نظرية السعادة عند أرسطاطاليس: دراسة وتحليل

 

د. حسن كامل إبراهيم*

 

ملخص البحث:

يدور هذا البحث حول نظرية السعادة عند أرسطاطاليس، ولقد قام الباحث بدراسة وتحليل نصوص أرسطاطاليس الخاصة بذلك، وتبين للباحث أن أرسطاطاليس يعتقد أن كل فعل وسلوك يقوم به الإنسان يهدف إلى تحقيق خير ما، وأن السعادة تعنى الخير الأعظم والفضيلة الكاملة، وهى وحدها دون غيرها تؤثر لذاتها بل ما عداها من خيرات وفضائل تؤثر لأجلها، وهكذا ترتبط السعادة بالفضيلة حيث إنها فعل الإنسان بحسب الفضيلة التامة، وسعادة الإنسان تكون في التفلسف والتعقل الذي تمارسه النفس العاقلة من الإنسان، وأكد أرسطاطاليس على أن الإنسان السعيد لا يمكنه أن يعيش بمفرده؛ بل إنه كائن اجتماعي بطبعه، والأصدقاء يعينون الإنسان على بلوغ السعادة، وأما الخيرات الخارجية فهي من العوامل المساعدة فحسب لتحقيق السعادة للإنسان، والسعادة تكون للإنسان وحده دون غيره من الحيوانات؛ لأنها لا تملك عقلاً، وسعادة الإنسان تكون في الحياة الدنيا فحسب، وتعد السعادة من الأمور التي لا تمدح في حين الفضيلة مما يمدح.

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،

ترك أرسطاطاليس (322 – 384 ق. م.) الفيلسوف اليوناني المشهور كثيرًا من المؤلفات التي تتناول مباحث الفلسفة الرئيسة: الوجود والمعرفة والقيم بالدراسة والتحليل، وسنتناول في هذا البحث واحدة من المسائل التي أثارها أرسطاطاليس في مبحث القيم وهى مسألة السعادة الإنسانية التي تشغل كل إنسان، فكل منا يحاول أن يحقق سعادته بكل ما أوتى من قوة.

لقد تناول أرسطاطاليس مسألة السعادة أو نظرية السعادة في أكثر من مؤلف من مؤلفاته لكنه أفرد لها في مؤلفه الأخلاق النيقوماخية مساحة كبيرة، حيث بين أن كل سلوك يقوم به الإنسان إنما يكون هدفه السعادة، وأشار إلى تعدد الآراء حول مسألة السعادة، من حيث طبيعتها، والشروط التي تتطلبها، ووضح أن السعادة تكون مرتبطة بالفضيلة واللذة والصداقة، وبحث عما إذا كانت السعادة مرتبطة بالنفس الشهوية أم الغضبية أم العاقلة، وما إذا كانت السعادة تكون للحيوانات مثلما هي تكون لكافة بني الإنسان، وعما إذا كانت السعادة تكون في ما هو مادي أم في ما هو روحي، أعنى هل السعادة تكون في الخيرات الخارجية كالحسب والنسب والمال أم أنها تكون في التعقل، وهل السعادة تكون في الدنيا فحسب أم لها وجود في عالم ما بعد الموت.

ويتكون هذا البحث من مقدمة وستة مباحث وخاتمة على النحو التالي:

-       المقدمة: تشتمل على السبب الذي لأجله اخترت موضوع البحث وأهميته، وخطته.

-       المبحث الأول: يهدف كل فعل يقوم به الإنسان إلى تحقيق خير ما.

-       المبحث الثاني: تعريف السعادة وطبيعتها.

-       المبحث الثالث: السعادة والفضيلة.

-       المبحث الرابع: السعادة والصداقة.

-       المبحث الخامس: سعادة الإنسان في التعقل وممارسة الحكمة.

-       المبحث السادس: السعادة في الدنيا فحسب.

-       المبحث السابع: السعادة مما لا يمدح.

-       خاتمة: تشتمل على أهم النتائج التي توصل إليها الباحث.

المبحث الأول: يهدف كل فعل يقوم به الإنسان إلى تحقيق خير ما:

يدعو أرسطاطاليس في مؤلفه الأخلاق النيقوماخية إلى أخلاق عملية على نحو ما يؤكد نفر من الباحثين والدارسين في مجال الفلسفة عامة وفي مجال فلسفة الأخلاق خاصة. فالمطالع لهذا الكتاب يجد أن نظرية الأخلاق عند أرسطاطاليس قوامها دراسة أفعال الإنسان من حيث هو إنسان، فمحور نظرية أرسطاطاليس الأخلاقية يدور حول ما ينبغي أن يفعله الإنسان وما ينبغي أن يتجنبه أيضًا حتى يتمكن من الوصول إلى تدبير سلوكياته على أكمل وجه ممكن[1].

يصدر أرسطاطاليس كتابه الأخلاق النيقوماخية بأن لكل فعل يقوم به الإنسان غاية ما، وحدد هذه الغاية بأنها الخير[2]. وهذا الخير يعد الهدف النهائي الذي يطمح إليه جميع البشر. يقول:

وإن كل صناعة وكل مذهب، وكذلك كل فعل واختيار فقد يعلم أنه إنما نتشوق به خيرًا ما. ولذلك أجاد من حكم على الخير أنه الشيء الذي يتشوقه الكل[3].

وبذلك يحكم أرسطاطاليس – وغيره من اليونانيين – على ما يقوم به الإنسان من أفعال بما يترتب عليها من نتائج عملية ذات منفعة. فاليونانيون عامة

كانوا يحكمون على العمل بقدر ما يفضى إلى غاية منشودة – إذا فعلنا ذلك ظهرت الأصداء المنفعية والبراغماتية التي اقتضاها تصورهم لعلم الأخلاق، وتبين لنا إلى أي حد كانوا يقدرون الأعمال باعتبار نتائجها أكثر مما يقدرونها باعتبار البواعث والغايات التي أوحت بها[4].

ويستطرد أرسطاطاليس مبينًا أن كل فعل يقوم به الإنسان يهدف إلى خير ما حين يحدد الغايات التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها. تلك الغايات التي تشتمل على أكثر من نوع: فمنها الأفعال نفسها، ومنها المفعولات الكائنة عن تلك الأفعال، وبالنسبة للأشياء التي لها غايات عدا الأفعال فمفعولاتها أفضل من الأفعال. ونظرًا لكثرة الأفعال والصناعات والعلوم، ولما كان لكل منها غاية ما لذلك كثرت الغايات. ويضرب أرسطاطاليس أمثلة عديدة على ذلك: الطب غايته: الصحة، صناعة السفن: السفينة، تدبير الحرب: الانتصار، تدبير المنزل: الثروة، إلخ. ويندرج أسفل كل صناعة من هذه الصناعات صناعة أخرى متفرعة عنها. وكما أن للصناعات الرئيسة غايات فللصناعات الفرعية كذلك التي تندرج تحتها غايات أخرى. وغايات الصناعات الرئيسة عند أرسطاطاليس أفضل شأنًا من غايات الصناعات الفرعية المندرجة تحتها، لأن الأخيرة يطمح إليها من أجل الأولى[5]. وعمومًا فقد انتهى أرسطاطاليس إلى أن صناعة تدبير المدن هي أفضل وأحق الصناعات بالرئاسة وعلة ذلك أن غايتها خير الإنسان[6].

يتضح مما سبق أن أرسطاطاليس طبق غائيته في الطبيعة في مجال الأخلاق*. فقد جعل – على نحو ما أسلفنا – لكل فعل يقوم به الإنسان غاية ما كما جعل لكل حركة يقوم بها ما هو طبيعي غاية ما؛ بل إن الغائية تظهر في سلوكيات الإنسان – عند أرسطاطاليس – أكثر مما تظهر في الطبيعة. وهكذا يقرر أرسطاطاليس مبدأ الغائية في حياة الإنسان[7]. ويظهر ذلك بوضوح حينما يجعل غاية الإنسان ووظيفته في التعقل والتفلسف، لأجل ذلك التفلسف هو الخير الأقصى، وهو بدوره قوام الحياة والأخلاق[8].

المبحث الثاني: تعريف السعادة وطبيعتها:

إن الطابع العام للأخلاق عند اليونانيين هو السعادة، ولذلك يمكننا القول – دون أن نجانب الصواب – أن الأخلاق اليونانية هي أخلاق السعادة. فالسعادة هي الهدف النهائي والأسمى الذي يسعى إليه اليونانيون. ويعتبر أرسطاطاليس من أفضل فلاسفة اليونانيين الممثلين لهذا الاتجاه الأخلاقي في مؤلفه الأخلاق النيقوماخية وهذا ما سنحاول توضيحه في هذا البحث[9].

ولما كان الخير الذي يسعى إليه الجميع – عند أرسطاطاليس – هو السعادة، لأجل ذلك جدير بنا أن نتفحص السعادة، يقول:

إذا كانت كل معرفة وكل اختيار إنما يتشوق خيرًا ما – فما الخير الذي نقول إن تدبير المدن يتشوقه ويقصد قصده، وهذا الخير الذي هو أعلى وأرفع من جميع الأشياء التي تفعل؟ فنقول إنه يكاد أن أكثر الناس قد أجمعوا عليه بالاسم، وذلك أن الكثير من الناس والحذاق منهم يسمونه السعادة ويرون أن حسن العيش وحسن السيرة هي السعادة[10].

وهكذا يقرر أرسطاطاليس أن الخير الأقصى هو السعادة المتمثلة في حسن كل من العيش والسيرة وهي الغاية النهائية لكل سلوك يقوم به الإنسان.

ويشير أرسطاطاليس إلى أنه لا يوجد تعريف محدد للسعادة أو تعريف يتفق عليه الجميع بل يوجد تعريفات متعددة ومختلفة، والتعريفات التي يضعها الناس للسعادة تختلف عن التعريفات التي تحدها الفلاسفة بها، فبعض الناس يرى أن السعادة تكون مما هو ظاهر مثال: اللذة والغنى، والصحة... إلخ. ويرى البعض الآخر أنه يوجد خير ما موجود بذاته، وهو علة كل الخيرات الكثيرة السابقة وعلة أشباهها أيضًا[11]. ويستطرد أرسطاطاليس مبينًا أن للسعادة تعريفات أخرى، فهي: الفضيلة أو الفهم أو حكمة ما. وهذه التعريفات ذكرها نفر من السابقين عليه. وقد تكون السعادة عندهم مقرونة بلذة وقد لا تكون مقرونة بها. وبعض هذه التعريفات صحيح وبعضها صواب في أمر واحد فحسب، وبعضها الآخر يكون صواب في كثير من الأمور[12].

وبالنسبة لأولئك الذين ينعتون السعادة بأنها الفضيلة أو فضيلة ما، فإن أرسطاطاليس يتفق معهم في ذلك، فهو يرى أن السعادة تكون في فعل ما هو فاضل، ويبدو ذلك بوضوح في سلوك الذين يمارسون الفضيلة والخير، وهؤلاء هم السعداء وهم الذين يشعرون باللذة، وتلك اللذة تكون خاصة بالنفس وهذا ما سنحاول تبينه في هذا البحث[13].

ويحصل الإنسان السعادة عند أرسطاطالس عندما يمارس ما يحب من الأشياء كمحب الخيل يلذ بالخيل، لذلك فمحب الفضيلة يلذ بممارسة الشيء الفاضل، والفاضل هو الذي يلذ بالأفعال الجميلة، وكل جميل لذيذ بالطبع عند كل إنسان يحب كل ما هو جميل[14]. إذًا العادل من الناس هو من يحب الأمور المنسوبة إلى العدل. ومن هذا المنطلق الأفعال التي تتم بحسب الفضيلة تكون لذيذة بنفسها. ولأجل ذلك تكون السعادة أفضل الأشياء وألذها. وبالجملة فإن السعادة إما أن تكون كل ذلك أو أفضل هذه الأشياء[15].

ويزيد أرسطاطاليس الأمر جلاء فيما يتعلق بتحديد تعريف محدد للسعادة حين يعرفنا أنه يوجد ثلاثة سير تتناول السعادة بالتعريف وهي: سيرة العامة: الذين يظنون أن الخير والسعادة أمرًا واحدًا وهو اللذة، وهؤلاء يفضلون سيرة المتمتع باللذات، وهم عند أرسطاطاليس يشبهون البهائم. وبالإضافة إلى السيرة السابقة توجد سيرة أصحاب تدبير المنزل الذين ينعتهم أرسطاطاليس بأصحاب المذاهب الجيدة والأفعال الجميلة، وهؤلاء الذين يعتبرون السعادة هي الكرامة، وذلك لا يلبى ما يطمحون إليه، ورغم أنهم يرون أن الفضيلة أجود إلا أنهم لا يمكنهم أن يصلوا إليها. وكل واحد من أصحاب هذه السيرة لا يمكن وصفه بأنه سعيد إلا إذا كان يريد حفظ أصل قد وضعه واعتقاد ينصره[16]. وإذا كان أصحاب السير السابقة لا يمكننا أن نصفهم بأنهم سعداء، فمن هم أصحاب السيرة التي يمكننا أن نصفهم بأنهم سعداء؟! هل هم أصحاب النظر العقلي؟! هذا ما سنحاول الوقوف عليه من خلال هذا البحث.

ويستمر أرسطاطاليس في عرض وجهات نظر أصحاب السير عن السعادة، فيذكر رأى أصحاب سيرة أخرى وهي سيرة التجارة والمال، فينوه إلى أن أصحاب تلك السيرة ليسوا سعداء كذلك لأن الخير الذي يحصله أصحاب تلك السيرة رغم أنه نافع إلا أنه ليس هو المطلوب حيث أنه – مثل غيره من الخيرات السابقة – مطلوب لغيره وليس مطلوبًا لذاته[17].

إذًا كل الغايات أو الخيرات أو السعادات السابقة التي يهدف إليها أصحاب السير السالفة الذكر رغم كثرتها إلا أنها ليست هي التي يمكن أن نحدها بأنها السعادة بسبب أنها غاية لغيرها وليست غاية في ذاتها. وأما الغاية التي تطلب لذاتها لا لغيرها فهي السعادة[18]. يقول:

إنه إذا كان يظهر أن الغايات كثيرة، وكنا إنما نؤثر بعضها بسبب شيء آخر (مثل الثروة والمزمار وبالجملة الآلات كلها) فبين أن ليست جميع الغايات كاملة. وقد يظهر أن الأفضل هو شيء كامل فيجب من ذلك إن كان ها هنا شيء واحد فقط كاملاً فهو الشيء المطلوب، وإن كانت الأشياء كاملة كثيرة فهو أكملها وأتمها. ونحن نقول إن الشيء المطلوب لذاته ولكن ليس المطلوب ولكن المطلوب لغيره، والذي يؤثر في وقت من الأوقات من أجل غيره، أكمل من التي تؤثر لغيرها، لا لنفسها. فالكامل بالجملة هو الذي يؤثر لذاته أبدًا، ولا يؤثر في وقت من الأوقات لغيره. وأولى الأشياء بهذه الصفة: السعادة[19].

إذًا السعادة هي وحدها التي تؤثر لذاتها حتى الفضائل التي يؤثرها البعض لنفسها فهي أيضًا تؤثر من أجل السعادة. يقول:

إن السعادة هي التي... نؤثرها لنفسها ولا نطلبها في وقت من الأوقات لغيرها. فأما الكرامة واللذة والعقل وكل فضيلة فقد نؤثرها أيضًا لنفسها، لأنا قد نختار كل واحد منها ونحن لا نقصد بها غيرها. وقد نؤثرها أيضًا للسعادة إذا ظننا أنا إنما نصل إلى السعادة بتوسطها. فأما السعادة فليس من أحد يؤثرها من أجل هذه ولا من "أجل شيء آخر" غيرها أصلاً[20].

ولما كانت السعادة تؤثر لذاتها لأنها مكتفية بنفسها، فلا يعنى ذلك أن الإنسان الذي يؤثرها يعيش بمفرده بعيدًا عن بني البشر، بل ما هو طبيعي أن الإنسان الذي يطلب السعادة يعيش مع غيره من البشر، فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه، وتكون السعادة للإنسان الذي يحيا مع الآخرين، فالسعادة هي أكمل الأشياء وغاية الغايات، وهي مكتفية بذاتها، وإليها يسعى كل إنسان[21].

المبحث الثالث: السعادة والفضيلة:

ترتبط السعادة عند أرسطاطاليس بالفضيلة فعنده السعادة فعل الإنسان بحسب الفضيلة التامة أو الكاملة. ويضرب – مثلاً على ذلك – بفضيلة مدبري المدن فهدفهم: جعل المواطنين يسلكون وفقًا للفضيلة التامة، أي جعلهم أخيارًا أقصد جعلهم منقادين لقوانين المدينة[22].

ولما كانت السعادة مرتبطة بالفضيلة – على نحو ما ذكرنا آنفًا – والفضيلة هي فضيلة النفس والجسد، أصبح من الضروري أن نعرف ماهية النفس البشرية، ولما كان تدبير المدن من الصناعات الشريفة لذلك أصبح لزامًا على مدبري المدن البحث في أحوال النفس الإنسانية[23].

تنقسم النفس الإنسانية إلى قسمين: أحدهما غير ناطق والآخر ناطق، وفيما يتعلق بالجزء غير الناطق، فمنه ما هو عام ومنه وما هو شهواني، والأخير يشارك الناطق وينقاد له وأما الأول فهو النباتي. وهذا التقسيم للنفس استفاده أرسطاطاليس من أفلاطون (347 – 427 ق.م) الذي تتلمذ على يديه[24].* وفيما يتعلق بالجزء النباتي يقول:

أعنى النباتي سبب التغذية والنمو ولواضع أن يضع هذه القوى من قوى النفس في جميع الأشياء التي تتغذى (1102 ب) أو في الأجنة، وهي أيضًا بعينها موجودة في الكامل من الناس إذ من الأولى أن تكون فيه هذه الأشياء من غيرها – وقد يقصد لأن لهذه القوة فضيلة عامة مشتركة وليست إنسانية. وقد يظن بهذا العنصر بخاصة وهذه القوة خاصة أنهما يفعلان في وقت النوم[25].

ولما كانت قوى التغذي لا تقوم أثناء النوم بدورها، لذلك لا فرق عندئذ بين الخيار والأشرار. يقول:

ولذلك يقال إنه لا فرق بين السعداء والأشقياء "طوال" نصف أعمارهم. وبالواجب يلزم هذا لأن النوم إنما هو "ليس" حالة من "أحوال" النفس التي تقال فيها إنها فاضلة وخسيسة، اللهم إلا أن يكون بعض حركاتها تحدث في البدن في وقت النوم قليلاً، فيكون بها تخيل الخيار من الناس أفضل من تخيل الأشرار... وينبغي أن نلغى ذكر الجزء الغذي لأنه معرى من الفضيلة الإنسية[26].

والجزء الناطق للنفس تكون له الغلبة والسيطرة على الجزء غير الناطق أي النفس الشهوية والغضبية، وحتى يكون ذلك على الإنسان أن يضبط اللذات التي تعرض له. يقول:

ويشبه أن يكون ها هنا للنفس طبيعة أخرى غير ناطقة إلا أنها مشاركة للنطق بجهة من الجهات. وذلك أنا إنما نمدح من يضبط نفسه عن اللذات، ويضبط نطقه وجزء نفسه الناطق، وذلك أنه مستقيم الأمر ويدعو إلى الأمور الفاضلة. وقد يظهر شيء آخر غير النطق يضاد النطق ويجاذبه. وكما أن أعضاء البدن إذا نالها استرخاء فأردنا أن نحركها إلى جانب اليمين مالت إلى الجانب الأيسر، كذلك الحال في النفس: فإن حركات الذين لا يضبطون أنفسهم عن اللذة تكون إلى ضد الاستواء، إلا أن العضو الذي يتحرك في البدن حركة مضطربة قد نراه عيانًا، فأما في النفس فلسنا نراه: وخليق أنه ينبغي أن ندرك أن في النفس شيئًا غالبًا للنطق مضادَّا له معاندًا ليس دون ما نراه في البدن يضاد الحركة الطبيعية. ويظهر أن هذا الجزء مشارك للنطق كما قلنا... فهذا الجزء من نفسه منقاد للنطق، وخليق أيضًا أن يكون في العفيف والشجاع أسهل انقيادًا للنطق؛ لأن أحوالهما كلها تنقاد للنطق[27].

وهكذا يتابع أرسطاطاليس سقراط (339 – 419 ق. م.) الذي يرى أن العقل من الضروري أن يسيطر على الجانب الحسي من الإنسان في مقابل السفسطائيين الذين اعتبروا الأخلاق الإنسانية مجرد شهوات ولذات[28].

ويقسم أرسطاطاليس الفضائل - على غرار أفلاطون – إلى فكرية وخلقية. يقول:

إن الفضائل: منها ما هي فكرية، ومنها ما هي خلقية. فالحكمة والفهم والعقل: فكرية، والحرية والعفة: خلقية. فإنا إذا وصفنا خلق الإنسان لم نقل أنه حكيم أو فهم، لكنا نقول إنه حليم أو عفيف. وقد يمدح الحكيم بالهيئة التي له، وما كان من الصفات ممدوحًا سميناه: فضائل[29]. إذًا الفضائل مما يمدح في حين أن السعادة ليست مما يمدح. ونستنتج من ذلك أيضًا أن كل الفضائل تعد أمورًا تتعلق بنتائج النفس الناطقة في كل أحوالها سواء كانت فضائل فكرية أم خلقية[30].

ولا ترتبط السعادة بالفضيلة فحسب بل أنها ترتبط أيضًا باللذة. فاللذة عند أرسطاطاليس خير ما. وحتى الحزن رغم رداءته إلا أنه خير ما. ولارتباط السعادة باللذة يمكننا أن نقرر أن السعادة حياة لذيذة. ولما كانت السعادة تكون مع الأفعال الكاملة لذلك السعيد يحتاج إلى اللذة الجسمية والتي تأتي من الخارج، والتي للنفس. وكون السعادة لذة ما فإن ذلك لا يعد مسوغًا لبعض الناس ليظنوا أن جودة المصادفة والسعادة شيئًا واحدًا، فهذا أمر مرفوض عند أرسطاطاليس[31].

المبحث الرابع: السعادة والصداقة:

يظن بعض الناس أن أصحاب الفطنة لا يحتاجون إلى أصدقاء؛ لأن الخير يكون لهم فيما هو أهم وأكثر، فهم يكفون أنفسهم بأنفسهم ولا حاجة بهم إلى أصدقاء ليصلوا إلى السعادة. ويقرر أرسطاطاليس أن ذلك أمر مستحيل، أقصد أنه غير ممكن أن يكسب السعيد سعادته بدون أصدقاء[32].

إذًا لا يمكن أن يكون للسعيد جميع الخيرات بدون أن يكون له أصدقاء، يقول:

وقد يشبه المحال إذا كنا نصير للسعيد جميع الخيرات ألا نعطى أن يكون له أصدقاء، وهذا يظن أنه أكثر الخيرات التي تكون في خارج – وإذا كان الصديق أحرى أن يحسن من أن يحسن إليه، فإن للجيد والفاضل أن يصطنع المعروف أكثر واصطناع المعروف إلى الأصدقاء أجود من اصطناعه إلى الغرباء. والفاضل يحتاج إلى أن يحسن إليه. من أجل هذا يطلب هل يحتاج في سعادة البخت إلى الذين يحسن إليهم، كما يحتاج من كان في الشقاء إلى الذين يحسنون إليه. وأيضًا خليق أن يكون محالاً أن يصير وحدانيًّا: فخليق أن يختار أحد له أن يكون له جميع الخيرات مع الوحدة، من أجل أن الإنسان مدني، وفي طبعه أن يشارك في الحياة. وهذا هو أيضًا السعيد: فإن له الخيرات التي للطبيعة. فبين أنه أحرى أن تكون أيامه مع أصدقاء وأفاضل، من أن تكون مع غرباء ومن أدرك. فإذا ينبغي أن يكون أصدقاء لذوى السعادة[33].

إذًا التام السعادة في حاجة إلى أصدقاء حتى يتمكن من تأمل أفعاله الفاضلة والخاصة من خلال رؤيته لأفعال أصدقاءه، الذين هم في ذات الوقت أفاضل، وأفعالهم يقبلها أهل الخير. وتأكيد أرسطاطاليس على حاجة السعيد الشديدة إلى أصدقاء يعنى أنه يرفض ما يزعمه القدماء: أن السعيد ليس في حاجة إلى أصدقاء[34].

وحياة السعيد تكون لذيذة؛ لأنه لا يحيا بمفرده أما من يعيش بمفرده فحياته على العكس من ذلك. وعلة ذلك أن السعيد سيكون الأكثر اتصالاً مع الآخرين، وهذا أمر سار في ذاته، وهذا ما ينبغي أن يتحلى به فعل التام السعادة من صفات. إن السعيد حياته لذيذة ومن يعيش بمفرده حياته ثقيلة، والسعيد يسر بالفعل الموافق للفضيلة ويحزن للفعل الموافق للرذيلة. بالإضافة إلى أن التمرين على الفضيلة يمكن أن ينتج عن مشاركة الشرفاء في أفعالهم[35].

ويكون الصديق الفاضل على هذا النحو مرغوبًا فيه من قبل الإنسان الفاضل. يقول:

لأن ما هو جيد بالطبيعة كما قلنا، جيد عند الإنسان الفاضل ولذيذ في ذاته. وتعرف الحياة – في حالة الحيوان – بالقدرة على الإحساس، وعند الإنسان بالقدرة على الإحساس أو الفكر، لكن القدرة تقاس إلى الفعل، والعنصر الرئيسي يقوم في الفكر. لكن الحياة جزء من الأشياء الجيدة واللذيذة في ذاتها، لأنها شيء محدد، والمحدد من شأنه الخير، وما هو جيد بالطبيعة جيد أيضًا للإنسان الخير - لهذا تبدو الحياة سارة لكل الناس[36]. ولا يجب أن نفهم من ذلك أن المقصود بتلك الحياة الحياة الرديئة[37].

وإذا كانت الحياة مما هو حسن ولذيذ وبخاصة للأخيار، وإذا كان الإنسان الفاضل ينظر إلى صديقه على نحو ما ينظر إلى نفسه، فالنتيجة أن الصديق سيكون مرغوبًا فيه، ويوضح ذلك بقوله:

لكن إذا كانت الحياة نفسها شيئًا حسنًا ولذيذًا (كما يبدو ذلك، والدليل على إغراؤها كل إنسان وخصوصًا الفاضل والسعداء لأن الحياة مرغوبة عند هؤلاء إلى أعلى درجة وحياتهم تامة السعادة)، وإذا كان من يبصر يعي أنه يبصر، ومن يسمع يعي أنه يسمع، ومن يمشى يعي أنه يمشى، وكذلك بالنسبة لسائر أنواع الفعل. ثم شيء يعي أننا فاعلون، بحيث نعي أننا ندرك، ونفكر أننا نفكر، وإذا كان الوعي بأننا ندرك أو نفكر هو الوعي بأننا نوجد (لأن الوجود، كما قلنا، إدراك أو تفكير) وإذا كان الشعور بأننا نحيا (1170 ب) هو من بين اللذات السارة بذاتها (لأن الحياة بطبعها أمر جيد، والشعور بأن المرء يملك في ذاته ما هو جيد هو شيء لذيذ)، وإذا كانت الحياة لذيذة خصوصًا بالنسبة للأخيار، لأن الوجود شيء جيد بالنسبة إليهم وأمر سار (لأن شعورهم بأنهم يملكون ما هو جيد بذاته هو بالنسبة إليهم موضوع سرور)؛ وإذا كان الفاضل يكون تجاه صديقه كما هو تجاه نفسه (لأن صديقه ذات أخرى)، فإن هذه الأحوال لما كان وجود كل واحد منها أمرًا مرغوبًا فيه فإنه بالمثل يكون أو تقريبًا، سيكون وجود الصديق[38].

وإذا كان وجود الصديق أمرًا مرغوبًا فيه لشعوره بخيريته، فهذا شعور لذيذ، والسعيد يحتاج إلى شعور صديقه بوجوده، وبمعاشرته ومشاركته أفكاره، وعندئذ يمكننا القول إننا نتحدث عن حياة الجماعة.

وهكذا تكون الحياة للتام السعادة أمرًا مرغوبًا فيه لأنها طيبة ولذيذة، ووجود صديق يعتبر أمرًا مرغوبًا فيه بنفس القدر. ويعنى ذلك أن الصديق من المرغوبين فيه في تلك الحياة، وما هو مرغوب فيه من الضروري أن يحصله المرء، لذلك السعيد يحتاج إلى أصدقاء أفاضل[39].

المبحث الخامس: سعادة الإنسان في التعقل وممارسة الحكمة:

يرى أرسطاطاليس – على نحو ما ذكرنا سابق – أن خير العضو في أداءه لوظيفته أي أداءه فعله الذي وجد لأجله على نحو ما ينبغي أن يكون. يقول:

ولكن خليق أن يكون ما أتفق عليه القول بأن السعادة هي الشيء الأفضل، والشيء الذي لابد أن نظنه من أمرها أن نعلم ما هي. ولعل ذلك يصح لنا إن نحن حصلنا: فعل الإنسان ما هو؟ وذلك أنه كما يظن أن الإنسان إن كان له فعل من الأفعال، فالخير إنما هو لفعل ذلك الفعل. أفترى للنجار والإسكاف أفعالاً وأعمالاً، والإنسان مطبوع... على البطالة؟ أو كما أنا نرى للعين ولليد وللرجل "وبالجملة" لكل عضو من الأعضاء فعلاً ما، كذلك واضح أن نضع للإنسان فعلاً ما "مثل" هذه كلها[40].

نستنتج من ذلك أن أرسطاطاليس يرى أن خير كل عضو من أعضاء جسم الإنسان في أداءه لفعله أو لوظيفته، ولذلك خير الإنسان عنده في أداءه فعله أو وظيفته وهي التفلسف أو التفكير. وهكذا يتابع أرسطاطاليس أستاذه أفلاطون الذي يقرر أن خير الإنسان أي سعادته في ممارسة الحكمة[41]. وهذا نفس ما يشير إليه أرسطاطاليس بقوله:

فإن كان هذا الفعل – يقصد فعل الإنسان – موجودًا، فما هو؟ فنقول أنه إن كان فعله هو أن ينمى، فقد نرى أن النماء عام للإنسان والنبات. والشيء المطلوب ها هنا إنما هو الفعل الخاص بالإنسان. فينبغي إذًا "أن ندع جانبًا" القوة الغذية والنامية. ويتبع هذه القوة قوة حساسة ويظهـر من أمر هذه أيضًا أنها مشتركة للإنسان والفرس والثور ولكل حيوان. وقد بقى أن يكون ها هنا للجزء الناطق قوة فعالة. وهذا الجزء منه ما هو منقاد للنطق، ومنه ما هو مفكر. وإذا كانت هذه القوة تقال على ضربين، فينبغي أن يكون كلامنا في التي منها الفعل، إذ كانت أحق وأولى بالكلام فيها[42].

نستدل من ذلك أن أرسطاطاليس يؤكد على أن قوى النفس الإنسانية الغاذية والحساسة لا تبين جوهر الإنسان أعنى أن أدائها لوظائفها لا يعبر عن حقيقة الإنسان بل القوة الثالثة للنفس، التي لا يشارك الإنسان فيها غيره من الحيوان، أعنى القوة الناطقة هي وحدها التي تبين حقيقة الإنسان وجوهره، ووظيفتها التفكير والتفلسف، وبها ينفرد الإنسان عن غيره من الكائنات، وفي أدائها لوظيفتها يكون خير الإنسان وسعادته. ومن هذا المنطلق يحصل الإنسان السعادة التامة التي تجعله يتجاوز حدود إنسانيته وتجعله يقترب من مصاف الآلهة أقصد العقول المفارقة. تلك العقول التي تنحصر فضيلتها في النظر والفكر[43].

وبناءً على ذلك يكون خير الإنسان في فعل النفس الناطقة أي في أداء الجزء العاقل من النفس لوظيفته، ذلك الجزء من النفس الذي هو بالفعل لا المنفعل. يقول:

فإن كان فعل الإنسان إنما هو فعل للنفس على ما توجبه النطق، أو غير معرى من النطق، وكنا نقول إن فعل المقارب في الصناعة وفعل الفاضل فيها واحد بالجنس بمنزلة فعل المقارب في ضرب العود وفعل الفاضل فيه، وكان الأمر بالجملة في جميع الصناعات يجرى هذا المجرى فركبنا الفضيلة مع الفعل فنقول في الضارب المقارب إنه يضرب بالعود، وفي الضارب الفاضل أنه يضرب ضربًا جيدًا – فإنا نضع أن فعل الإنسان سيرة ما، وهذه السيرة فعل النفس مصحوبة بتمييز نطقي وأن الإنسان الفاضل مع هذا الفعل ما يجب من الجودة، وكل واحد من الأشياء إنما يجود فعله بحسب فضيلته. وإذا كان الأمر هكذا، فالخير الذي يخص الإنسان هو فعل للنفس على ما توجب الفضيلة. فإن كانت الفضائل كثيرة، فهو فعل ما يوجبها أفضلها أو أكملها. وإنما يكون هذا الفعل في السيرة الكاملة، لأن خطافًا ما واحدًا لا ينذر بالربيع، ولا يومًا واحدًا معتدل الهواء ينذر بذلك، كذلك أيضًا لا يجعل الإنسان سعيدًا يوم واحد من حياته ولا زمان يسيرًا منها[44].

هكذا يعرفنا أرسطاطاليس أن الإنسان السعيد لا يحصل سعادته في مدة قصيرة بل على مدار مدة طويلة من الفعل الذي يتفق مع الفضيلة وهو التفكير أو التعقل أعنى التفلسف.

ويؤكد أرسطاطاليس على ذلك عند تقسيمه للخيرات، فعنده أن أفضل أنواع الخيرات هو ما يكون متعلق بالنفس، وعندئذ تكون سعادة الإنسان. يقول:

فإذا كانت الخيرات قد انقسمت على ثلاثة أضرب: فمنها ما يقال من خارج، ومنها ما يقال... في النفس، ومنها ما يقال في البدن – فإنا نقول إن "الأولى" بأن تكون خيرات ما هو منها في النفس، ونضع أن الأعمال-الروحية تعد من الخيرات التي في النفس، فنعم ما وصف به الخير على حسب هذا الرأي القديم الذي أجمع عليه المتفلسفة. وبالصواب قيل إن الغاية المقصودة أفعال وأعمال، وإنه بهذه الجهة تكون الغاية المقصودة إنما هي غاية خيرات النفس لا غاية الخيرات التي من خارج. ومما يشهد لهذا القول ويوافقه أن السعيد من نال من حسن السيرة وجميل الأفعال، وذلك أن السعادة تكاد أن تكون قد وصفت بأنها حسن سيرة وجميل أفعال[45].

ويرى أرسطاطاليس أن السعادة تحتاج إلى الخيرات التي في الخارج، فالأشياء الجميلة تحتاج إلى ما هو في الخارج، فالسعيد يحتاج إلى الحسب والنسب – مثلاً – ليكون سعيدًا، فبدونها لا تكتمل سعادته. يقول:

فإنه ليس سعيدًا من كان في غاية القبح والسماجة، أو من ليس جيد الحسب، أو من كان وحيدًا، أولا ولد له، وخليق أن يكون أقل سعادة من كان له أولاد شرار أو أصدقاء شرار، أو كان له أولاد خيار أو أصدقاء خيار فماتوا فيشبه أن يكون الأمر كما قلنا: إن السعيد يحتاج إلى مدد من خارج، ولذلك صار قوم يجعلون السعادة وجودة البخت في مرتبة واحدة، وآخرون يجعلون السعادة والفضيلة سواء[46].

إذًا الإنسان حتى يمكنه تحصيل السعادة من الضروري أن توفر له الفضيلة الكاملة وحياة ذات هدف ما، فالسعيد مهما طرأ عليه من صعوبات سيكون سعيدًا[47].

ويؤكد أرسطاطاليس في نفـس الوقت على أن السعادة لا يمكن أن يصل إليها الإنسان بالاتفاق*، بل إنها هبة من الإله يغتبط بها الإنسان، إنها الفضيلة وتكون بتعلم أو اكتساب، إنهــا غاية الشرف.

وينتهي أرسطاطاليس إلى أن السعادة فعل ما للنفس الإنسانية مطابق للفضيلة، وكل الخيرات الخارجية تكون مساعدة للإنسان فحسب في تحصيل النفس الإنسانية للسعادة. ويدل على ذلك أن الحيوان لا يمكنه تحصيل السعادة وكذلك الطفل لأن السعادة تتطلب الشروط السابقة والطفل لا يمكنه تحقيق هذه الشروط[48].

إن السعادة عند أرسطاطاليس – على هذا النحو- ليست هيئة ما بل تكون فعل ما إنها مما يختار لذاته، وهي لا تطلب من أجل شيء آخر، إنها من الأعمال الفاضلة التي تختار لذاتها، وهذا ما ينطبق على اللذيذ من أنوع اللعب التي تختار لذاتها. وينوه أرسطاطاليس إلى أن الضرر الذي يقع على طالبي السعادة إن أقبلوا على الماديات يكون أكثر من المنفعة التي قد يحصلوا عليها، ولذلك كل إنسان يحب السعادة لا يقبل على الماديات مقتنعًا بأن ذلك سعادة[49].

إن العمر السعيد يكون مع الفضيلة عند أرسطاطاليس، والفعل الصادر عن الإنسان والعضو الأجود هو الأفضل، وهو الأكثر سعادة. وبقول كلي فإن السعادة تكون في الأفعال الفاضلة، والفعل طبقًا للفضيلة هو السعادة التامة وهو الأجود أيضًا[50].

وتخالط السعادة بذلك اللذة، وألذ الأفعال هي الحكمة، والحكيم هو أكثر الناس قدرة على ممارسة الحكمة، وكلما كان الحكيم أحكم كان أجود، وهو يكفي نفسه بنفسه[51].*

ولما كان ما هو خاص عند كل واحد منا قوى بالطبع ولذيذ، فإن طبيعة العقل تكون كذلك، وصاحب هذا العقل هو السعيد. الذي يكسب أنواع عديدة من السعادة، فإن السعادة التي يكتسبها بواسطة العقل تكون نسيج وحدها[52].

وإذا كانت الآلهة تحصل على السعادة نتيجة لأفعالها كذلك الإنسان يحصل على السعادة نتيجة لممارسة التعقل والتفكير. يقول:

وأما السعادة فعل ما رأيي، فيظهر من هذا أيضًا. فإنا نرى أن الآلهة أكثر ذلك، ذوو غبطة وسعادة... ولكن كل يرى أن لهم فعل، من أجل أنهم لا ينبغي أن يكونوا نيامًا... وإن نفي عنهم فعل الأحياء، فما الذي يبقى أن يكون لهم من الفعل أكثر من استعمال الرأي؟ فإذا فعل الإله، الذي يفضل بالغبطة، سيكون رأيًا. والفعل الإنسي المجانس لهذا الفعل يكون سعادة[53].

ويؤكد أرسطاطاليس مرة أخرى أن السعادة تكون للإنسان وحده دون غيره من سائر الحيوانات لأنه وحده الذي يملك عقلاً ويمكنه استخدامه. يقول:

والدليل على ذلك أن سائر الحيوان ليست له سعادة مثل ذلك، إذ قد عدم فعلاً مثل هذا عدمًا تامًا، من أجل أن عمر ذوى التمام يغتبط به، إذ كان الفعل مثل هذا أيضًا. وأما في الناس فعل قدر ما فيهم مثال ما من هذا الفعل. وأما سائر الحيوان فليس فيه شيء سعيد من أجل أنه لا يستعمل الرأي في شيء من الأشياء والسعادة أيضًا في الذين يستعملون الرأي أكثر، والذين لهم سعادة بنوع عرضي، بل استعمال الرأي، فإن هذه بذاتها فكرية جدًّا. فإذا ستكون السعادة رأيًّا ما[54].

وبالجملة فإن الإنسان الذي يسلك وفقًا للعقل وحاله جيدة، هذا الإنسان يكون محبًّا للإله ويفرح بالأفضل، وفعله صحيحًا تمامًا. وكل هذه الخصال تكون له أكثر من غيره، لذلك يكون الحكيم محبًّا للإله ويكون سعيدًا[55].

المبحث السادس: السعادة تكون في الحياة الدنيا فحسب*:

يتضح مما سبق أن أرسطاطاليس يرى – مثل معاصريه من اليونانيين – أن السعادة هي هدف كل سلوك يقوم به الإنسان، فقد كان اليونانيون

يرون أن كل فعل يقوم به الفرد إنما يستهدف من ورائه تحقيق السعادة لنفسه وليس تحقيقًا لمطالب الآلهة أو لأي مبدأ غيبي آخر. إذ إن اليوناني كان يعتقد أن الحياة على سطح الأرض أفضل وأكمل من الحياة في عالم آخر، ولهذا فقد جهد على أن يحقق السعادة الكاملة لنفسه في هذا العالم فحسب[56].

وهذا نفس ما طرحه أرسطاطاليس، فعنده أن السعادة تكون للإنسان وهو على قيد الحياة، وعندما يموت ويفنى جسده فإنه لا يحصل السعادة على الإطلاق. فالقول بأن السعادة لا تنفك عن الإنسان بعد الممات يُعتبر عند أرسطاطاليس قولاً فاسدًا[57]. ويخالف أرسطاطاليس في ذلك كل من سقراط وأفلاطون اللذين زعما أن السعادة تكون في حياة غير الحياة الدنيا، لذلك فالموت يصل بالإنسان إلى حياة ملؤها السعادة والنعيم[58].

ويستطرد أرسطاطاليس في إثارة الاعتراضات حول مسالة سعادة الإنسان بعد مماته، فعنده أن من يزعم: أنه يكون للإنسان عند موته بعض الخير وبعض الشر على غرار الإنسان وهو حي، فإن هذا الافتراض يثير كثيرًا من الصعوبات، وينتهي إلى أنه قولٌ فاسدٌ: أن الميت يشارك في الخير والشر، وأنه يكون في لحظة سعيدًا وفي أخرى شقيًا. يقول:

لكن إذا كنا، من ناحية أخرى، نرفض أن نسمي من مات سعيدًا (على رأى صولون*) لا يدل على هذا المعنى، ونقصد أنه فقط في ساعة الموت يمكنها على نحو مؤكد، أن نقول عن إنسان أنه صار منذ الآن فصاعدًا بعيدًا عن متناول الشرور والمصائب، فإن هذا المعنى نفسه يثير بعض الاعتراض. إذ يعتقد عادة أن الإنسان إذا مات لا يزال يوجد له بعض الخير وبعض الشر، مثل الإنسان الحي الذي لا يشعر بذلك، مثلاً في حالة الكرامات أو البلايا التي تصيب الأطفال أو الذرية بوجه عام، ونجاحاتهم أو بلاياهم. ولكن في هذه النقطة أيضًا صعوبات ذلك أن الإنسان الذي عاش في سعادة حتى سن متقدمة، وكانت نهايته منسجمة مع بقية حياته، يمكن أن يصاب بكثير من التقلبات في ذريته، فيكون بعضهم أفاضل حصلوا على الحياة التي يستحقونها، والبعض الآخر في حال مضادة تمامًا، ومن البين كذلك أنه تبعًا لدرجات القرابة فإن علاقات الذرية مع الأسلاف قابلة لكل أنواع التنويعات فمن الباطل إذًا أن نفترض أن الميت يشارك في كل هذه التقلبات وأن يكون في لحظة ما سعيدًا ويصبح في لحظة أخرى شقيًا، كما أنه من الباطل أيضًا أن نظن أن مصير الذرية لا يؤثر أبدًا – ولا في أية لحظة – في الأجداد[59].

وينوه أرسطاطاليس إلى أن السعيد قد يحل محل سعادته أحيانًا الشقاء، وما يحصله هذا المرء من السعادة لا يأتي بالمصادفة أو الاتفاق على نحو ما أسلفنا بل تكون سعادته في الفعل الموافق للفضيلة. وهذا الفعل يتميز بالثبات، وثباته أكثر من ثبات المعارف العلمية نفسها. وهكذا تكون أفعال الإنسان السعيد من الأفعال الثابتة، وهذا الإنسان يظل سعيدًا طوال حياته؛ لأن أفعاله تكون موافقة للفضيلة كما ذكرنا سابقًا. ويتميز هذا الإنسان بأنه يتحمل ضربات الحظ والشر بمنتهي القوة. وهذا الإنسان السعيد مهما أصابه من مصائب وشرور بالمصادفة أو الاتفاق، فإن هذا الإنسان يتحمل كل ذلك بكل ما أوتى من قوة، لذلك فالإنسان السعيد يحصل السعادة رغم ما يصيبه من مصائب، ولا يمكن أن يشقى أبدًا لأنه لا يرتكب أية شرور. إذًا الإنسان العاقل والفاضل يتحمل كل تقلبات المصادفة والاتفاق، وهو يحاول جاهدًا أن يكون فعله موافقًا للفضيلة والنبل، وهذا الإنسان السعيد لا يمكن رغم ما يلقاه من مصائب أن يصير شقيًا. وهذا الإنسان إذا أصابته بعض المصائب فإنه يستعيد سعادته بعد زمن طويل لا بعد وقت قليل[60].

ويستمر أرسطاطاليس في سبر غور مسألة السعادة التي يحصلها الإنسان بعد مماته، فعنده الإنسان يحصل السعادة في حياته فحسب لأنه عندئذ يملك الخير. يقول:

وإذًا فما يمنعنا أن نسمي سعيدًا ذلك الإنسان الذي فعله يوافق الفضيلة التامة، والمزود بخيرات خارجية، وليس هذا خلال فترة ما، بل طوال حياته بأكملها؟ أفلا يجب علينا أن نضيف: "والذي ستستمر حياته في نفس الظروف، وستكون نهايته على صلة بباقي حياته"؛ لأن المستقبل محجوب، ونحن نضع السعادة غاية وأمرًا كاملاً تمامًا؟ إن كان الأمر هكذا، فإننا سنسمى سعداء أولئك الذين، من بين الأحياء، يملكون وسيملكون الخيرات التي ذكرناها – لكنهم – سعداء بالقدر الذي به يمكن الإنسان أن يكون سعيدًا[61].

وهكذا يقصر أرسطاطاليس السعادة على الحياة الدنيا. إذًا الميت عند أرسطاطاليس لا نصيب له من السعادة، فعنده أنه ليس للميت حظ من أي خير أو شر، حتى أعمال أصدقاءه فإنها لا تنفعه أيضًا. يقول:

هل للأموات نصيب [1101 ب] في أي خير أو أي شر؟ لأنه يبدو من هذه الاعتبارات أنه لو بلغهم أي تأثير في الخير أو في الشر، فلابد أنه تأثير ضعيف يمكن إغفاله، سواء في ذاته أو بالنسبة إليهم، أو إن لم يكن أمرًا هينًا فإنه على الأقل ذو شدة وطبيعة بحيث لا يكفي ليجعل سعداء من ليسوا كذلك، أو لينتزع السعادة ممن يملكونها. ويبدو إذًا أن النجاحات وعدم النجاحات للأصدقاء تؤثر – بقدر ما – في مصير الموتى، مع كونها مع ذلك ليست بذات طبيعة وأهمية من شأنها أن تقدر على أن تجعل أشقياء من هم سعداء، ولا أن تحدث أي أثر من هذا القبيل[62].

ورفض أرسطاطاليس أن يحصل الإنسان السعادة بعد الممات هو في ذلك يتفق مع نفسه لأنه لم يصرح بخلود النفس أو أن للنفس حياة أخرى غير تلك الحياة الدنيا[63]. وكان طبيعيًا أن يصرح أرسطاطاليس بخلود النفس، فطالما قرر أن السعادة التامة هي حياة التأمل والتفكير بالجزء الإلهي الذي فينا وهو العقل، هذه السعادة التي لا تتحقق على الوجه الأكمل بإطلاق وباستمرار إلا للآلهة لأنها فضيلتهم الخاصة، هذه السعادة التي أضاف لها شرط الحصول والتمتع بالخيرات ولو على أنها وسائل لها – نقول كان من المنطق بعد هذا أن يكون فيلسوف الليسيه من أنصار خلود الروح، فيرى أن هناك حياة أخرى تكمل فيها سعادة الإنسان التي لا تكاد تتحقق في هذه الحياة الدنيا[64]. وواقع الحال أن أرسطاطاليس لم يصرح بخلود الروح بالفعل. ويرجع ذلك لأسباب عديدة ذكرها أرسطاطاليس في مؤلفاته الطبيعية، منها أن النفس

صورة الجسم، وأن الصورة لا تفارق المادة ولا توجد وحدها، بما أن الجسم سيفنى لا إلى رجعة، فلا يستقيم أن تكون الروح خالدة. وبهذا لم يستطيع أن يصل إلى ما وصل إليه أفلاطون وسقراط من قبله، من عقيدة خلود النفس التي سمت بأخلاقها كثيرًا[65].

المبحث السابع: السعادة مما لا يمدح:

قبل أن يبين أرسطاطاليس موقفه من مسألة كون السعادة تمدح أم لا، فإنه يشير إلى أن الأشياء التي تمدح هي ما تكون بالإضافة إلى شيء ما وبكيفية. يقول:

فإنا قد لخصنا هذه الأشياء، فلنبحث عن السعادة: هل هي من الأمور الممدوحة، أم من الأمور الخطيرة؟ وذلك أنه من البين أنها ليست القوى. فقد يظهر أن كل ممدوح هو ممدوح لأنه بكيف ما وبالإضافة إلى شيء ما، فإنا إنما نمدح الرجل، الشجاع وبالجملة: الخير والفضيلة بسبب الأفعال وما يحدث عنها ونمدح القوى ومن يجيد العدو وكل واحد مما أشبه ذلك، فإنا إنما نمدحهم لأنهم بكيفية وأنهم كذلك بالإضافة إلى خير ما وفضيلة ما. وذلك بين من مديح المتألهين، فإنه إذا نسب إلينا كان مما يضحك منه، وإنما عرضي ذلك لأن المديح إنما يكون بالإضافة كما قلنا[66].

ويرى أرسطاطاليس أنه من الأشياء ما يمدح ومنها ما لا يمدح كالسعادة. يقول:

وإذا كان المديح إنما هو لأمثال هذه الأشياء، فبين أن الأشياء التي في غاية الفضل ليس لها مديح لكنها أجل وأفضل من أن تمدح كما تبين من أمرها. وذلك أنه قد ينسب المتألهون والخيار من الناس إلى السعادة، وليس يوجد واحد من الناس يمدح السعادة كما يمدح العدل، لكنه يجلها ويكرمها على أنها أمر إلهي تام[67].

ويستطرد أرسطاطاليس في الإشارة إلى ما يمدح وما لا يمدح، فالإله والخير مما لا يمدح لأنها أجل من أن تمدح، أما الفضيلة فمما يمدح؛ لأن الأمور الجميلة التي تقوم بها تكون بالفضيلة.

الخاتمة:

تشتمل على أهم نتائج البحث:

1.    أعتقد أرسطاطاليس أن هدف كل فعل وسلوك يقوم به الإنسان هو تحقيق خير ما. والسعادة هي الخير الأعظم والفضيلة الكاملة التي يسعى إليها جميع البشر بكل ما أوتوا من القوة.

2.    تؤثر السعادة لذاتها دون أن تكون وسيلة لتحقيق هدف آخر غيرها، أما ما عداها من الخيرات والفضائل فإنها تؤثر من أجل السعادة. تلك السعادة التي ترتبط بالفضيلة، فهي الفعل طبقًا للفضيلة التامة أو الكاملة، والسعادة التامة تكون في ممارسة الجانب العاقل من الإنسان للتفلسف أو التعقل والتفكر.

3.    الإنسان عامة لا يمكنه أن يعيش بمفرده كذلك الإنسان السعيد لا يمكنه أن يعيش بمعزل عن الآخرين. وتعتبر الصداقة من العوامل الأساسية التي تعين الإنسان الذي يرغب في السعادة على تحقيق سعادته.

4.    تلعب الخيرات الخارجية دورًا مساعدًا في تحقيق السعادة للإنسان - تلك السعادة التي تكون للإنسان وحده دون غيره من سائر الحيوانات التي لا عقل لها.

5.    سعادة الإنسان تكون في الحياة الدنيا فحسب لأن أرسطاطاليس لم يعتقد أن النفس الإنسانية خالدة، تلك السعادة التي تعد مما يمدح في مقابل الفضيلة – وأشباهها – التي تعد مما لا يمدح.

*** *** ***

قائمة المصادر والمراجع:

أولاً: العربي منها:

1.    أبو ريان (د. محمد علي)، تاريخ الفكر الفلسفي، ج 1: الفلسفة اليونانية من طاليس إلى أفلاطون، دار النهضة العربية للطباعة والنشر.

2.    أبو ريان (د. محمد علي)، تاريخ الفكر الفلسفي، ج 2: أرسطو والمدارس المتأخرة، 1976 م، دار النهضة العربية للطباعة والنشر بيروت، لبنان.

3.    أرسطاطاليس، في النفس، ضمن مجموعة راجعها على أصولها اليونانية وشرحها وحققها وقدم لها د. عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات الكويت، دار القلم بيروت، لبنان.

4.    أرسطاطاليس، الأخلاق، ترجمة إسحاق بن حنين حققه وشرحه وقدم له د. عبد الرحمن بدوي، الطبعة الأولى، 1979م، الناشر وكالة المطبوعات، الكويت.

5.    أرسطاطاليس، في أعضاء الحيوان، المقالات 11 – 14 من كتاب الحيوان، الترجمة القديمة من اليونانية إلى العربية حققتها وقدمت لها رمكة كروك، 1978م، مجمع العلوم الملكي الهولندي أمستردام.

6.    أرسطاطاليس، دعوة للفلسفة (برويتيقوس)، كتاب مفقود قدمه للعربية عن اللغة الألمانية مع تعليقات وشروح د. عبد الغفار مكاوي، 1987م، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

7.    حجازي (د. عوض الله)، ونعيم (د. محمد السيد)، في تاريخ الفلسفة اليونانية، طبعة مزيدة ومنقحة، الطبعة الثانية، دار الطباعة المحمدية بالأزهر، القاهرة.

8.    رشوان (د. محمد مهران)، تطور الفكر الأخلاقي في الفلسفة الغربية، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة.

9.    زقزوق (د. محمود حمدي)، مقدمة في علم الأخلاق، الطبعة الأولى،1401 هـ / 1980م، دار القلم، الكويت.

10.                       ستيس (وولتر)، تاريخ الفلسفة اليونانية، ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد، 1984م، دار الثقافة للنشر والتوزيع.

11.                       السحمرانى (د. أسعد)، الأخلاق في الإسلام والفلسفة القديمة، الطبعة الأولى، 1408هـ / 1988م، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع.

12.                       الطويل (د. توفيق)، فلسفة الأخلاق: نشأتها وتطورها، 1979م، الناشر دار النهضة العربية، مصر.

13.                       عطيتو (د. عباس حربي)، ملامح الفكر الفلسفي عند اليونان، 1992م، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية.

14.                       غريغوار (فرانسوا)، المذاهب الأخلاقية الكبرى، ترجمة قتبة المعروفى، الطبعة الثانية، 1977م، منشورات عويدات، بيروت – باريس.

15.                       فخري (د. ماجد)، الفكر الأخلاقي العربي، ج 1، الفقهاء والمتكلمون: نصوص اختارها وقدم لها، 1978م، الأهلية للنشر والتوزيع.

16.                       فرنر (شارل)، الفلسفة اليونانية، ترجمة تيسير شيخ الأرض، الطبعة الأولى، 1968م، دار الأنوار بيروت – لبنان.

17.                       قابيل (د. عبد الحي محمد)، المذاهب الأخلاقية الكبرى، 1984م، دار الثقافة للنشر والتوزيع، مصر.

18.                       كرم (يوسف)، تاريخ الفلسفة اليونانية، 1999م، ملتزم توزيع هذا الكتاب مكتبة النهضة المصرية.

19.                       مرحبا (د. محمد عبد الرحمن)، مع الفلسفة اليونانية، الطبعة الثانية، 1980م، منشورات عويدات، بيروت – لبنان – باريس.

20.                       مرحبا (د. محمد عبد الرحمن)، تاريخ الفلسفة اليونانية: من بدايتها حتى المرحلة الهلينستية، الطبعة الأولى، 1414هـ /1993م، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر بيروت، لبنان.

21.                       مطر (د. أميرة حلمي)، الفلسفة اليونانية: تاريخها ومشكلاتها، طبعة جديدة، 1998م، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة.

22.                       موسى (د. محمد يوسف)، تاريخ الأخلاق، الطبعة الثالثة، 1373 هـ / 1953م، مطابع دار الكتاب العربي، مصر.

23.                       نصار (د. محمد عبد الستار)، دراسات في فلسفة الأخلاق، الطبعة الأولى، 1402 هـ / 1982م، دار القلم، الكويت.

ثانيًا: الأجنبي منها:

  1. Allan (D. J.): The philosophy of Aristotle , second edition ,© Oxford university press , printed and bound in Great Britain by rledwood burn limted trowbridge & esher ,1978.
  2. Aristotle: Physics ,translation enlish , ( the works of Aristotle translated into enlish under the editorship Ross (W.D.) Oxford at clarendon press , printed in England , 1930.
  3. Brentano (Franz ): Aristotle and his world view , edited and translated by: Georg (Rolf ) ,and Chisholm (Roderick. M) , copyright © by: the regents of the university of California , printed in the: U.S.A. 1979.
  4. Fuller( B.A.G.):History of Greek philosophy :Aristotle, copyight© by: Henry Hott &co. reprinted by Greenwood press. Inc., printed in the: U.S.A. ,1968.
  5. Wilbur (james .B.) , Allan (Hardd .J.): The world of Plato and Aristotle , copyright by pronethers books , printed in the :U.S.A. , 1979.

 

horizontal rule

* أستاذ الفلسفة. كلية التربية - جامعة الملك سعود – المملكة العربية السعودية. كلية البنات – جامعة عين شمس – جمهورية مصر العربية.

[1] د. محمد مهران رشوان، تطور الفكر الأخلاقي في الفلسفة الغربية، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة ص74.

[2] Wilbur (Janes. B.), Allan (Hardd.j.): The world of Plato and Aristotle , copyright by pronethers books , printed in the :U.S.A. , 1979. p 160

[3] أرسطاطاليس، الأخلاق، ترجمة إسحاق بن حنين، حققه وشرحه وقدم له د. عبد الرحمن بدوي، الطبعة الأولى، 1979م، الناشر وكالة المطبوعات، الكويت، م1، ف 1،1094أ، ص 53.

[4] د. ماجد فخري، الفكر الأخلاقي العربي، ج 1: الفقهاء والمتكلمون: نصوص اختارها وقدم لها، 1978م، الأهلية للنشر والتوزيع، ص 427 – 428.

[5] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 1، 1094 أ، ص 54.

[6] المرجع السابق، م 1، ف 1، 1094 أ، ص 54 – 55.

* تكون الموجودات عند أرسطاطاليس إما بالطبيعة وإما بالفن والصناعة – المقدرة البشرية – وإما بالمصادفة وإما بالاختيار. وتكون جميع الموجودات لقصد وغاية باستثناء ما يكون بالمصادفة فلا غاية له أو هدف. ونستدل من ذلك أن أرسطاطاليس يرى أن كل شيء في الطبيعة تكون له وظيفة، ولذلك يعتقد أن خير كل ما هو طبيعي يكون في أداءه التام لوظيفته أو للغاية التي من أجلها أوجده الطباع، كقولنا: إن للإنسان بما هو كذلك وظيفة وهي مزاولة الحياة على أتم وجه أعنى أن سعادة الإنسان تكمن في عمل النفس الناطقة فحسب. وتبدو تلك الغائية في الطبيعة حيث نلاحظ أنها جعلت – على سبيل المثال لا الحصر – مقاديم الأسنان حادة لتكون صالحة لتقطيع الطعام، أما الأضراس فعريضة لسحق الطعام. وهذه الأسنان وأشباهها تكون موافقة لأفعالها من تلقاء نفسها، وإن لم تؤد الهدف من كونها حيث كونت على هذا النحو لأداء هذا العمل. كذلك تكون الشفتان في الحيوان الدمى لحفظ الأسنان، ويجعل الطباع كذلك المنقار في الطير بديلاً عن الأسنان وهو يقوم بوظائفها في المأكل والدفاع عنها. للمزيد من التوضيح ينظر:

 Aristotle : Physics, translation english ,( the works of Aristotle translated into English under the editorship R0ss ( W.D. ) , printed in England , 1930، Oxford at clarendo , vol I I ,198b.

أرسطاطاليس، كتاب في أعضاء الحيوان، المقالات 11- 14 من كتاب الحيوان، الترجمة القديمة من اليونانية إلى العربية حققتها وقدمت لها رمكة كروك، 1978م مجمع العلوم الملكي الهولندي أمستردام، م 12، ف 16، 660a، ص 53. أرسطاطاليس، دعوة للفلسفة (بروتر يتيقوس) كتاب مفقود، قدمه للعربية عن اللغة الألمانية مع تعليقات وشروح د. عبد الغفار مكاوى، 1987م، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ص 33- 35. وولتر ستيس، تاريخ الفلسفة اليونانية، ترجمة مجاهد عبد المنعم مجاهد، 1984م، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ص 238 – 258. يوسف كرم، تاريخ الفلسفة اليونانية، 1999م، ملتزم توزيع هذا الكتاب مكتبة النهضة المصرية. ص 185.

[7] د. عوض الله جاد حجازي، ود. محمد السيد نعيم، في تاريخ الفلسفة اليونانية، طبعة مزيدة ومنقحة، الطبعة الثانية، دار الطباعة المحمدية بالأزهر، القاهرة، ص 172 – 173.

[8] وولتر ستيس، تاريخ الفلسفة اليونانية، ص 203. د. توفيق الطويل، فلسفة الأخلاق: نشأتها وتطورها، 1979 م، الناشر دار النهضة العربية، مصر، ص 83 – 84.

