مضمون الأسطورة في خطابنا المعاصر

الأسطورة والإيديولوجيا:

فراس السوَّاح نموذجًا¨

 

تركيعلى الربيعو

 

يتساءل كلود ليفي ستروس، في مستهل تحليله لـ"بنية الأساطير"، بما فيها أسطورة أوديب ومجموع أساطير أمريكا الشمالية الهندية، عن السرِّ الذي يجعلنا نتأرجح بين السطحية والسفسطائية كلما حاولنا أن نفهم ماهية الأسطورة. لكنه، بعد عقد ونيف من الزمان وأكثر قليلاً، راح يعزو هذا التأرجُح إلى الثقافة بصورة أدق، وإلى العاهة الملازمة أصلاً لمعرفتنا، التي تحول بيننا وبين معرفة الأسطورة، وتفرض علينا حالة التأرجُح بين السطحية والسفسطائية.[1]

حالة التأرجُح هذه تطال مسيرة الثقافة الأوروبية–الغربية في موقفها من الأسطورة؛ فما بالك بحالتنا هنا، على الضفة المقابلة؟! حالة ثقافة عربية محكومة بالانقطاع، لا بالتواصل؛ بالغياب المطلق عن الأبحاث في هذا المجال وغيره، لا بالحضور.[2] وما يعزِّز هذا الغياب في مجال الأركيولوجيا والأسطورة هو حالة ثقافة عربية إسلامية تنظر إلى الأسطورة باعتبارها خرافات و"أساطير الأولين"، التي جابهها الإسلام منذ البدء؛ وكذلك غياب الأبحاث الأركيولوجية عن معظم البلاد العربية، باستثناء العراق، خاصة وأن الأساطير هي من نتاج هذه الحفريات. فقد اكتُشِفَت الرُّقُم الطينية مع بداية هذه الحفريات، وتمَّ فك رموزها لاحقًا. أضف إلى ذلك أن الثقافة العربية الإسلامية، في جناحها الاستشراقي، وأقصد تلك التي تكونت في ظلال الاستشراق، أو بمحاذاته، هي ثقافة في حكم الغائبة عن الإنجازات الحديثة في مجال العلوم الإنسانية. فقد سبق لمحمد أركون أن بيَّن حالة الفوات التي تعيشها الدراسات الإسلامياتية–الاستشراقية في الغرب وتخلُّفها في هذا المجال (مجال الألسنيات والأسطوريات).[3]

عبر هذا السياق، كانت الجهود العراقية في مجال الأركيولوجيا والدراسات الأسطورية، وتحقيق النصوص ومقارنتها بأصولها اللغوية (من سومرية وأكادية وبابلية)، تظهر كشمس ساطعة في مشرق الأرض العربية. ولسوف تحجبها عاجلاً الغيوم الكثيفة للسياسات العربية؛ وستُترجَم القطيعة السياسية إلى قطيعة ثقافية، وستبرز القطرية الثقافية لاحقًا، فرحةً بمنجزاتها وضيق أفقها المعرفي والإيديولوجي؛ لا بل إن إرادة المعرفة التي حكمت الجهود الأولى التي بذلها طه باقر وزملاؤه في معرفة الأسطورة، سرعان ما ستضيع هدرًا ولا يلتفت إليها أحد، وذلك أمام إرادة الإيديولوجيا التي قسرت كلَّ معرفة بالأسطورة، وجيَّرتْها لصالح الإيديولوجيا المتخشبة.

في هذا السياق "الثقافي"، جاء كتاب السواح الموسوم بـمغامرة العقل الأولى: دراسة في الأسطورة، سورية وبلاد الرافدين، معلنًا عن نفسه بأنه أول كتاب يعالج الأسطورة بهذه الإحاطة؛ وليس هذا فحسب، بل عبر منهج جديد يظن السواح أنه الأول من نوعه أيضًا. ويقوم هذا المنهج على جمع الأساطير في مجموعات وفق موضوعاتها، لا وفق تسلسل زمني أو توزع جغرافي، وذلك بغية تفسيرها. يقول السواح: "هو منهج جديد في دراسة أساطير المنطقة، على ما وصل إليه علمنا."[4]

كانت القطرية الضيقة بمثابة غطاء يستر هفوات السواح الكثيرة، التي سنتعرَّض لها، ويزكِّي مزاعمه التي تدَّعي بأنه الأول في هذا المجال؛ أضف إلى ذلك الغياب الكامل لأبحاث جادة أو مترجمة في هذا المجال.

في سورية، قوبل الكتاب بترحاب بالغ، وكانت له ضجة في الوسط الإيديولوجي، العلني منه أو ذلك المضمر، بماركسوية مبتذلة، على حدِّ تعبير سمير أمين، وفي الأوساط الإثنية، بكلِّ دلالاتها السوسيولوجية. وفي الأوساط الثقافية، احتفلت مجلة المعرفة السورية على طريقتها، واحتفت بصدور الكتاب الذي كان مناسبة لإصدار عدد خاص عن الأسطورة ومقارباتها المنهجية.[5]

فقد اعتُبِرَ الكتاب نقدًا للفكر الديني، يكمِّل، بشكل أو بآخر، جهود صادق جلال العظم في نقد الفكر الديني، الجهود التي نالت إعجاب المفكر العربي عبد الله العروي. صحيح أن جهود صادق جلال العظم طالت ميثولوجيات دينية، بكلِّ حضورها الديني، ممثلةً بالثقافتين المسيحية والإسلامية؛ إلا أن جهود فراس السواح ذهبت إلى الجذور البعيدة، إلى "أساطير الأولين" (أساطير سومر وأكاد وبابل وآشور)، في إطار محاولة تهدف بصورة غير مباشرة لنقد أكثر جذرية، وبصورة أدق، للكيفية التي تشكَّل بها الدين وتبلوَر، وتفضي إلى النسق الديني، أي كيفية ظهور الدين.[6]

وبعد مضي عقد كامل على صدور الكتاب، أكد السواح على أنه لم يكن يريد لكتابه أن يكون بمثابة "مقدمة" لنقد الفكر الديني،[7] خاصة وأن السواح بقي لفترة طويلة يعاني من حالة التأرجُح بين الدين والأسطورة، فلم تتضح لديه أبدًا حدود العلاقة بين الأسطورة والدين، بين الأسطورة والتاريخ، بين الأسطورة كمغامرة أولية وبين القداسة التي تهبها الأسطورة هالةً ميثولوجية ترفعها إلى مستوى التديُّن المحض.

قبل أن نقف عند رؤية السواح للأسطورة، أود أن أقف عند البواعث العديدة التي حَدَتْ به إلى دراسة الأسطورة وإلى وقوعه في براثنها، دون أن يتمكن لا من الإفلات منها ولا من رؤيتها على حقيقتها. فالدارس للسواح يلحظ مباشرة أنه ينحو باتجاه تفسير الأسطورة، لا تحليلها. وهذا ما يجعل من عمله الإثنوغرافي عملاً بعيدًا عن الإنجازات الحديثة في مجال تحليل الأساطير (وأشير هنا إلى جهود ستروس التي غابت نهائيًّا عن أعمال السواح). صحيح أن توسيع حدود المقارنة المستمر في جميع أعماله من شأنه أن يفتح آفاقًا جديدة، لكن الحضور الإيديولوجي في رؤيته للأسطورة جعل ذلك من الصعب جدًّا، وفَرَضَ أن تضيع الآفاق الجديدة في الأنفاق الإيديولوجية القديمة.

يرى السواح أن السبب الذي قاده إلى دراسة الأسطورة هو أن عالِم الميثولوجيات يهتم بالبدايات والنهايات، بتفسير نشأة الكون والوجود – وهذا ما يجمع عالم الميثولوجيات بالنظريات العلمية الحديثة التي تبحث في نشأة الكون. من هنا تحوُّله من دراسة النظريات الحديثة في نشأة الكون إلى البحث في عالم الميثولوجيا عن سرِّ الوجود.[8] أما البواعث التي حَدَتْ به إلى دراسة الأسطورة السورية (سورية وبلاد الرافدين) فهي ثلاثة:

1.    الوحدة الثقافية في هذا الجزء من المنطقة.

2.    اتساع الموضوع وتشعبه.

3.    باعث شخصي، ويرجع إلى ميل خاص عند المؤلِّف للبحث في آداب هذه المنطقة.[9]

البواعث الثلاثة سوف تمهر بخاتمها منهج السواح في دراسة الأسطورة. وسوف يختزل الميلُ الشخصي عنده هذه البواعث، وستؤول العلاقة لاحقًا إلى ثلاثة في واحد، أي ثلاثة بواعث في ميل واحد. وسرعان ما سوف يؤول هذا الميل الشخصي إلى هوى إيديولوجي، وسيركض السواح لاهثًا وراء الأسطورة السورية الأم، ساعيًا إلى لملمة شظاياها، من جزيرة كريت، إلى مجاهل آسيا الوسطى، إلى جنوب العراق، كما يظهر ذلك في كتابه الموسوم بـلغز عشتار الذي سنأتي إليه.

أعود للقول إن تأكيد السواح على الوحدة الثقافية للهلال الخصيب، دون سواه، سوف يحظى بقيمة استثنائية جديدة. وسيقع هذا العمل "الريادي"، كما يدِّعي مؤلِّفه، وقوعًا مباشرًا وغير مباشر، في المتن من ثقافة قومية سورية، سوف تستشهده لتأكيد أصالتها وانعزاليتها عن المحيط العربي. وستنشأ في الظلال الوقائية لهذا الكتاب أعمال أخرى في دراسة الأسطورة السورية. وأشير إلى أبحاث وديع بشور عن الميثولوجيا السورية وأساطير سومر وأكاد وأبحاث جورجي كنعان عن الميثولوجيا التوراتية بهدف إثبات زيفها، التي اختتمها بالبحث في تاريخ الله، الذي سيؤول في طبعته اللاحقة إلى تاريخ يهوه، وبذلك ينسجم هذا العنوان مع مساعيه الحميدة في هذا المجال.[10]

أغفلنا فيما سبق البحث عن موقع الأسطورة في عمل السواح الكبير. والآن نعود إلى التساؤل عن معنى الأسطورة في عمله، وكيف تظهر بعد بحثه في تاريخية الثقافة الغربية والتحول الذي طالها في مجال الدراسات الأسطورية. فقد جلب القرن التاسع عشر الأوروبي ثورة فنية وجمالية، أعادت الاعتبار للأسطورة التي ازدُرِيَتْ كثيرًا. وعلى الرغم من أن هدف السواح هو دراسة الأسطورة، لا التنظير لها، فقد انزلق في مجال التنظير، وبالأخص في كتابه الموسوم بـلغز عشتار. إلا أن التعريفات العديدة للأسطورة التي يسوقها السواح تقول الشيء الكثير الذي غاب عن السواح. ولنتأمل مجموعة التعريفات التي يسوقها الباحث:

-       الأسطورة قفزة أولى نحو المعرفة؛ وهي مرحلة لاحقة على السحر بعد أن يئس منه الإنسان القديم.

-       وهي نظام فكري متكامل، ومجمع للحياة الفكرية والروحية للإنسان القديم.

-       الأسطورة حكاية، حكاية مقدسة. لكنه سيعود للتأكيد على أن للأسطورة نسيجها المتميز، على الرغم من تداخلها مع الخرافة والحكاية.

-       الأسطورة مغامرة العقل الأولى.

-       الأسطورة نصٌّ أدبي، وُضِعَ في أبهى حلَّة فنية ممكنه.[11]

مجمل التعريفات السابقة تشي بالحضور الإيديولوجي في فهم الأسطورة وتفسيرها. وسيلغي هذا الحضور الإيديولوجي عند الباحث السواح كلَّ إمكانية للتفسير والفهم، وسيحكم على جهوده بأن تكون جهودًا أولية في تفسير الأسطورة، أبعد عن كونها عملاً مؤسِّسًا – أو هكذا أراد له صاحبه.

إن القول بأن الأسطورة "مغامرة أولى" و"قفزة أولى" قام بها الإنسان البدائي/القديم – هذا القول يشي بحضورين إيديولوجيين: الأول، على مستوى القول بوجود إنسان بدائي؛ فهذا القول، وإن كان يفرز حقل النياسة (الإثنوغرافيا) والإناسة (الأنثربولوجيا)، فهو لا ينم عن حضور معرفي، بل عن غياب هذا الحضور والتأكيد، في المقابل، على الحضور الإيديولوجي، كما بيَّن ستراوس في بحثه عن مقولة "الغبور في النياسة". أضف إلى ذلك أن الأسطورة ليست "مغامرة أولى"؛ فالأبحاث الحديثة تؤكد أن الأسطورة ملَكة ثابتة في الإنسان. وهنا يصح تساؤل ستروس: إذا كان محتوى الأسطورة عَرَضيًّا أو اعتباطيًّا، لا يخضع لقواعد المنطق أو لقواعد الكلام، فكيف نفسِّر تشابُه الأساطير من أقصى الأرض إلى أقصاها؛ وليس هذا فحسب، بل الحضور الكبير للميثولوجيات الكبرى في هذا الزمان.[12]

من طرف آخر، فالأسطورة ليست "نصًّا أدبيًّا وُضِعَ في أبهى حلَّة فنية ممكنة"؛ إنها أكثر من نص، بل وأكثر من نصٍّ ملقى.[13] ومن هنا تأكيد ستروس على أن خصوصية أكثر الأساطير لا تكمن في أسلوب صياغتها، ولا في نمط سردها، ولا في تراكيبها النحوية، وإنما تتوقف على التاريخ الذي ترويه.[14]

من هنا نفهم اعتراض بعض الإسلاميين المعاصرين على المساواة بين النصِّ القرآني الكريم والنص الأدبي – لا بل إنهم محقون، دون أن يدركوا ذلك، باعتراضهم حتى على كلمة "نص"، من حيث إنها لا تنطبق على القرآن الكريم. نعم، إن الأسطورة تنتمي إلى الكلام؛ لكن هذا الكلام له خصائصه، ليس الجمالية فحسب، بل ما يسمِّيها محلِّلو الأساطير بالوحدات الأسطورية mythologems، أو الوحدات الدلالية السمينة التي تميِّز الأسطورة عن الحكي وعن أنماط اللغة الأخرى، بكلِّ حضورها الدلالي والبلاغي. من هنا نستطيع أن نفهم لماذا كانت لغة القرآن الكريم في مستوى أعلى بكثير من اللغة العادية، ولماذا كان القصص القرآني في مستوى أعلى من مستوى الحكي الذي كان يَرِدُ على لسان كفار قريش، الذين كانوا يأتون به من فارس ويروونه في حضرة الرسول ليحرجوه.

إن الوحدات الأسطورية التي ترتكز عليها بنية الأساطير تجعل من الأسطورة بنية تمارس حضورها على الماضي والحاضر والمستقبل، في حين أن الحكي ينتمي تمامًا إلى الزمان المبرم. وبهذا أيضًا كانت الأسطورة تؤكد استقلاليتها عن الحكي والحكاية. ومن هنا تأكيد ستروس، في حواره مع ريمون بيللور، على أن الأسطورة لا تُدرَس باعتبارها نصًّا، بل باعتبارها لسانًا langage آخر.[15]

ما بين الطبعة الأولى (1976) من كتاب السواح مغامرة العقل الأولى وطبعة 1986 التي حملت توثيقًا جديدًا وترجمة جديدة لبعض النصوص الأسطورية – أقول، ما بين الطبعتين، أود أن أقف عند صورة الغلاف في كلٍّ من الطبعتين، خاصة وأنها قضية غير محايدة. فقد حملت الطبعة الأولى على غلافها رسمًا يمثل دماغًا إنسانيًّا فجَّر جمجمته وطار محلقًا بأجنحته؛ في حين أن طبعة 1986 تواضعت ورسمت على الغلاف صورة لمنحوتة أثرية تمثل أحد آلهة آشور أو بابل، وبالأصح أحد أبطالها (نرجِّح أنه سرجون الأكادي).

على طول المسافة الزمنية التي تفصل بين الطبعتين، أرى أن غلاف الطبعة الأولى ظلَّ وفيًّا لمصطلح الأسطورة أكثر من غلاف الطبعة الثانية. فغلاف الطبعة الأولى يؤكد أن الأسطورة طائر – ولنقل مع ستروس، طائرة؛ فقد شبَّه ستروس الأسطورة بالطائرة التي تتحرك على مدرَّج اللغة، حتى اللحظة التي يتوصل فيها المعنى إلى الإقلاع.[16] من هنا أرى أن السواح لم يهتدِ إلى هذا، في حين أن الفنان بحسِّه قد اهتدى إليه. وعلى الرغم من محاولات السواح للإقلاع إلا أنه ظلَّ مشدودًا إلى ربقة السلف الإيديولوجيين، وظلت جهوده تتأرجح بين السطحية والسفسطائية في فهمه للأسطورة وتفسيره لها، وظلت طائرته تتدحرج على مدرَّج الإيديولوجيا.

اللغز الضائع: لغز عشتار

يقول السواح إن هدفه هو "دراسة الأسطورة لا التنظير لها، وتقديم رؤية على عجالة بلا إطاله"[17]. وفي رأيي أن هذه العجالة هي التي دفعتْه إلى أحضان الإيديولوجيا، فتغلَّبت بذلك إرادةُ الإيديولوجيا على إرادة المعرفة. أعود للقول بأن طغيان الهمِّ الإيديولوجي في المسيرة الفكرية عند السواح يظهر على عدة أصعدة وفي مجموعة من المستويات:

1.    دفعتْه العجالة والفوز بالسبق إلى الانزلاق من مستوى رؤية الأسطورة إلى التنظير لها، وبصورة أدق، إلى البحث عن نظرية في انتشار الأسطورة، كما سنلحظ في كتابه الموسوم بـلغز عشتار؛ نظرية تؤكد على المركزية السورية، كونها أصل الحضارات والأصل الذي انبثقت منه "الأسطورة المركزية"، إن جاز التعبير.

2.    سعيه المتواصل إلى رسم خطية إيديولوجية للتطور البشري، من السحر، إلى الأسطورة، إلى الدين، إلى الفلسفة، فالعلم. وكان هذا يتطلَّب الاعتماد الكلِّي على أطروحة ج. فريزر في الغصن الذهبي وإلى تقليبها على أطروحات لاحقة. وقد لاقت هذه التطورية ترحيبًا في الوسط الماركسي آنذاك. وسيحتفي بها بعض الباحثين العرب، أخص منهم طيب تيزيني، الذي راح يركض لاهثًا للجمع بين الخطية السابقة وبين خطية التطور على مستوى المادية التاريخية. وكان هذا يعني الوقوع في التبسيطية، في براثن المادية المبتذلة، على حدِّ تعبير سمير أمين.

3.    دفعتْه العجالة إلى إصدار النسخة الأولى من مغامرة العقل الأولى وهي مفتقدة إلى التوثيق الأكاديمي الدقيق، الذي عاد إلى استدراكه في الطبعة الثانية مشكورًا.

4.    وقوعه في التناقض: فمع أن المقدمة التي كتبها لطبعة 1976 مستعارة كليًّا من أفكار مرشا إلياده، إلا أنه أغفل ذلك، ثم عاد ليشير إشارة هامشية إليه في طبعة 1986 – هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإن تأكيد الباحث على أن الأسطورة حكاية مقدسة، أبطالها الآلهة (وهو تعريف مستقى من إلياده)، يناقض قوله الذي يكرِّره دائمًا بأن الفكر القديم ابتدأ ماديًّا حسيًّا، "بعيدًا عن التجريد، وأن الأسطورة صيغت في قالب حركي مليء بالفعل، وانطلاقًا من ذهنية بعيدة عن التجريد".

هذا الكلام محض إيديولوجي، يخدم الخطاطة التطورية السابقة، ويقول بأن الأسطورة بدايات أولية للتفلسف، مع أن تعريف الأسطورة بأنها حكاية مقدسة وأبطالها آلهة وبشر في مرتبة الآلهة يجعلها، إنْ جاز لي التعبير، في مستوى العقل المحض. فمشكلات العقل المحض، على حدِّ تعبير كانط، تتمحور حول الآلهة والحرية والخلود – وهي موضوعات تقع في المتن من الأسطورة.[18]

في هذا السياق وعبره، سيتجه السواح إلى البحث عن "اللغز الضائع"، الذي صار لغز عشتار. وسيكون العنوان الفرعي للكتاب دالاً بما فيه الكفاية: "بحث في الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة". إنه، كعادته، يختصر ثلاثة في واحد: الألوهة والدين والأسطورة، في شخص الأم الكبرى عشتار، واهبة الحياة وراعية الوجود البشري. لكنه سيتوه في متاهة الدين والأسطورة، دون أن يصل إليهما.

الدين والأسطورة

في مغامرة العقل الأولى، تطرَّق السواح إلى نشأة الدين وإلى صلة الدين بالأسطورة. فمن وجهة نظره أن الدين قد ظهر وتطور في شقين: الشق الأول اعتقادي، يستخدم الأسطورة كأداة للمعرفة والكشف؛ والفهم الثاني طقسي، يستهدف إرضاء الآلهة والتعبد لها.[19]

على طول المسيرة الفكرية للسواح، لم يتمكن من رسم حدود العلاقة بين الأسطورة والدين، وظل حاملاً هذه الإشكالية. ومع أن العنوان الفرعي لـلغز عشتار يؤكد على البحث في أصل الدين والأسطورة، إلا أنه سيظل محكومًا في بحثه عن أسطورة الأصل بالركض واللهاث وراء السراب. فكما أسلفت، شغل الباحث السواح نفسه، منذ البداية، بحدود العلاقة بين الأسطورة والدين؛ فكان، في كلِّ مرة، يجد نفسه مدعوًّا لتأليف كتاب جديد لكي يوضح من جديد مفهوم الأسطورة.

يمكن تقسيم الكتاب إلى قسمين رئيسيين، لا صلة لواحدهما بالآخر: المتن والمقدمة. فالمتن – وهو القسم الرئيسي للكتاب – كشكول ضخم لنقل وثيقة إثنوغرافية تبحث في ظهور الأم الكبرى وتجلِّيها في الوثائق والأدبيات والمنحوتات والأختام، على مسار تاريخ طويل، يصل إلى ما قبل الألفية التاسعة قبل الميلاد، ويتجاوز في جغرافيته حدود الهلال الخصيب، ليطال بلاد الإغريق، وحتى بلاد الأزتك، باحثًا عن الأم الكبرى في تجلِّياتها كلِّها ("عشتار القمر"، "عشتار الخضراء"، "عشتار العذراء"، "البغي المقدسة"، "عشتار السوداء"، "سيدة الأسرار"، إلخ).

أما المقدمة فهي لاحقة على الكتاب. فكما يقول الباحث السواح: "إنني في الحقيقة قد كتبت الفصل الأول آخر ما كتبت لا أوله، فكان بالنسبة إليَّ نتيجة، لا فرضًا مسبقًا موجِّهًا للبحث."[20] وفي هذه المقدمة يقدِّم السواح للملامح العامة لنظريته في أصل الدين والأسطورة والألوهة المؤنثة. وفي رأيي أن المقدمة كُتِبَتْ تحت ضغط الإيديولوجيا وهاجس السبق، أو ما أسماه الباحث بـ"العجالة". وهذا ما جعل المقدمة، بطروحاتها الإيديولوجية، مقطوعة الصلة انقطاعًا مباشرًا عن المتن الغني بوثائقه. وقد دفع الباحث بأوهامه الإيديولوجية شوطًا بعيدًا، حتى استقرت حول بؤرتين مركزيتين: الأولى محض إيديولوجية، وكذلك الثانية؛ إذ تمحورت اجتهادات السواح حول البحث عن البؤرة الحضارية الأولى والأسطورة الأولى. فمن وجهة نظره أن نظرية "البؤرة الأولى الواحدة" ضرورية لتجديد منطلق الدراسة عن "الألوهة المؤنثة". ويضيف الباحث بقوله:

إن نظريتنا في هذا الكتاب تقوم على القول بنشوء ديانة مركزية واحدة وأسطورة أولى في العصر النيوليثي، كانت ذات تأثير مباشر على الأشكال الدينية والأسطورية لدى جميع الثقافات اللاحقة [...]. فمع انتشار الأسباب المادية للثقافة النيوليثية من بؤرتها الأولى، انتشرت معها الأفكار المرتبطة بحضارة الاستقرار والزراعة، وقام كلُّ شعب من الشعوب التي تبنَّت الثقافة الجديدة بابتكار تنويعه الخاص انطلاقًا من هذه المعطيات الأولى. وهذا ما يفسِّر لنا، بحق، تشابُه الأساطير الأساسية لدى شعوب العالم القديم؛ وهو التشابُه الذي سنعمل على كشف كثير من جوانبه عبر فصول الكتاب.[21]

إن البؤرة الأولى عند السواح هي الرقعة التي بدأت فيها تأملات الإنسان البدائية وتصوراته الدينية وأساطيره ونضجت. والبؤرة الأولى عنده تنتج عنها "أسطورة أولى"؛ وهي أسطورة زراعية تتركز حول إلهة واحدة هي سيدة الطبيعة، الأم الكبرى.[22]

أسطورة الأم الكبرى تظهر كانعكاس لواقع اجتماعي، كما يرى السواح. فمن وجهة نظره، أو لنقل، نظريته، أن المكانة الاجتماعية للمرأة في تلك العصور، والصور المرسومة لها في ضمير الجماعة، لعبت دورًا كبيرًا في رسم التصور الديني والعبادي الأول في ولادة الأسطورة الأولى.[23]

أما البؤرة الثانية فهي محض إيديولوجية ومحض "أسطورية"، بالمعنى الشائع لكلمة أسطورة – وهي بصورة دقيقة مجموعة تنويعات إيديولوجية يستقيها السواح من "أنثروبولوجيي المقاعد الوثيرة"، وتمتد على مساحة زمنية وجغرافية واسعة، من مورغان، إلى باخوفن، إلى إنجلز في كتابه الشهير أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة، إلى غيرهم. ومجموع هذه التنويعات الإيديولوجية تتمحور حول المجتمع الأمومي وسلطة الأم في تلك المجتمعات؛ وهي إنشاءات نظرية ذات طابع يوتوبي، يمنحها السواح، بأسلوبه، مزيدًا من الشاعرية. يقول السواح:

في المجتمع الأمومي، أسلم الرجل قياده للمرأة، لا لتفوقها الجسدي بل لتقدير أصيل وعميق لخصائصها الإنسانية وقواها الروحية وقدراتها الخالقة وإيقاع جسدها المتوافق مع إيقاع الطبيعة. فإضافة إلى عجائب جسدها، الذي بدا للإنسان القديم مرتبطًا بالقدرة الإلهية، كانت بشفافية روحها أقدر على التوسُّط بين عالم البشر وعالم الآلهة، فكانت الكاهنة الأولى والعرَّافة والساحرة الأولى. بهذه الأسلحة غير الفتاكة، مضى الجنس الأضعف قوة بدنية، فتبوَّأ عرش الجماعة دينيًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا؛ وأمام هذه الأسلحة أسلمت الجماعة قيادتها للأمَّهات.[24]

المقطع السابق، بكلِّ حضوره الشعري – لا الأنثربولوجي – مأخوذ من باخوفن أو مقتبس عنه. ومن المعروف أن باخوفن حقوقي وسياسي، وليس باحثًا في مجال الإناسة؛ وآراؤه، بإجماع الإناسيين، آراء افتراضية، لم تأخذ بها النياسة والإناسة إلا على سبيل الاستئناس والمحاججة. ولا تقلُّ عنها افتراضيةً أبحاث مورغان التي ألهمتْ إنجلز كتابة أصل العائلة. ولكن السواح لم يكتفِ بهذا. فقد ألهمتْه فكرة وفرضية الأم الكبرى، التي تصل عنده إلى مستوى النظرية، الركض وراء خطِّية تطورية أخرى، هي ناتج فرضية المجتمع الأمومي. وتقول هذه الخطاطة أو الخطية بأنه، في الماضي البعيد، كانت هناك فوضى جنسية (لم تكشف الأبحاث الإناسية وجودها أبدًا)؛ ثم أعقبها، في مرحلة لاحقة من التطور، الزواج الثنائي، ثم الزواج الأحادي، الذي هو الشكل الحضاري الأعلى الذي وصلت إليه البشرية.

هذه الخطية، كما أسلفت، محض إيديولوجية وشديدة الغنى بالمركزية الأوروبية، التي هدفت إلى تزكية المسيحية. وقد جاءت الأبحاث الإناسية لتؤكد خطر هذا التصور والفرضية التي تسير في ظلِّه. فالزواج الأحادي ليس شاهدًا على تطور، ولا على تأخُّر؛ فهو موجود في أقدم المجتمعات، في أكثرها "بدائية" (إن كان لا بدَّ من استخدام هذا المصطلح) وفي أحدثها؛ هذا من جهة. ومن جهة أخرى، ترى إحدى الباحثات في مجال الإناسة أن فرضية الأم الكبرى ليست أكثر من فرضية إيديولوجية؛ فعدا عن كونها "خرافية"، فهي تسعي لأن تثبت أن النساء عاجزات عن استلام السلطة والاستمرار بها.[25]

أعود الآن إلى فكرة الانتشار – انتشار الأسطورة من بؤرة مركزية – وإلى مسألة تشابُه الأساطير، التي يعتبرها الباحث السواح بمثابة شاهد على وجود أسطورة مركزية انتشرت إلى جميع الأصقاع، خاصة وأن هذا التشابُه يُغرِق المتن بكثرة شواهده إلى درجة الملل، يحدوه في هذا المجال سعيٌ أكيد إلى محاصرة القارئ بكثرة الأمثلة والشواهد، وذلك بهدف إثبات صحة نظريته حول انتشار الأسطورة. وفي رأيي أن الركض وراء أسطورة مركزية، ومرجعية بآنٍ، هو شاهد على غياب السواح عن الجهود المبذولة في دراسة الأساطير وفي تحليلها. فمنذ فترة بعيدة كفَّ دارسو الأسطورة عن البحث عن أسطورة مركزية؛ إذ لا وجود لوحدة أو لمصدر مطلق للأسطورة. فالبؤرة أو المصدر هما، دائمًا، ظلان أو إمكانان يتعذر الإمساك بهما، ويتعذر تحيينهما، ولا وجود لهما بدءًا. وقد شبَّه ستروس، في كتابه الموسوم بـالفكر البرِّي، عمل المؤسطِر بعمل المحرتق bricoleur الذي يستعمل دائمًا "الوسائل المتوافرة لديه" في منح جديده. وهذا هو المنهج الذي ارتكز إليه في دراسته لأساطير أمريكا الشمالية – ومنها أسطورة البورورو Bororo – ليؤكد على أن البحث عن الأسطورة المرجعية ليس أكثر من بحث عن سراب.[26]

أما فيما يتعلق بالتشابُه – أي تشابُه الأساطير – فهو لا يعني الانبثاق من أسطورة مرجعية. فقد سبق لستروس أن أكَّد على التشابُه بين أسطورة أدونيس وبعض الأساطير الهندية في أمريكا الشمالية ذات الطابع الأدونيسي (أدونيس وإشكاليته كفرد وسيط بين أفروديتي وبرسيفوني).[27] فهل نفسِّر هذا إيديولوجيًّا على أن قوارب الفينيقيين وصلت إلى الشاطئ الأمريكي وعلَّمت الهنود أبجدية أسطورة أدونيس – وهي خرافة شائعة؟! وليس هذا فحسب؛ فقد سبق لستروس، في دراسته البنيوية والتحليلية لأسطورة أوديب، أن راح يبحث عن أوجُه الشبه بين بعض جوانب الفكر اليوناني الغابر وبين فكر هنود البويبلو؟[28] وفي بحثه "كيف تموت الأساطير"، لاحظ ستروس أن انتقال الأسطورة من مجموعة بشرية إلى أخرى يؤثر على هيكلية الأسطورة حينًا، وعلى كودها حينًا آخر، أو على المرسال المقصود منها حينًا ثالثًا.[29]

والسؤال هو: كيف نفسِّر تشابُه الأساطير من أقصى الأرض إلى أقصاها، خاصة وأن التشابُه يتجاوز حدود الوحدة الثقافية الموجودة في الهلال الخصيب، ليطال العالم كلَّه هذه المرة؟

إن القول بوجود أسطورة مركزية، بالتبسيطية التي يتحدث عنها السواح، لا يكفي لتفسير وحدة المغامرة البشرية على صعيد الأسطورة. فستروس كان يرى أن التشابُه يجد تفسيره في بنية الوعي البشري، التي هي بنية أسطورية منطقية، تفعل فعلها على صعيد الفكر الأسطوري والفكر العلمي، على حدٍّ سواء، وليس على صعيد الأسطورة المرجعية التي يحلو للسواح الركض وراءها ووراء سرابها الإيديولوجي.

ثمة ملاحظة أود أن أقولها في الختام: لم يكن هدفي أبدًا أن أحاكم السواح بأفكار ستروس، بمقدار ما كنت أهدف، في حضور ستروس، إلى تبيان حقيقة مرجعية هامة في دراسة الأسطورة – حقيقة ظلت غائبة باستمرار عن اجتهادات السواح، لكنها قدَّمتْ إسهامات هامة في دراسة عالم الأسطورة – العالم الذي ما يزال بعدُ مشوشًا ومجهولاً.

*** *** ***


¨ هذه القراءة لفكر فراس السواح من خلال كتابيه مغامرة العقل الأولى ولغز عشتار، فضلاً عن كونها لا تأخذ بعين الاعتبار تطور فكر السواح عبر مؤلَّفاته اللاحقة (ولاسيما دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني والأسطورة والمعنى: دراسات في الميثولوجيا والديانات المشرقية) لا تنسجم، كما هو بيِّن، مع الرؤية العالمية إلى الميثولوجيا (وليس "الإيديولوجية"، كما يؤكد الباحث الربيعو) التي يتبنَّاها السواح، والتي يقترب منها، كثيرًا أو قليلاً، فريقُ تحرير معابر، نظرًا لاعتماد الربيعو أساسًا في قراءته على الأنثروبولوجيا الحديثة القائمة على فكرة "النسبوية الثقافية" Cultural Relativism التي، وإنْ أعادت الاعتبار للـ"فكر البرِّي" وأفسحت له المجال كمدروس من مدروسات الأنثروبولوجيا الثقافية، فقد أطاحت بفكرة وحدة الطبيعة الإنسانية في الجنس البشري قاطبة، واختزلت عالمية جوهر الثقافة الإنسانية الراقية (ومنها الأسطورة) إلى تنوعاتها الظاهراتية. إن منطلق السواح، في دراسته الأسطورة والدين والعلاقة فيما بينهما، ليس قوميًّا سوريًّا جزمًا، بل عالمي universalistic؛ لكن أسرة التحرير، بالاتفاق مع الأستاذ فراس السواح، ارتأت نشر اجتهاد الصديق الباحث الربيعو إغناءً للحوار حول الموضوع. (المحرِّر)

[1] كلود ليفي ستروس، الإناسة البنيانية، ج 1، بترجمة حسن قبيسي (بيروت، المركز الثقافي العربي، 1995)؛ ص 226.

[2] باستثناء الجهود الريادية العراقية في هذا المجال – الجهود التي بذلها طه باقر وزملاؤه في مديرية الآثار العراقية، التي كان للمفكر العربي القومي ساطع الحصري شرف توجيهها عندما كان يعمل مديرًا لها، وساهم في صياغة قوانين جديدة لحفظها وحمايتها من السرقة.

[3] محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي (بيروت، مركز الإنماء القومي، 1986)؛ ص 209.

[4] فراس السواح، مغامرة العقل الأولى (دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 1976)؛ ص 23.

[5] المعرفة، عدد خاص عن "الأسطورة" (دمشق، وزارة الثقافة، العدد 197، تموز 1978).

[6] راجع بهذا الصدد جهود طيب تيزيني في كتابيه الموسمين بـ: أ. الفكر العربي في بواكيره وآفاقه الأولى (دمشق، دار دمشق، 1982) وب. من يهوه إلى الله (دمشق، دار دمشق، 1989) في جزأيه؛ وقد استندت هذه الجهود إلى فتوحات السواح في مجال الأسطورة.

[7] فراس السواح، لغز عشتار (قبرص، نيقوسيا، 1985).

[8] فراس السواح، مغامرة العقل الأولى، ص 12.

[9] المصدر نفسه، ص 23-24.

[10] جورجي كنعان، تاريخ الله (بيروت، مودرن برس، 1990).

[11] المصدر نفسه، ص 12، 21.

[12] ستروس، الإناسة البنيانية، ص 227. وبشأن مقالة "الغبور في الإناسة"، فهي تشكل أحد فصول الكتاب.

[13] ستروس، مجلة بيت الحكمة، عدد خاص عن ستروس (العدد الرابع، يناير 1987)؛ ص 14.

[14] ستروس، الإناسة البنيانية، ص 230.

[15] ستروس، بيت الحكمة، ص 14.

[16] ستروس، الإناسة البنيانية، ص 226.

[17] فراس السواح، مغامرة العقل الأولى، ص 20.

[18] كانط، نقد العقل المحض، بترجمة موسى وهبة (بيروت، مركز الإنماء القومي، 1989)؛ ص 47.

[19] فراس السواح، مغامرة العقل الأولى، ص 13.

[20] فراس السواح، لغز عشتار، ص 11.

[21] المصدر نفسه، ص 23-24.

[22] المصدر نفسه، ص 32.

[23] المصدر نفسه، ص 25.

[24] المصدر نفسه، ص 32.

[25] جوان بارمبرجر، "أسطورة المجتمع الأمومي"، ضمن كتاب المرأة والثقافة والمجتمع (وزارة الثقافة، دمشق)؛ ص 391-417.

[26] ستروس، بيت الحكمة، ص 103.

[27] ستروس، الإناسة البنيانية، ص 236.

[28] ستروس، المصدر نفسه، ص 236.

[29] كلود ليفي ستروس، الإناسة البنيانية، ج 2 (بيروت، مركز الإنماء القومي، 1990)؛ ص 235.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال يوسف وديمة عبّود