وَجْـدُ الـوُجُـود

 

بهيجة مصري إدلبي[1]

 

وَجْدُ الوُجُود

 

وعَن آفـاقـها خـلـفَ الحُـدودِ

سـألتُ الـرُّوحَ عن سـرِّ الخلودِ

"وجـود الوجْـدِ في وجْدِ الوجُـودِ"

فقالت لي: أنـا فـي الوجْد سـرٌّ:

إذا مـا تُهتُ في فيـض الشُّـرودِ

فقلتُ لـها: أفيضـي كَـيْ أرَاني

وطـافتْ بي على نـهـر الورودِ

فأعمتْـنـي بفيضٍ مـن ضيـاءٍ

ورحتُ أغيب في الصَّـمتِ البعيدِ

شـربتُ السِّـرَّ كأسًـا من خيـالٍ

أنـا في الوجْدِ، في العشْق الشَّـديدِ

رأيتُ منـازلي وسـمعتُ صوتي:

ويحملـني إلى أقصَـى حـدودي

أمَـا مَنْ يكشف الأسـتارَ عنِّـي

إلى روحـي لتُفـضـي بالمزيـدِ

فهَـامَ النُّـورُ حولي ثـمَّ أوحـى

وكشـفُ السِّـرِّ في اللَّـيل المديدِ

فقالت لـي: هنا في البرد كَشْـفٌ

أعينينـي على الوَهْـم الطَّـريـدِ

فقلت لهـا: إذا الأسـماءُ تـاهتْ

ونورُ الكشف بي من بعض جودي

فقـالت: أنتِ في برقـي مسَـاء

فسـرِّي خلفَ خـافية المُـريـدِ

إذا أسـرَّيتِ لـي أخفيتُ سـرِّي

أنـا في عمق أعمـاق السُّـجودِ

إذا مـا شـئتِ أسـبابي وبـابي

فلـمَّـا تبلغـي بَصَـرَ الحديـدِ

فقلت لهـا: أرى، قـالت: عمَـاء

فمـدِّي فـي مـدى مدِّ المُـدودِ

ولـمَّـا تبـلغـي آلاءَ وجْـدي

بلغـتِ وأنـتِ من طـين عنيـدِ

وقـالت لي: إذا أفشـيتُ سـرِّي

يضـمُّ رؤاكِ في سِـفْـر الخلودِ

وأغـواكِ الخـلـودُ فلا مكـانٌ

فقلتُ لها: أنـا وجْـدي وجُـودي

خذي منِّـي وعنِّـي سرَّ وجْدي

وجـودُ الوجْـدِ في وجْدِ الوُجُـودِ

فقـالت: آه قد أدركـتِ سـرِّي:

 

حـوَّادم

 

إلى أول من استعمل مصطلح "حوادم"، الأستاذ نهاد خياطة

 

وإن سَرَى في دمي سـرًّا أواريـه

إذا الهوى مسَّـني في الروح أخفيه

أخفي رحيقَ الرؤى في جَمْرِ ماضيه

أنـا الخفيَّة في أعمـاقِ خـافيتـي

وأحمل الشَّـوقَ من دربي وأرميـه

أطـاردُ الوقتَ كي أمضي بلا زمن

وإنْ ضللتُ أرى وجهـي وما فيـه

إذا عرفتُ تشظَّـى سـرُّ معرفتـي

وضـاقَ كـلُّ كـلام كنتُ أزجيـه

أحميكَ منِّـي إذا ما فـاضَ بي حلمٌ

وإن توسَّـلت منِّـي بـي لأنهيـه

لا عـاصم لك بعد اليوم من حلمي

وأكشـفُ السِّـرَّ في ذاتي لأفنيـه

سأطعنُ الروحَ كي أنهـي مواجعَها

لـن تبلغَ الحـبَّ إلا حيـن تُفنيـه

ما أنت إلا رمـادي حـين أقتلنـي

وتشـرب الكأسَ صرفًا من دواليه

وحـين تعبث بالدنيـا إذا عبثـتْ

وتكشـف الصمتَ في أسمى معانيه

وتخنق القولَ في أحشـاء أحـرُفِه

وتسـكب البحرَ صـبرًا في سواقيه

وتمسـك الريحَ في أحضان نشوتها

ويُعرَف الخمرُ من أكـواب سـاقيه

لا يُعرَف الحبُّ إلا من قصـائـده

وأنـتَ "آدم" قد تـاهـت مراميـه

أنا "حوَّادم"[2] في سـرِّي أخـاطبني

فلا سـبيل إلى نـجـواي أبقـيـه

إذا أردتَ سـبيلي تهتَ في قـلقـي

وأنتَ أنتَ كمن يمضـي إلى تيـه

أنا تغشَّـيتُ روحي في مسـافتـها

*** *** ***


[1] بهيجة مصري إدلبي أديبة سورية من حلب، ص ب: 13525. لها في الشعر: تسع مجموعات، منها نهر الكلام يعبر من دمي (نالت عنها جائزة طنجة، 2000)، وفي الرواية: ثلاث روايات، منها رحلة في الزمن العمودي (حائزة على جائزة "الصدى"، 2001). من كتبها للأطفال: الضاد تغني (أناشيد) والضاد تحكي. كتبت في النقد: القصيدة الحديثة بين الغنائية والغموض وقراءات في الشعر العالمي: نيرودا – ألبرتي – لوركا.

[2] في حساب الجُّـمَّـل: حوادم = حوَّا[ء] + آدم = الله = 66. (المحرِّر)

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود