english

الصفحة التالية                  الصفحة السابقة 

نساء بالسواد

الفصل الخامس

خصوبة وتعدّد

 

غيلا سڤيرسكي

  

في غضون أشهر، امتدّت الوقفات الاحتجاجية لحركة "نساء بالسواد" من القدس إلى تل أبيب وحيفا، ولم تكد تمضِ سنة حتى عمّت بقية البلاد، مع أن وسائل الإعلام، في أحسن الأحوال، كانت شحيحة في تغطيتها للحركة. وأود في هذا الفصل إمعان النظر ببعض التباينات ضمن حركة "نساء بالسواد"، وإلقاء الضوء على بعض الوقفات الاحتجاجية الفريدة.

ولادات متعدّدة

تكاثرت الوقفات الاحتجاجية لحركة "نساء بالسواد" طوال الأعوام 1988، 1989 و1990، منبثقة في 39 موقعًا في إسرائيل (انظر الملحق)، ومغطّية عمليًا طول البلاد وعرضها الضيّق. ففي أيٍّ من أيام الجُمَع، خلال هذه السنوات الثلاث المُجهِدة، كان الراكب في سيارة عادية أو في حافلة يواجه الرسالة الملحاحة: "كفى للاحتلال"، في هذا الموضع أو ذاك خلال تنقّله/تنقّلها، خصوصًا إذا كان سفرًا خارج المدينة. ورغم أن قوام الوقفات الاحتجاجية في القدس كان أحيانًا صغيرًا بما يُقَدّر امرأتين أو ثلاثة أو كبيرًا بقدر 120 امرأة (وأكثر في مناسبات خاصة)، فإن التأثير كان تراكميًا ومتواصلاً وقويًا.

انتشرت حركة "نساء بالسواد" من فم إلى أذن، مندفعة قُدمًا برغبة لدى النساء لـ "فعل شيء ما"، ومُستلهمة مثال أولئك النساء اللواتي كنّ للتو في وقفة احتجاجية. كان شكل الوقفة الاحتجاجية بسيطًا بحيث يمكن محاكاته والمشاركة فيه حتى بالنسبة للنساء اللواتي كنّ بعيدات عن نشاط المراكز المدينية. وكانت هذه، فعلاً، إحدى أكثر المساهمات بعيدة المدى لحركة "نساء بالسواد" من أجل حركة السلام: تمكين النساء من المشاركة أينما كنَّ. فلم يكن لزامًا عليهن القدوم إلى مدينة كبيرة، ولا الحاجة إلى وزن سياسي شخصي، ولا الابتعاد عن عائلاتهن. وكان بإمكانهن الإدلاء بتصريح سيكون مرئيًا ومسموعًا من الجميع في المنطقة المجاورة المباشرة.

كان هناك عدة اختلافات هامة في أوساط الوقفات الاحتجاجية في كافة أنحاء إسرائيل. فأولاً، بعض الوقفات الاحتجاجية خارج المدن الثلاث الكبرى، وخصوصًا تلك التي فيها الغُلبة لنساء الكيبوتزات، سمحوا للرجال بالمشاركة (مجيدو، نهاريا، نحشون، سمر، والبعض الآخر). وعلى أية حال، كان الرجال دومًا أقلية فأذعنوا لقيادة النساء، قلّة منهم فقط من ثابر طوال سنوات الوقفات الاحتجاجية، ولم يحضر أحد منهم إطلاقًا المؤتمرات الوطنية لحركة "نساء بالسواد". والاختلافات الأخرى هي: كانت بعض الوقفات الاحتجاجية تستعرض العلم الإسرائيلي، في حين رفضت الوقفات الأخرى ذلك؛ وحدّدت الوقفة الاحتجاجية في القدس نفسها بشعار "كفى للاحتلال" (إلى حين بدء عملية السلام في أوسلو)، بينما أضافت وقفات احتجاجية أخرى شعارات من جانبها. لكن حركة "نساء بالسواد" بكاملها في النهاية تمفّصلت حول فهمها (في مؤتمر حارل في أيلول 1989) بأن لكل وقفة احتجاجية استقلالها الذاتي وحرية اتخاذ قراراتها الخاصة بها. وقد ساعد "تحالف نساء من أجل السلام"، الذي كان قد تشكّل بعد أقل من سنة من الوقفة الاحتجاجية الأولى (تشرين الثاني 1988)، على تذليل بعض الخلافات الكامنة التي كان من المحتمل أن تنشأ في إجراءات وطنية مشتركة. وفي الواقع، كان هذا التحالف، الأكثر فعالية من بين العديد من منظمات السلام العاملة آنذاك، شهادة على معايير فارقة للتنظيم النسائي.

كان لكل وقفة احتجاجية "شخصيتها" الخاصة. ففي القدس، كانت الوقفة الاحتجاجية هي الأكبر والأكثر تنوعًا من الناحية السياسية؛ تتراوح فيها وجهات النظر من المنتمين إلى حزب العمل ذوي العقول الأمنية إلى اليسار الراديكالي. وقد تحاشينا رفع شعارات جديدة خشية تنفير هذه الفئة أو تلك، مما أكسبنا سمعة الخجل السياسي. وكانت الوقفات الاحتجاجية الأخرى أصغر وأكثر تجانسًا وحماسًا. ففي حيفا وتل أبيب، على سبيل المثال، كانت الوقفات الاحتجاجية تتشكل أساسًا من متمرّسات في دوائر النشاط النسوي الراديكالي واليسار الراديكالي عمومًا، إضافة إلى أنها كانت ترفع جهارًا شعارات أكثر جرأة. أما الوقفات الاحتجاجية القائمة في الكيبوتزات فقد عكست عمومًا إيديولوجيا الكيبوتز - إيديولوجيا صهيونية ووطنية بحماس - رغم وجود استثناءات فردية هامة. وكانت الوقفة الاحتجاجية، بالنسبة للكثير من نساء الكيبوتزات، مشاركتهم السياسية الأولى والوحيدة.

وغالبًا ما كانت نساء القدس يُبادرن إلى إحياء الأحداث الوطنية وتنظيمها، مما أثار مرارًا استياء النساء في الوقفات الاحتجاجية الأخرى، اللواتي شعرن بأن وجهات نظرهن واحتياجاتهن لا تلقى ما يكفي من الاهتمام في المسائل المتعلقّة بالوقفات الاحتجاجية كافة. ومع أن هذا الأمر كان مصدرًا مستمرًا للاحتكاك، إلا أنه لم يقلّل من التعاون أو المشاركة في الحركة ككل. وتختلف هذه الظاهرة اختلافًا ذي دلالة عما كانت هي عليه في المجموعات اليسارية المختلطة من الجنسين التي مزّقت الحدّة والتنافسات بعضًا منها. وقد منح التزام النساء العميق بالوقفات الاحتجاجية - وفقدان قيادة رسمية - شعورًا للمشاركات بـ "الملكية"، ومكّن التعاون بما يتجاوز الغضب.

كل الوقفات الاحتجاجية تقريبًا اعتبرت الهياكل والصيغ النسوية التي سبق وصفها أمرًا مفروغًا منه: اللاتراتبية، السعي إلى الإجماع في اتخاذ القرار، والردّ اللاعنفي على الاستفزازات. لم تجرِ محاولة متعمّدة لنشر هذه الإيديولوجيا من وقفة احتجاجية إلى أخرى، بل شقّت طريقها عِبر البلاد بناء على قوة فكرة وجيهة امتلكت جناحًا، إضافة إلى تأثير الناشطات في تحالف نساء من أجل السلام. والواقع أن العديد من "نساء بالسواد" (خصوصًا من هنّ خارج المدينة) يعتبرن أن الوقفة الاحتجاجية بمثابة لقائهن الإيجابي الأول مع الحركة النسوية، وأحد أكثر العناصر التي كانت تربطهن بالوقفات الاحتجاجية. وحتى النساء اللواتي في خضم عاصفة تنظيم سياسي اعتبرن الوقفة الاحتجاجية لـ "نساء بالسواد" دعامة أساسية لهن. فقد قالت حنا كناز من كيبوتز جان شموئيل: "هذه كانت بيتًا"، ووافقتها نساء كثيرات[51].

نساء فلسطينيات بالسواد

ما يقارب الـ 17% من المواطنين الإسرائيليين هم من العرب، مسلمين ومسيحيين. وهؤلاء هم فلسطينيون، بالتعريف والهوية الذاتية. بعضهم يعيش في مدن "مختلطة" في إسرائيل - مثل حيفا وتل أبيب ويافا وعكا - وآخرون يعيشون في بلدات وقرى عربية حصرًا. وعلى خلاف النساء اليهوديات - الإسرائيليات المنقسمات إزاء قضية السلام، تمقت النساء العربيات - الإسرائيليات الاحتلال بالإجماع ويَتُقْن بحماس إلى إنهائه.

كانت النساء العربيات اللواتي هنّ مواطنات إسرائيليات نصيرات مخلصات لـ "نساء بالسواد". وكانت أعلى مشاركة لهنّ في الوقفات الاحتجاجية في شمال إسرائيل - حيفا، عكا، جان شموئيل، مجيدو، نهاريا - في حين كانت الناصرة، المدينة العربية الخالصة، من أوائل المدن التي أسّست للوقفات الاحتجاجية خارج المدن الكبيرة الثلاثة (أوائل عام 1989). وقد كتبت نبيلة اسبانيولي، وهي من المشاركات في الوقفة الاحتجاجية في حيفا، حول الصحوة السياسية للنساء العربيات - الإسرائيليات بوحي من المشاركة الكثيفة لأخواتهن الفلسطينيات في الأراضي المحتلة وأخواتهن اليهوديات اللواتي يناضلن ضد الاحتلال من داخل إسرائيل:

إننا "نساء بالسواد" نسأل أنفسنا نفس الأسئلة، إضافة إلى أسئلة أخرى أيضًا: كيف يمكننا إيجاد سبل جديدة لإظهار تضامننا مع كفاح الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، كيف يمكننا إقناع الحكومة الإسرائيلية بالتفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية، كيف يمكننا تقديم العون لأخوتنا وأخواتنا في الأراضي المحتلة، كيف يمكننا إشراك المزيد من النساء في أنشطتنا، وكيف علينا تطوير أداءنا بمجاراة ثقافتنا التي سيكون لها تأثير على الشارع العربي.[52]

كانت النساء العربيات - الإسرائيليات، حتى أكثر من النساء اليهوديات - الإسرائيليات، نشيطات في أُطر أخرى، بالإضافة إلى "نساء بالسواد"، في كفاحهن ضد الاحتلال:

كانت النساء الفلسطينيات في إسرائيل يعملن على جمع الطعام والكساء والدم والدواء من أجل الفلسطينيين الذين يعيشون في ظل حظر التجوّل في الأراضي المحتلة... كنّ يتنقّلن من بيت إلى بيت طالبات من النساء والعائلات المساهمة بالقضية الفلسطينية. كما نظّمت النساء الفلسطينيات - الإسرائيليات مظاهرات ضخمة في مدن مثل الناصرة وأم الفحم، وقرى مثل كفر ياسيف وكفر قاسم وكفر كارا. وكانت هناك أنشطة أخرى أيضًا.[53]

كانت الوقفة الاحتجاجية لـ نساء بالسواد" إطارًا للمساواة بالنسبة للنساء اليهوديات والفلسطينيات أكثر بكثير من المجالات الأخرى في المجتمع الإسرائيلي. فحيثما كانت الوقفات مختلطة، كان ثمة إدراك على أنها فعالية يهودية - عربية، وبُذلت الجهود من الجانبين لتحقيق توازن قوى أفضل من أي مكان آخر. ففي الكثير من الوقفات الاحتجاجية، على سبيل المثال، كانت اللافتات والشعارات مكتوبة بكلا اللغتين، العربية والعبرية. وكانت حيفا، كما عهدها دائمًا، السبّاقة في إبراز حساسية العضوية المتعددة الثقافات وصياغة هياكل مساواتية. لم نكن مثاليات، فقد اُرتكبتْ أخطاء (وأنا أدّعي لنفسي خطأ إصدار النشرة الإخبارية الوطنية باللغتين العبرية والإنكليزية، لكن ليس بالعربية)، لكن الكثير من المحاولات المخلصة كانت تُبذل للمشاركة في القيادة واتخاذ القرار.

كانت الوقفة الاحتجاجية، بالنسبة لبعض النساء اليهوديات والفلسطينيات (ما عدا الناشطات المخضرمات)، أول لقاء ذي مغزى مع بعضهن البعض على المستوى الشخصي، وكان له تأثيرًا تحويليًا. وفي الفصل القادم سألقي نظرة على الدور الذي لعبته هذه المواجهة في تجذير النساء اليهوديات. وهنا، تشير نبيلة إلى بعض السبل التي تأثّرت بها الفلسطينيات بلقائهم مع النساء اليهوديات:

كثير من النساء الفلسطينيات في إسرائيل أصبحن مشاركات مع الناشطات اليهوديات في منظمات السلام النسائية الإسرائيلية وفي التحليلات النسوية لتأثيرات الحرب والعسكرة على المجتمع الإسرائيلي. كما تبنّت الفلسطينيات - الإسرائيليات العاملات مع هذه المجموعات، على نحو متزايد، المنظور النسوي حول الاحتلال وآثاره. وتفتّحت أعين النساء الفلسطينيات في إسرائيل، اللواتي كنّ قد شرعن بانتقاد المجتمع الإسرائيلي والروح العسكرية والتحيّز الجنسي والعنف، على رؤية هذه الظواهر بوضوح أكثر في مجتمعهن الخاص والحديث جهارًا بلا وجل ضد التمييز والعنف، خصوصًا العنف المنزلي، وضد كافة أشكال الاعتداءات الجنسية.[54]

كان الوضع في القدس مختلفًا تمامًا، حيث يعيش فلسطينيو المدينة تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ حرب 1976 ويسعون للتخلص من أغلال هذا الاحتلال. وكان هدفهم ثورة ضد قوة أجنبية، وليس تعايشًا بتعاون في السراء والضراء مع مواطنين موالين. وبالتالي، كانت المواطنات الفلسطينيات في شمال إسرائيل قادرات على المشاركة الكاملة والمساهمة في ملكية "نساء بالسواد"، في حين أن الفلسطينيات في المناطق المحتلة (بما فيها القدس الشرقية) كنّ ينشدن إنهاء الاحتلال عبر الانتفاضة أو وسائل أخرى. وحتى ذلك الحين، كانت هناك امرأتين فلسطينيتين في الوقفة الاحتجاجية في القدس، وكلتاهما إسرائيليتان انتقلتا من الشمال إلى القدس.

بالنسبة للنساء الفلسطينيات، كان حضور الوقفات الاحتجاجية يعني خروجهن على عالم المرأة التقليدي - الشؤون المنزلية - وكان الأمر شاقًا بالنسبة للنساء ذوات الخلفية التقليدية. فالعبء الإضافي الذي تحملّنه هو التعرض للتهجمات الجنسية من قبل المارّة (باللفظ والإشارة). وبالتالي، كان الوضع يتطلّب من نساء عربيات تقليديات مقدارًا أوفر من الشجاعة والثقة بالنفس للمشاركة في الوقفات الاحتجاجية.

وحين يكتشف بعض المارة وجود نساء عربيات بين صفوفنا، يوجّهون جام غضبهم العنصري نحوهن على وجه الخصوص. ففي الوقفات الاحتجاجية في جان شموئيل وحيفا، كان المارة اليهود يلقون الحجارة على النساء العربيات من "نساء بالسواد". وفي حادثة وقعت في وقفة احتجاجية مختلطة من العرب واليهود في نهاريا، تروي جودي بن إيت، وهي من كيبوتز بيت هعيمق، أن المظاهرات المضادة بدأت بالصراخ "الموت للعرب". وحين توجهت النساء اليهوديات من الوقفة الاحتجاجية إلى مركز الشرطة لتقديم شكوى، كانت إجابة الشرطة أنها "لا تستطيع فعل أي شيء حيال ذلك". فقالت النساء: "وإذا صرخ العرب 'الموت لليهود'"، فكان الردّ: "أنتن تفترضن أمرًا ما بعيدًا عن التصوّر"، ورفضت الشرطة التدخل. وبالتأكيد لم يكن سهلاً على النساء العربيات المشاركة في الوقفات الاحتجاجية. فأوسمة لأولئك النساء اللواتي شاركن، وميدالية شرف خاصة لنبيهة مرقس، الفلسطينية - الإسرائيلية من كفر ياسيف، التي كانت تقف وحيدة كل أسبوع في الوقفة الاحتجاجية في عكا ولمدة شهر في حين لم يحضر أحد غيرها.

المناورة مع الجماهير: تل أبيب

فور اندلاع الانتفاضة، أوائل كانون الأول 1987، أصبحت الحكومة الإسرائيلية أكثر صرامة فيما يتعلق بالرقابة على التقارير الصحفية الواردة من الأراضي المحتلة. لكن إسرائيل بلد صغير، ويتشكّل معظم الجيش فيه من مدنيين في الخدمة الاحتياطية، وبالتالي كان لابد من أن تتسرّب بعض الشهادات عن وحشية الجيش، وإن كانت غير كافية.

وقد سعت مجموعة من النساء في تل أبيب، وهنّ ناشطات لفترة طويلة في الحركة النسوية والعمل من أجل السلام، إلى اختراق هذا الصمت. ففي أواخر كانون الأول، كانت هؤلاء النساء يقدّمن كل يوم خميس، في الزاوية المزدحمة لشارعي بن غوريون وديزنغوف، "عرض شرائح فوتوغرافية (سلايدات)" تُظهرأسوأ المشاهد المتعلّقة بالانتفاضة، والتي كانت قد خضعت للرقابة في وسائل الإعلام الإسرائيلية. كان نشاطًا مفعمًا بالحيوية والشجاعة، وواصلنه لأكثر من شهر تقريبًا قبل أن تصبح الردود في الشارع عنيفة جدًا إلى درجة حالت دون استمرارهن. وفي أواخر كانون الثاني، سمعت هذه المجموعة عن "نساء بالسواد" في القدس، فبدأن وقفة احتجاجية خاصة بهن. وكانت الوقفة الاحتجاجية الثانية لـ "نساء بالسواد" بعد القدس.

لم يصل عدد المشاركات في تل أبيب إلى أكثر من 30 - 40 امرأة في ذروة الوقفات الاحتجاجية (50 في مناسبات خاصة)، لكن جمهور المشاهدين كان كبيرًا بشكل استثنائي. فتل أبيب هي المركز التجاري لإسرائيل، وقد اختارت النساء الوقوف في أشدّ التقاطعات ازدحامًا في المدينة (حيث تقاطع الطرق الرئيسية: نمير، بتاح تكفا). فهنا، تتابع السيارات من 24 مجازًا مروريًا (5 شرايين مواصلات رئيسية) طريقها من وإلى المدينة. واستنادًا إلى أعداد السيارات التي كانت تسلك الطرق مرات عدّة، قدّرت نساء تل أبيب بحذر أن 20000 شخص كان يشاهد وقفتهم الاحتجاجية كل يوم جمعة على مدار ساعة واحدة.[55]

وكما هو الحال في كل الوقفات الاحتجاجية، كانت هناك أعمال عنف ومضايقات متكررة في تل أبيب. وقد روت ديتا بيترمان، وهي واحدة من المجموعة الأصل في تل أبيب، إحدى الحوادث العجيبة:

لاحظت غاليت ماس - آدر، وهي من "نساء بالسواد"، فتى ]من بين المتظاهرين المضادّين[ ينحني ويبدأ بالبكاء. اقتربت منه فرأت الدم يسيل من فمه. لم يكن يردّ على أسئلتها، فبدأت باتخاذ الترتيبات اللازمة من أجل نقله إلى المستشفى. وفي الحال، توقفت سيارة دورية الشرطة، وبدأ الفتى يصرخ للشرطة مدّعيًا أن غاليت ضربته حتى أدمته. وبعد تحقيق قصير في قسم الشرطة تبيًن أن الفتى كان قد أحضر معه بعض الدم المسرحي واحتفظ به في فمه، وفي اللحظة المناسبة أخرج "الدم".[56]

حملت نساء تل أبيب لافتات باللغات العبرية والإنكليزية والعربية، ولم يتردّدن إطلاقًا في التعجيل برفع الشعارات الأكثر راديكالية. فبالإضافة إلى الشعار الجريء آنذاك "دولتان لشعبين" و"تفاوضوا مع منظمة التحرير الفلسطينية"، رفعت نساء تل أبيب في فترة ما لافتة بخط عريض تدعو إلى إشراف دولي على الأراضي المحتلة.

لقد وظّفت نساء تل أبيب جهودًا كبيرة لزيادة أعدادهن: نشرن إعلانات في الصحف، إعلانات في الجامعة، واستعملن قوائم الهاتف "المُستعارة" من مختلف الأحزاب السياسية. وحين انخفض عدد النساء المشاركات في الوقفة الاحتجاجية إلى العشرين، ومن ثم إلى عدد أصابع اليد بعد حرب الخليج، طبعت الناشطات المخلصات شعاراتهن على رايات قماشية سوداء كبيرة تحمل كل منها ساريتين من كل طرف. وهذا ما جعل بإمكان دزينة من النساء أو أقل أن يكون لهنّ حضور جوهري أكبر.

كان العديد من نساء تل أبيب في صميم التواصل المبكر لـ "نساء بالسواد"، وكن ذوات أثر في تقدم تحالف نساء من أجل السلام كطريقة للتحايل على السياسات الأكثر محافظة للوقفات الاحتجاجية الأخرى لـ "نساء بالسواد. وغالبًا ما كانت تُعقَد الاجتماعات في تل أبيب، باعتبارها مركزًا بين الشمال والجنوب. وكان القول الشائع هي أن القدس راقت للكثير من النساء نظرًا لعدم تخطّيها القاسم المشترك الأدنى ("كفى للاحتلال")، بينما كان في تل أبيب نساء أقل، لكنها كانت طليعة الحركة.

ولتل أبيب تميّز فريد لكونها الوقفة الاحتجاجية الوحيدة التي لم تُقصّر أبدًا في الحضور أسبوعيًا، ولو لمرة واحدة. حتى أثناء حرب الخليج، حين لم تلتئم وقفة احتجاجية أخرى لـ "نساء بالسواد" في إسرائيل، وحتى في اليوم الأول من الحرب، عندما كانت صواريخ سكود تتساقط في ذلك الصباح على منطقة تل أبيب، ظهرت خمسة نساء من "نساء بالسواد" راسخات الإيمان وأقمن وقفة احتجاجية والأثر الوحيد للحرب عليهن كان أنهن غادرن أبكر بـ15 دقيقة. وحتى هذا اليوم، تل أبيب هي واحدة من ثلاثة وقفات احتجاجية شجاعة - الأخريتان نحشون والقدس - التي واصلت الوقوف.

حركة نسوية بلا اعتذار: حيفا

تشكلت الوقفة الاحتجاجية في حيفا في آذار عام 1988، بعد شهرين فقط من تشكل الوقفة الاحتجاجية في القدس، وهي الثالثة بالترتيب الزمني. وكانت الوقفة الاحتجاجية في حيفا ثمرة مباشرة للحركة النسائية في حيفا، انبثقت إلى الوجود من قبل الناشطات النسويات اللواتي التقين للتخطيط ليوم المرأة العالمي في آذار 1988. وقد أسّست الوقفة الاحتجاجية الأولى حوالي 20 امرأة، بمشاركة نحو 40 - 50 امرأة في الذروة بانتظام، وما يناهز الـ 70 امرأة كنّ مساهمات إجمالاً. وكان نصف الأعضاء الأوائل ناشطات في مختلف المنظمات النسائية في حيفا (مركز أزمات الاغتصاب، ملجأ النساء المتعرضات للضرب، ومركز حيفا النسائيIsha L’Isha )، والنصف الآخر جاء من خلفيات نشطاء السلام.

ولاقت مجموعة حيفا خصوصًا مضايقات متواصلة من مؤيدي التيار اليميني، وكان عليها أن تغير موقع وقفتها الاحتجاجية مرات عديدة. فقد كان الموقع الأصلي هو بيت حاكرانوت في مركز مدينة حيفا الأخفض، حيث كانت المجموعة مكشوفة تمامًا للمشاة وعلى مستوى نظر ركاب السيارات المعادين:

ادعت الشرطة أنها لا تستطيع حمايتنا هناك على نحو مناسب، واقترحت أن ننتقل إلى إيجيد (محطة الحافلات المركزية). لكن الوضع كان أسوأ هناك، حيث حاول السائقون دهسنا مرات عديدة. فانتقلنا إل مركز هورف في الكرمل، لكن بعد أسبوعين، طاردنا اليمينيون طوال الطريق حتى المركز النسائي Isha L’Isha، وهم يصرخون: 'منظمة التحرير الفلسطينية'.[57]

كانت الشرطة تتواجد على نحو غير منتظم فقط - إثر مكالمة هاتفية - وغالبًا ما كانت تصل بعد انتهاء الاضطراب. وبالإضافة إلى التهديدات والدفع العنيف المعتاد، تروي نبيلة أيضًا حادثة جرى فيها تهديدهن بالسكاكين من قبل اليمينيين. وعندما سُئلت إن كان ردّ فعل المتفرجين كان أكثر حدّة لأن الوقفة الاحتجاجية مختلطة من العرب واليهود، أجابت نبيلة:

لا أعرف. كانت ردود الفعل نحونا في معظم الأحيان هي نفسها تجاه النساء اليهوديات، وهذا ما جعلنا، كنساء عربيات، نشعر بحالة أفضل. وكانت الحادثة التي سبّبت لنا صدمة بشكل خاص هي حين صرخ المتجمهرون بامرأة عجوز معنا، لم يتبيّنوا أنها عايشت المحرقة: "كم هم سيئون النازيون الذين لم يقضوا عليكِ".[58]

شاركت النساء العجائز في العديد من الوقفات الاحتجاجية. وتلاحظ حنا سافران، وهي منسّقة لمركز حيفا النسائيIsha L’Isha  ونشاط قضايا المرأة والسلام، أن تواجد هؤلاء النساء العجائز كان فعّالاً على نحو خاص:

لقد نقلن روح الشجاعة والاعتبار الأخلاقي والتماسك. فالوقوف جنبًا إلى جنب مع امرأة عجوز كان مشجّعًا. وإحدى النساء المسنّات في الوقفة الاحتجاجية في حيفا (توفّيت منذ فترة) أُغمي عليها مرتين - ربما بسبب حرارة الجو أو ضعف خاص بها، لكنها واصلت الحضور. لقد كان حضورها ملهمًا لنا جميعًا من أجل النشاط.[59]

لم تكن الوقفة الاحتجاجية في حيفا تُخفي توجّهها النسوي منذ البداية. وشاركت "نساء بالسواد" في حيفا بإرسال العديد من البرقيات إلى إسحق رابين، وزير الدفاع آنذاك، في إشارة إلى الأوضاع اللاعادلة التي تعيشها النساء والأطفال. وجاء في برقية بتاريخ 1 كانون الثاني عام 1989، موقّعة من قبل "نساء بالسواد" في حيفا وتل أبيب والخضيرة:

نناشدكم الضمان الفوري توفير المناديل الصحية للسجينات السياسيات من الأراضي المحتلة. ونطلب أيضًا إيضاحًا عن السبب الذي يجعل هؤلاء السجينات يعشن في ظروف لا إنسانية ولا يتلقّين علاجًا طبيًا مناسبًا، بما يوافق المعايير الصحّية الأساسية.

كما جاء في برقية بتاريخ 9 كانون الثاني 1989، موقّعة من قبل الوقفتين الاحتجاجيتين في كل من تل أبيب وحيفا:

نناشدكم إطلاق سراح فاطمة أبو بكرة فورًا، وهي في الحجز بدون محاكمة في سجن شارون منذ 23 تشرين الثاني 1986، ونطالب أيضًا التوضيح علنًا لماذا تحتجز دولة إسرائيل، بمصادقتكم، الرجال والنساء والأطفال بدون محاكمة.

يمكن الحصول على المزيد من المعلومات حول هذه القضية وحالات التعذيب من المنظمة النسائية من أجل السجينات السياسيات، (POB 31811)، تل أبيب.

وفي وقت لاحق، صدرت هذه البرقيات باسم عدة منظمات سلام نسائية، كتنسيق من قبل الحركة النسائية من أجل السلام (النسخة المبكرة لتحالف النساء من أجل السلام). والبرقية التالية، تاريخها غير مقروء، لابد أنها أيضًا في أواخر كانون الثاني أو شباط 1989:

نطالبكم اليوم - بعد 22 عامًا من الاحتلال - أن تفتحوا فورًا كل المؤسسات التعليمية في الأراضي المحتلة، والسماح للأطفال والشباب بالعودة إلى دراستهم الطبيعية. وندعوكم لمدّ اليد من أجل السلام والتعايش مع الأمة الفلسطينية التي تقيم معنا على هذه الأرض.

"نساء بالسواد"، تاندي، HaGesher، المنظمة النسائية من أجل السجينات السياسيات، وحركة نساء من أجل السلام.

وتماشيًا مع تقاليد التسامح مع التنوّع في حيفا، أجازت الوقفة الاحتجاجية تعدّد الشعارات، رغم أنها تقاعست بخصوص شعار "تفاوضوا مع منظمة التحرير الفلسطينية"، محاباة لأولئك الذين كانوا لا يزالون يعتبرون منظمة التحرير الفلسطينية منظمة إرهابية. لكن، بمرور الزمن، أُضيف هذا الشعار حتى، وقبلت كل النساء الفكرة في آخر الأمر. واستمرت الوقفة الاحتجاجية طوال الانتفاضة، ومن ثم تفرّقت مع اتفاقية أوسلو الأولى في أيلول عام 1993.

التمدّد نحو الكيبوتز

هناك حوالي 260 كيبوتز في إسرائيل، وهي أساسًا قرى تعاونية صغيرة، يقطن في كل منها بشكل نموذجي عدة مئات من الأعضاء. ورغم أن الكيبوتز، وهو نتاج للمبادئ الاشتراكية، يملك عمومًا دائرة انتخابية يسارية، فإن امتداد "نساء بالسواد" في كافة أنحاء حركة الكيبوتز لم يكن عضويًا. وكان كيبوتز نحشون هو السبّاق في إقامة وقفته الاحتجاجية الخاصة به - مباشرة بعد أن بدأت نساء حيفا وقفتهن الاحتجاجية - لكن "نساء بالسواد" لم تمتدّ أبعد إلى حركة الكيبوتز لسنة أخرى، إلى حين تولّت عدة نساء حازمات الأمور بأنفسهن.

كانت حنا كناز، الأمريكية الجنسية من قبل، قد انتقلت إلى كيبوتز جان شموئيل عام 1965، وكانت كبيرة الممرضات هناك. وحين اندلعت الانتفاضة كان عمرها 42 عامًا. ومثلها مثل الكثيرات، صحّاها العنف على أهوال ما كان يحدث في الأراضي المحتلة، فبحثت عن "شيء ما تقوم به". وحين سمعت عن الوقفات الاحتجاجية في المدن، بدأت تستقلّ الحافلة لحضور الوقفة الاحتجاجية كل يوم جمعة، إما في حيفا أو في تل أبيب. لكن سفر ساعتين ذهابًا وإيابًا من أجل وقفة ساعة واحدة أرهقها. وبعد شهر من السفر، قررت حنا تنظيم وقفة احتجاجية بالقرب من كيبوتزها.

فاتحت حنا بعض النساء المتعاطفات في جان شموئيل، واتصلت ببضعة نساء من الكيبوتزات المجاورة. وفي كانون الثاني عام 1989، انطلقت وقفة احتجاجية عند كيبوتز جان شموئيل بحضور 35 امرأة. وفي الحال، التحق بالوقفة الاحتجاجية نساء يهوديات وعربيات من المدن والقرى المجاورة أيضًا.

كان سكرتير كيبوتز جان شموئيل مرتابًا بالوقفة الاحتجاجية، ورفض في البداية الترخيص لحنا باستعمال لوحة إعلانات الكيبوتز من أجل لصق إعلان عن قيام الوقفة الاحتجاجية. وكان الردّ: "شكل التظاهرة غير مقبول بالنسبة لنا، فالأسود رمز للحداد، ونحن لم نصل بعد إلى هذا الحد". [60] فألصقت حنا إعلانات على شجرة مرتين، لكن أحدًا ما كان مصرًّا على تمزيقها.

ومع ذاك واصلت حنا والنساء الأخريات نشاطهن، وفي الحال قامت وقفتين احتجاجيتين في كيبوتزين آخرين: مجيدو في الشمال (آذار 1989) وسمر في أقصى الجنوب (حزيران 1989). لكن الوقفات الاحتجاجية بقيت صغيرة، حيث كانت نساء الكيبوتز يضمرن شكوكًا حولها: من "وراء" حركة "نساء بالسواد"؟ وهل هذا "الطقس الأسود" طريقة بنّاءة للتعبير عن انتقاد سياسات الحكومة؟

بدأت حنا وناشطات الكيبوتز الأخريات بالبحث عن طريقة لاختراق المزيد من الكيبوتزات، ففاتحن "المنسق الإيديولوجي" لحركة كيبوتزهن[61]، طالبات منه الإعراب عن دعم رسمي للوقفات الاحتجاجية. وكان المنسق، وهو ضابط برتبة عالية في احتياطي الجيش الإسرائيلي، حذرًا تجاه النقد المتضمن في الوقفات الاحتجاجية لـ "نساء بالسواد". وطلب أن توقّع "نساء بالسواد" في الكيبوتز بيانًا يُصرِّح بالولاء للرؤية الصهيونية. فاعترضت النساء وطلبن اجتماعًا.

حدثت مواجهة ساخنة في مكتبه في تل أبيب بحضور ستة من نساء الكيبوتز: ميري غورن، شوشي هورش، حنا كناز، أفيتال شابيرا، ليلي تروبمان، وفيرا جوردان. وبعد ثلاثة ساعات من المداولات، خرجت النساء منتصرات: بدون توقيع أي تصريح أو التزام الوقفات الاحتجاجية بأي موقف إيديولوجي، ونشر المنسق رسالة في أيار 1989 إلى كل الكيبوتزات في حركته يشجّع النساء فيها للانضمام إلى الوقفة الاحتجاجية:

أعضاء الكيبوتز مدعوّون لقراء البيان التالي من قبل "نساء بالسواد" والنظر في الانضمام إلى نشاطهم. وما من شك، سيقنع الكثيرون أنفسهم أن هذا النشاط غير لائق بهم... وقد يجد فيه الآخرون فرصة للتعبير عن وجهات نظرهم بأسلوب عملي وأصيل.

دعونا لا نقوم بمجرد تثبيت الفتحات الصغيرة في الأبواب هربًا من العواصف التي تهبّ في الخارج.[62]

والأكثر أهمية أن المنسّق الإيديولوجي رخّص استخدام سيارات الكيبوتز لحضور الوقفات الاحتجاجية (إذ لم تكن تتوفر وسيلة نقل أخرى لنساء الكيبوتز)، ووافق على أن يُعتبَر الوقت الذي تمضيه حنا في تنظيم الوقفات الاحتجاجية جزءًا من مسؤولية عملها المعتاد في الكيبوتز. وفي تمام الوقت الذي وصلت فيه هذه الرسالة إلى سكرتارية الكيبوتز، نُشرت مقالة في صحيفة حركة الكيبوتز التي كانت حينذاك تغطي الوقفات الاحتجاجية بشكل مناسب تمامًا[63]. وزاد هذين الحدثين معًا بصورة مثيرة في مشاركة نساء الكيبوتز في كافة أنحاء البلاد.

ورغم ختم الموافقة من الحركة، تراوحت ردود الأفعال إزاء "نساء بالسواد" في كل كيبوتز من التشجيع الفعّال إلى العداء. فأحد أعضاء الكيبوتز قال: "سأطلق النار عليهم جميعًا"، حيث أن احتجاجنا بمثابة الخيانة بنظره. [64] ومع أن ردّ الفعل هذا كان قاسيًا جدًا، فإن الكثير من أعضاء الكيبوتز كانوا مغتاظين من وقفتنا الاحتجاجية. فحركة "السلام الآن" كانت تُفهَم كمنظمة سلام للخيار من أجل حركة الكيبوتز، واُعتبرِت مبادرات أخرى غير مخلصة. وفي حين فتحت رسالة المفوّض الإيديولوجي ثغرة في هذا الموقف، إلا أنها لم تُذلّل كل العقبات.

لكن العدوان الرئيسي، كما هو الحال دومًا، كان يأتي من السيارات التي كانت تمرّ بالقرب من الوقفة الاحتجاجية. "كان ذلك مصدرًا مستمرًا للتوتر"، تقول حنا، "كنتُ دائمًا أنتظر أن يلتقط أحدهم رشاشه العوزي ويحصد صفًا منا".

احتجاج في الصحراء: سمر وإيلات

جو الصحراء في جنوب إسرائيل قائظ طوال السنة، وقاسٍ في أيام الصيف الطويلة التي تبدأ مع تفتّح الربيع في الشمال. وقد تصل درجات الحرارة في منتصف النهار - خلال ساعة الوقفة الاحتجاجية من الواحدة إلى الثانية بعد الظهر - إلى 150، 110، بل وأكثر خلال الموجات الحرارية.

وبالتالي، كان أمرًا رائعًا جدًا أن تقرّر كل من إلين موسكويتز ودجانيت إيتاماري، وهما عضوتان في كيبوتز سمر، بعد أن سمعتا عن الوقفات الاحتجاجية التي تحدث في الشمال عن طريق صحيفة حركة الكيبوتز، أن تطلقا وقفتهن الاحتجاجية الخاصة. ووضّحت إيلين الأمر بقولها: "لم يكن هناك خيار آخر للمشاركة في العمل السياسي، ما عدا السفر إلى الشمال الذي يستغرق 4 أو 5 ساعات"[65]. واُتخِذ القرار بالبدء في حزيران 1989، وتمكنتا من تجنيد حوالي 30 شخصًا (رجالاً ونساء) للمشاركة في أولى الوقفات الاحتجاجية في سمر، بالقرب من كيبوتز يوتفاتا ومدينة إيلات. ولم يكن من السهل الوقوف بلباس أسود على الطريق السريع في شريط صحراوي ملتهب من شدة الحرارة، لكن الوقفات الاحتجاجية استمرت ثلاث سنوات.

وفي الحال، تدبّرت إيلات أمر وقفة احتجاجية خاصة بها، وقد نظّمتها هيّا إيرون ودورين ليفي. وهنا أيضًا، وقفت حوالي 30 امرأة تحت شمس الصحراء في منتصف النهار، واخترن التقاطع المزدحم الذي يؤدي إلى فنادق هذه المدينة المنتجع. لكن الوقفات الاحتجاجية في إيلات لم تَدُمْ لأكثر من سنتين، إذ توقفت بسبب حرارة الجو اللامحتملة. ولفترة من الزمن، عانت المجموعة من مضايقات الشرطة المحلية التي لم تكن ترغب بتقلبّات سياسية تؤثّر على اقتصاد قائم على السياحة. لكن جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل ساعدت المجموعة على تثبيت حقها في التظاهر.

الوقفة الاحتجاجية في السجن: مجيدو

مجيدو هو اسم لإحدى المناطق البالغة الصغر في إسرائيل، يرجع تاريخها إلى 5000 سنة. ويشهد تل أثري مجاور على غنى ماضيها. وجزء من التقليد المسيحي المرتبط بمجيدو هو أنها موقع المعركة الفاصلة الكبرى الوشيكة بين قوى الخير وقوى الشر. وإن كان مناسبًا أم لا، يقع أحد أكبر السجون في إسرائيل عند مفرق مجيدو، حيث كان يُحتَجز (ومازال) الكثير من الفلسطينيين المحكومين بجنايات متعلقة بالانتفاضة، بالإضافة إلى يهود وعرب محكومين بجرائم غير سياسية. ومفرق مجيدو، وهو تقاطع مطروق بكثافة من قبل المسافرين، هو أيضًا موقع لواحدة من أوائل الوقفات الاحتجاجية في الكيبوتز (31 آذار 1989)، بدأتها نساء من الكيبوتزات المجاورة.

وتروي ليلي تروبمان، وهي عضو في كيبوتز مجيدو، قصة المرة الأولى التي لبست فيها مع نساء أخريات ثيابًا سوداء وأقمن وقفتهن الاحتجاجية الأولى عند مفرق مجيدو:

كنا 14 امرأة نقف بصمت إلى جانب الطريق، حاملات لافتات تقول ببساطة "كفى للاحتلال". كانت تمرّ بنا الكثير من السيارات والشاحنات، لكن الوضع كان هادئًا مُنضبط بالقانون. ثم، وقبل انتهاء الوقفة الاحتجاجية بحوالي 15 دقيقة، توقّفت عدة عربات للشرطة قربنا، وترجّل رجال الشرطة منها. وبدون سابق إنذار، أمسكوا بنا، أخذا يجرّننا نحو عربة الشرطة المقفلة ودفعونا إلى داخلها. لم نحاول مقاومة الاعتقال، لكنهم كانوا عدوانيين بدون مبرر. ونقلونا إلى مركز الشرطة في المدينة الصغيرة القريبة، العفّولة، وأخذوا بصمات أصابعنا، واستجوبونا، وأبقونا في الحجز. وعندما سألناهم عن التهمة الموجّهة إلينا، أجابوا "جمعية غير قانونية"، مع أننا نعرف أن تجمّعًا بأقل من 50 شخصًا في وقفة احتجاجية صامتة لا يتطلّب ترخيصًا. لكن، إما أن رجال الشرطة جاهلين أو أنهم لم يكونوا مبالين. وحين طالبنا بحقنا في إجراء اتصالات هاتفية مع عائلاتنا ومحاميينا، لم يسمحوا لنا بذلك لعدة ساعات. وكانت إحدانا أم عازبة وتتوقع عودة طفليها الصغيرين إلى البيت في أية لحظة، لذا طلبنا من الشرطة إطلاق سراحها لوحدها فقط، لكنهم رفضوا. وكانت امرأة أخرى مريضة بداء السكر وتحتاج فورًا إلى حقنة أنسولين، لكنهم رفضوا أيضًا إطلاق سراحها. وأخيرًا، سمحوا لكل واحدة منا بإجراء اتصال هاتفي واحد. فاتصلت بعضنا بعائلاتهن، التي اتصلت بدورها بالعائلات الأخرى، بينما استخدمت الأخريات مكالماتهن للوصول إلى "جومس" (حاييم أورون، عضو الكنيست، وعضو كيبوتز أيضًا). فاتصل "جومس" بوزير الشرطة الذي حصل على وعد من رئيس الشرطة في مركز العفّولة. وأخيرًا، تم إطلاق سراحنا. وفيما بعد، وعن طريق جومس، حفظنا شكوى رسمية ضد الشرطة. وبعد تحقيق شكلي، تلقّى الضابط الكبير الذي نظّم اعتقالنا توبيخًا رسميًا. لكن بعد ذلك مباشرة، رُقّيتْ رتبته.[66]

وتقول ليلي أنه إثر هذا الحادث توقّفت الشرطة عن مضايقة "نساء بالسواد" عند مفرق مجيدو، بل وبدأت تحضر لحمايتهم، لكن بناء على طلب خاص، لكن لم تُخصّص مطلقًا دورية منتظمة للوقفات الاحتجاجية، رغم أنها كانت هدفًا للاعتداء على نحو متكرر.

كانت الوقفة الاحتجاجية في مجيدو وقفة خاصة جدًا من نواح عديدة. فأولاً، كانت الوقفة تُقام بجوار السجن تمامًا. وكان يوم الجمعة هو يوم الزيارات للسجناء، وأيضًا هو يوم إطلاق سراح من أنهوا محكوميتهم، فكانت الكثير من العائلات الفلسطينيات تتجمّع بانتظار رؤية أحبائهم السجناء. وكان الأمر ينتهي ببعض الفلسطينيين من هذه التجمع العائلي، بعد مراقبة الوقفة الاحتجاجية بريبة لبعض الوقت، إلى التقدّم والانضمام إلى الوقفة الاحتجاجية. كان هذا من الناحية الإيجابية.

أما الناحية السلبية فكانت الأكثر شيوعًا، حيث التهجّمات على الوقفات الاحتجاجية. فقد كانت مجيدو، التي لا تبعد أكثر من 4 أميال عن الحدود مع الضفة الغربية، واحدة من محطات النقل الرئيسية في أيام الجمع للجنود الذين كانوا يمضون خدمتهم العسكرية في الأراضي المحتلة ويعودون في إجازة نهاية الأسبوع. وكان الجيش ينظّم نقلهم إلى مجيدو، حيث يمكن أن يستقلّوا منها الحافلات إلى كل المناطق داخل إسرائيل. وعند وصول الجنود إلى مجيدو، كان مشهد الوقفة الاحتجاجية يثير سخطًا شديدًا لدى البعض منهم. ففي عدّة مناسبات، كان جنود غاضبون يسحبون أسلحتهم ويلقّمونها ويصوّبونها نحو النساء. ولم يكن كل الجنود سعداء بدورهم في إبقاء الاحتلال، لكن الآخرين كانوا حانقين على الوقفات الاحتجاجية، مفسّرينها كهجوم عليهم بعد أن كانوا قد عرّضوا حيواتهم للخطر، "من أجل مصلحتنا"، بقمعهم الاضطرابات في الأراضي.

ومع أن بضعة من حراس السجن اليهود شعروا بالتعاطف مع الوقفات الاحتجاجية، إلا أن بعضهم أيضًا شهروا أسلحتهم بوجه النساء. وبالإضافة إلى الأفراد من ذوي الرؤوس الحامية، كانت هناك فِرَق "كاخ" المتواجدة عادة مع مجموعات سياسية أخرى. ومما كان يزيد الوضع سوءًا أن نساء الوقفة الاحتجاجية اخترن عدم رفع العلم الإسرائيلي.

لقد جذبت الوقفة الاحتجاجية في مجيدو الكثير من النساء العربيات للانضمام إليها، حيث أن مجيدو تقع في منطقة مختلطة من العرب واليهود في إسرائيل. وكانت النساء العربيات - الإسرائيليات جسرًا لغويًا وثقافيًا نافعًا بالنسبة للنساء الفلسطينيات من الأراضي المحتلة اللواتي لا يُتقنَّ اللغة العبرية، وكنّ يتفحّصن الوقفة الاحتجاجية بفضول وهنّ ينتظرن خارج السجن.

يُعتبر مفرق مجيدو واحدًا من الطرق الرئيسية التي يسلكها العمال من فلسطينيي الأراضي المحتلة الذين يغادرون إسرائيل يوم الجمعة للعودة إلى الضفة الغربية في إجازة قصيرة ليوم واحد. وأثناء مرورهم بالوقفة الاحتجاجية، كان البعض منهم يُظهر ابتسامة مشجّعة سريعة أو إشارة "V"، وكان هذا مبعث راحة لنا، مبعثر وسط الشتائم والإيماءات الأخرى.

كما طوّرت "نساء بالسواد" في مجيدو علاقة خاصة مع نساء من جنين، المدينة الفلسطينية الأقرب في الضفة الغربية، التي تبعد حوالي ثلاثين ميلاً. وكانت البداية مع دعوة مجموعة من الرجال من جنين "نساء بالسواد" لزيارتهم، وعلى الفور طلبت النساء الإسرائيليات اللقاء بالنساء الفلسطينيات، ومن ثم تمّ ترتيب سلسلة من الزيارات والنشاطات المنتظمة. وتقول ليلي: "لم نكن شاطرات سياسيًا كنساء المدينة. كنا من الكيبوتزات، وهنّ كنّ من مدينة فلسطينية صغيرة. كنا جميعًا قرويات. لكننا امتلكنا لغة مشتركة بسبل عدّة".

كانت اللقاءات، في بادئ الأمر، بهدف المحادثة والاستماع إلى توصيف للحياة في ظل الاحتلال، ومن أجل اللقاء في البيوت وتبادل الخبرات العائلية. ومن ثم كانت زيارات لأماكن عملهن: رياض أطفال، محلات تصفيف الشعر، مكاتب، مدارس. وفي مرحلة لاحقة، بدت لمسات صغيرة متبادلة من اللطف وسماحة النفس: نساء الكيبوتز يجمعن دمى وألعاب لبرامج ما قبل المدرسة في جنين، ونساء جنين يُعددن أطعمة شهية خاصة تكريمًا لصديقاتهن الإسرائيليات. وأقيمت أنشطة مشتركة، بما في ذلك سلسلة من مجموعات النقاش تحت إدارة مشتركة: امرأة إسرائيلية وأخرى فلسطينية.

وفي أحد الأيام، خلال زيارة ودّية إلى جنين، حضر الجنود الإسرائيليين فجأة وبدؤوا باعتقال النساء اللواتي لم يكن يعرفن أن حظرًا للتجوّل قد أُعلن وأنه من المفترض بهن أن يبقين داخل البيوت. وتتذكر ليلي: "كان ذلك مفيدًا جدًا. فلقد أدركنا للمرة الأولى معنى أن لا يكون مُسيطرًا على حياتك الخاصة من قبل أحد، معنى ممارسة الجيش لقوّته على نحو تعسّفي وغير متوقّع. وعندما بيّنت "نساء بالسواد" أنهن إسرائيليات، تركهن الجنود وحاولوا اعتقال النساء الفلسطينيات، لكن النساء الإسرائيليات رفضن السماح باعتقال الفلسطينيات وأمضين الساعات القليلة التي تلت في الدفاع عنهن ومحاولة إعادتهن بأمان إلى بيوتهن. وتقول ليلي: "عدنا تلك الليلة إلى منازلنا ونحن أفضل إطلاعًا وأعمق التزامًا من ذي قبل بإنهاء الاحتلال".

سألت ليلي عمّا بقي لديها بعد خمس سنوات من التجارب العصيبة كامرأة بالسواد. فكان ردّها الأول: "كان عظيمًا"، ثم تلت عليّ القائمة:

أ - كانت المرة الأولى التي أعمل فيها مع مجموعة نسائية محضة، الأمر الذي كنت أتفاداه فيما مضى. واليوم، عملي هو النهوض بقضايا النساء في الكيبوتز، بالعمل خارج إطار مقر الحركة في تل أبيب. لذا، من الواضح أنني تغيّرت كثيرًا بخصوص هذا الموضوع.

ب - منذ انتقالي من تشيلي إلى إسرائيل، لم أكن مشاركة سياسية على الإطلاق. وعبر "نساء بالسواد"، التقيت بنساء فلسطينيات مواجهة للمرة الأولى. فأصبحت ناشطة سياسية، وتحولت وجهات نظري من موقع أكثر ليبرالية إلى موقع أكثر راديكالية.

ت - كانت "نساء بالسواد" ركيزة عاطفية بالنسبة لي، فضاء شعرت بالانتماء إليه، نوع من مجموعة الدعم. تشاركت مع هؤلاء النساء بالكثير من القيم والتجارب الهامة، في وقت كنت أشعر فيه أنني منعزلة عن الكثير من محيط المجتمع الإسرائيلي. كانت "نساء بالسواد" بيتًا".

صندوق خِيار من أجل السلام: نحشون

أخيرًا، إليكم قصة صندوق خِيار من كيبوتز نحشون الذي يبعد حوالي 30 كيلومتر غرب القدس. كان كيبوتز نحشون أول من نظّم وقفة احتجاجية في الكيبوتزات، ابتداء من آذار 1988، عندما علّق عضو الكيبوتز تال بن - إسحق إشعارًا فحضرت 10 نساء. ومن ثم بدأت النساء بالتوافد من الكيبوتزات المحيطة ومن نيف شالوم (واحات السلام)، القرية العربية - اليهودية الوحيدة المتساوية بين الطرفين في إسرائيل. كما كان في الوقفة الاحتجاجية في نحشون بضعة رجال بشكل منتظم. ومنذ تاريخ هذه الكتابة، واصلت نحشون تنظيم وقفات احتجاجية منتظمة.

ومع أنني يمكن أن أسرد بلا نهاية قصصًا من كل الوقفات الاحتجاجية التي أُقيمت في إسرائيل، إلا أنني سأكتفي بهذه القصة من نحشون.

ذات يوم، وأثناء وقفة احتجاجية، توقفت شاحنة عربية من الخليل بالقرب من الوقفة الاحتجاجية. وترجل منها شاب وتقدّم باتجاه النساء حاملاً صندوق خِيار، ووضعه قرب الوقفة وعاد أدراجه إلى الشاحنة التي انطلقت. كان في داخل الصندوق، بالإضافة إلى الخِيار، رسالة باللغة العربية، جاء فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم،
إلى الناس الذين أحبهم وإن كنت لا أعرفهم،
الأخوة والأخوات الأعزاء.

أقدّم لكم مباركتي وتعبيري عن الاحترام. فرغم كل أشكال القمع والإذلال والحرمان التي أعيش فيها كفلسطيني، ورغم ما تعرّض له أبناء شعبنا هنا وفي الخارج طوال عشرات السنين، ورغم المآسي التي أشهدها يوميًا في طريقي من الخليل إلى غزة. عندما شاهدتكم للمرة الأولى عند تقاطع الطرق، شعرت حتى أعماق قلبي أن هناك أخوة وأخوات من الشعب الإسرائيلي يناضلون من أجل المبادئ الإنسانية لهذا العصر الحديث. وبلا ريب، سننتصر جميعًا في النهاية، بمعونة الرب.

لا أدري من أيّ من المشاق، التي علينا التغلّب عليها يوميًا، أبدأ. لكني سأخبركم باختصار: لقد تحوّلت حياتنا إلى جحيم، ولا من معين. لكن كلّي يقين أن نشاطكم يساهم كثيرًا بالحيلولة بيننا وبين الشعور باليأس بأن الجميع ضائعون.

أصدقائي، أودّ أن أقول لكم بكل إخلاص أنه يمكننا مقاومة هذا الوضع المؤلم، القائم منذ سنوات عديدة، بالصبر والأمل، إذا كان هذا هو قدرنا. لكن نظرًا لأنه مُقدَّر على الشعب الفلسطيني أن يعيش معكم على وجه هذه الأرض، فإنه لزامًا علينا جميعًا، إسرائيليين وفلسطينيين، أن نكرّس جهودنا في سبيل التعايش والسلام الذي سيوحّدنا في الحب والتعاون وبناء مستقبل من أجل الأجيال القادمة.

أرسل لكم هذا الخِيار للتعبير عن مشاعر الاحترام والتقدير. وقد أرسلته مع ابني الصغير، لكي يعرف هذا الفتى ذو العشر سنوات أن ليس كل الإسرائيليين حرّاس حدود أو جنود أو رجال شرطة أو جباة ضرائب. لقد عانى الإسرائيليون كثيرًا في الماضي، ونحن كشعب نعاني اليوم. لقد ضحّيتم، بينما نحن نضحّي الآن. ولكم الحق أيضًا في الأمن والسلام وحياة حرّة كريمة بلا خوف أو حزن. يقول المثل الصيني أن كل رحلة تبدأ بخطوة صغيرة. وأنا أقدّر بعمق خطواتكم الشجاعة التي ستوصلنا جميعًا، بعون الرب، إلى شواطئ الحب والسلام.

ليحرسكم الله ويهبكم طول العمر.[67]

*** *** ***

horizontal rule

[51] مقابلة شخصية، 8 نيسان 1996.

[52] نبيلة اسبانيولي، استجابة النساء الفلسطينيات في إسرائيل على الانتفاضة، في باربارا سويرسكي ومارلين ب. سفير (تحرير)، دعوة إلى مساواة مخادعة: النساء في إسرائيل، نيويورك: مطبعة بيرغامون، 1991، ص 152 - 161.

[53] المرجع السابق.

[54] ـ نبيلة اسبانيولي، "النساء الفلسطينيات في إسرائيل: الهوية في ضوء الاحتلال"، في المرأة والاحتلال الإسرائيلي: سياسة التغيير، تامارا ماير (تحرير)، لندن ونيويورك: روتليدج، 1994، ص 106 ـ 120.

[55] كان هذا بناء على عدد السيارات التي أحصتها النساء خلال عدة وقفات احتجاجية، مضاعفة بمعدل تقديري لراكبين اثنين في كل سيارة. وفي حين أنه ربما كان هناك مسافرين أقل في كل سيارة، فإن هذا يُعوِّض عنه الكثير من الحافات التي كانت تمر، والتي كانت كل منها تُحتسَب أنها تقلّ شخصين كمعدل. من مقابلة مع المشاركات في الوقفة الاحتجاجية في تل أبيب ديتا بيترمان وديبي ليرمان وراشيل أوسترويتز، 2 أيار 1996.

[56] ناحمان جيلبوا، كل شيء دائمًا صدفة،  Al HaMishmar،7 أيلول 1990 ]بالعبرية[.

[57] المرجع السابق.

[58] المرجع السابق.

[59] مقابلة شخصية مع نبيلة اسبانيولي، 22 نيسان 1996.

[60] غوغا كوغان، "Yom Shishi At Yoda’a Al HaMishmar، 19 أيار 1989 ]بالعبرية[.

[61] تُصنّف الكيبوتزات في ثلاثة "حركات" رئيسية، تعكس كلاً من الورع الديني ووجهات النظر السياسية للأعضاء. وكيبوتز ها - آرتزي، الأكثر نزوعًا في الحركات للتيار اليساري، يوحّد 80 كيبوتز تقريبًا، وهذه هي الحركة التي معظم الكيبوتزات التي أقامت وقفات احتجاجية استقطبت منها، بما فيها جان شموئيل. وشاركت أيضًا نساء من Takam بشكل فردي لم يكن مدعومًا رسميًا من قبل حركتهم مطلقًا.

[62] رسالة من داني غال، بتاريخ 16 أيار 1989، محفوظة في ملفات حركة كيبوتز ها - آرتزي.

[63] غوغا كوغان، "Yom Shishi At Yoda’a".

[64] المرجع السابق.

[65] اتصال شخصي، شباط 1996.

[66] مقابلة شخصية، 31 آذار 1996. وكل الاقتباسات اللاحقة من ليلي في هذا الفصل مأخوذة من هذه المقابلة.

[67] ماكسين كوفمان نون (تحرير)، المقاومة الخلاقة: حكايا العمل اللاعنفي من قبل مجموعات مقرها إسرائيل، القدس، مركز المعلومات البديلة، تموز 1993.

 

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود