَيْنِ

مِنَ وَرَقٍ

[... وَالرُّحَامِسُ في النَّفْسِ مُنْخَطِفٌ

وَطَوًى كَانَ يَصْئِي عَنِ الفَارِقِ الهَشِّ

بَيْنَ انْكِسَارَاتِ نِشَّابَتَيْنَا

وَبَيْنَ التَّلاقُسِ أوْ شِبْهِهِ ...]

في الظَّهِيرَةِ

نُوقِظُ حَتَّى الخَفَافِيشَ مِنْ نَوْمِهَا

ثُمَّ نَلْهُو بِمِحْفَظَتَيْنَا

وَنَهْزَأُ مِنْ لُطَخِ التِّينِ والتُّوتِ

في وَجْنَتَيْنَا وَمَرْيَلَتَيْنَا

فَنَسْألُ عَنْ خَيْمَةٍ تَسْتَبِينَا

كَطِفْلَيْنِ يَنْتَظِرَانِ الحَلِيبَ

وَمُعْجِزَةَ الأنْبِيَاءْ

كَيْفَ أبْدَأُ هذا العَزَاءْ؟

***

وَعَلى البُعْدِ صَفْصَافَةٌ

قَدْ وَشَمْنَا عَلى خَصْرِهَا الهِيدْرَوِيِّ

ثُنَائِيَّةَ الاِسْمِ والعُمْرِ

ظَانَّيْنِ أنَّا وَجَدْنَا الإلَاهَةَ ضَالَّتَنَا

في مَتَاهَةِ قَيْلُولَةٍ لا تَفِرُّ

/... وَلكِنَّهَا

كَالعَجُوزِ تُحَدِّقُ شَزْرَاءَ

في كُلِّ طَيْرٍ يَمُرُّ

وَيَتْرُكُ صُورَتَهُ في حَيَاءْ

[... تَتَدَلَّى هَوًى مِنْ عَلٍ

وَتُؤَرِّثُ سَانِيَةَ القَدْحِ

شَيْئًا فَشَيْئًا

فَتُرْسِلُ شَارَاتِها الذَّهَبِيَّةَ

دَانِيَةً

مِثْلَمَا نَجْمَةُ الصُّبْحِ ...]

نَدْنُو عَلى ثِقَةٍ مِنْ يَدَيْهَا

وَنَهْمِسُ في مِسْمَعَيْهَا:

«نَحْنُ طِفْلانِ

شَرَّدَنَا مَرْكَبُ الحُلْمِ

نُسْرِفُ في دَفَّتَيْهِ

نَخَافُ شُحُوبَ المَصَابِيحِ

في آخِرِ اليَمِّ

نَعْدُو إلى أوَّلِ الشِّعْرِ

أوْ لَحْظَةٍ مِنْ خَيَالٍ

فَنُضْرِمُ في حَضْرَةِ المَوْجِ

قَبْسَةَ سِفْرٍ وَقَبْسَ سُؤَالٍ

ونَبْنِي مَدَائِنَ شَامِخَةً في الهَوَاءْ»

كَيْفَ أخْتِمُ هذا العَزَاءْ؟

***

وَعَلى القَاعِ صُبَّيْرَةٌ

تَتَشَاطَرُ قُدَّامَ تَهْوِيمَتَيْ ذَيْنِكَ الخَافِقَيْنِ

وَتَنْشَطِرُ

في الظَّلامِ نَدُوسُ عَلى خَدِّهَا حَافِيَيْنِ

وَنَنْدَسِرُ

ثُمَّ نُسْعَرُ في مِرَّةٍ مُتَعَاظِمَةٍ مِنْ كِلَيْنَا

وَنَسْتَعِرُ

ثُمَّ تُخْمِدُنَا سِعْلَيَانِ مِنَ الشَّطِّ

[... شَطِّ الحَوِيجَةِ ...]

مُقْبِلَتَانِ وَمُدْبِرَتَانِ مَعًا

مِثْلَ جُلْمُودِ غَمْرٍ يَفُورُ إلَيْنَا

وَيَنْفَجِرُ

/... صَهْ

وَلكِنَّ، لكِنَّ

ثَمَّ بَرِيقًا مِنَ الأمَلِ المُسْتَبَاحِ

يَحُطُّ أخِيرًا عَلى مِحْجَرَيْنَا

وَيَنْتَشِرُ

هِيَ ذِي طَلْعَةُ الكَوْنِ مِنْ عَدَمٍ

طَفِقَتْ تَتَجَلَّى تِبَاعًا

فَتَطْفِرُ يَانِعَةً وَرْدَةٌ في الدِّمَاءْ

***

وَنُغَنِّي عَلى حَافَّةِ الجِسْرِ

[... ذَاكَ المُعَلَّقِ ...]

أُغْنِيَّةً ثَمِلَهْ

تَتَحَدَّثُ مِثْلَ تَأبَّطَ شَرًّا

عَنِ الفَوْضَوِيَّةِ في قِصَّتَيْنَا

وَعَنْ سَمْتِ حُرِّيَّةٍ مُتَجَانِسَةٍ

لا نَظِيرَ وَلا نِدَّ لَهْ

وَسُقُوطِ أبِي الهَوْلِ

في هُوَّةِ المَزْبَلَهْ

كَالمَهَابِيلِ نَهْوِي

[... وَنَأْخُذُ وَضْعِيَّةً

لا تَقِلُّ هُبَالاً

عَنِ البَدْءِ مِنْ خُطْوَتَيْنَا ...]

وَنَرْكُضُ، نَرْكُضُ

حَتَّى تَغُوصَ القَنَادِيلُ

في جُبَّةِ اللَّيْلِ

نَحْسَبُ أنَّ البِلادَ الحَزِينَةَ

قَدْ شَارَفَتْ في الوُجُومِ

عَلى الاِنْتِهَاءْ

***

وَنُعِيدُ تَفَاصِيلَ دَرْبِ الحَلِيبِ

قُرَابَةَ عَشْرِ دَقَائِقَ ضَوْئِيَّةٍ

«نَتَسَلَّى بِعَدِّ النُّجُومِ»

نُدَمْدِمُ

[... نَلْعَنُ مَنْ خَلَّفَتْنَا

لَطِيمَيْنِ في خَلْوَةِ الغَمِّ ...]

نَسْمَعُ لَغْطَ السُّكَارَى

فَنَضْحَكُ

مِنْ قِلَّةِ الذَّمِّ

أوْ كَثْرَةِ الهَمِّ

لا فَرْقَ

قَدْ عَلَّمَتْنَا الحَيَاةُ كَثِيرًا

وَلكِنَّنَا

لَمْ نَزَلْ نَتَجَادَلُ في فِكْرَةِ الاِبْتِدَاءْ

كَيْفَ أخْتِمُ هذا العَزَاءْ؟

***

يَا أبَا الدُّرِّ

نَحْنُ الْتَقَيْنَا صَغِيرَيْنِ ضَالَّيْنِ

في فُسْحَةٍ

تَتَوَسَّطُهَا تِينَةٌ شَاذَّةٌ

أرْضَعَتْنَا عَصِيرَ الأسَى

دُفْعَةً وَاحِدَهْ

فَغَدَوْنَا كَمَنْ يَعْرِفُ السِّرَّ

قَبْلَ الأوَانِ

وَرُحْنَا نُهَيِّءُ لِلْحُلْمِ قَيْثَارَةً

لَمْ تَكُنْ قَطُّ تَسْتَسْجِمُ اللَّحْنَ

مِنْ شَفَتَيْهَا

فَقَدْ نَسِيَتْ صَوْتَهَا

مِنْ زَمَانٍ

وَنَمْضِي بِلا هَدَفٍ

[... أوْ شُعُورٍ

بِهَدْهَدَةِ التَّعَبِ المُرِّ ...]

نَمْلَأُ جِنْحَ الرِّمَالِ ثُقُوبًا

نُهَذْرِبُ

أوْ نَتَكَاوَنُ كَالدَّاشِرَيْنِ

احْتِكَامًا إلى النَّحْوِ

في جُمْلَةٍ شَارِدَهْ

***

وَانْفَطَمْنَا

عَنِ الحُزْنِ حِينَ انْفَطَمْنَا

عَنْ نَمِيرِ الفُرَاتِ

وَخَابِيَةٍ

أفْرَغَتْهَا الرِّيَاحُ مِنَ الوَصْلِ

كَيْ تَدَعَ الأُقْحُوَانَ يُمَارِسُ

عَادَتَهُ

وَامْتَطَيْنَا خُيُولَ الشَّتَاتِ

كَفُرْسَانِ دَاحِسَ، حَظِّيَ مِنْكَ

وَفُرْسَانِ غَبْرَاءَ، حَظِّكَ مِنِّي

[... وَبِالعَكْسِ ...]

ثُمَّ انْبَرَيْنَا

كَمَا البَيْلَسَانُ لِدَمْعٍ عَصِيٍّ

نُبَارِي سُلُوكَ القَتَادِ المُثَنَّى شَمُوسَيْنِ

في لَيْلَةٍ بَارِدَهْ

***

وَافْتَرَقْنَا

وَافْتَرَقْنَا

كَمَا افْتَرَقَتْ كَشَّةٌ مِنْ بُغَاثِ الأنَا

[... وَالْتَقَيْنَا هُنَاكَ

الْتَقَيْنَا هُنَا ...]

وَافْتَرَقْنَا هُنَالِكَ

أبْعَدَ

أبْعَدَ

/... لكِنْ

لِيُولَدَ في البُعْدِ

حُزْنٌ أمَرُّ مِنَ الجُرْحِ

حِينَ تُمَرْمِرُهُ شَهْقَةُ المِلْحِ

وَالذِّكْرَيَاتُ عَوِيلُ

وَدَالِيَةٌ عَلَّمَتْنَا

كَيْفَ نَعْشَقُ مَنْ خَبَّأتْ

في صَهِيلِ العَنَاقِيدِ نَوْعَ النَّبِيذِ

وَكَأسَيْنِ يَسْتَبِقَانِ اللِّقَاءَ

/... لِتَسْكَرَ في بَابِلٍ وَأشُورٍ

وَتَكْسِرَ قَيْدَ التَّجَغْرُفِ كَسْرًا

وَطَوْقَ المَسَافَةِ بَيْنِي وَبَيْنَكَ

مَهْمَا تَطُولُ

***

وَارْتَجَلْنَا

وَارْتَجَلْنَا

بِحَرْفٍ وَحَرْفَيْنِ أوْ كِلْمَةٍ

[... مِنْ وَصَايَا الشُّمُوسِ

البَعِيدَةِ ...]

تَسْحَبُ أذْيَالَهَا بِاتِّزَانٍ

وَتَبْحَثُ عَنْ خَاتَمٍ في أمَانٍ

لِتُوسِقَ وَجْهَ المَدِينَةِ مِنْ وَهْجِهَا

طَبَقَيْنِ

وَمِشْمِشَتَيْنِ مُعَمَّدَتَيْنِ

وَتُفَّاحَتَيْنِ مُهَذَّبَتَيْنِ

وَجَارِنْكَتَيْنِ مُذَهَّبَتَيْنِ

وَسَوْسَنَةٌ حَامِلٌ تَتَراقَصُ مُزْدَانَةً

في دُرُوبِ المَسَاءِ

/... وَلُذْنَا

بِغَيْبُوبَةِ الآنَ أوْ صَحْوَةِ الأمْسِ

مُعْتَكِفَيْنِ عَلى كَوْمَةٍ مِنْ دَفَاتِرَ

كَيْ يَسْتَمِرَّ النَّشِيدُ

وَكَيْمَا يَطِيبَ الوُجُودُ

وَتَكْتَمِلَ المَائِدَهْ

***

قُلْتَ يَوْمًا

وَأنْتَ تَهِيمُ بِدُوَّامَةٍ مِنْ قُنُوطٍ

وَتَكْفُرُ بِالشِّعْرِ وَالاِنْتِمَاءْ:

«لَيْسَ في جَعْبَةِ الحَرْفِ

مِنْ فَائِدَهْ

فَالقَوَافِي الهَزِيلَةُ لا تَحْمِلُ الخُبْزَ

أوْ جُرْعَةً مِنْ دَوَاءٍ»

***

وَمِنْ أطْرَفِ الأرْضِ

حَدَّقْتُ في دَمْعَتَيْنِ

كَلُؤْلُؤَتَيْنِ مُجَنَّحَتَيْنِ

تَحُومَانِ بَيْنَ دُخَانِ السَّجَائِرِ

وَامْرَأةٍ

[... آهِ لَوْ تُدْرِكُ "الآهَ"

في لُغَةِ الضَّادِ ...]

أبْصَرْتُ:

- عُصْفُورَةً في طَرِيقِ المُخَيَّمِ

تَبْلَعُ غُصَّتَهَا بِلَظَى الصَّوْتِ

تَلْطِمُ، تَبْكِي بُكَاءً كَتُومًا

وَتَنْتَظِرُ القَادِمِينَ مِنَ المَوْتِ

تَكْتُبُ أسْمَاءَهُمْ في العَرَاءِ

- وَعَوْسَجَةً تَتَوَسَّدُ جُمَّارَةَ القَلْبِ

تَهْذِي هُذَاءً مُخِيفًا، فَتَعْوِي

بِحَنْجَرَةِ الآفِلِينَ مِنَ الحَوْبِ

تَخْلَعُ عَنْ كَاحِلَيْهَا الحِذَاءَ

/... وَتَصْفَعُ مَحْرُورَةَ الرِّيقِ

تَصْفَعُ، تَصْفَعُ كَالمَنْجَنِيقِ

مُحَيَّا الخَلِيفَةِ

[... لِصِّ اللُّصُوصِ

وَلِصْقِ اللُّصُوقِ ...]

تُوَلْوِلُ فِيهِ

وَتَتْفِلُ فِيهِ

وَمَاذَا يَهُمُّ؟

فَمُنْذُ البِدَايَةِ

حَمَّلَتِ الشَّوْكَ تَابُوتَهَا

ثُمَّ رَدَّتْ عَلَيْهِ الغِطَاءْ

***

قَدْ يَكُونُ لَكَ الحَقُّ

في طَلْقَةِ الصَّدْرِ

أوْ صَرْخَةٍ

[... تَسْتَمِيلُ الرُّجُوعَ إلَيْكَ

مِنَ السَّدْرِ ...]

ثُمَّ تُشَمِّتُ نَفْسَكَ

بِالسَّاذَجِينَ مِنَ الشُّعَرَاءِ

/... وَلكِنْ

مَعَاذَ القَصِيدَةِ يَا صَاحِبِي

تِلْكَ أُسْطُورَةٌ

تَلْجُمُ الوَهْمَ في لُغَةٍ

حِينَ كُنَّا نُعَاتِبُ مَنْ نَطَقُوهَا

عَلى مَهْمَهِ الحُلْمِ

لا صَهْوَةِ الاِقْتِدَاءْ

***

تِلْكَ حُورِيَّةٌ

تَخْتَفِي دُونَ سَابِقِ إيْمَاءَةٍ

/... تَارَةً

في الفُرَاتِ الذي لَوَّثَتْ ضِفَّتَيْهِ

جَرَاذِينُ غُولِيَّةٌ مُتَخَنِّثَةٌ،

كَائِنَاتٌ مِنَ الرَّفْغِ وَالخُرْءِ والبَوْلِ

ما دُونَ مَرْتَبَةِ الحَيَوَانِ المَهِينِ

/... وَطَوْرًا

تَمُورُ كَمَوَّارَةٍ أوْ كَمَائِرَةٍ

في رَوَافِدَ مَغْمُورَةٍ بِصَدِيدِ القُرَادِ الرَّتُوخِ

وَفي بُرَحَاءِ يَنَابِيعَ

قَدْ أدْمَنَتْ مُنْذُ عامِ القُرُودِ المُسُوخِ

[... وَأذْنَابِهِنَّ اللَّعُوقَاتِ

حَدَّ النِّعَالِ ...]

عَلى سَكْرَةِ القَحْطِ مِنْ بَرَدَى

وَصَدَى الجُوعِ والجَائِعِينَ

/... وَطَوْرًا

تَمِيرُ الرُّمُوشَ وَوَرْدَ الجَدَائِلِ

مِغْنَاجَةً

فَوقَ رَفِّ يَمَامٍ شَجِيِّ الهَدَائِلِ

كَيْ تَرْتَدِي

صُورَةَ العِشْقِ والعَاشِقِينَ

/... وَكَيْمَا تَفُوحَ

كَبَلْسَمِ جُرْحٍ عَتِيقٍ عَتِيٍّ

يُعَانِدُ رَتْقَ السِّنِينَ

/... وَكَيْمَا تَسُوحَ

كَزَنْبَقةِ الرُّوحِ وَالرَّوْحِ

في سَاحَةِ الأنْبِيَاءْ

***

تِلْكَ عَاشِقَةٌ

تَعْشَقُ الدَّمْعَ

حِينَ تَلُوذُ السُّنُونُو بِأرْدِيَةِ الخَوْفِ

إنْ شَبَّهَا القَصْفُ

بَرًّا

وَبَحْرًا

وَجَوًّا

وَمَا فَوْقَ ذلِكَ

في حَارَةِ البُسَطاءِ

***

وَلكِنَّهَا إنْ أرَادَتْ

[... وَأعْنِي هُنَا مَا يَقُولُ

اللِّسَانُ الخَفِيُّ

السَّرِيُّ

عَلى أُهْبَةِ اللَّانِهَائِيِّ ...]

/... لكِنَّهَا إنْ أرَادَتْ

تُزَلْزِلُ في كَعْبَةِ اللَّاةِ والنَّحْرِ

زِلْزَالَهَا

ثُمَّ تُخْرِجُ مِنْ جَذْوةِ القَهْرِ وَالوَحْرِ

أثْقَالَهَا

وَتُيَمِّمُ أوْجُهَ تِيكَ الجُمُوعِ الغَفِيرَةِ

شَطْرَ لُجَاجٍ سَجُورٍ

وَدَنٍّ بِقَدِّ السَّمَاءِ يُعَتِّقُ خَمْرَتَهُ

في السَّمَاءْ

إنَّ رَبَّكَ، رَبَّ الكِتَابَةِ والحِبْرِ

أوْحَى لَهَا

أنْ تُكَوِّرَ شَمْسًا بِمُنْتَصَفِ القَفْرِ

حِينَ يَنَامُ عَلى رُكْبَتَيْهِ المَغِيبُ

أنْ تُشَيِّبَ مَنْ لا يَشِيبُ

وَتَبْصُقَ في شَدْقِ مَنْ سَمَّمُوا

الحَرْفَ

أوْ ضِحْكَةَ الفُقَرَاءْ

***

تِلْكَ عَاشِقَةٌ

تِلْكَ عَاشِقَةٌ

تَتَقَرَّى الزَّمَانَ الخَسِيسَ

بِأُسْخُورَةٍ

أوْ بِأُسْجُوعَةٍ

وَدَّعَتْ مُعْجَبِيهَا عَلى شَجَرِ الحَوْرِ

ثُمَّ اسْتَحَالَتْ إلى خِنْجَرٍ

يَرْسُمُ القَلْبَ والسَّهْمَ

في رَامَةٍ مِنْ دِمَاءٍ

***

أمَا آنَ لِلشُّعَرَاءِ الذينَ اسْتَراحُوا

عَلى دَكَّةِ اليَأْسِ

واسْتَخْلَفُوا شَفَةَ الكَأْسِ

أنْ يَشْحَذُوا الحَدَّ؟

[... فَاللَّيْلُ قَرُّ ...]

وَلِلشُّهَدَاءِ الذينَ يَنَامُونَ

بَيْنَ صَلِيلِ الرَّصَاصِ الزَّرِيدِ

وَبَيْنَ ارْتِدَادِ الزَّغَارِيدِ

أنْ يُدْرِكُوا

أنَّ مَنْ بَايَعَتْهُمْ عَلى المَوْتِ

أُكْذُوبَةٌ مُتَمَسْكِنَةٌ مُتَمَكِّنَةٌ؟

[... لا مَفَرُّ ...]

وَلِلْغُرَبَاءِ الذينَ تَوَخَّتْ بَشَائِرَهُمْ

نَوْبَةُ الحُزْنِ

أنْ يَمْنَحُوا الحُزْنَ أسْمَالَهُمْ

وَيَعُودُوا إلى حَيْثُ كَانَ النِّدَاءْ؟

***

«فَالطَّرِيقُ التي ضَيَّعَتْنَا مَعًا»

سَتُجَمِّعُنَا مِثْلَ طِفْلَيْنِ مُجْتَهِدَيْنِ

اجْتِهَادَ الأوَائِلِ

/... لكِنْ

شَكُوسَانِ لا يَعْرِفَانِ الرِّيَاءَ

***

وَلا شَيْءَ، لا شَيْءَ

يُثْبِتُ أنَّكَ مَا زِلْتَ في القَلْبِ

يَا ابْنَ الفُرَاتِ

سِوَى دَمْعَةٍ تَتَهَجَّى الشَّوَارِيخَ

سِتًّا مِنَ السَّنَوَاتِ

بِزَنْزَانَةٍ تَسْتَطِيلُ عَلى سَقْفِهَا

جُثَّةٌ مِنْ ضَبَابِ المَسَاءْ

كَيْفَ أخْتِمُ هذا العَزَاءْ؟

*** *** ***

دبلن، ديسمبر (كانون الأول) 1994،

يناير (كانون الثاني) 1995

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود