العميلة السرية بُمْ بُمْ المثلثة (3)

 

سارة عاصي

 

أنا العميلة السرية جدًا بم بم المثلثة.
من صنف الجواسيس الذين لا ينبسون ببنت شفة... إلا إذا دعت الحاجة.

أجر أمامي عربة وأصيح بصوت عالي:
عل بطيخ يا سكييييييييييييين.
عل بطيخ يا سكييييييييييييين.

لا، لستُ بائعة بطيخ. أنا بائعة سكاكين.
تجتمع حولي ربات المنازل في الحارات.
يأتين مع رؤوس البطيخ. ويجربن السكاكين الطويلة الحادة.
فولاذية كمرآة. ينظرن إلى وجوههن. يضعن الحمرة على شفاههن أحيانًا.
يسرحن شعرهن. أمام السكاكين الطويلة القاطعة الحادة.

يرنني فيأتين. يقلن: ها قد أتت سالومي.

نعم. أنا عميلة سرية جدًا وأتخفى بشخصية سالومي.
هنا عمري 35. امرأة ناضجة وذات تجربة طويلة بالسكاكين.

أرتدي بنطالاً واسعًا وقميصًا واسعًا أيضًا مفكك الأزرار.
تحته فلانيلا قطنية ضيقة تبدو من خلالها تقاطيع جسمي بكل تفاصيله.
فلانيلا تفوح منها رائحة اللافيندير المجفف.

تشتري ربات البيوت السكاكين.
يتهامسن وهن ينظرن من طرف أعينهن.
يتركن وراءهن قطع البطيخ.
لذا يمتد ورائي وأنا أجر العربة خط من قطع البطيخ وطريق ملطخة بسائل أحمر.

لكنها تقاطيع جسدي التي تلفت أنظار الرجال.
يقولون لي إني عندما أجر العربة أمامي أبدو كراقصة مثيرة.
لا بد أنها رائحة اللافيندير المجفف.
تتلاعب أمامهم وتمتزج مع الخطوط والانحناءات التي ترسمها الفلانيلا القطنية.

هي عمل فني لا شك. ناجح.
أمامي تجتمع ربات البيوت. يتهامسن.
والرجال الذين بدافع الفضول يجتمعون. ينظرون إلى السكاكين.
إلى انعكاس الخطوط والانحناءات عليها.
تثيرهم الانعكاسات القريبة جدًا. البعيدة جدًا.

يريدون الاقتراب. لكنه حد السكين دائمًا أمامهم.
ووشوشات ربات البيوت وهن يتفحصن السكاكين الطويلة الحادة.

في منتصف العربة لائحة بالأسعار مكتوبة فوق ما يبدو كرسم لامرأة ترقص بإثارة.
هي أيضًا ترتدي ما يبدو وكأنه رداء أبيض ضيق.

أحيانًا أقف وأتكئ بيدي على العربة.
وأضع يدي الثانية على خاصرتي.

بينما ربات البيوت يتهامسن.
ورجل من الرجال يسألني: ما هي هذه اللوحة مع المرأة الراقصة؟
أجيبه: هي نسخة من لوحة مشهورة اسمها "سالومي".
ترد واحدة من النساء وهي تحمل السكين: كاسمكِ! وتبتسم.
أقول لها: نعم. كاسمي!

أتابع السير جارة العربة أمامي:
عل بطيخ يا سكيييييييييييييين.

يقول لي رجل: أنتِ مفارقة طريفة على بائعي البطيخ.
ابتسم وأقول له: وهو كذلك.

هو لا يعرف إني بالحقيقة لست مفارقة طريفة بل تعليقًا فنيًا على لوحة "سالومي".
إني العميلة السرية جدًا بم بم المثلثة.
أجر العربة وكأني راقصة وقد بدت تقاطيع جسمي المثيرة على فلانيلا قطنية تحت قميص مفكوكة أزراره. أبيع سكاكين حادة طويلة.
وأصيح بصوت عالي:
عل بطيخ يا سكيييييييييييين
عل بطيخ يا سكيييييييييييين.

سالومي. بريشة هنري رينو (1870)

*** *** ***

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني