english Arabic

الصفحة السابقة 

كشف النقاب عن القبالة
مقدمة
2

 

س. ل. ماك غريغور ماثرز

 

39

يتوجب عليَّ الآن أن أشرح ما تعنيه عبارات سفر وأسفار (أي السفيروت)، حيث الكلمة الأولى هي المفرد والثانية هي جمع الأولى. وأفضل تعريف لهذه الكلمة هو "ما ينبثق من العدد"، لأن هناك عشرة أسفار تمثِّل وفق الترقيم العشري أكثر الأشكال تجريدًا لتلك الأرقام العشرة – أعني الأرقام 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، و10. لهذا، وكما نفعل في الرياضيات العليا حين نفكر في الأعداد بشكل مجرد، كذلك سنفعل في القبالة، ونفكر في الألوهة من خلال الشكل التجريدي للأرقام، أي بعبارة أخرى من خلال الأسفار أو السفيروت ספירות. من هذه النظرية المشرقية القديمة استقى فيثاغوراس أفكاره المتعلقة بالرمزية الرقمية.

40

من بين هذه الأشكال، المتكافلة والمتضامنة، نلاحظ كيف تطورت شخصيات وسمات الله. وبعض هذه الشخصيات مذكر وبعضها الآخر مؤنث. أمَّا اليوم، لأسباب أو لأخرى لا يعرفها سواهم، نرى أن مترجمو التوراة قد حذفوا وأزالوا من الوجود، بعنايةٍ، أيَّ مرجع يشير إلى واقع أن الألوهة هي في الوقت نفسه مذكر ومؤنث، فقد ترجموا جمع المؤنث بمفرد المذكر كما في حال كلمة ألهيم אלהימ. لكنهم أبقوا في الوقت نفسه اعترافًا غير مقصود يدلِّل على معرفتهم بأن هذه الكلمة تعبِّر عن جمع كما جاء في الفقرة (iv. 26 من سفر التكوين): "وقال الله (ألهيم): لنصنع الإنسان...". وأيضًا، استنادًا إلى سفر التكوين (v. 27) نتساءل كيف كان بوسع آدم أن يكون على صورة الله (ألهيم)، ذكرًا وأنثى، إن لم يكن ألهيم (الله) أيضًا ذكرًا وأنثى؟ إن كلمة ألهيم (الله) هي الجمع المؤنث لكلمة (إله אלה) التي أضيف إليها ימ (يم). لكن، بما أن (يم) ימ هي نهاية جمع المذكر الذي أضيف إلى كلمة مؤنثة، فإن هذا يعطي كلمة ألهيم אלהימ مضمونًا أنثويًا يتحد بالقوة مع الفكرة الذكورية، ما يجعلها قادرةً على إنتاج ذرية. ونحن نسمع اليوم الكثير عن الآب وعن الابن، لكننا لا نسمع شيئًا عن الأم في الديانات العادية. أمَّا في القبالة فنجد أن قديم الأيام قد كيَّف نفسه بحيث كان في آن واحد أبًا وأمًا معًا، وهكذا أنجب الابن. وهذه الأم متضمنة الآن في الألهيم. وأيضًا، يقولون لنا في الوقت نفسه إن الروح القدس مذكر. لكن كلمة روح רוח هي كلمة مؤنثة، كما يبدو واضحًا من العبارة التالية من سفر يصيره (كتاب التشكيل) حيث جاء: "واحدة هي (وليس واحد الذي هو مذكر) روح ألهيم الحية"، (أي بالعبرية אחת – وليس אחד الذي هو مذكر – רוח אלהימ חיימ).

41

ونفهم الآن كيف أنه، وقبل أن تكيِّف الألوهة نفسها بهذا الشكل – أي ذكر وأنثى –، لم يكن بوسع أكوان العالم أن توجد، أي كما جاء في سفر التكوين: "كانت الأرض خربة وخالية". وهذه الكلمات السابقة هي التي من المفترض أن تكون رمزًا لما تلاها، أي "هؤلاء الملوك الذين ملكوا في أرض أدوم (العدم)، قبل أن يملك ملك في بني إسرائيل". فهؤلاء هم من أسمتهم القبالة بـ"ملوك أدوم (أو العدم)". وهذا ما ستجدونه مشروحًا بالكامل في أماكن عدة من هذا الكتاب.

42

ونبدأ الآن في بحث السفر الأول، أو الرقم واحد، أو الكائن الأحادي الخلية (أو الموناد) الذي تحدث عنه فيثاغوراس. ففي هذا الرقم تختبىء الأرقام التسعة الأخرى. لأنه رقم لا يمكن أن يتجزأ، ولا يمكن أن يتضاعف؛ لأننا إن قسمنا الواحد على الواحد تكون النتيجة الرقم نفسه. وإن ضربنا الواحد بالواحد نحصل على النتيجة نفسها ولا يتغير الرقم. لذلك من الممكن اعتباره التمثيل المناسب للأب الكبير للجميع، ذلك الذي لا يتحول. لكن، لهذا الرقم واحد 1 طبيعة مزدوجة، وبالتالي، فإنه يبدو وكأنه يشكِّل صلة بين ما هو سالب وبين ما هو موجب؛ فهو، من منطلق الطبيعة التي لا تتبدل لأحاديته، يمكن أن يكون رقمًا؛ لكن، من منطلق قابليته للجمع فإنه من الممكن اعتباره أول أرقام السلسلة الرقمية. أمَّا الصفر، فهو لا يمكن حتى أن يجمع، كما هي حال الوجود السلبي. ونتساءل: كيف إذًا، إن لم يكن بالإمكان ضرب أو تقسيم الواحد 1، نحصل على واحدٍ آخر يضاف إليه؛ أو بعبارة أخرى، كيف حصلنا على الرقم اثنان 2؟ والجواب هو من خلال عكسه لنفسه. لهذا السبب كان من غير الممكن تعريف الصفر 0، وكان من الممكن تعريف الواحد 1. ونتيجة لهذا التعريف تكون الإعادة Eidolon، أو التكرار، هي صورة ذلك الشيء المعرَّف. وهكذا إذًا نحصل على ثنائي يتألف من الواحد ومن انعكاسه. كما نحصل في الوقت نفسه على بداية اهتزاز مؤكد، لأن الرقم واحد يتأرجح بالتناوب من حالةِ "ما لا يمكن أن يتبدل" إلى حالةِ "ما يمكن أن يعرَّف" ليعود من جديد إلى حالة عدم التبدُّل. وهكذا بالتالي هو أب لكلِّ الأرقام. وكشكل مناسب يمكن اعتباره أبًا لكل الأشياء. أمَّا اسم السفر الأول فهو التاج (بالعبرية كِتِر כתר). والاسم الإلهي الذي يرتبط به هو اسم الآب كما ورد في سفر الخروج (iii. 4) أي بالعبرية أهيه אהיה، أي أنا، التي تعني الوجود.

ومن بين الألقاب التي ينعت بها، والتي تحوي في قلبها على فكرة الوجود السلبي التي اشتقت منها، نجد:

-       غيب الغيب (أو بالعبرية תמירא ד תמירינ).

-       أقدم الأقدمين (أو بالعبرية עתיקא ד עתיקינ).

-       أقدس الأقدمين (أو بالعبرية עתיקא קדישא).

-       العتيق أو الأقدم (أو بالعبرية עתיקא).

-       أقدم الأيام (أو بالعبرية עתיק יומינ).

كما أنه يدعى أيضًا بـ:

-       نقطة البدء (أو بالعبرية נקדה ראשונה).

-       النقطة العذبة (أو بالعبرية נקדה פשות).

-       الرأس الأبيض أو الشائب (أو بالعبرية רישא הוורה).

-       العلو اللامتناهي (أو بالعبرية רונ נעלה).

وإلى جانب كلِّ هذه الألقاب هناك لقب في منتهى الأهمية ينطبق على هذا السفر ويمثِّل الأب الأكبر لكل الأشياء، إنه لقب العالم الأكبر Macroprosopus أو ذو الطلعة البهية (بالعبرية אריכ אנפינ). ذلك الذي يقولون عنه إنه غائبٌ جزئيًا (من منظور علاقته بالوجود السلبي) وظاهر جزئيًا (كسفر إيجابي موجود). وبالتالي فإن رمزية اللامتناهي في الكبر تعطيه مظهرًا يبدو وكأنه جانبي فنرى فقط جانبًا واحدًا من وجه طلعته، أو كما تقول القبالة: "كل ما فيه هو من الجانب الأيمن". وسأعود مرةً أخرى إلى هذا العنوان.

تمثِّل الأسفار العشرة مجتمعةً الإنسان السماوي، أو البدئي، أو آدم الأول (بالعبرية אדמ עילאה).

ضمن هذا السفر بوسعنا أن نضع تلك الجماعة الملائكية التي تدعى بـالكائنات الحيَّة المقدسة (بالعبرية חיות הקדש) أو الشيروبيم، أو تلك الكائنات الشبيهة بأبي الهول الوارد ذكره في رؤيا حزقيال وفي رؤيا يوحنا. وهذه تتمثَّل في الأبراج بأربع إشارات هي: الثور، الأسد، العقرب، والدلو – التي أصبحت الثور، الأسد، النسر، والإنسان: فبرج العقرب، كإشارة للخير رمزه النسر، وكإشارة للشرِّ رمزه العقرب، وكطبيعة مزدوجة رمزه الثعبان.

ويتضمن السفر الأول باقي الأسفار التسعة، ويولِّدها على التتالي، وهكذا نحصل على:

43

الرقم 2، أو الثاني. واسم السفر الثاني هو الحكمة (بالعبرية חכמה) التي هي كمون ذكوري فاعل ينعكس من التاج، كما سبق لي أن شرحت. فهذا السفر هو الأب الفاعل والجلِّي الذي تتحد به الأم، التي هي الرقم 3. وتعبِّر عن هذا السفر الأسماء الإلهية: يه (بالعبرية יה)، ويهوه (بالعبرية יהוה)؛ ومن بين ضيوفها من الملائكة أورنيم (بالعبرية אורנימ)، التي هي العجلات (وفق سفر حزقيال i). وهو يدعى أيضًا بـالأب (بالعبرية אב).

44

أمَّا السفر الثالث، أو الثالوث، فهو كمون أنثوي منفعل، يدعى بينه (بالعبرية בינה)، أي الإدراك، وهو يعادل الحكمة ويساويها، لأنه إن كان يمكن تمثيل الحكمة، التي هي الرقم 2، بخطين مستقيمين ليس بوسعهما أن يحصرا بينهما أي فراغ، فإن هذين الرقمين يبقيا عاجزين حتى يأتي الرقم 3 فيشكِّل معهما المثلث. وهكذا فإن هذا السفر يكمل ويوضح مفهوم الثالوث الأعلى. وهو يدعى أيضًا بـالأم (بالعبرية אמא)، وأيما (بالعبرية אימא) التي هي الأم العظيمة المنتجة، والمتحدة أزليًا مع الأب، من أجل الحفاظ على النظام الكوني. ما يعني أنها بكل وضوح ذلك الشكل الذي بوسعنا التعرُّف على الأب من خلاله. وبالتالي، فإنها تستحق كل التبجيل، فهي الأم العلوية، المعادلة والمساوية للحكمة، والشكل الأنثوي للرب الإله، الذي على صورته خلق الرجل والمرأة. ما يعني، استنادًا إلى تعاليم القبالة، أنهما – أي الرجل والمرأة – كانا متساوين قبل الله، لأن المرأة مساوية للرجل، وبالتأكيد هي ليست أدنى منه مرتبةً، كما سعى باستمرار لإقناعنا به من يدعون بالمسيحيين. وأيما هي المرأة التي تحدثت عنها الرؤيا (الفصل xii). وأحيانًا يدعى هذا السفر الثالث بـالبحر الكبير. وتعبِّر عنه الأسماء الإلهية: الله (بالعبرية ألهيم אלהימ)، والله يهوه (بالعبرية יהוה אלהימ). أمَّا المرتبة الملائكية المرتبطة به فهي أراليم (بالعبرية אראלימ)، التي هي العروش. وهي الأم العلوية، التي يجب التمييز بينها وبين الملكوت، التي هي الأم السفلية، أو العروس، أو الملكة.

45

أما الرقم 4، الذي هو اتحاد السفر الثاني بالسفر الثالث، فيعطينا حسد (بالعبرية חסד) أي الرأفة أو الحب، ويدعى أيضًا جدوله (بالعبرية גדולה)، أي العظمة أو الروعة؛ وهي قدرة ذكورية يعبِّر عنها الاسم الإلهي آل، أي الواحد العزيز، والاسم الملائكي حشمليم (بالعبرية חשמלימ)، أي اللهب المتألق (حزقيال iv, 4).

46

أمَّا الرقم 5، فتنبثق منه القدرة المؤنثة السلبية (بالعبرية جبورة גבורה)، التي هي القوة أو الثبات؛ أو (بالعبرية دين דינ)، أي العدل؛ وهذه تعبِّر عنها الأسماء الإلهية: الإله الجبار (بالعبرية ألهيم جبور אלהימ גבור)، وإله (بالعبرية אלה)، والاسم الملائكي سرفيم (بالعبرية שרפימ) (أشعيا vi. 6). كما ويدعى هذا السفر أيضًا (فحد بالعبرية פחד)، أي الخوف.

47

أمَّا الرقم 6 فينبثق من الاثنين اللذين سبقاه، وهو السفر الجامع تيفارِت (بالعبرية תפארת)، بمعنى الجمال أو الاعتدال، الذي يعبِّر عنه الاسم الإلهي: الإله الوديع (أوله ودعُت بالعبرية אלוה ודעת)، والأسماء الملائكية (شنانيم بالعبرية שנאנימ) (المزامير lxviii. 18)، أو (ملكيم بالعبرية מלכימ)، أي الملوك. وهكذا من خلال اتحاد العدل بالرحمة نحصل على الجمال والرأفة، ويكتمل الثالوث الثالث للأسفار. ويوصف هذا السفر بـ"الدرب"، أو "الترقيم"؛ لأنه من خلال هذه الألقاب سيجري الحديث لاحقًا عن الفيوض – في الأسفار: الرابع، الخامس، السابع، الثامن، والتاسع، على أنها (صغير أنفين بالعبرية זעיר אנפינ) أي الطلعة الصغرى، أو العالم الأصغر Microprosopus، كشكل نقيض للعالم الأكبر Macroprosopus، أو الطلعة البهية، التي هي أحد أسماء التاج في السفر الأول. وهكذا تدعى الأسفار الستة التي يتألف منها صغير أنفين بـالأعضاء الستة، كما تدعى بـالملك (بالعبرية מלכ).

48

أمَّا الرقم 7، أو السفر السابع، فيدعى نصح (بالعبرية נצח)، وهو يعني الثبات والنصر، ويترافق مع الاسم الإلهي يهوه صبأوت (بالعبرية ידוד צבאות)، أي ربُّ الجنود، ومع الأسماء الملائكية: آلهة أو (ألهيم بالعبرية אלהימ)، وتلك الرائعة ترشيشيم (بالعبرية תרשישימ).

49

والرقم 8 يكمِّل بالتالي القدرة الأنثوية المنفعلة (هود بالعبرية הוד) أو الروعة، ما يستجيب للاسم الإلهي ألهيم صبأوت (بالعبرية אלהימ צבאות)، أي إله الجيوش، ومن بين ملائكتها بني ألهيم أي أبناء الآلهة (بالعبرية בני אלהימ).

50

أمَّا الرقم 9، فيأتي من هذين الاثنين اللذين يشكلان معًا القاعدة أو الأساس (يسود بالعبرية יסוד) وهو ذلك المتمثل بالحيِّ (بالعبرية אל חי)، الذي هو الحيُّ العزيز، وشَدَي (بالعبرية שדי)، وبين الملائكة بأشيم (بالعبرية אשימ) (مزامير civ. 4)، ما يوصلنا إلى الثالوث الثالث للأسفار.

51

أي إلى الرقم 10، لأنه من السفر التاسع ينبثق السفر، ذلك العاشر والأخير الذي يكمل تلك الأرقام العشرة. وهو يدعى بـالملكوت (بالعبرية מלכות) أي المملكة، ويدعى أيضًا بـالملكة أو المترونة، التي هي الأم السفلى، عروس العالم الأصغر؛ والسكينة (بالعبرية شكينة שכינה)، التي يمثلها الاسم الإلهي أدُنَي (بالعبرية אדני). ومن بين مستضيفيها من الملائكة الكروبيم (بالعبرية כרובימ). ونسجِّل هنا أن كلَّ واحدة من هذه الأسفار هي إلى حد ما خنثوية، لأنها أنثى منفعلة حين يتعلق الأمر بالسفر الذي يسبقها في السلَّم مباشرة، وذكر فاعل حين يتعلق الأمر بالسفر الذي يليها مباشرةً. مع ملاحظة أنه لا يوجد سفرٌ يسبق التاج أو الكثر، ولا سفر يأتي بعد الملكوت. من هذه الملاحظات نفهم كيف أن الحكمة التي هي اسم مؤنث تستخدم للتعبير عن سفر مذكر. فالواصل الرابط بين الأسفار هو تلك الروح المنبثقة عن ذلك المؤثر الخفي.

52

سأضيف الآن بضع ملاحظات تتعلق بالمعنى القبالي لكلمة مثقال (مثقلة بالعبرية מתקלא) التي هي الميزان. ففي كل ثالوث من الأسفار هناك ثنائي يتألف من جنسين مختلفين، وهذا ينتج عنه في المحصلة وحدة في الإدراك. من هذا المنظور، ينظر إلى كلٍّ من القدرتين الأنثوية والذكرية وكأنهما كفتي الميزان، وإلى السفر الذي يجمع بينهما على أنه ذراع الميزان. من هذا المنظور فإن تعبير ميزان يعني الثالوث، فهو ثالوث بوحدته، وهذه الوحدة رمزها تلك النقطة الواقعة في منتصف الذراع. وأيضًا، نجد أن الأسفار تتضمن ثلاثة مثلثات، الأعلى والأسفل وذلك الذي في الوسط. وبالتالي فإن هذه الثلاثة تمثِّل: الأعلى أو العلوي الذي هو التاج أو الكثر، والوسط الذي هو الملك، والأسفل الذي هو الملكة؛ وهذه الثلاثة معًا هي الثالوث الأعظم، وملزماتها الأرضية تدعى بـالمتنقل الأول، التي هي الشمس والقمر. وتجدنا هنا مباشرةً أمام رمزيةٍ خيميائية.

53

حيث يرمز إلى عالم الأسفار كما يلي:

-       1: بداية دوامات الحركة (بالعبرية راشيت هجلجليم ראשית הגלגלימ)، أي المتناقل الأول.

-       2: مجال دائرة الأبراج (بالعبرية مَسلوث מסלות).

-       3: زحل أو الاستراحة (بالعبرية شَبّتاي שבתאי).

-       4: المشتري أو الصدق (بالعبرية صدق צדק).

-       5: المريخ أو القوة العنيفة (بالعبرية ماديم מאדימ).

-       6: الشمس أو نور الشمس (بالعبرية شمش שמש).

-       7: الزهرة أو فينوس أو الروعة المتألقة (بالعبرية نوجه נוגה).

-       8: عطارد أو ضوء النجوم (بالعبرية كوكب כוכב).

-       9: القمر أو الشعلة القمرية (بالعبرية لبنه לבנה).

-       10: العناصر أو قاطع الأسس (بالعبرية حُلُم يسودوت חלמ יסודות).

54

وأيضًا، تستند الأسفار على ثلاث دعائم هي: دعامة الرأفة التي من الجانب الأيمن وتتضمن التجليات الثانية والرابعة والسابعة؛ ودعامة القرار التي من الجانب الأيسر وتشمل التجليات الثالثة والخامسة والثامنة؛ ودعامة الاعتدال التي في الوسط وتشمل التجليات الأولى والسادسة والتاسعة والعاشرة.

55

كمجموع وكواحد، ترمز الأسفار إلى الإنسان البدئي (بالعبرية آدم قدمون אדמ קדמונ)، بمعنى المولود الأول أو الإله الخالق أو البروتوغونوس[1]. إن نظرنا إلى الأسفار التي تمثِّل الثالوث الأول، فإنه من الواضح أنها ترمز إلى الذكاء؛ لذلك سمي هذا الثالوث بـعالم الفكر (عولَم مُشكل עולמ מושכל). أمَّا الثالوث الثاني فهو يرمز إلى عالم الأخلاق (بالعبرية عولَم مورجَش עולמ לורגש). بينما يرمز الثالوث الثالث إلى عالم القوة والثبات، لذلك سمي بـالعالم المادي (بالعبرية عولَم هَموتبو). وهذه الجوانب الثلاث تدعى بـالأوجه (بالعبرية أنفين אנפינ). وهي ما يكوِّن شجرة الحياة (بالعبرية عُص حييم עצ חיימ): حيث يقع الثالوث الأول في الأعلى ومن تحته يقع الثالوث الثاني والثالث. وبحيث تكون الأسفار الذكورية الثلاث على الجانب الأيمن، والأسفار الأنثوية على الجانب الأيسر، بينما الأسفار الأربعة المتبقية في الوسط. إنها شجرة الحياة القبالية التي يتوقف عليها كل شيء. ونسجل مدى التطابق الكبير بين هذه الشجرة وبين شجرة يجدراسيل في الأساطير الاسكاندينافية.

56

لقد سبق وأشرت إلى أن هناك ثالوثًا واحدًا يشمل جميع الأسفار، وأنه يتكون من التاج والملك والملكة (وهذه بشكل ما هي الثالوث المسيحي المؤلف من الآب والابن والروح القدس، وترمز إليها الأسفار الثلاث الأولى التي هي التاج والحكمة والإدراك). وهي ذلك الثالوث الذي خلق العالم، أو، إن استخدمنا التعابير القبالية، لقلنا إن العالم ولد من اتحاد الملك المتوج بالملكة. لكنه وفق القبالة، وقبل أن يخلق الإنسان السماوي (المتمثل بالأسفار العشرة)، خلقت بعض العوالم البدئية. لكن هذه لم يكن بوسعها الاستمرار، لأن توازن الميزان لم يكن قد تمَّ بعد. ما جعلها تهتز بفعل القوة غير المتوازنة وتدمر نفسها. وهذه العوالم البدئية كانت تدعى بـ"ملوك الأزمنة القديمة"، أو "ملوك آدوم (أو العدم) الذين كانوا يحكمون قبل ملوك إسرائيل". من هذا المنظور فإن آدوم هو عالم القوة غير المتوازنة بينما ترمز إسرائيل إلى الأسفار المتوازنة (التكوين xxxvi. 31 ). ونسجل هنا حقيقة هامة سوف تعاد وتكرر أيضًا وأيضًا في كتاب الإشراق (أو الزوهر)، وهذه الحقيقة تقول بأن تلك العوالم قد خلقت ودمِّرت قبل الخليقة الحالية.

57

وأيضًا تدعى الأسفار بـعالم التجليات، أو العالم الأصلي، أو العالم البدئي (بالعبرية عولَم أصيلوت עולמ אצילות)، ومن هذا العالم انبثقت ثلاثة عوالم أخرى يتضمن كلٌّ منها على تكرار للأسفار لكن بمستوى إنارة أخفض.

58

أمَّا العالم الثاني فهو عالم البرية أو الخلق (بالعبرية عولَم هَبرياه עולמ הבריאה)، ويدعى أيضًا بـالكرسي أو العرش (بالعبرية كُرسيَه כורסיא). وهو ينبثق مباشرة من عالم الأصل، الذي تنعكس فيه أسفاره العشرة، ما يعني في النتيجة أنها أكثر محدودية، رغم أنها لا تزال من طبيعة أنقى، ولا تشوبها أية مادة.

59

والعالم الثالث هو عالم الصيرورة (بالعبرية عولَم هَيَصيره עולמ היצירה)، أو عالم تشكل الملائكة، المنبثق من عالم البرية، والذي رغم كونه أقل نقاءً من حيث الجوهر، إلا أنه ما زال بلا مادة. إنه العالم الملائكي الذي تسكنه تلك المخلوقات الروحية الذكية المغلفة بثياب مضيئة، والتي تتخذ شكلاً حين تظهر للإنسان.

60

أمَّا العالم الرابع فهو عالم الفعل، (بالعبرية عولَم هَعشيَه עולמ העשיה)، الذي هو عالم المادة، الذي يدعى أيضًا عالم القشور أو الأغلفة (بالعبرية عولَم هَقليفوت עולמ הקליפות)، الذي هو عالم المادة المركب من عناصر أكثر جسامةً من الشجرة الأخرى. ويحتوي أيضًا على مسكن للأرواح الشريرة التي تدعى في القبالة بـالأغلفة (بالعبرية قليفوت קליפות)، أي الأغلفة المادية. هذا وتنقسم الشياطين أيضًا إلى سبع مراتب لها مساكنها المناسبة. (انظر الجدول التالي).

61

والشياطين هي أكثر الأشكال فجاجةً وقصورًا. ودرجاتها العشرة تقابل الدرجات العشرة للأسفار، لكن بتناسب عكسي، من منطلق أن الظلمة والنجاسة تزداد مع الهبوط من درجة إلى أخرى. فالدرجتان الأولتان ما هما إلا غياب للشكل المنظور وللنظام. والثالثة هي مسكن الظلمة. تليها التدرجات السبعة للجحيم، تلك التي تجسد الشياطين الممثلة للرذائل الإنسانية، والتي تنكل بأولئك الذين تعاطوا تلك الرذائل خلال حياتهم الأرضية. وأمير هؤلاء الشياطين هو ثمائل (بالعبرية סמאל) ملاك السمِّ والموت. أمَّا زوجته فهي العاهرة، أو المرأة الفاجرة (بالعبرية إشت زنونيم אשת זנונימ)؛ وباتحادهما معًا يشكلان ما يدعى بـالوحش (بالعبرية سهيوا أو شيوا סהיוא). وهكذا يكتمل الثالوث الجهنمي، الذي هو، إن صحَّ القول، النقيض أو الصورة المشوهة لذلك العلوي الخلاَّق. وثمائل هذا يماثل الشيطان.

62

جدول يبين علاقات الأسفار بالعوالم الأربعة:

العالم البدئي

 

عالم الخلق

عالم الصيرورة

عالم الفعل

 

الأسفار العشرة

الأسماء الإلهية العشرة

رؤساء الملائكة

العشرة

المراتب العشر للملائكة

الكواكب

المراتب العشر للأبالسة

رؤساء الأبالسة العشرة

أحرف الاسم الإلهي

رمزية الأشكال الإلهية

العوالم الأربعة

التاج

أهيه

مترطون

الأحياء المقدسون

بداية دائرة الحركة

ثمائل

الشيطان أو مولوخ

 

العالم الأكبر

 

 

الحكمة

يهوه

رصيِل

أوفنيم

دوامات الأبراج

شايجيديل

بعلزبوت

الياء י

الأب والأم العلويين

أصيلوت

العالم البدئي

الإدراك

الإله يهوه

صفقيِل

أراليم

زحل

صتريل

لوسيفوج

الهاء العليا

ה

هبرياه

عالم الخلق

الرأفة

آل

صدقيِل

حشمليم

المشتري

جمحيكوت

عشتروت

 

 

 

 

الثبات

الإله الجبّار

خميِل

سرفيم

المريخ

جلب

عصمدوس

 

 

 

 

الاعتدال

الإله الوديع

ميخَيِل

ملكيم

الشمس

تَجَريريم

بلفجور

الواو ו

العالم الأصغر

هيصيره

عالم الصيرورة

النصر

يهوه صبأوت

هَنَيِل

الآلهة

الزهرة

حرب سيرابي

بعل

 

 

 

 

الروعة

ألهيم صبأوت

رَفَيِل

أبناء الآلهة

عطارد

سمائل

عدراملك

 

 

 

 

الأساس

الحي العزيز

جبرَيِل

أشيم

القمر

جمليِل

ليليت

 

 

 

 

الملكوت

أدنَي

مترطون

كروبيم

العناصر

نحيموط

نحيمة

الهاء السفلى ה

عروس العالم الأصغر

هعشيه

العالم المادي أو عالم الفعل

يتألف اسم الألوهة، الذي هو يهوه، من أربعة حروف هي: ي ه و ه (بالعبرية יהוה)، ولا يعرف لفظه الحقيقي إلا قلَّة القلة. أنا شخصيًا لا أعرف إلا بعضًا قليلاً من طرائق لفظه السرَّانية. فطريقة لفظه سحر سرَّاني، وسرُّ الأسرار. "لأن من يستطيع لفظ هذا الاسم يزلزل السماء والأرض لأنه الاسم الذي ينقضُّ على الكون". لهذا نلاحظ كيف أن اليهودي الديِّن، وعندما يقرأ الكتاب، إمَّا أنه لا يحاول لفظ الاسم، أو أنه يتوقف عنده قليلاً قبل أن يستبدله بأدُنَي (بالعبرية אדני)، أي الرب أو السيد. أمَّا المعنى الأصلي للكلمة فهو "أن أكون"، وهكذا فهو ككلمة أهيه (بالعبرية אהיה) غلاف للوجود. وله اثنا عشر تحولاً تتوافق جميعها مع معنى "أن أكون"، وهكذا فإنه الكلمة الوحيدة التي تقبل مثل هذا العدد من التحولات ولا يتغير معناها. وهذه تدعى بـ"الأعلام الاثنى عشر للاسم العظيم"، أو كما يقول البعض الرموز الاثنى عشر لدوامة البروج (أو الزودياك). وهذه الأعلام الاثنا عشر هي: يهوه، يههو، يوهه، هوهي، هويه، ههيو، وههي، ويهه، وهيه، هي هو، هيوه، ههوي. كما أن هناك ثلاث أسماء رباعية، هي: أهيه (بالعبرية אהיה) أي الحياة أو الوجود؛ وأدُنَي أي السيد، وأجلى (بالعبرية אגלא)، وهذه ليست كلمات قائمة بذاتها، إنما، إن صحَّ القول، المنطوق المختصر للعبارة "أنت جبار إلى الأبد أيها السيد!" (بالعبرية أتيه جبور لعولام أدُنَي אתה גבור לעולמ אדני). كما أنه يوجد شرح مختصر لكلمة أجلى هو: الألف هي الأول والأخير، التي يشكل الجيم معها ثالوثًا متحدًا، بينما اللام هي رابط ذلك الفعل العظيم.

63

لعل أول ما نلاحظه هو أن كلا كلمتي أهيه ويهوه لهما علاقة بفكرة الوجود، وهذا هو التشابه الأول بينهما. أما التشابه الثاني فهو كون الحرف ه يأتي في المرتبة الأولى والثالثة في كلتا الكلمتين؛ والتشابه الثالث هو أن قيمة أهيه وفق حساب الجمَّل، أي 21، تعادل قيمة يهو التي حذفت منها الهاء النهائية (والتي هي، كما سنرى، رمز الملكوت، أي السفر العاشر). أما الآن، وإن كتبنا هاتين الكلمتين الواحدة فوق الأخرى، وبشكل متصالب، فإنه بوسعنا أن نقرأها أفقيًا أو شاقوليًا، أهيه ويهوه.

أ ه

ي ه

ي ه

و ه

64

وإن تمعنا الآن قباليًا فإننا سنكتشف سبب هذه التشابهات، لأن أهيه (بالعبرية אהיה) التي تعني البهي الطلعة، وأقدم الأقدمين، والعالم الأكبر، والتاج القبالي لثالوث السفر الأكبر (المؤلف من التاج والملك والملكة، أي العالم الأكبر والعالم الأصغر والعروس)، هي أيضًا الآب وفق التفسير المسيحي للثالوث.

65

لكن الكلمة الرباعية المقدسة يهوه، كما يتبين لنا الآن، تتضمن جميع الأسفار ما عدا التاج، وهي تعني بشكل خاص، الطلعة الأقل، أي العالم الأصغر، وملك السفر القبالي للثالوث الأكبر، أي الابن بتجليه البشري وفق الثالوث الذي تقرُّ به العقيدة المسيحية. وهكذا كما أن الابن يُظهر الآب، كذلك فإن يهوه يُظهر أهيه.

66

وأدني (بالعبرية אדני) هي الملكة التي عن طريقها فقط يمكن فهم الرباعي المقدس والتي نجد تساميه في بينه وهي التصور المسيحي للعذراء.

67

والكلمة الرباعية المقدسة يهوه تشير إلى الأسفار، هكذا: يقال إن النقطة العلوية من الحرف ي (بالعبرية י) تشير إلى التاج، بينما تشير الياء بحد ذاتها إلى الحكمة، التي هي أب العالم الأصغر؛ والحرف ه، أو "الهاء العلوية"، فتشير إلى بينه، الأم العلوية؛ والحرف واو يشير إلى الأسفار الستة التالية، التي تدعى بـالأيدي الستة للعالم الأصغر (والستة هي القيمة الرقمية لحرف الواو بالعبرية)؛ وأخيرًا، فإن الحرف ه، أي "الهاء السفلية"، فيشير إلى الملكوت، أو السفر العاشر، أو عروس العالم الأصغر.

68

وأيضًا، هناك أربعة أسماء سرِّية ذات علاقة بالعوالم الأربعة التي هي عوالم الأصيلوت (العالم البدئي)، الهَبرياه (عالم الخلق)، والهَيَصيره (عالم الصيرورة)، والهَعشيَه (عالم الفعل)؛ وأيضًا، يقال بأن الكلمة الرباعية المقدسة يمكن أن تكتب بطريقة مختلفة في كلِّ عالم من هذه العوالم الأربعة. فالاسم السرِّي لأصيلوت هو عُب (بالعبرية עב)، والاسم السرِّي للهَبرياه هو سج (بالعبرية סג)، والاسم السرِّي للهَيَصيره هو مه (بالعبرية מה)، والاسم السرِّي للهَعشيَه هو بن (بالعبرية בנ). والجدول التالي يبين طريقة كتابة الاسم في كلِّ عالم من هذه العوالم.

جدول يبين طريقة كتابة الاسم الرباعي المقدس في كل من العوالم الأربعة

الأصيلوت

عُب עב

ي י

يه יה

يهو יהו

يهوه יהוה

الهَبرياه

سج סג

ي י

يه יה

يهو יהו

يهوه יהוה

الهَيًصيره

مه מה

ي י

يه יה

يهو יהו

يهوه יהוה

الهَعشيَه

بن בנ

ي י

يه יה

يهو יהו

يهوه יהוה

69

تعمل هذه الأسماء مع الأسفار من خلال "البوابات الـ231"، كما تدعى مختلف مركبات الأبجدية؛ لكنه ليس لدينا المتسع من المكان ههنا للانخراط بالكامل في هذا الموضوع.

70

يرتبط موضوع الشيروبيم، الذي تطرقت له حين شرحت السفر الأول، بشكل وثيق بموضوع أحرف الكلمة الرباعية المقدسة. كما يجب أن لا ننسى هنا أن هذه الأشكال، كما هو وارد في رؤيا حزقيال، تدعم عرش الألوهة، الذي يجلس عليه الإنسان السماوي – آدم قدمون، تلك الصورة التي هي من الأسفار؛ ويجب أن لا ننسى أن السماء تقع ما بين العرش والكائنات الحيَّة. وهنا تقع العوالم الأربعة التي هي: الأصيلوت أي الشكل الإلهي، والبرياه أي العرش، واليَصيره أي السماء، والعشيَه أي الشروبيم. لهذا فإن الشروبيم تجسد طاقات الأحرف الأربعة للكلمة الرباعية في العالم المادي؛ كما وتمثل أربعتها فعل هذه الأحرف في كلٍّ من العوالم الأربعة. وهكذا تصبح الشيروبيم أشكالاً حيَّةً للأحرف، ويرمز إليها في دائرة الأبراج (الزودياك) بالثور، والأسد، والدلو، والعقرب، كما أشرت سابقًا.

71

و"سرُّ الإنسان الأرضي والفاني يلي ذلك السرَّ السماوي والأزلي"؛ لأنه هكذا خلقت صورة الله على الأرض. فعلى شكل الجسم نجد الأحرف الأربعة المقدسة، حيث الياء (بالعبرية י) هي الرأس، بينما الأذرع والكتفين تشبه حرف الهاء (بالعبرية ה)، أما الجسم فيشبه حرف الواو (بالعبرية ו)، بينما الهاء النهائية (بالعبرية ה) تشبه القدمين. وأيضًا، كما أن الشكل الخارجي للإنسان يشبه أحرف الكلمة الرباعية المقدسة، فإن روحه الحيَّة شبيهة بالأسفار العلوية العشرة؛ وكما أن هذه الأخيرة تجد في نهاية المطاف تعبيرها في الثالوث المركب من التاج، والملك، والملكة، كذلك يقسم مثلث الروح، حيث النقطة العلوية من ثالوث الروح هي النسمة (بالعبرية نشمه נשמה) وهي أسمى درجات الخلق؛ وهي ترادف التاج، وتدعى بعالم الفكر. أما الثانية فتدعى روح (بالعبرية רוח)، وفيها الخير والشر، وهي عالم الأخلاق. بينما الثالثة، التي هي النفس (بالعبرية נפש)، فهي عالم الحياة الحيوانية وعالم الشهوات، أي العالم المادي والحسي. وهي في حالتها البدئية ثنائية الجنس (خنثوية)، لكنها حين هبطت إلى الأرض أصبحت ذكرًا وأنثى وسكنت في أجسام مختلفة؛ لهذا السبب، وفي هذه الحياة الفانية، نجد أن النصف الذكري يلتقي بالنصف الأنثوي، وأنهما يتجاذبان بقوة. لهذا يقال إن الزواج يجمع بين النصفين المنفصلين. والشكلان الخفيان للروح هما أكين وشروبين.

72

لكن هذا التقسيم الثلاثي للروح ينطبق فقط على الشكل الثلاثي المكون من الفكري، والأخلاقي، والمادي. كما يجب أن لا تغيب عن نظرنا تلك الفكرة القبالية العظيمة والقائلة بأن الثالوث يكتمل ويتواجد دائمًا في الرابوع؛ كما أن يهو يكتمل ويتحقق في يهوه – فالثالوث:

التاج

الملك

الملكة

الآب

الابن

الروح

المطلق

التشكل

التحقق

يكتمل في الرابوع المؤلف من:

الواحد المطلق

الأب والأم

الابن

العروس

العالم الأكبر

الأب والأم

العالم الأصغر

الملكوت، الملكة والعروس

الأصيلوت

الهَبرياه

الهَيَصيره

الهَعشيَه

الأصلي

الخلاَّق

التشكيلي

المادي

وفي هذا الرابوع تستجيب الروح للأشكال الأربع التالية: الحياة للأصيلوت؛ النشمة للهَبرياه؛ الروح للهَيَصيره؛ والنفس للهعشيَه. انظر اللوحة المرفقة التي تبين تجانس الروح والكلمة الرباعية المقدسة والعوالم الأربعة.

73

لكن الحياة بالنسبة للروح هي النموذج البدئي المماثل للعالم الأكبر، بينما من حيث الصدارة تبدو النشمة والروح والنفس كأنها هي المعبرة لوحدها عن تلك الكلمة الرباعية المقدسة، من دون الحياة، التي يبقى يرمز لها مع ذلك في الروح بـ"النقطة العلوية للياء (بالعبرية י)"؛ كما يقال بأن العالم الأكبر يرمز إليه بالنقطة العلوية للياء في (كلمة) يهوه (بالعبرية יהוה)، لأن "ياء الواحد القديم مخفية وخفية".

74

وقد استقيت الملخص التالي للتعاليم القبالية المتعلقة بالروح من كتاب أليفاز ليفي مفتاح الأسرار كما استقيت منه أيضًا اللوحة السابقة. ما يعطي النقاط الرئيسة للأفكار التي عبَّر عنها الرابي موسى كوردويرو والرابي إسحق لوريا.

الروح ضوء محجوب. وهذا الضوء يكرر ثلاث مرات

النسمة (نشمه) = الروح النقية؛

الروح = الروح أو النفس؛

النفس = الوسيط اللدن؛

حجاب الروح هو غلاف الصورة.

الصورة مزدوجة لأنها تعكس في الوقت نفسه الخير والشرَّ اللذان في النفس.

النفس خالدة من خلال تجديد نفسها عن طريق تحطيم الأشكال؛

الروح متدرجة من خلال تدرج الأفكار؛

النسمة متدرجة من دون نسيان ومن دون تدمير.

وللروح ثلاث مساكن هي:

(عدم تكون) الحياة السابق للخليقة.

(جنَّة) عدن العلوية.

(جنَّة) عدن السفلية.

تبين صورة الشخص (الزلمة) الشبيهة بأبي الهول سرَّ الحياة.

تمنح الصورة القاتلة (أي تلك التي تستسلم للذي من الخارج) للنفس صفاتها، أما الروح فبوسعها استبدال تلك الصورة التي حصلت عليها عن طريق وحي النسمة.

الجسم هو حجاب النفس، والنفس حجاب الروح، والروح هي الحجاب الذي يكفِّن النسمة.

يتجسد النور حين يحتجب، ويكتمل التجسد فقط حين يصبح الحجاب كاملاً.

يتناسب هذا الكمال على الأرض مع الروح الكونية للأرض (أي كما هي الحال بالنسبة للعالم الأكبر، كذلك هي الحال بالنسبة للعالم الأصغر الذي هو الإنسان).

للأرواح ثلاثة أجواء.

ينتهي الجو الثالث حيث يبدأ تجاذب كواكب العوالم الأخرى.

وتنتقل الروح التي اكتملت على هذه الأرض إلى محطة أخرى.

"فبعد أن تعبر الكواكب تنتقل إلى الشمس؛ ثم ترتقي إلى كون آخر وتعيد تطورها من عالم إلى عالم آخر ومن شمس إلى شمس أخرى."

"يتذكرون في الشموس، وينسون في الكواكب."

"الحيوات الشمسية هي أيام الحياة الأزلية، والحيوات الكوكبية هي الليالي التي فيها يحلمون."

"الملائكة فيوض مشعة متجسدة، لكن ليس من خلال التجربة والحجاب، إنما من خلال سلطة وانعكاس إلهيين."

"تطمح الملائكة لأن تصبح بشرًا، لأن الإنسان الكامل، الإنسان الإله، يتجاوز كلَّ الملائكة."

"تتكون الحيوات الكوكبية من عشرة أحلام عمر كل واحدة منها مئة سنة، وعمر كل حياة شمسية ألف سنة. لهذا يقولون إن ألف سنة تعادل من منظور الألوهة يومًا واحدًا."

"كلُّ أسبوع – أي كلُّ أربعة عشر ألف سنة – تغسل الروح نفسها وتستريح في الحلم اليوبيلي للنسيان."

"وحين تستيقظ منه تكون قد نسيت الشرور ولا تتذكر إلا ما هو خير."

75

نشاهد في أعلى اللوحة السابقة التي تبين تشكُّل الروح ثلاث دوائر تمثل الأقسام الثلاث التي هي النسمة، والروح، والنفس. في الروح والنفس، المتأثرتين إيجابيًا من قبل النسمة، يفعل ميخائيل الملاك الطيب للروح؛ أي إن صحَّ القول يكون الترسيم الهيروغليف التأليفي للأفكار الجيدة، أو وفق اللغوية الباطنية للبوذية تكون "الكارما الجيدة" للإنسان. ومن النفس المسيطرة على الروح، والمتأثرة بالتطلعات الإيجابية للنسمة، يفعل صمائيل، الملاك الشرير للروح؛ أي إن صحَّ القول يكون الترسيم الهيروغليفي التأليفي للأفكار الشريرة، أو "الكارما السيئة" للإنسان. ويكون الزلمة، أو الصورة، مزدوجًا لأنه يعكس في الوقت نفسه ميخائيل وصمائيل.

76

فيما يلي تحليل الدكتور جِلينك للأفكار المتضمنة في الأسفار استنادًا إلى القيم الأخلاقية لسبينوزا:

تعريف 1: أفهم أن الكائن المسبب والحاكم لجميع الأشياء هو الأين سوف، ذلك الكائن اللامتناهي، اللامحدود، المتجانس بالكامل مع ذاته، والمتحد مع نفسه، ذلك الذي بلا خصال، وإرادة، ونية، ورغبة، وتفكير، وكلام وفعل.

تعريف 2: أفهم أن الأسفار هي القدرات النابعة من المطلق، الأين سوف، أي أنها كلُّ الكيانات المحددة كمًّا، والتي هي، كالإرادة، لا تتغير طبيعتها، وتشاء مختلف الكائنات المتنوعة، التي هي احتمالات الأشياء المتنوعة.

اقتراح أول: إن المسبب والحاكم الأول للعالم هو الأين سوف، الجوهري والمتعالي معًا.

البرهان آ: لكل أثر سببه، ولكل نظام وتخطيط من يحكمه ويوجهه.

البرهان ب: لكل ما يُرى حدود، وما له حدود له نهاية، وما له نهاية لا يكون متطابقًا مع المطلق؛ أما المسبب الأولي للعالم فلا يرى، وبالتالي فإنه غير محدود، ولامتناه، ومتطابق بالكامل – إنه الأين سوف.

البرهان ج: بما أن المسبب الأولي للعالم غير محدود، فإنه ليس بوسع أي شيء أن يتواجد من دونه؛ لأنه ضروري.

استنتاج: بما أن الأين سوف غير مرئي ومتعال، فإنه يشكل أساس كلٍّ من الإيمان وعدم الإيمان.

اقتراح ثاني: الأسفار هي الوسيط بين الأين سوف المطلق والعالم الحقيقي.

البرهان: لما كان العالم الحقيقي محدود وغير كامل، فإنه من غير الممكن أن ينبثق مباشرةً من الأين سوف: ومع ذلك يجب أن تمارس الأين سوف تأثيرها عليه؛ وإلا فهي غير كاملة. ما يعني أن الأسفار، التي هي كاملة بسبب ارتباطها المباشر بالأين سوف، وغير كاملة بسبب انقطاعها عنه، هي الوسيط.

استنتاج: بما أن جميع الأشياء نشأت عن طريق الأسفار، فإن للعالم ثلاث مراتب هي العليا والوسطى والدنيا. (انظر الاقتراح الرابع).

اقتراح ثالث: هناك عشر أسفار وسيطة.

البرهان: لجميع الأجسام ثلاث أبعاد، يكرر كل واحد منها الآخرين (3*3)؛ فإن أضفنا لها الفراغ عامةً، نحصل على الرقم 10. وبما أن الأسفار تتضمن احتمالات كل ما هو محدود، فإن عددها يجب أن يكون عشرة.

استنتاج آ: لا يتناقض الرقم 10 مع الوحدة المطلقة للأين سوف؛ بما أن الواحد هو أساس كل الأرقام، فإن التعدد ينبثق من الوحدة، كما تتضمن البذرة ما سينمو، كالنار، والشعلة، والشرار، كما أن للألوان أساس واحد، رغم أنه يختلف الواحد عن الآخر.

استنتاج ب: كما أن التفكير، أو الفكر، وحتى العقل ككيان محدود يفكر، ويصبح ملموسًا، ويمكن قياسه، كذلك يفعل الفكر النقي الناجم عن الأين سوف؛ ما يعني أن يكون محدودًا، ويقاس، وأن يصبح ملموسًا، وهذه هي صفات الأسفار.

اقتراح رابع: الأسفار تجليات وليست مخلوقات

البرهان الأول: كما أن الأين سوف المطلق هو كامل، كذلك الأسفار الناجمة عنه يجب أن تكون كاملة بمعنى أنها لم تخلق.

البرهان الثاني: تتضاءل كل الأشياء التي خلقت حين تجرَّد؛ أما الأسفار فلا تتضاءل. وبما أن فعاليتها لا تنضب، فإنه من غير الممكن أن تكون قد خلقت.

استنتاج: كالطاقة قبل أن تتحول إلى واقع، كان السفر الأول متواجدًا في قلب الأين سوف؛ ومنه انبثق السفر الثاني ككمون لعالم الفكر؛ ومن ثم انبثقت باقي الأسفار للعوالم الأخلاقية والمادية. لكن هذا لا يعني وجود ما قبل وما بعد[2]، أو تدرُّج الأين سوف، هناك فقط نور يوقد سواه من الأنوار، يشع قبلها أو بعدها أو معها، بحيث يستوعبها جميعها في كلٍّ واحد.

اقتراح خامس: الإسفار هي في الوقت نفسه فاعلة ومنفعلة (بالعبرية مقبِل ومتقبِل מקביל ומתקבל).

البرهان: طالما أن الأسفار لا تضع جانبًا وحدة الأين سوف، حيث تتلقى كلُّ واحدة منها من التي سبقتها وتعطي للتي تليها – فإن هذا يعني أنها تعطي وتتقبل.

اقتراح سادس: يدعى السفر الأول بـالعلو الغامض (بالعبرية רומ מעלה)، والثاني بـالحكمة (بالعبرية חכמה)، والثالث بـالنباهة (بالعبرية בינה)، والرابع بـالحبِّ (بالعبرية חסד)، والخامس بـالعدل (بالعبرية פשד)، والسادس بالـجمال (بالعبرية תפארת)، والسابع بـالثبات (بالعبرية נתזש)، والثامن بـالروعة (بالعبرية הוד)، والتاسع الصدِّيق سيد العالم (بالعبرية צדיק יסוד עולמ)، والعاشر بـالصدق (بالعبرية צדק).

استنتاج آ: تشكل الأسفار الثلاث الأولى عالم الفكر، وتشكل الأسفار الثلاثة الثانية عالم الروح، بينما تشكل الأسفار الأربعة المتبقية عالم الجسد؛ وهكذا فهي تتطابق مع العوالم الفكرية والأخلاقية والمادية.

استنتاج ب: بما أن السفر الأول يرتبط بالواحد (بالعبرية יחידה) فإنه يبقى على علاقة بالروح؛ والثاني يرتبط بالحياة (بالعبرية חיה)؛ والثالث كما يشير اسمه يرتبط بالروح (بالعبرية רוח)؛ والرابع يرتبط بالنفس (بالعبرية נפש) بمقدار ما يدعى بالمبدأ الحي؛ والخامس يدعى بالنسمة (بالعبرية נשמה) بمقدار ما يرتبط بالروح؛ أما السادس فيفعل في الدمِّ، والسابع في العظام، والثامن في الشرايين، والتاسع في اللحم، والعاشر في الجلد.

استنتاج جـ: يشبه السفر الأول الضوء الخفي، والثاني أزرق السماء، والثالث كالأصفر، والرابع كالأبيض، والخامس كالأحمر، والسادس أبيض-أحمر، والسابع البياض المحمر، والثامن الأحمر الميال للبياض، وفي التاسع يختلط الأبيض بالأحمر، أما العاشر فيحتوي جميع الألوان.

77

سأعود الآن إلى موضوع عريق أنفين وصغير أنفين، العالم الأصغر والعالم الأكبر، أو الطلعات الواسعة والصغرى. ونتذكر أن العالم الأكبر هو السفر الأول، أو التاج؛ والعالم الأصغر مؤلف من ستة أسفار (انظر اللوحة السابقة). في العالم الأكبر كلُّ شيء هو نور وإشعاع، بينما في العالم الأصغر فقط shineth تشع بالنور الذي تعكسه روعة العالم الأكبر. والأيام الستة للخليقة تتوفق مع الأشكال الستة للعالم الأصغر. لهذا فإن رمز المثلثين المتداخلين، اللذان يشكلان النجمة السداسية، يشير إلى رمز العالم الأصلي أو خلق العالم الأكبر، وهو بالتالي يتطابق مع وجهي (كتاب) الإشراق. وهذا ليس السبب الخفي الوحيد الذي جعلني أضع هذا الرمز في هذه اللوحة، إنما لأنه يعبر عن أفكار أخرى لن أتعرض لها ههنا. يناقش كتاب السرِّ الخفي (بالعبرية ספרא דצניעותא) بشكل كامل رمزية العالم الأكبر والعالم الأصغر؛ لذلك يستحسن قبيل قراءته إدراك أوجه تشابهها وفروقاتها. فالأول هو أهيه، بينما الثاني هو واو الكلمة الرباعية المقدسة. حيث الحرفان الأولان أي الياء ي والهاء ه هما أب وأم العالم الأصغر، بينما الهاء الأخيرة هي عروسه. ولكن هذان الشكلان يعبران عن توازن الشدَّة والرحمة؛ حيث ترمز الهاءان إلى الشدَّة، أي للأم والعروس، وخاصةً منها الهاء الثانية. لكن في الوقت الذي لا يعتبر فائض الرحمة نزعةً شريرة، إنما يعكس بالأحرى فكرة تعبر عن الضعف والرغبة في القوة، فإن فائضًا من القسوة يدعو إلى تنفيذ الحكم، الذي هو الشر والقوة القامعة، التي يرمز لها اللوتيان (الوحش البحري المذكور في التوراة). لهذا قيل "خلف كتفي العروس ترفع الأفعى رأسها": ونقول هنا العروس وليس الأم التي هي الهاء العليا التي تسحق رأسه. ما تعنيه عبارة "لكن مياه البحر الكبير تكسر رأسها". لأن البحر هو بينه، الهاء العلوية، أو الأم. والأفعى هي القوة الجاذبة التي تسعى دائمًا إلى الدخول إلى الجنَّة (الأسفار)، لتغوي الحواء العلوية (العروس)، التي يمكن أن تغوي بدورها الآدم العلوي (العالم الأصغر).

والتمعن في هذه الرمزية يتجاوز تمامًا إطار هذه المقدمة، خاصةً وأنها تشكل موضوع هذا الكتاب[3]؛ الذي أحيل إليه قارئي للمزيد من التوضيح، آملاً أن تكون هذه المقدمة عاملاً مساعدًا لفهم أفضل للتعاليم القبالية المتضمنة فيها.

ترجمة: أكرم أنطاكي

*** *** ***


 

horizontal rule

[1] وفق الأساطير الأورفية للخليقة فإن البروتوغونوس هو ذلك الذي ولد من البيضة الكونية وأنشأ الشواش والأثير.

[2] Prius and Posterius

[3] كتاب الإشراق الذي يأمل مترجم هذا النص أن تتيح له الظروف ترجمة بعض منه.

 

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود