هيمنة الأصولية البروتستانتية

على السياسة الأمريكية

 

سمير مرقص

 

مع وصول الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى السلطة، مدعومًا من اليمين البروتستانتي، وحاملاً رؤاه حيال قضايا الفرد والمجتمع، وحيال إسرائيل والصراع العربي–الإسرائيلي، صدرت دراسات متعددة تتوقف عند التأثير الكبير الذي تمارسه هذه الرؤية المسيحية المتصهينة على موقف الإدارة الأمريكية حيال الأحداث في الشرق الأوسط.

واليوم، مع ارتفاع الشعب الفلسطيني كلِّه على صليب العذاب، تُلقي هذه الدراسة للباحث المصري سمير مرقص أضواء على الخلفية الدينية العميقة للانحياز الأمريكي المطلق إلى الكيان الإسرائيلي.

وغني عن القول إن مواقف الكنائس الإنجيلية، في لبنان وسوريا وفلسطين وسائر المشرق العربي، تختلف اختلافًا جذريًّا عن مواقف البروتستانت الأمريكيين المتهوِّدين؛ بل إن بعض هذه الكنائس الإنجيلية، في فلسطين خصوصًا، تؤدي دورًا مميزًا في المواجهة الفلسطينية العامة لآلة الموت الإسرائيلية.

***

 

1

القارئ لتاريخ الولايات المتحدة، منذ تأسيسها، يمكن له أن يلحظ إلى أيِّ حدٍّ مثَّل الدين أساسًا أقيمَ عليه العالمُ الجديد (أمريكا). ففي العام 1620، حمل المهاجرون الجدد، أو ما اصطُلِحَ على تسميتهم بـ"البيوريتانيين" Puritans، معهم العقيدة البروتستانتية (الكالفينية بالأساس) التي كانوا يحاولون، بلا طائل، تطبيقها في إنكلترا. ولكنهم طوردوا واضطُهِدوا فيها، فراحوا يحدوهم الأمل بإمكان العيش وفقًا لمبادئ الإصلاح الكالفيني على الأرض الجديدة. وعلى الرغم من أن الكالفينية كانت لها رؤيتها الخاصة للعالم والحياة وللإنسان وخلاصه، إلا أن هذه الرؤية لم تكن منقطعة الصلة عن الواقع الاجتماعي الذي وُجِدَتْ فيه. لقد كانت لهذه الرؤية جذورها الاجتماعية والمعرفية، بحكم نشأتها في سياق مجتمعي خاص، وفي لحظة تاريخية محددة، ألا وهو السياق الأوروبي، بتفاعلاته التاريخية المحتدمة آنذاك. لذا فإن الانتقال بهذه الرؤية إلى العالم الجديد كان يتطلب مقدارًا من المواءمة.

وإذا كان علماء الاجتماع (الاجتماع الديني خصوصًا) يقولون بأن العقائد الدينية والكنائس تعكس المجتمعات التي تهيمن عليها بمقدار ما تعكسها هذه المجتمعات بدورها أيضًا – وقد يتفق البعض أو يختلف مع هذه المقولة – ولكن الحالة الأمريكية تمثل تعبيرًا مثاليًّا لما يقول به هؤلاء العلماء. وعليه، نجد الكالفينية وقد تطورت لتتناسب مع الوضع–العالم الجديد. فالمؤكد أن الأرض الجديدة ليست إنكلترا ولكنها أمريكا، حتى وإن سموها "إنكلترا الجديدة" New England؛ كما أن العالم الجديد – أمريكا – فرض نفسه على العقيدة المهاجرة، فتطورت من تلقاء نفسها لتستجيب لحاجة العالم الجديد إلى مرجعية تحكم حركتَه الناشئة. لذا لم يكن غريبًا، بحسب جان بيار فيشو، أن "يولد المجتمع والدين في آنٍ واحد". ولأن المهاجرين الجدد كانوا من البروتستانت فقد كانوا قوة غالبة؛ فسادت كنيستُهم وساد مذهبُهم.

لقد ذهب كثير من الباحثين إلى أن المهاجرين الجدد، البروتستانت، كانوا متأثرين باليهودية تأثرًا مركبًا: لاهوتيًّا، وتاريخيًّا، وكتابيًّا، وسياسيًّا، حيث أفرز هذا التأثير صيغة "تعايُش" بين البروتستانتية واليهودية بقيت إلى الآن، وبالذات في الاتجاهات والتيارات الأصولية. ويعود هذا التأثُّر إلى رؤية المستوطنين الجدد البروتستانت للعالم الجديد باعتباره "القدس الجديدة"، حيث شعروا أن تجربتهم الناشئة تجعلهم متماثلين مع المنفيين العبرانيين الذين وَرَدَ ذكرُهم في التوراة؛ فأصبحت أمريكا بنظرهم "كنعان الجديدة": فهم فروا، مثل العبرانيين القدامى، من عبودية "فرعون" (الملك جيمس الأول، ملك إنكلترا)، من "أرض مصر" (إنكلترا)، بحثًا عن ملاذ، في الأرض الجديدة الموعودة، من الاضطهاد الديني.

وكان لهذا الشعور أثره على أرض الواقع، تمثَّل في الطريقة التي تعايش بها المستوطنون الجدد مع المكان، من حيث إطلاق أسماء عبرانية على الأماكن التي يفدون إليها، وإطلاق أسماء عبرانية على المواليد الجدد. يضاف إلى ما سبق فرض تعلُّم اللغة العبرية في المدارس والجامعات. ويشار هنا إلى أن أول درجة دكتوراه منحتْها جامعة هرفرد في العام 1642 كانت حول موضوع "العبرية هي اللغة الأم"، وكان أول كتاب يصدر في أمريكا هو سفر المزامير، وأول مجلة تصدر حملت عنوان اليهودي. لقد باتت أمريكا، بنظر المستوطنين الجدد، "النموذج الروحي للعهد القديم العبري"، بل نجدهم يسمون أنفسهم "أطفال إسرائيل" Children of Israel.

وتأكد هذا التعاطف أكثر – بين البروتستانتية واليهودية – عندما بدأت الولايات المتحدة تشهد موجات من الهجرات الكثيفة من اليهود والكاثوليك، فلوحظ كيف كانت العلاقة أكثر حميمية بين البروتستانت واليهود؛ وعلى النقيض تمامًا كانت العلاقة بين البروتستانت والكاثوليك. لقد وُجِدَتْ أرضية مشتركة بين البروتستانتية واليهودية، لم تتحقق بين البروتستانتية والكاثوليكية. وسرعان ما كانت لهذه العلاقة الحميمة تجلِّياتها العملية. فمع بداية القرن الثامن عشر، احتلت فلسطين، كـ"وطن لليهود"، مكانة خاصة لدى البروتستانت، الأمر الذي ولَّد اعتقادًا راسخًا في اللاهوت البروتستانتي الأمريكي بضرورة "البعث اليهودي". إن هذه العلاقة أدت إلى أن تتضمن الثقافة البروتستانتية، في وجهها الأصولي، كثيرًا من تعاليم اليهودية الروحية والعقائدية، ثم الصهيونية اليهودية لاحقًا; حيث أضحى هناك "ميل بروتستانتي قوي للاعتقاد بأن معنى المسيح المنتظر يجب أن ينتظر عودة الدولة اليهودية". لقد مال البروتستانت إلى هذا التوجُّه؛ بل يمكن القول إنهم اعتنقوه، وسعوا إلى ضرورة العمل من أجل الإحياء القومي للشعب اليهودي، والتقوا عمليًّا مع الحركة الصهيونية في مبادئها.

فهذا مؤسِّس الكنيسة المورمونية، القس جوزف سميث، يتبنَّى نظرية البعث اليهودي في فلسطين، وتلحق به كوكبة من ألمع اللاهوتيين الإنجيليين، مثل سايروس سكوفيلد والقس وليم بلاكستون، الذين عملوا على إنشاء مستوطنات لليهود، مثلما فعل و. غريسون الذي "أنشأ مستوطنة زراعية يهودية لتدريب المهاجرين اليهود على شؤون الزراعة والإنتاج الزراعي". ثم يرصد المؤرخون التحول المهم من مجرد التعاطف الوجداني والتبرير اللاهوتي إلى الضغط السياسي لتحقيق هذا الهدف الروحي–السياسي، ألا وهو إقامة وطن يهودي. فنجد القس بلاكستون يؤسِّس منظمة تدعى "البعثة العبرية من أجل إسرائيل" Hebrew Mission on Behalf of Israel، لا تزال مستمرة في مهمتها حتى اليوم باسم جديد هو "الزمالة المسيائية الأمريكية" American Messianic Fellowship، التي تُعَدُّ قلب جهاز الضغط الصهيوني في الولايات المتحدة. ويُرصَد أن أول عمل يمكن أن يندرج تحت أعمال الضغط هو ما قام به بلاكستون من جمع توقيعات تأييد لإقامة وطن صهيوني في فلسطين، ورفع عريضة بذلك إلى الرئيس الأمريكي آنذاك. ولم يمضِ وقت طويل حتى وافق الكونغرس الأمريكي بمجلسيه على وعد بلفور. وتوالى الدعم السياسي الرسمي، والشعبي كذلك، بتكوين العديد من المنظمات والكيانات التي صارت بمثابة جماعات ضغط مؤثرة.

وهكذا اتحد الديني بالسياسي واللاهوتي بالتاريخي، فخلق علاقة مميزة بين البروتستانتية واليهودية بشكل عام، وبين الأصولية البروتستانتية والصهيونية اليهودية بشكل خاص؛ بل زاد الأمر بأن تأسَّست ما سُمِّيتْ بـ"الصهيونية المسيحية". لقد آمنت "الصهيونية المسيحية"، قبل تأسيس إسرائيل، بعودة اليهود كشعب إلى أرضه الموعودة في فلسطين، وإقامة كيانه فيها، تمهيدًا للعودة الثانية للمسيح وتأسيسه مملكة الألف عام. وبعد قيام إسرائيل أخذت "الصهيونية المسيحية" تنظر إلى إسرائيل كحدث وإشارة يؤكدان معتقداتها.

على الجانب الآخر، شعر البروتستانت بمزاحمة الكاثوليكية الوافدة الجديدة إلى أمريكا، من حيث مشاركتها فيما حققتْه البروتستانتية من امتيازات وسلطات دينية في مواجهة الدولة، الأمر الذي دفع البروتستانت إلى المطالبة بتطبيق المبدأ النظري بفصل الدين عن الدولة. وقد تمَّ لهم ذلك حين تقرر إدخال مبدأ الفصل في صلب الدستور الأمريكي، الذي عُدَّ التعديل الدستوري الأول في العام 1789، ونصَّ على ما يأتي: "لن يُصدِر الكونغرس أيَّ قانون في صدد ترسيخ الدين أو منع ممارسته." وأكد ما سبق، في معرض تفسيره لهذا النص، الرئيس جيفرسون في العام 1802، عندما بعث برسالة إلى جماعة من رجال الدين في إحدى كنائس ولاية كونيتكت، أعلن فيها أن: "هدف التعديل الأول في الدستور هو إنشاء جدار فاصل بين الكنيسة والدولة." وهذا يعني أنه يحظَّر على الكونغرس سنُّ قوانين تؤسِّس دينًا أو تمنع حرية التعبير الحر الديني أو تجبر أحدًا على اتباع دين معين بأية وسيلة، أو أن تساعد الدولة على ذلك ماديًّا أو معنويًّا. وبمقدار ما حال الدستور دون قيام الدولة بدعم أيِّ دين، فقد أُلحِقَت بهذه الفقرة الدستورية فقرةٌ أخرى تنص على الحق في حرية التعبير الديني للأديان كافة.

بيد أن النص الدستوري لم يَحُلْ دون جعل تطبيقه أو عدم تطبيقه أمرًا خاضعًا لموازين القوى في المجتمع. فالبروتستانت، مذ وفدوا إلى الولايات المتحدة، وقَّعوا "وثيقة دستورية أولية"، تنشئ ثيوقراطية تضع البلد الجديد في "رعاية الله"، رابطة ربطًا وثيقًا بين المجالات الاجتماعية والدينية. لقد جاؤوا ليعيشوا إيمانهم; لذا فإن تراجعهم عن ذلك لاحقًا إنما هو تراجع تكتيكي أمْلَتْه الظروف. فالحياة في ظلِّ تعددية مذهبية فرضت عليهم ذلك مؤقتًا حتى تتغير الأوضاع. وهنا يصير النص الدستوري خاضعًا في تفسيره للواقع وللأطراف الفاعلين فيه ولمدى قوته لحظة التفسير.

والثابت تاريخيًّا، في أوقات كثيرة، أن النصوص الدستورية لم تَحُلْ دون ضغط التحالفات الدينية في اتجاه ما يخص قضايا بعينها تمسُّ حياة الناس اليومية؛ بل لقد امتد هذا الضغط ليشمل قضايا خاصة بالسياسة الخارجية الأمريكية، كما سنرى لاحقًا.

2

هيمنة الاتجاه المتهوِّد

إن الرصد التاريخي لمسيرة البروتستانتية في الولايات المتحدة يشير إلى أمرين:

1. التهوُّد الذي طال الاتجاهات الأصولية، حيث تمَّتْ "عبرنة" المسيحية في أمريكا بسببها، فبدت "العبرنة" واضحة في الثقافة السائدة، إلى درجة دفعت الرئيس الأمريكي جيفرسون إلى تقديم اقتراح إلى الكونغرس مفاده: "أن يمثَّل رمز أمريكا على شكل أبناء إسرائيل تقودهم في النهار غيمة، وفي الليل عمود من النار"، بدلاً من النسر. ويتفق هذا الاقتراح مع النص الوارد في سفر الخروج الذي يقول: "وكان الرب يسير أمامهم نهارًا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلاً في عمود نار ليضيء لهم، لكي يمشوا نهارًا وليلاً." (سفر الخروج 13: 21)

وقد أدت هذه الاتجاهات المتهوِّدة إلى صياغة قالب ديني بروتستانتي يهودي قاعدته التوراة، كان من نتيجته الترويج لمصطلحات مثل:

-       التراث المسيحي–اليهودي المشترك.

-       الأخلاق المسيحية–اليهودية.

-       الالتزام الأدبي–الأخلاقي بدعم إسرائيل.

ولا شك في أن هذه الاتجاهات المتهوِّدة تزداد خطورتها عندما نعلم أنها تنتشر انتشارًا منظمًا ومؤسَّساتيًّا، بحسب يوسف الحسن، في عدد من الطوائف البروتستانتية (وهي كنائس الطبقة العليا الحاكمة)، على مدى أكثر من مئتي عام من عمر أمريكا، أو ما اصطُلِحَ على تسميتها بكنائس White Anglo-Saxon Protestant (WASP)، التي يُعَدُّ تأثيرُها كبيرًا في صياغة السياسة الأمريكية.

2. هيمنة الاتجاه الأصولي على البروتستانتية الأمريكية، على الرغم من وجود اتجاهات ليبرالية بل ويسارية داخلها. إلا أن التيار الأصولي هو الأكثر تأثيرًا وتنظيمًا، ويضم في إطاره التيار الصهيوني.

وقد كانت لهذا الاتجاه القدرة على حصار الاتجاهات الليبرالية، أو التي عُرِفَتْ باسم "المسيحية الجديدة" New Christianity، التي حاولت أن تواكب النتائج التي ترتبت على التقدم المطرد في مجال التصنيع وما رافقه من تحضُّر للأمريكيين، وعلى مواجهة مشاكل التحديث وما تتضمنه من تداعيات اجتماعية وثقافية. فلقد أراد أنصار هذا الاتجاه الاستجابة للمتغيرات والسير بكنائسهم في مسار ليبرالي يتفاعل مع المستجدات برؤى عملية وواقعية. إلا أن الأصولية البروتستانتية، عند بدء تشكلها كاتجاه له ثقله في الواقع الأمريكي مع بداية القرن العشرين، واليمين المسيحي الجديد الذي يُعَدُّ تطورًا لها، قد رفضا رفضًا قطعيًّا اجتهادات المسيحية الجديدة في عقلنة الحياة الحديثة.

لقد دعم القادة الأصوليون، مثل أرنو جيبيلين وبيلي صانداي، الخلاص الفردي والشخصي المنفصل عن الواقع، وذلك في مواجهة الاتجاه الذي يدعم الخلاص القائم على المشاركة المجتمعية القائمة على ما سمَّوه "الإنجيل الاجتماعي Social Gospel. الأكثر من ذلك هو رفضهم التوجُّه المسكوني والانفتاح الديني، مؤكدين واجب كلِّ مسيحي التبشير بإيمانه، باعتباره في معركة مع الأديان والثقافات الأخرى.

إن اليمين المسيحي، في صورته الجديدة، هو امتداد للأصولية البروتستانتية التي ظهرت مع بداية القرن، ويشتركان معًا في الأساس النظري من حيث النظرة إلى العالم والمجتمع والإنسان. فالأصولية المسيحية التي أخذت في التشكل مع بدايات القرن العشرين، وتبلورت فكريًّا عقب نشر سلسلة من 12 مجلدًا تحت عنوان الأصول، تضم تسعين مقالة حرَّرها مختلف اللاهوتيين البروتستانت المعارضين لكلِّ تسوية أو حلٍّ وسط مع الحداثة – أقول الأصولية المسيحية هي التي وضعت التأسيس النظري لدور الله في تطهير الثقافة السائدة وشنِّ الحرب المقدسة ضد الشيطان القابع في قلب الوطن، من حيث إنهم وحدهم أداة التعبير عن "الإرادة الإلهية". ويأتي اليمين المسيحي ليأخذ طبيعة سياسية تحمل القيم الأصولية الأولى دون تغيير. ولكنه بدأ يعمل لأن يضع هذه القيم موضع التنفيذ.

وترى النظرة الأصولية، ممثَّلةً بأحد أهم روَّادها المعاصرين، بات روبرتسون، كيف أن أمريكا ستكون في حالة نهوض وسيكون دورها مركزيًّا عندما تستعيد "تراثها اليهودي المسيحي" Judeo-Christian heritage. وتشارك معظم القيادات الأصولية البروتستانتية روبرتسون منطقَه حول التاريخ الأمريكي، ويرون دور الثقافة البروتستانتية–الأصولية أساسيًّا في تأكيد ما سبق، ويعتبرون أن الأسرة هي المجال الأساسي لانتشار أفكارهم، باعتبارها قلب المنظومة الاجتماعية ذات العناصر المتعددة.

إن التصورات النظرية التي روَّج لها الأصوليون في بداية القرن العشرين كان لا بدَّ لها من كيان تنظيمي يؤهِّلها للتجسيد العملي. لذا يُعتبَر العام 1942 نقطة تحوُّل مهمة في تاريخ الأصولية البروتستانتية، حيث تأسَّست "الرابطة الوطنية للإنجيليين" National Association of Evangelicals؛ وتُعَدُّ هذه الرابطة الكيان التنظيمي الذي ضمَّ تحت مظلَّته آلاف الكنائس الأصولية في أمريكا. لذا فإن كثيرًا من الباحثين يعدون هذا الكيان "نقلة نوعية" في تاريخ الأصولية البروتستانتية، وذلك لسببين:

1.    انتقال التحرك الأصولي البروتستانتي من الحركة إلى المؤسَّسية.

2.    الانتقال من الحركة ذات الطبيعة الدينية الأخلاقية إلى المؤسَّسية التي يمكن أن تلعب دورًا سياسيًّا.

وبخصوص السبب الثاني، فقد أتاح تأسيسُ الرابطة واكتسابُ الشكل المؤسَّسي للأصولية البروتستانتية و"التسييس" الأمورَ الثلاثة الآتية:

1.    القدرة على التأثير والضغط، وخصوصًا على السلطتين التشريعية والتنفيذية.

2.    الانخراط في شبكة من العلاقات مع الاقتصاديين والسياسيين المؤثرين، ظهرت نتائجُها جلية منذ السبعينات.

3.    إتاحة الفرصة لتكوين كيانات مماثلة لاحقًا.

ونتيجة لما سبق، ومنذ العام 1970 تقريبًا، استطاعت الحركة الأصولية البروتستانتية أن تلعب دورًا مؤثرًا في الحياة السياسية الأمريكية، وفي استعادة المفاهيم والتصورات النظرية النقية التي طرحتْها الأصولية في بدايات القرن، وصَبْغها بأبعاد سياسية، واستخدامها في الواقع السياسي الأمريكي، بل وامتدادها لتشمل السياسة الخارجية الأمريكية.

*** *** ***

عن النهار، الأحد 21 نيسان 2002

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال يوسف وديمة عبّود