[9] د. محمد عبد الرحمن مرحبا، مع الفلسفة اليونانية، الطبعة الثانية، 1980م، منشورات عويدات، بيروت، لبنان، باريس، ص 204 – 205. د. محمد عبد الرحمن مرحبا، تاريخ الفلسفة اليونانية من بدايتها حتى المرحلة الهلينستية، الطبعة الأولي، 1414هـ /1993م، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر بيروت، لبنان، ص 303 – 304.

Allan ( D.J.) The philosophy of Aristotle, second edition ,© Oxford university press , printed and bound in Great Britain by rledwood burn limted trowbridge \& esher,1978 . p 123 .

[10] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 2، 1095 أ، ص 57.

[11] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 2، 1095 أ، ص 57.

[12] المرجع السابق، م 1، ف 9، 1096أ، ص 70.

[13] المرجع السابق، م 1، ف 9، 1096 أ، ص 70 – 71.

[14] المرجع السابق، م 1، ف9، 1096 أ، ص 111.

[15] المرجع السابق، م 1، ف 9، 1096 أ، ص 71 -72.

[16] المرجع السابق، م 1، ف 3، 10 95 أ، ص 59 – 60.

[17] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 3، 1095 أ، ص 61.

[18] Fuller (B.A.G.): History of Greek philosopgy , Aristotl, copyight© by: Henry Hott &co. reprinted by Greenwood press. Inc., printed in the : U.S.A. ,1968 . P 200.

[19] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 5، 1096 أ، ص 65 – 66.

[20] المرجع السابق، م 1، ف 5، 1096 أ، ص 66.

[21] المرجع السابق، م1، ف 5، 1096 أ، ص 66.

[22] المرجع السابق، م 1، ف 13،1102 أ، 80 – 81.

[23] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 13، 1102.

[24] المرجع السابق، م 1، ف 13، 1102 ب – 1103 أ، ص 83. وللمزيد من التوضيح ينظر شارل فرنر، الفلسفة اليونانية، ترجمة تيسير شيخ الأرض، الطبعة الأولى، 1968م، دار الأنوار بيروت، لبنان، ص 180.

* جعل أرسطاطاليس للنفس ثلاثة قوى: الشهوية، والغضبية، والعاقلة. أرسطاطاليس، في النفس ضمن مجموعة، راجعها على أصولها اليونانية وشرحها وقدم لها د. عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات الكويت، دار القلم، بيروت، لبنان، م 2، ف 3، 414أ – 414 ب، ص 35.

Brentano(Franz) : Aristotle and his world view, edited and translated by : Georg (Rolf ) ,and Chisholm (Roderick . M) , copyright © by : the regents of the university of California , printed in the : U.S.A . 1979 . p107

[25] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 13، 1102أ – 1102 ب، ص 81 – 82.

[26] المرجع السابق، م 1، ف13،1102 ب، ص 82.

[27] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 13، 1102 ب، ص 82 – 83.

[28] د. حربي عباس عطيتو، ملامح الفكر الفلسفي عند اليونان، 1992م، دار المعرفة الجامعية الإسكندرية، ص 212.

[29] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 13،1103 أ، ص 83 – 84.

[30] د. أسعد السحمرانى، الأخلاق في الإسلام و الفلسفة القديمة، الطبعة الأولى، 1408هـ / 1988م، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، ص 87.

[31] أرسطاطاليس، الأخلاق، م7، ف 14، 1153 أ، ص 265 – 267.

[32] المرجع السابق، م 9، ف 9، 1169 ب، ص 324.

[33] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 9، ف 9، 1169 ب، ص 324 – 325.

[34] المرجع السابق، م 9، ف م، 1169 ب، ص 325.

[35] المرجع السابق، م 9، ف م، 1169 ب، ص 326.

[36] المرجع السابق، م 9، ف 9، 1169 ب، 326.

[37] المرجع السابق، م 9، ف 9، 1169 ب، ص 326.

[38] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 9، ف 9، 1169 ب، ص 347.

[39] المرجع السابق، م 9، ف 9، 1170ب، ص 347 – 348.

[40] المرجع السابق، م 1، ف 6، 1096 ب، ص 67.

[41] د. محمود حمدي زقزوق، مقدمة في علم الأخلاق، الطبعة الأولى،1401 هـ / 1980م، دار القلم، الكويت، ص 68 – 69.

[42] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 6، 1096 ب، ص 67.

[43] د. محمد عبد الستار نصار، دراسات في فلسفة الأخلاق، الطبعة الأولى، 1402 هـ / 1982م، دار القلم – الكويت، ص 330. د. أميرة حلمي مطر، الفلسفة اليونانية: تاريخها ومشكلاتها، طبعة جديدة، 1998م، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ص 322.

[44] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 6، 1096 ب، ص67 – 68.

[45] المرجع السابق، م 1، ف 8، 1096 ب، ص 69 – 70.

[46] المرجع السابق، م 1، ف 9، 1096 ب – 1099 ب، ص72. وللمزيد من التوضيح ينظر: أرسطاطاليس، دعوة للفلسفة (برويتقوس)، ص 30 – 31.

[47] أرسطاطاليس، الأخلاق، م1، ف 9، 1099 ب–1099 ب، ص 73 – 74.

* يبدو من ذلك أن السعادة ليست متوقفة تمامًا على ما يقوم به الإنسان من تعقل وبمساعدة من الخيرات الخارجية بل أنه من الضروري بالإضافة إلى ذلك أن تأتى كهبة من الآلهة. ويدل ذلك على أن السعادة تختلف من إنسان إلى آخر بحسب رضا الآلهة وبحسب استعداد عقل كل إنسان. للمزيد من التوضيح ينظر: فرنسواغريغور، المذاهب الأخلاقية الكبرى، ترجمة قتبة المعروفي، 1977م، منشورات عويدات، بيروت – باريس، ص 41.

[48] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 11، 109 ب – 1100 أ، ص 73 – 76.

[49] المرجع السابق، م 10، ف 6، 1176 ب، ص 348.

[50] المرجع السابق، م 10، ف 6، 1178 أ، ص 348 – 349.

[51] المرجع السابق، م 10، ف 7، 1117 أ – 1117 ب، ص 350.

* إن الفيلسوف وحده - عند أرسطاطاليس – القادر على التفلسف ومعرفة الخير أي السعادة. للمزيد من التوضيح ينظر: أرسطاطاليس، دعوة للفلسفة (برو ترتيقوس)، ص 44 - 49.

[52] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 10، ف 7، 1178 أ، ص 352.

[53] المرجع السابق، م 10، ف 8، 1178 ب، ص 353 – 354.

[54] المرجع السابق، م 10، ف 8، 1178 ب، ص 354.

[55] المرجع السابق، م 10، ف 9، 1179 ب، ص 356.

* لم يقرر أرسطاطاليس أن النفس خالدة لكن استنتج نفر من الباحثين من مؤلفات أرسطاطاليس أنه يقر بخلود الجزء العاقل من النفس فحسب، أعنى أن العقل الفعال، فهو لا يفنى بفناء البدن لأنه خالد وأبدى ودائم. للمزيد من التوضيح ينظر: أرسطاطاليس، في النفس، م 3، ف 5، 430 أ، ص 74 – 75. أرسطاطاليس، دعوة للفلسفة (برو تريتيقوس)، ص 68. د. أميرة حلمي مطر، الفلسفة اليونانية: تاريخها ومشكلاتها، ص 314 – 315. د. محمد على أبو ريان، تاريخ الفكر الفلسفي، ج 2: أرسطو والمدارس المتأخرة، 1976م، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت – لبنان، ص 287.

[56] د. محمد على أبو ريان، تاريخ الفكر الفلسفي، ج 2: أرسطو والمدارس المتأخرة، ص 213.

[57] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 11، 1100 أ، ص 75.

[58] د. عبد الحي محمد قابيل، المذاهب الأخلاقية في الإسلام، 1984م، دار الثقافة للنشر والتوزيع، مصر، ص 137. د. محمد على أبو ريان، تاريخ الفكر الفلسفي، ج 1: الفلسفة اليونانية من طاليس إلى أفلاطون، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، ص 209 - 211.

* صولون (560 ؟- 630 ؟ ق.م.) سياسي ومشرع أثيني أشتهر بنزعته الإصلاحية.

[59] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 11، 1100 أ – 1101 أ، ص 75.

[60] المرجع السابق، م 1، ف 11، 1100 أ – 1101 أ، ص 75 – 77.

[61] المرجع السابق، م 1، ف 11، 1101 أ – 1101 ب، ص 78 – 79.

[62] المرجع السابق، م 1، ف 11، 1101 أ – 1101 ب، ص 78 – 79.

[63] د. محمد عبد الستار نصار، دراسات في فلسفة الأخلاق، ص 331.

[64] د. محمد يوسف موسى، تاريخ الأخلاق، الطبعة الثالثة، 1373 هـ / 1953م، مطابع دار الكتاب العربي، مصر، ص 93 – 94.

[65] المرجع السابق، ص 94.

[66] أرسطاطاليس، الأخلاق، م 1، ف 12، 1101 ب، ص 79.

[67] المرجع السابق، م 1، ف12، 1101 ب، ص 79 – 80.

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني