عن كتاب "التاسوعية"

 

نبيل سلامة

 

ما هي التاسوعية؟

إنها علم أنماط البشر، وتتلخص في تسعة أنماط تتجمع وفق نجمة ذات تسع نقاط تتموضع على منحني دائرة.

لماذا "تسعة"؟ يقول علماء الفلك منذ القِدَم بتسعة كواكب، أي تسعة مبادئ أو قوى فاعلة في نظامنا الشمسي، حالما تتكامل فيما بينها وتندمج يظهر العدد "عشرة" وهو عدد اكتمال الدورة الفلكية، واكتمال الرؤية، والرحلة الداخلية بالوصول إلى عتبة العدد "عشرة".

ولعل العدد "تسعة" هو عدد التطور بامتياز. فالجنين يقيم في رحم أمه "تسعة" أشهر، و"التسعة" هو عدد السرانية حيث يمثل الرحلة الداخلية، والحياة النسكية فورقة "الناسك" في التارو (تارو مارسيليا) يحمل العدد "تسعة".

وفي القباله أيضًا يحتل العدد "تسعة" أهميته في شجرة الحياة، وفي المسيحية نسمع بالمواهب التسعة للروح القدس، وفي التكوين الميثولوجي للأسطورة الماسونية، أيضًا العدد "تسعة" له دلالته فالذين قتلوا مهندس الهيكل "حيرام" هم ثلاثة، أما "التسعة" الآخرون فهم الذين بحثوا عن جثمان المعلم أو الأستاذ "حيرام" الذي تم إخفاؤه لكي يغطوا على جريمتهم عن الأنظار. وهؤلاء الثلاثة يمثلون في دورة الطبيعة شهور الشتاء (موت الطبيعة)، أما "التسعة" الآخرون فهم يمثلون شهور السنة التي تمثل دورة الحياة متمثلة بانبعاث الطبيعة في الربيع ونضوجها في الصيف وشيخوختها في الخريف.

وكما قلنا سابقًا إن نظامنا عشري، و"التسعة" تمثل العتبة نحو اكتمال الدورة.

إذن ثمة "تسعة" أنماط تبدأ بالتكون والتمايز منذ السنوات الأولى من طفولة كل واحد منا.

الطفل في سنيه الأولى يتجول وعيه على نحو دائري، وطاقته تجري بحرية كاملة فالإنسان هو طاقة أولاً وأخيرًا. ولكن أثناء وجوده في الرحم، ومع صدمة الولادة، وأثناء سنيه الأولى يحدث فجأة تغير على هذه الطاقة وتبدأ عملية التقولب، فهذا التقولب يخلق ما يسمى بالطبع حيث ينغلق عن الأنماط الثمانية الأخرى. فالطبع أو النمط هي طاقات علينا اتخاذها بعين الاعتبار، وبمقدورها تزويدنا بها في رحلتنا الداخلية نحو اكتشاف الذات وصولاً إلى مرحلة التحول وإسقاط الطبع وتصفيته نهائيًا وتحرير الطاقة من قالبها وإعادتها إلى حركتها الدائرية أي التواصل مع جوهره أي مركزه أو حقيقة نفسه، فللتعرف على الطبع وقبوله لابد من الألم في الرحلة حتى نعيد الحركة إلى جريانها الطبيعي.

ومع ذلك فبعد السنوات الأولى من تكون النمط أو الطبع نستطيع أن نميز الرحلة القدرية بضرباتها الموجعة التي تكوِّن ثلاثة أنواع لكل طبع، وهي "الحالة الانحصارية" حيث نشهد جمودًا موجعًا ومؤلمًا للطاقة في داخلنا في حيز ما أو أكثر من حيز سوف نشهدها في الأنماط التحتية. والحالة الثانية وهي "الحالة العادية" أي تلك التي تكون فيها الطاقة في حالة القالَب أي مقولبة. والحالة الثالثة وهي الحالة التي وجدت فيها الطاقة حريتها وعادت إلى حركتها الدائرية "إن لم تعودوا فتصيروا كالأطفال فلن تدخلوا ملكوت السماوات".

ومن الجدير بالذكر حول موضوع "التاسوعية" أن العدد "تسعة" له علاقة قوية مع العدد "ثلاثة". فالثلاثة هو عدد روحي بامتياز فهو عدد الخلق كما نراه في الثالوث الهندوسي "براهمان، فيشنو، شيفا". أي أن فعل الخلق يتمثل بـ"براهمان"، وفعل الحفاظ على الخلق يتمثل بـ"فيشنو"، وفعل تدمير الخليقة يتمثل بـ"شيفا". وفي اليوغا هناك ثلاثة قوى "ساتفا، راجاس، تاماس"، ورمز العالم الروحي في الثالوث المسيحي، والأبعاد الثلاثة للفراغ "الطول والعرض والعمق". والحقيقة أن 3 X 3= 9، فـ"التسعة" هو "الثلاثة" في "الثلاثة".

فـ"الثلاثة" تتجلى كقوى ثلاثة رئيسية فاعلة في "التاسوعية" من خلال المثلث الداخلي ضمن نجمة "التاسوعية" (3-6-9) وهي من مضاعفات الثلاثة كما رأينا وهذه الأرقام هنا هي أرقام الأنماط التي يحمل كل واحد منها رقمه بالتسلسل.

وأيضًا للتسعة علاقة حميمة مع العدد "سبعة" الذي هو رمز للكمال أيضًا والقوة الكونية في تجلياتها: النغمات الموسيقية السبعة، وفتحات الوجه السبعة، وألوان الطيف الأبيض السبعة، وأيام الأسبوع السبعة... الخ.

أولاً: 1/3= 0.333333…….

ثانياً: 1/7= 0.142857142857….

إذن يضاف إلى هذه الأعداد "الستة" المثلث المركزي، فتنشأ لدينا النجمة "التاسوعية".

ملاحظات:

-       من الخطأ أن ننغلق في نمط واحد لأن الأنماط كلها موجودة فينا، ولكن نمطًا واحدًا مهمينًا هو الأكثر بروزًا، ولذلك فمن الضرورة بمكان التعرف على الأنماط كلها كقدرات فاعلة أو طاقات نستعيد الاستفادة منها.

-       عندما نفهم الأنماط الأخرى نصبح أكثر تعاطفًا وانفتاحًا على الآخرين بسبب فهمنا لبنية طبع كل واحد منهم. هذا من جهة، وردود أفعالهم من جهة أخرى عند حالات التوتر الشديد أو عند حالة شعورهم بالأمان.

-       "التاسوعية" هي اكتشاف حدسي لقوانين النفس والروح.

-       تقودنا "التاسوعية" إلى تحول داخلي.

-       التعرف على "النمط" يتيح لنا معرفة إشراطاتنا التي تقيدنا فيما يُعرَف بسمة الطبع، وفيما بعد بالأهواء وفقاً لمنظور "التاسوعية".

-       التعرف على الصورة التي نكونها عن أنفسنا.

أيضاً من المهم الإشارة إلى إمكانية استفادة علوم روحانية وسرانية من هذا المنهج - أي "التاسوعية" - وكذلك علوم النفس، وأيضًا علوم الاجتماع وعلم الاجتماع السياسي وعلم الاجتماع النفسي، وغيرها. فهناك النمط "الثمانية" الذي هو النمط المستبد في حالته "الانحصارية"، وهو النمط الذي تنشأ عنه المجتمعات ذات طابع سياسي ديكتاتوري. هناك النمط "ثلاثة"، وهو النمط الذي يسعى إلى النجاح والرفاهية، ويكون على المعيار المثالي أو النموذجي للمجتمع أو الثقافة القائمة، وهو يمثل بامتياز المجتمع "الأميركي". أما النمط "ستة" وهو النموذج الوفي للأوامر الغيبية، وغيرها من ولاء للقادة، فقد ظهر في حالته "الانحصارية" في المجتمع "النازي" والمجتمعات "الفاشية" القديمة.

أما النمط "تسعة" في حالته العادية أو حالته المتحررة، فهو أفضل نموذج يستطيع أن يمارس دوره في حل النزاعات الدولية والإقليمية والمحلية من خلال لغة الحوار التي يعتمدها مع كل الأطياف المتنازعة، فالنمط "تسعة" هو النمط الذي يخلق مصالحة داخلية عميقة يستطيع من خلالها الشروع في حوار وتمثُّل الأنماط الأخرى كلها في داخله.

النمط "سبعة"، وهو النمط "الأبيقوري"، نستطيع رؤيته على أكمل وجه في مجتمعات أميركا اللاتينية، وخصوصًا المجتمع البرازيلي الناهض بمشاريعه الكثيرة والتي هي فوق طاقته كما رأينا مؤخرًا من تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم، وفي السنة القادمة تنظيمه للألعاب الأولمبية...، وهو في حالة اقتصادية نوسانية وتخبط وضياع، وفي الوقت نفسه نرى الفرد البرازيلي فردًا لا يأبه كثيرًا بالمستقبل بقدر ما يعيش لحظته متمثلاً على نحو جلي من خلال عملي الأديب البرازيلي "جورج أمادو" في (زوربا البرازيلي).

اكتشاف النمط

التعرف على النمط يعني التعرف على القالب الذي تدور فيه الطاقة أو تنحصر ضمنه. وبالتالي فإن اكتشافه يعني العمل على تحرير هذه الطاقة أي الطاقة النفسية أو الليبيدو أو حتى طاقة الوعي، والعمل من ثم على إعادتها إلى حركتها الدائرية. فلابد من وعي هذا القالب أولاً، لكي نتحرر منه، ولكي نحرر الطاقة من انحصاراتها الداخلية، تلك الانحصارات التي تخلق لنا العديد من المشاكل. فاكتشاف النمط وقبوله يواكبه أحيانًا الألم، فعلينا أن نكون مستعدين للألم فيما إذا أردنا الشروع في حياتنا الداخلية باكتشاف الذات التي تبدأ باكتشاف النمط وقبوله، وهكذا ندرك نقاط ضعفنا وإشراطاتنا (سمة الطبع "الهوى")، ودفاعاتنا النفسية.

ملخص سريع للأنماط من كتاب "هيلين بالمر" (التاسوعية):

الأنماط التسعة

-       الكمالي

إنهم ناقِدون لذواتِهم، وللآخرين. وهم على يقين بأنه ما من طريقٍ صائب إلا واحد فقط. يشعرون أخلاقيًا بفوقيَّتِهم على الآخَرين. ويماطلون لخوفِهم من اقتراف خطأ ما. ويستخدِمون كثيرًا الفِعلَين: يجب، ويحتاج كذا... الخ.

يستطيع الكماليون المتطوِّرون أن يكونوا عميقين على نحوٍ يتجاوز الحدود المألوفة، وهم في الحقيقة أبطال الوجدان.

-       المانِح

يتطلَّبون الموَدَّة والقبول. ويسعَون إلى أن يكونوا محبوبين ومقدَّرين من قِبَل الجميع، فيجعلون من أنفسهم لا غنى عنهم بالنسبة للآخرين. يُصمِّمون على إشباع حاجات الغير. وهم متلاعِبون أيضًا. فلديهم عدة أنوَات – يُظهِرون "أنا" مختلف أمام كل صديق طيب. يغوون الآخَرين بخشونة.

يعرف المتطورون ذوو الرقم "اثنان" كيف يمنحون الدعم والمُلاطَفَة العفويَّيْن.

-       المتمرِّس

يسعون لأن يكونوا محبوبين من خلال قيامهم بدور ما، ومن خلال الفتوحات التي يحققونها. وهم منافسون مهووسون بصورة المنتصِر من خلال مقارنة أنفسهم مع الآخرين. وهم ماهرون في المخادعة. شخصية ذات نمط A. يخلطون الأنا الحقيقي مع الهوية المِهَنية. وبمقدورهم الظهور على نحو أكثر إنتاجية مما هم عليه فعلاً.

يستطيع المتطورون ذوو الرقم "ثلاثة" أن يكونوا زعماء فعَّالين، وحازمين جيدين، ومروِّجين ذوي كفاءة، ورؤساء فرق رياضية فائزة.

-       الرومانسي التراجيدي

إنهم منجذِبون لما هو بعيد المنال، مثالُهم ليس هنا والآن إطلاقًا. هم تراجيديون، وحزينون، وذوو ميول فنية، وحسَّاسون، ومتمركِزون على حب غائب، وعلى خسارة صديق.

إن المتطورين ذوي الرقم "أربعة" خلاَّقون في أسلوبهم الحياتي، وقادِرون على مساعدة الآخرين في تجاوز معاناتهم. إنهم ملتزِمون بالجمال والحياة العاطفية: في الولادة، والجنس، وانفعاليتهم إزاء الموت.

-       الراصِد

يُبقون أنفسَهم على مسافة انفعالية في علاقاتهم مع الآخَرين. يحافظون على خصوصيتهم، ولا يورِّطون أنفسهم في شيء البته. الاستغناء هو آلية دفاعهم ضد التورط في أي شيء. ويشعرون أنفسهم مُستنفَدين فيما لو التزموا بشيء ما، وينطبق الأمر نفسه لو شعروا بأنه مُلزَمون بحاجات الغير. يُجَزِّئون واجباتهم، وهم غير مكترثين لا بالآخَرين، ولا بالمشاعر، ولا بالأشياء.

يستطيع المتطوِّرون ذوو الرقم "خمسة" أن يكونوا محكِّمين ممتازين، ومستشارين، وعقلانيي برج من العاج، ورهبان ممتنعين عن شرب أي نوع من الكحول.

-       محامي الشيطان

إنهم جبناء، ويقومون بالواجب، وهم يعانون العذاب بسبب ريبتهم. مماطلة – يحل الفكر محل الفعل – يخشون اتخاذ مبادرة لأن تسليط الضوء عليهم يعرضهم للهجوم. يتماهون مع أسباب الظلم الاجتماعي، وهم ليسوا سلطويين، وناكرون لذواتهم، وأوفياء للقضية التي يؤمنون بها. والحقيقة أن هناك نوعين للنمط "ستة" أحدهم: يضم الرهابيون (الفوبيون)، وهم غالبًا ما يترددون في اتخاذ أي قرار، ولديهم شعور بأنهم ملاحقون، وينهارون عندما لا يجدون مخرجًا لهم. أما النوع الثاني للنمط "ستة" فهم العكسيون للرهاب (الفوبي)، ولكن شعورهم مستمر بأنه يُضيَّق عليهم، ويخرجون بالتالي لمواجهة الذعر بشكل عدائي.

يستطيع المتطورون ذوو الرقم "ستة" أن يكونوا لاعبين ممتازين ضمن فريق رياضي، وجنودًا أوفياء، وأصدقاء طيبين. وهم مستعدون للدفاع عن قضية بالمقدار نفسه الذي يعمل فيه آخرون في سبيل ربح شخصي.

-       الأبيقوري

إنه شخصية بيتر بان، الـ Puer aeternus – الطفل الأبدي. الأبيقوريون مولعون بأشياء يحبونها أو يقومون بها لا عن واجب، وإنما عن تولع. وهم عاشقون متقلِّبون، يستعمِلون غرض متعتِهم مرة واحدة، سطحيون، مغامِرون، يؤوِّلون الحياة من حيث مذاقها، ولديهم مشاكل مع الالتزامات، فهم يريدون إبقاء الخيارات مفتوحة أمامهم، ويريدون البقاء انفعاليًا في الأعالي. وهم مرحون عمومًا، يحفِّزون الوسط المحيط، وعادتُهم أن يبدأوا الأشياء من دون إكمالها حتى النهاية.

إن المتطورين ذوي الرقم "سبعة" تأليفيون جيدون بين الأشياء، ونظريون جيدون، وهم من النماذج النهضوية.

-       صاحب العمل

يحمون الآخرين إلى أقصى حد. ويتخذون على عاتقهم الدفاع عن أنفسهم، وعن الأصدقاء؛ وهم ميالون للقتال، ويتولون القيادة، ويحبون الشجار حتى العبادة. وما يحتاجون إليه غالبًا هو أن تكون الأشياء تحت سيطرتهم. ولديهم مظاهر واضحة للغضب والقوة، ويكنُّون احترامًا كبيرًا للمعارضين الذين يقاوِمون ويصارِعون. يتحقق اتصالهم مع الآخر من خلال ممارسة الجنس، ومجابهات وجهًا لوجه. وغالبًا ما يتجاوزون حدودهم الطبيعية في تعاطيهم للأشياء. وينعكس ذلك كله من خلال أسلوبهم في الحياة: فكذلك الأمر فيما نلاحظه لديهم: كميات زائدة عن اللزوم دومًا، ويسهرون حتى ساعات متأخرة من الليل ونموهم أعظمي.

إن المتطورين ذوي الرقم "ثمانية" زعماء ممتازون، خصوصًا في ممارسة دور الخصم. وهم قادرون على تقديم دعم هائل لأشخاص آخرين، ويريدون أن يجعلوا الطريق آمنًا بالنسبة للأصدقاء.

-       الوسيط

إنهم مزدوِجو النزعة على نحو هوسي. يرون كل وجهات النظر. يستبدلون بسرعة رغباتهم الخاصة برغبات الغير، ويستبدلون أيضًا أهدافًا واقعية بنشاطات أخرى ليست ضرورية. لديهم نزعة لتخدير أنفسهم من خلال الطعام أو التلفاز ومن خلال المشروب. يعرفون حاجات الغير بشكل أفضل من حاجاتهم الخاصة: يميلون إلى التخيل الواهم، ليس لديهم يقين بأنهم يريدون البقاء هنا أو لا، أو أنهم يريدون الانتماء إلى هذا الفريق أو لا. لطفاء؛ يخرج عضبهم بشكل غير مباشر.

يشكل المتطورون ذوو الرقم "تسعة" وسطاء ممتازين، ومستشارين، ومفاوضين، ويتوصلون للكثير عندما يركزون، وينتبهون للمهمة في مسارها.

الأنماط التحتية

لكل نمط ثلاثة مراكز ثِقَل أساسية: "المركز العقلي"، ويتموضَع في الرأس. "المركز الانفعالي"، ويتموضع في القلب، "المركز الغرائزي" ويتموضع في البطن.

الأنماط التحتية تخص المركز الأخير "الغرائزي" لأنه غالبًا ما يطغى عليه طابع اللاوعي أو اللاشعور ولذلك نسميه غرائزيًا.

وفقًا للترتيب في منطقة البطن حيث مركز اللاوعي والأنماط التحتية، فهناك أولاً: غريزة السيطرة ومنها تنشأ العلاقات الاجتماعية (اللقاءات الاجتماعية) أي البحث عن الجماعة والعلاقة الاجتماعية وما يفضي عنه من قلق إزاء "المكانة الاجتماعية".

ثانيًا: الغريزة الجنسية وهي تتضمن العلاقات الحميمة والعلاقات الأخرى بين شخصين وتفضي إلى قلق إزاء الصورة الذكورية والصورة الأنثوية.

ثالثًا: غريزة البقاء وهي تتضمن علاقتنا مع أنفسنا في صراعنا من أجل بقائنا الشخصي على قيد الحياة وتفضي إلى قلق إزاء الشعور بالأمان.

تروي الحكاية: "جلس راعي بقر على مقعد صغير ذي قوائم ثلاثة لكي يباشر بحلب بقرة. والحليب هنا يرمز إلى غذاء التعاليم، أو غذاء الحياة. ولكن إحدى قوائم المقعد الصغير كانت معطوبة، وهكذا فأثناء قيامه بحلب البقرة كان حقل إدراكه يميل باتجاه القائمة المعطوبة لمقعده".

إذن، نلخص الأنماط التحتية على ثلاثة مستويات هي:

-       الجنسوية

-       العلاقات الاجتماعية

-       مسائل الحفاظ على الذات والبقاء على قيد الحياة

الأنماط التسعة والمراكز الثلاثة

يهيمن "المركز الغرائزي" (البطن) على الأنماط (1، 8، 9) حيث أن مركز الجذب بالنسبة لهذه الأنماط يكمن في (البطن) فهنا توجد المواد الأولية لوجودنا. ونستطيع التكلم هنا عن أنماط ذي طابع جنسي، أي الأنماط التي تتفاعل على نحو عفوي في اللحظة الحاضرة من دون تدخل العقل وبالتالي فهي تتفاعل على نحو غرائزي أكثر مما هو عقلاني.

يهيمن "المركز الانفعالي" (القلب) على الأنماط (2، 3، 4) وهي أنماط اجتماعية.

يهيمن "المركز العقلي" (الرأس) على الأنماط (5، 6، 7) وهي أنماط تبحث عن البقاء على قيد الحياة أو الحفاظ على الذات.

الأجنحة

يتأثَّر كل نمط ببعض السمات التي يتصف بها الجاران اللذان هما نمطان على منحني دائرة "التاسوعية" واحد عن يمينه وآخر عن يساره، ويعملان على توازنه.

وهاتان الطاقتان الكامنتان في الجناحين تظهران كما ذكرنا وفقاً للحالة التي يظهر فيها النمط (الانحصار) أي غير ناضج، و(عادي)، أو (متحرر) أي ناضج.

العمل على الجناحين هو الخطوة الأولى الهامة نحو تكامل شامل للشخصية ككل.

عمومًا يتطور جناح واحد فقط خلال النصف الأول من العمر. وبالتالي تقوم مهمة النصف الآخر من العمر على الاهتمام بالجناح الآخر الذي لا يزال في سبات.

إن الهيمنة المسبقة لأحد الجناحين تؤثر بقوة على البنية العامة للشخصية.

من الجدير بالذكر أنه توجد فئة من الأشخاص تتماهى وقتًا طويلاً مع أحد جناحي النمط الأساسي لهم، فيخطئون بمعرفة نمطهم الخاص بهم، ومن الأهمية بمكان في الوصول إلى الحالة الثالثة لطاقة نمطهم أي (التحرر) أن يتعلموا قبول طاقتهم الأساسية والتعرف عليها سواء كانت في حالة (انحصار) في حالتها الطبيعية، وإدراك الخطأ على أنه تماه مع أحد الجناحين وليس ذلك التماهي هو نمطهم الحقيقي.

ومن جهة أخرى، غالبًا ما تصدر ردود أفعال الآخرين غريبة عنا، تصدر أحيانًا من نمط وتسبب لنا الشعور بالإحباط... لماذا يتصرف هذا المرء على هذا النحو؟، ألا يجب أن يتصرف على النحو كذا لطالما أن نمطه كذا؟ لماذا إذن يتصرف على هذا النحو؟! هذا ما لم توضحه الدكتورة هيلين پالمِر في كتابها إلا فيما يُسمَّى (تاسوعية علم الأمراض) وفي الملحق البحث الأمبريقي الأخير من الكتاب، لكنه غير كاف، وهنا في هذا السياق، وفي العنوان التالي أي "الأجنحة"، ونقاط التوتر تشرح لنا خلفية هذه التصرفات، وردود الفعل. ففي سياق الأجنحة هناك الحالات الثلاث التي نتعرف من خلالها على الجواب على أسئلتنا أعلاه، وإذاك نفهم أكثر وضع الآخر كما هو، فنصبح أكثر تعاطفًا معه.

اثنان

واحد

تسعة

مرائي

في حالة الطاقة (انحصار)

غير متسامح

مراقب

في حالة الطاقة (العادية)

لا شخصي

محب

في حالة الطاقة (متحرر)

دقيق (على صحة)

ثلاثة

اثنان

واحد

محاسِب

في حالة الطاقة (انحصار)

محاكم للآخرين

متكيف

في حالة الطاقة (العادية)

طموح

محبوب

في حالة الطاقة (متحرر)

مشجّع

أربعة

ثلاثة

اثنان

متشدّق

في حالة الطاقة (انحصار)

ماكر

متطلب

في حالة الطاقة (العادية)

مغوٍ

حدسي

في حالة الطاقة (متحرر)

حساس

خمسة

أربعة

ثلاثة

مُعتِم

في حالة الطاقة (انحصار)

هوَسيّ

غامض، مُلغّز

في حالة الطاقة (العادية)

مُمتلَك بالسعي للنجاح

مبدع

في حالة الطاقة (متحرر)

فائز

ستة

خمسة

أربعة

مُرتاب

في حالة الطاقة (انحصار)

يائس

تمنعه صراعاته الذاتية من التعبير عن ذاته

في حالة الطاقة (العادية)

حساس/نزق، سريع التأثر

مثابر، مجتهِد، كدود

في حالة الطاقة (متحرر)

مُلهَم

سبعة

ستة

خمسة

مرعوب

في حالة الطاقة (انحصار)

متعجرِف

متذمّر، مُدَمدِم

في حالة الطاقة (العادية)

مهتم باحترام الشرع بدقة

ودود

في حالة الطاقة (متحرر)

فطِن

ثمانية

سبعة

تسعة

طماع

في حالة الطاقة (انحصار)

يبحث عن رضا الآخرين

اجتماعي

في حالة الطاقة (العادية)

حامٍ، مدافع

زعيم

في حالة الطاقة (متحرر)

فرِح

تسعة

ثمانية

سبعة

بارد الطبع

في حالة الطاقة (انحصار)

انفجاري

مُسيطِر

في حالة الطاقة (العادية)

نزعة لاستغلال العلاقات للمصالح الخاصة

قلب طيب، لطيف

في حالة الطاقة (متحرر)

شهم، كريم النفس

واحد

تسعة

ثمانية

اعتباطي، استبدادي

في حالة الطاقة (انحصار)

منتقِم

راضٍ عن نفسه

في حالة الطاقة (العادية)

حسّي

نقي

في حالة الطاقة (متحرر)

لطيف وقوي

الأسهم

هناك أولاً أسهم المثلث المركزي: 6 3 9

وهناك أسهم الأعداد التي رأيناها في مقدمة البحث الناتجة عن قسمة الواحد على السبعة وهو: 0.1428571428571…..

أي: 1 4 2 8 5 7 1

وتمثل "الأسهم" حالة النمط وفقًا لاتجاه السهم المنطلِق نحوَ نقطته على منحني الدائرة "نقطة توتره أو ضغطه أي الـ Sterss، أما الحالة المعاكسة لجهة السهم المنطلِق من نقطته على منحني الدائرة "نقطة شعوره بالأمان"، وهنا فهو بحالة استقبال للطاقة الإيجابية للنمط الذي يتصل به عبر السهم المنطلِق من نقطته بحالة عكسية.

ويذكر بعض الدارسين لـ"التاسوعية" أن النمط عندما يتجه إلى نقطة توتره يكون ضمن حالة الطاقة (الانحصارية)، وأن النمط عندما يستقبل طاقة النمط الإيجابية أي عندما يكون عند نقطة شعوره بالأمان يكون ضمن حالة الطاقة (متحرر) أو أنه في اتجاهه نحو تكامل الذات.

أما الدكتورة هيلين پالمر فتشير في عملها التاسوعية إلى نقطة الشعور بالتوتر ونقطة الشعور بالأمان فتقول:

إن تعزيز القدرات الشفائية فيما يُدعَى بنقطة التوتر – في الكتاب يشير إليها المترجم بنقطة الضغط (الرهق العام) – متلازمة مع تقنية الغشتالت، وممارسات التأمل التانتري. وتجري فيها مناقشة الانفعالات السلبية المغروسة في الداخل، والمسلَّم بها لدى النفس. تكمن النية الخفية من خلف الحركة نحو نقطة التوتر في تصعيد أهوائنا بحذاقة حتى النقطة التي تفيض بها، وتحرر قهرية (إكراه) عادة سلبية، وذلك من خلال معايشتها بشكل كلي وكامل. ويمكن أيضًا فتح منفذ للغضَب عوَضًا عن إلغائه، أو يمكن وضع تلميذ في حالة نفسية تهدف لإغضابه إلى أقصى حد. ويمكن لأنماط متعجرفة أن نجعلها تقوم بشطف لأجزاء أرضية خشبية. ويمكننا أن نجعل أنماطًا جبانة تتأمل في مقبرة محلية في ليلة ذات قمر مكتمِل. فمنهَج غوردجييف الذي يقوم على أن يدوس المرء سفائنه المرجَّحَة، يوضِّح فكرة التصعيد والعمل على مناقشة الطاقات الناتجة عن نقطة التوتر، على أنها بقدر ما يمكن أن تؤدي إلى النمو، فكذلك أيضًا تؤدي إلى تعزيز القدرة على تحييد الانتباه عن تلك التي تُدعَى بالانفعالات السلبية.

خاتمة

تساعد التاسوعية على فهم السبب الذي دفع بشخص ما أن تطور على هذا النحو أو ذاك متمركزًا حول سمة معينة تميز نمطه أو طبعه.

يقول أحد دارسي التاسوعية وهو الأب باسكال إيد، ما يلي:

كل شخص موهوب منذ الولادة بتسع فتحات نحو الواقع. تتلاءم هذه الفتحات مع تسعة أنماط متطورة ومتكاملة. ولكن "أنيَّتَنا" المنفتِحَة منذ شهور الحمل، ومؤخرًا عند لحظة الولادة، تتعرَّض إلى هجوم قوى مهدِّدَة. منذ ذلك الوقت، ومن أجل أن تحمي نفسها تقوم بانغلاق. لسبَبَيْن، بادئ الأمر، سوف تقلِّص فتحاتها إلى فتحة واحدة ستمنحها امتيازًا خاصًا...

على سبيل المثال، النمط "ثلاثة" سوف يطوِّر فتحةً واحدة أي البوابة التي يصل من خلالها إلى النجاح الذي هو أهم أولويات هذا النمط "ثلاثة". ومن ثم يتم التركيز على هذه البوابة التي تصبح محل فخر واعتزاز بالنسبة له والتي تصبح بمثابة حاجة أساسية له، ومنها تنشأ رؤيته للعالَم، وعلى هذا النحو يتقولب النمط الخاص به من خلال هذه البوابة المذكورة آنفًا وفقًا لباسكال إيد. يتابع باسكال إيد قائلاً:

هذا النظام الدفاعي إزاء الخارج يتلاءم مع ما تسميه "التاسوعية" النمط المهيمِن على الشخصية، ويتم تفضيله عن سواه. فالنمط إذن هو انغلاق عن مقاربات الواقع الثمانية الأخرى (الفتحات إلى العالم أو البوابات).

النمط إذن يتم اكتسابه هذا من جهة، ومن جهة أخرى هو عبارة عن انغلاق.

والحال هذه، أكد علم النفس أن الطفل الصغير يبدأ باكرًا جدًا فيما يدعى بآليات الدفاع التي تكمن وظيفتها في حمايته من فقدان حب الأبوين.

آليات الدفاع تأسَّسَت قبل كل شيء على تحييد الخوف.

الدفاع إذن هو سياق يوفِّر حمايةً للأنية إزاء الواقع المعاش كباعث للصدمة.

وهذا ما نراه في كتاب الدكتورة هيلين بالمر التاسوعية فيما تدعوه بمخمِّدات الصدمات أي المصدَّات، ويتم تشبيهها بالسدادة التي هي عبارة عن حماية داخلية وبعبارة أخرى آلية دفاع.

ووفقًا لدارس آخر لـ "التاسوعية" ويدعى إتشاثو فإن النمط يأخذ حيزه لدى الطفل عند إكماله عامه السادس بشكل عام.

عنوان الكتاب: التاسوعية
تأليف: هيلين بالمر
ترجمة: نبيل سلامة
معابر للنشر، 2014

*** *** ***

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني