التعليق الافتتاحي على كتاب الموتى التبيتي

 

قداسة دالي لاما التيبت

 

لا تزال قضية وجود أو عدم وجود استمرارية للوعي بعد الموت جانبًا مهمًا في التفكير والجدل الفلسفي منذ الأزمنة الهندية القديمة وحتى اللحظة الراهنة. على أي حال إن أخذنا وجهة النظر البوذية في هذا الموضوع فعلينا أن نتذكر دومًا العلاقة القوية بين فهم طبيعة استمرارية الوعي وفهم طبيعة "الأنا" و"النفس". وبناء على هذا سننظر أولاً فيما يمكننا قوله حيال تكوين الفرد.

وفق الأدبيات البوذية الكلاسيكية يُنظر إلى الإنسان على أنَّه مكوَّن من خمس كتل aggregates مترابطة وتُعرف بالكتل النفسية-الجسدية الخمسة. وهي تتألف من كتلة الوعي، وكتلة الصورة (التي تتضمن جسدنا المادي وحواسنا) وكتلة المشاعر وكتلة التمييز discrimination وكتلة النزعات التحفيزية. باختصار هناك جسدنا والعالم المادي وحواسنا الخمسة وسيرورات النشاط العقلي العديدة ونزعاتنا التحفيزية وتمييزنا للأشياء والمشاعر وإدراكنا ووعينا الأساسي.

من بين مدارس الفكر القديمة التي اعتنقت فكرة استمرارية الوعي كان هناك العديد من مدارس الفلسفة غير البوذية التي نظرت إلى انتقال الكينونة، "الأنا أو "النفس"، من وجود إلى آخر على أنه انتقال أحادي الاتجاه وثابت، وافترضوا أنَّ هذه "النفس" مُستقلة في علاقتها مع المكونات النفسية والمادية للفرد. وهم بذلك افترضوا أو طرحوا فكرة وجود جوهر أو "روح" مستقلة عن الجسد والعقل.

على أي حال لا تقبل الفلسفة البوذية وجود كينونة مستقلة، وهي تفهم النفس أو الشخص وفق علاقة دينامية مستقلة تربط السمات العقلية والجسدية. يسعنا القول بأنَّها العلاقة بين مجموعة المُكونات النفسية والجسدية للإنسان. بمعنى آخر أكثر دقة يمكننا اعتبار مفهومنا للنفس على أنه تدفق مُعقَّد للوقائع العقلية والجسدية المتكتلة وفق أنماط واضحة جدًا بما في ذلك سماتنا الجسدية وغرائزنا وعواطفنا ومواقفنا،... إلخ المستمرة عبر الزمن.

وفق فلسفة Prasangika-Madhyamaka التي أصبحت فلسفة البوذية التبيتية السائدة في يومنا هذا، يُنظر إلى النفس ببساطة على أنَّها عبارة عن تركيبة عقلية، مجرد تسمية أُعطيت لهذه الكتلة المُكونة من وقائع عقليَّة وجسديَّة متصلة تستمر باستمراريتهم.

وعندما ننظر إلى هذه الصلة بين المكونات العقلية والجسدية من منظور تانترا اليوغا العليا Highest Yoga Tantra ( وهو المنظور التي تمت من خلاله مقاربة كتاب الموتى) يبرز مفهومان للإنسان: الأول الإنسان أو النفس المؤقتة وهو الإنسان أو النفس التي توجد في اللحظة الراهنة. هذه التسمية (الإنسان أو النفس المؤقتة) وضعت بناء على كتلتنا المادية الصرفة والكاملة وعقلنا المشروطين. وهناك الإنسان أو النفس اللطيفة subtle وهي تتعين وفق الجسد والعقل اللطيفين. ويُعتقد بأن الجسد والعقل اللطيفين كينونة واحدة ذات وجهين، والجانب الذي يملك قيمة الوعي وإمكانية التأمل وقوة الإدراك هو العقل اللطيف. بالتوازي مع هذا العقل هناك طاقته وهي القوة التي تُنشط حركة العقل باتجاه غايته وهو الجسد اللطيف أو الريح اللطيفة. وحُكمًا تُعتبر هاتين الصفتين المترابطتين وفق تانترا اليوغا العليا الطبيعة المطلقة للإنسان وتُعرفان بأنها طبيعة بوذا والطبيعة الأساسية والحقيقية للعقل.

الآن وقبل أن نحلل طبيعة العقل والجسد اللطيفين، فلنرى الكيفية التي يُعتقد أن الجسد والعقل الكاملين يتحققان من خلالها. إنَّ فكرة الأصل المشروط dependent origination تقبع في قلب الفلسفة البوذية. ويؤكد مفهوم الأصل المشروط أن لا شيء يوجد من تلقاء ذاته وبشكل مستقل عن عوامل أخرى. وتتكون الأشياء والأحداث بناء على كتلة الأسباب والشروط المتعددة. والسيرورة التي يقوم من خلالها العالم الخارجي والكائنات الحسَّاسة sentient beings الموجودة في هذه السيرورة بالدوران في دورة حياة مدعومة بالنزعات الكارمية ويوصف تفاعلهم مع الفهم الخاطئ والإنجذاب attraction والكره والظروف من منطلق الصلات المتداخلة. تبدأ كل دورة من السيرورة بالفهم الخاطئ لطبيعة الواقع الحقيقي، ويعمل هذا الجهل الأولي كشرط لبروز سمات أنتجتها أفعالنا الماضية العقلية واللّفظية والماديَّة التي تحدد وعينا الثنائي. بالمقابل فإن وعينا الثنائي يحدد سمات وشكل تفاعل المجموعات النفسية-الجسدية، وهذا يحدد مجالاتنا الحسيَّة التي تولِّد التواصل وبدروه يولِّد الأحاسيس ثمَّ الصلة والفهم والنضج باتجاه البعث. في هذه المرحلة هناك تفاعل مع المكونات الأصلية للوالدين والتفاعل اللاحق مع البيئة وفي النهاية يكون لدينا الولادة والشيخوخة ageing والموت. يمكن النظر إلى هذه السيرورة كتمظهر لسيرورات الحياة والموت والبعث المتأصلة وتمظهر للسيرورات المنتقلة على الطريق إلى التحرر من المعاناة من  وجود مستمر.

تنبع الفكرة القائلة بوجود صلة بين هذه الحياة والأحداث المتصلة بحياتنا الماضية وحياتنا المستقبلية من الفهم البوذي للقانون الطبيعي للسبب والنتيجة. على سبيل المثال قد نستطيع التكلم عن حالة الطقس البارحة واليوم بشكل منفصل، ولكن طقس اليوم مرتبط بقوة بطقس البارحة. حتى على المستوى الجسدي ووضع صحتنا الجسدية على سبيل المثال نعرف حق المعرفة أن الماضي يؤثر على الحاضر وأحداث الحاضر تؤثر على المستقبل. أيضًا في مملكة الوعي فإن النظرة البوذية تقول بوجود استمرارية سببية مشابهة بين أحداث الماضي والحاضر والمستقبل.

ويمكننا هنا أن نأخذ بعين الاعتبار الفهم البوذي لاستمرارية التجربة الشخصية بما في ذلك الذكريات. هذه النظرة البوذية لاستمرارية التجربة الشخصية تقوم بشكل رئيسي على قدرة الاستعادة retention التي يمكن أن تتطور إلى ممارسة تأملية في حياة الفرد. بشكل عام في حال موت الإنسان بعد صراع طويل مع المرض الذي يسبب انحلالاً طويل لكلٍّ من القدرات الجسدية والعقلية ستكون احتمالات فقدان السمات الفردية بما ذلك الذكريات وأمور أخرى كبيرة. من جهة أخرى وفي حال الموت المفاجئ حيث لا تزال العلاقة بين العقل والجسم بشكل عام قوية جدًا يُعتقد وقتئذ أنَّ احتمالات استمرار السمات المكتسبة والذكريات وأمور أخرى كبيرة. على أي حال وفي كلتا الحالتين يُعتقد أنَّ السمات التي تنتقل من حياة سابقة تظهر بشكل قوي في المرحلة الأولى من البعث. ويُعتقد أنَّ السبب في ذلك يعود إلى سيطرة السمات المتطورة والموروثة من الأهل في الحياة الراهنة على السمات الشخصية للحياة السابقة. ولكن وكما أسلفت سابقًا هذا يعتمد بشكل كبير على قدرة الإنسان على الاستعادة وهذه القدرة على الاستعادة تعتمد على التدريب الشديد على هذه المقدرة والذي يطول مدى الحياة.

والآن دعونا ننظر في حالات الوجود الممكنة التي قد يولد المرء فيها. من وجهة النظر البوذية يمكن أن يحدث البعث في الوجود المشروط في أحد العوالم الثلاث: العالم المتماهي formless realm والعالم المعلوم form realm وعالم الرغبة desire realm. وكل من العالم المتماهي والعالم المعلوم ثمرة لحالات الوعي اللطيفة التي تحدث عند تحقيق تركيزات تأملية معينة. وعالمنا، عالم الرغبة هو الأوسع من بين العوالم الثلاث السالفة الذكر. توجد ستة طبقات من الكينونات التي تحتضن عالم الرغبة: الآلهة وهي كينونات أرضية سامية يطغى الإجلال exaltation على حالتها العقلية، ونقيض الآلهة antigods وهي كينونات عدائية وغيورة بشكل عام، والكينونات البشرية التي تتأثر بالحالات العقلية الخمس المتنافرة؛ والحيوانات الخاضعة لسيطرة الوهم؛ الأرواح المُعذَّبة الخاضعة للتبعية والشهوة التي لا قرار لها؛ وكينونات الجحيم التي يسيطر عليها الكره والغضب والخوف. وفي أدبيات تانترا اليوغا العليا يُوصف تطور العوالم الثلاث للوجود المشروط باستخدام التعابير أو الحالات المختلفة للطاقة، وكما ذكرت سابقًا يُقال بأن جهلنا الأساسي جذر الوجود المشروط وأنَّ الطاقة الكارمية قوته المُحرِّكة. بالتالي ووفق وجهة النظر البوذية فإنَّ طبيعة التوجهات المعروفة تُوِّلد وجودنا المستقبلي وهذه الطبيعة محكومة بالقانون الطبيعي للسبب والنتيجة.

علاوة على ذلك عندما نلاحظ أنماط الظهور arising والأُفول subsiding المتأصلة في الطبيعة الحركية للبيئة الماديَّة ودورة النهار والليل وتعاقب الفصول نرى كيفية نشوء المادة من الأجزاء الذرية المتناهية الصغر نلحظ أنماط الصلة السببية في ظهور وانحلال تجاربنا العقلية من لحظة إلى أخرى وعبر مراحل النوم العميق المختلفة والأحلام واليقظة، يمكننا وقتها رؤية الانسجام في فكرة استمرارية الوعي مع طبيعة المحيط وطبيعة التجربة العقلية. يوجد جدل حول أنَّ فائدة القبول بفكرة استمرارية الوعي إعطاءنا قدرة أكبر على فهم وتفسير طبيعة وجودنا والكون. بالإضافة إلى هذا فإن فكرة الاستمرارية والترابطية السببية تعزز الشعور بعواقب أفعالنا بما يتفق مع تأثيرها على أنفسنا وتأثيرها على الآخرين والمحيط.

تقول الخلاصة أنَّه عندما نأخذ فكرة استمرارية الوعي بعين الاعتبار يجب ألا ننسى أن هناك مستويات عديدة ومختلفة من التبصر subtlety الكبير أو الصغير في حالات الوعي. على سبيل المثال نحن نعلم من كل بد أن بعض سمات الإدراك الحسِّي تعتمد على التركيبة الماديَّة للفرد وعندما يموت جسدنا المادي فإن حالات الوعي المرتبطة بهذه المُدركات الحسِّية تموت أيضًا. لكن رغم معرفتنا أنَّ الجسد البشري شرط للوعي البشري يبقى السؤال هنا: ما هي طبيعة العامل أو الجوهر المسؤول عن تجارب الوعي كامتلاك القدرة الطبيعية على التنور والوعي؟

أخيرًا عندما ننظر إلى العلاقة المتداخلة بين العقل والجسد والمحيط على المستوى الدقيق نعلم أن الكينونات الماديَّة مؤلفة من خلايا وذرات وأجزاء، أمَّا الوعي فهو يتألف من اللحظات moments. هذا يعني أنَّ العقل والمادة يمتلكان طبيعتين مختلفتين تمامًا ولديهما بالتالي علل أساسية مختلفة. تولد الكينونات الماديَّة من كينونات ماديَّة أخرى كالجزيئات والذرات والخلايا، بينما يُولد العقل من لحظة سابقة للعقل وهذا شيء استناري ويحمل قدرة الوعي. بالتالي فكل لحظة وعي تقوم على لحظة وعي سابقة كعلة لها. من خلال هذا يؤكد المنطق البوذي على أن هناك وعند مستوى العقل اللطيف والريح اللطيفة استمرارية لا محدودة للعقل والمادة.

من خلال التفكير بالمواضيع السالفة الذكر: قانون السبب والنتيجة والأصل المشروط وآليات العالم المحسوس وما يُبنى على تحليلنا لطبيعة العقل ونمط الأفكار الناشئة وتلك الآفلة والتغيرات في أنماط وعينا خلال النوم العميق والأحلام وحالة اليقظة وفكرة استمرارية الوعي سننطلق في فهمنا لحالتنا الراهنة. ففي اللحظة التي تتحقق فيها فكرة الاستمرارية من خلال التفكير والتجريب يصبح من المنطقي أن يُجهز المرء نفسه للموت وللكينونات المستقبلية.

أمَّا بالنسبة لطبيعة التحضير الحقيقية فهذا سيعتمد على عمق الطموح الروحي لكل إنسان. إن كان أحدهم على سبيل المثال يسعى إلى ولادة ملائمة ككائن بشري لن يكون هناك داعٍ للانخراط في منهج تأملي مُعقد يتناول سيرورات الموت والبعث. ببساطة يكفي أن تحيا حياةً أخلاقية. وبالمثل ففي حالة من يسعون إلى التحرر الشخصي من الوجود المشروط وحالة من يملكون ممارسة محدودة على المستوى الوعظي لطريق المايانا Mahayana، سيكون استعدادهم التأملي محدود بضمان الحصول على هيئات وجودية متلاحقة تساعدهم في استمرارية رحلتهم نحو التنور. وبالنسبة للأفراد من الأنواع الثلاث لا توجد تقنيات حقيقية لاستخدام وقت الموت كعنصر أساسي للطريق الروحي في الأدبيات البوذية الكلاسيكية. رغم هذا وبما أن فهم سيرورة الموت والمرحلة الوسطى والولادة الثانية أساسي في فهمنا لطبيعة الوجود فإننا سنجد المزيد في النقاشات حول هذه السيرورات الثلاث حتى في النصوص التي تتكلم عن غايات هؤلاء الأفراد.

في التانترا، في تانترا اليوغا العليا على وجه الخصوص، تُعلَّم أساليب استخدام سيرورات الموت والمرحلة الوسطى والولادة الثانية لتحقيق التحرر من الوجود المستمر cyclic. وتتضمن هذه الأساليب تطوير العلاقة الدقيقة مع بعض المراحل التجريبية التي يحققها الفرد بنية تطوير وعيه الروحي وحتى تثمر قدراته ككائن بشري.

بشكل عام تُقدم ممارسات تانترا اليوغا العليا الطريق الروحي الذي يُمكن الفرد من الوصول إلى استنارة كاملة خلال حياة واحدة وقبل لحظة الموت. لكن بالنسبة لمن لا يستطيعون تحقيق هذا فمن الضروري وقتها استخدام الفرص التغييرية transformative التي تقدمها سيرورة الموت الطبيعية والمرحلة الوسطى والولادة الثانية. بالتالي ووفق تانترا اليوغا العليا لا يعود الاستعداد لولادة ثانية مستقبلية متطورة الهدف الأهم بل الاستعداد الشخصي لاستعمال الفرد موته ومراحله اللاحقة كأدوات لتحقيق التحرر.

في أدبيات تانترا اليوغا العليا وكما ذكرت توصف عوالم الوجود المشروط الثلاث التي يولد فيها المرء وفق تعابير أو أنماط مختلفة من الطاقة تدعى rlung. يُقال إن جهلنا الأساسي أصل الوجود المشروط وإنَّ الطاقة الكارمية قوته المُحركة. لذلك من منطلق التانترا يغدو كل من الموت والمرحلة الوسطى والولادة مجرد أنماط مختلفة من الطاقة الكارمية. يُعدُّ الموت النقطة التي تتحلل فيها المستويات العامة بالكامل وتبقى الطاقات اللطيفة. أمَّا في المرحلة الوسطى تتحلل هذه الطاقات إلى أشكال أكثر وضوحًا، وفي مرحلة الولادة الثانية تتمظهر هذه الطاقات بشكل فعلي. تعد كل هذه المراحل تجليات مختلفة لطاقة rlung. وبناء على هذا الفهم لأنَّ الموت حالة تتحلل فيها كل المراحل العامة للطاقة والوعي وتبقى فقط الطاقات اللطيفة والوعي، قد يتمكن اليوغي عبر التأمل أن يفكك المستويات العامة للطاقة والوعي. عندما تتحقق هذه المهمة يحصل المُتأملـ/ة على قدرة عظيمة للاستمرار في ممارسته أو ممارستها الروحية. في تلك المرحلة عندما تتأثر تجربة التألق الأساسي والداخلي بشكل حقيقي بإحدى الطرق يحصل اليوغي على القدرة على تفعيل الجسد المُتخيل للآلهة التأملية meditational deit وبالتالي يترسخ وصولهـ/ا إلى الاستنارة في هذه الحياة.

وتحقيق حالة الاستنارة الكاملة يعني تحقيق الأبعاد أو الأجساد الاستنارية الثلاث trikaya. هذه الأجساد الثلاث ترتبط بحالتنا الطبيعية المطلقة وميزاتنا المنبثقة من التنور الكامل. وما يثير الاهتمام أننا نرى النموذج عينه في حياتنا العادية. أمَّا الموت فهو المرحلة التي يتحلل فيها كل من المجالين المادي والعقلي إلى إشعاع داخلي وتتمظهر الطاقة والوعي على المستوى الألطف والأوحد كما يحدث في النوم العميق. وهذه الصيغة في حالتها المثمرة هي جسد الواقع dharmakaya. بالتالي وانطلاقًا من هذه الحالة الأساسية والطبيعية يدخل المرء المرحلة الوسيطة حيث ورغم التجربة الحسية فإن الهيئات الظواهرية phenomenal forms لطيفة أيضًا وغير ملموسة كالحلم. هذه الصيغة في شكلها المثمر هي جسد المورد الكامل sambhogakaya. ثمَّ ومن هذه الحالة يتخذ المرء وجودًا ماديًا أكبر وتتحقق ولادة حقيقية ثانية. تدعى هذه الصيغة في حالتها المثمرة بجسد الانبعاث nirmanakaya. بالتالي سنرى خطًا متوازيًا بين الحالات الطبيعية الثلاث لوجودنا والأبعاد الثلاث لكينونة متنورة بالكامل.

وبما أنَّ تحقيق هذه الأبعاد الثلاث قد يحصل من خلال التحول في الحالات الثلاث لوجودنا، سنجد مجموعة من التقنيات التأملية المحددة التي تركز على هذه السمات التي تتشارك بها كل من الحالات الطبيعية الثلاث والأجساد البوذية الثلاث. من خلال هذه الممارسات تظهر استمرارية بين القاعدة أو الأساس (الحالة الطبيعية) والطريق والوصول (الأجساد البوذية). وكإضاءة على قدرة التحرر الموجودة في التحول المتقن لحالات الوجود الطبيعية يستخدم المعلم البوذي الهندي العظيم Nagarjuna مصطلح كايا kaya حتى عندما يصف الحالات الطبيعية الثلاث. بالتالي يتساوى البعد kaya للحظة الموت مع جسد الواقع، ويتساوى مجال كايا للمرحلة الوسطية مع جسد المورد الكامل. ويتساوى مجال كايا في عملية الولادة الثانية مع جسد الانبعاث. يقال إنه من خلال القدرة التأملية لليوغي البارع تتحقق حالة اندماج حقيقية في لحظة الموت الفعلية عند دخول المرحلة الوسطى وبداية مرحلة الانبعاث.

فيما يتعلق بالتدريب على هذه الممارسات من الممكن تحقيق ما يشبه هذا الاندماج في حالة الوعي من خلال ممارسات مرحلة التوليد generation stage practices والنوم عبر ممارسات يوغا الأحلام.

وفق التانترا فإن ممارسة التوليد التخيلي للآلهة التأملية (مرحلة التوليد التانترية) طريقٌ هام من خلاله تتقاطع أبعاد الوصول الثلاث أو الأجساد البوذية مع طريق الممارسة الفردية. من خلال فهم عظمة هذا الأسلوب يمكن مقاربة المنهج التانتري تمامًا. تعد سيرورة توليد المرء لنفسه كالآلهة التأملية طريقة يتحقق عبرها الاتحاد المتين بين ادراك الفراغ وادراك الوعي الكامل. يعكس هذا الانجاز التصورات والمخاوف التي تشكل تجربتنا الثنائية والطبيعية. هذا الانجاز الذي يبلغ ذروته عند إدراك الطبيعة المطلقة للعقل والجسد الواقعي البوذي والحالة التي تتجاوز التفكير العادي حيث لا يعود هناك أي أثر لسوء فهم طبيعة الواقع أو التعلُّق أو البغض بل يبقى الوعي المشرق والخالص فقط.

وإن ممارسة توليد الذات كالآلهة التأملية موجود في كل طبقات التانترا الأربع. بأي حال تُعلَّم هذه الأساليب في أكثر أشكالهما دقة في مرحلة تانترا اليوغا العليا. وبناءً على القدرات الروحية للمتدرب تصف التانترا السلاسل المتدرجة لطرائق توليد المرء لذاته كالآلهة التأملية. ووفق مدارس الترجمة الحديثة هناك نوع من المنظومة ترسمها المستويات الأربع للقدرة، ووفق مدرسة الترجمة القديمة Nyingma فإن المستوى الأعلى للممارسة ينقسم أيضًا إلى ثلاث طرق وهي Mahayoga وAnuyoga وAtiyoga.

في المراحل الأولية من الممارسة التانترية في تدريب الذات على تحقيق الأجساد البوذية الثلاث كما أسلفت، على اليوغي أولاً أن ينخرط في ممارسات المرحلة التوليدية للتأمل. وهذه المرحلة تشبه التدريب التخيلي للسيرورات الحقيقة، ثم في مرحلة التمرس على التأمل لا تعود تجارب دخول جسد الواقع وإدراك الحالات الناجمة عنه وجسد المورد الكامل وجسد الانبعاث تجارب مُتخيلة بل حقيقية وتؤدي إلى بعض التغيرات الجسدية على جسد اليوغي. والأكيد في هذه الممارسات عملية تحلل الوعي والطاقات الكلية لمن يمارسها. وقد حددت تانترا اليوغا العليا أهمية اعاقة أو قطع الطاقة الكلية التي تعمل وسيلة للتفكير المفاهيمي.

بالتالي إن نجح الفرد بإعاقة تدفق الطاقة الكارمية ستغدو نزعات الجهل الأساسي المتبقية عقيمة.

وكما أشرت سابقًا، مع الملاحظة الدقيقة يمكننا أن نرى نمطًا ثابتًا ومشتركًا للنشوء والموت في الظواهر الحيَّة والجامدة. ومن بين الظواهر الجامدة هناك سيرورات البداية المنبثقة عن ما هو صغير جدًا والانتقال باتجاه الأكبر. وهذا يعني أنَّ هناك نشوءًا من الفضاء الفارغ يتقدم بعدها نحو الحركة أو الطاقة، إلى الحرارة أو الضوء، ثمَّ إلى الرطوبة أو السائل وأخيرًا إلى الصلابة. أمَّا الانحلال فهو بترتيب عكسي. وهذه العملية، عملية النشوء والانحلال، تحدث في الجسم أيضًا. وفق التانترا فإن عملية انحلال العناصر الماديَّة التي تكون الجسم البشري تحدث أولاً مع انحلال عنصر الأرض يتبعه عنصر الماء وعنصر النار وعنصر الرياح وأخيرًا وعند النقطة التي يعلو فيها عنصر الفضاء تكون كل المستويات الواسعة للطاقة والوعي قد انحلت. بعد ذلك وفي سيرورات انحلال أبعد تقود هذه المرحلة إلى ظهور تجارب "الظهور الضارب إلى البياض" whitish appearance ويلحق بهذا الظهور "الظهور المتزايد الاحمرار" و"الوصول المائل إلى السواد" وأخيرًا حالة أوج في التجربة الكاملة للتألق الداخلي وتدعى "البلوغ".

ولأن مراحل الانحلال سيرورات طبيعية فإن تخيلها مهم كثيرًا في ممارسات مرحلة تخيل ظهور الآلهة التأملية.

ووفق مدارس الترجمة الحديثة والقديمة يشكل تحقيق التألق الداخلي، وهي النقطة التي يكون فيها وعينا وطاقتنا الواسعة قد انحلا، الغاية الأساسية. هذا هو جوهر ممارسات الكمال الكبير Dzogchen في أدبيات مدرسة Nyingma ووحدة الفراغ Union of Emptiness والنوارنية Luminosity بما يتفق مع تمارين تحقيق وحدة السامسارا Samsara والنيرفانا Nirvana في أدبيات مدرسة Sakya وتمارين تحقيق الختم العظيم Mahamudra في أدبيات مدرسة Kagyu وتمارين تحقيق الوحدة الخفية بين الهناء bliss والفراغ في أدبيات مدرسة Gelug.

عندما نتكلم عن التألق الداخلي من المهم ألا ننسى وجود مستويات مختلفة لإمكانية اختبار هذا، علاوة على ذلك هناك فرق مهم بين منظور مدرسة Dzogchen عن التألق الداخلي ومدارس الترجمة الحديثة. ومع ذلك الفراغ قد تتعدد أنواع تجربة التألق الداخلي. وتحدث تجربة التألق الداخلي وفق المدارس الترجمة الحديثة فقط كنتيجة لانحلال كل المستويات الواسعة للتفكير المفاهيمي. رغم هذا ومن منظور مدرسة Dzogchen فإن التألق الداخلي يتخلل كل حالات الإدراك والوعي تمامًا كحبة سمسم يتخللها الزيت. بالتالي ووفق مدرسة Dzogchen توجد بنى رفيعة تسمح بالتعرف على التألق الداخلي حتى عندما تكون المستويات الواسعة للنشاط الحسي فاعلة. وهنا نصل إلى التمييز المهم الذي قدمته تعاليم مدرسة Dzogchen بين مصطلحي التبيت "sems" و"rig-pa". الأول يعني "العقل الطبيعي" وهو يشير إلى الوعي الثنائي والكبير rnam-shes، بينما الثاني يعني "الإدراك الخالص" وهو متحرر من مُدركات الذات والموضوع. ووفق ممارسات تعاليم مدرسة Dzogchen التابعة لمدرسة Nyingma يقوم معلمٌ روحي أصيل بتعريف الطالبـ/ـة على طبيعة عقله أو عقلها كإدراك صرف. وهذا محور جانب" اختراق المقاومة" khregs-chod لطريق Dzogchen تدعمه ممارسات الإدراك العالي thod-rgal التي تركز على تسهيل وتحديد التألق في المعرفة البدائية. وبغض النظر عن الاختلافات في المنظور والممارسات فإن التجربة الأصيلة للتألق الداخلي تعني إدراك الطبيعة الأساسية للإدراك، تلك الوحدة المعقدة من الفراغ والنورانية.

وبما أن العقل اللطيف خالص بالكامل يظهر جانب الجسم أو الطاقة في مزيج العقل اللطيف والجسد اللطيف كأضواء بخمسة بألوان مختلفة (أبيض وأزرق وأحمر وأصفر وأخضر) وعلى هيئة أجساد بوذية. هذا وتعد الماندالات المختلفة Mandalas التي تجمع الآلهة على اختلاف عددها تعبير عن العائلات الخمس المتنورة والمرتبطة بالكتل النفسية والجسدية الخمس والعناصر الخمس والمعارف البدائية الخمس. وتشكل هذه العلاقات جوهر الممارسات في تانترا اليوغا العليا كما يفعل الاهتمام التجريبي بطبيعة هذه الآلهة عبر الممارسة اليومية.

باختصار نجد من خلال متابعة ممارستنا لعملية الانحلال الطبيعي للأشكال الكبيرة في وعينا وعملية النشوء الطبيعي من حالة النور وأجساد الآلهة وبالتالي يُصقل إدراك الألق الداخلي وهذا بدوره يساعد كسبب جوهري لبعث جسد المورد الكامل وجسد الانبثاق على حد سواء. بالتالي تكتمل الأجساد البوذية الثلاث وهذه هي ثمرة طريق التانترا.

فيما يتصل بهيئات الآلهة التأملية التي تولد خلال ممارسة التانترا هناك نوعان أساسيان: الآلهة الهادئة والآلهة الغاضبة. بشكل عام هذه الآلهة معنية بالتحولات في الحالات الإدراكية والانفعالية المرتبطة بكل من التعلق والكره. تعتبر الآلهة الهادئة ساكنة وتعبير عن الصفاء الطبيعي للانجذاب وهو العقل الساكن في حالته الطبيعية البدائية. بينما تعتبر الآلهة الغاضبة الجانب الفعَّال للآلهة الساكنة وتعبير عن التحولات الطبيعية للكره. وهم يمثلون التحولات الفعالة للعقل من الوهم إلى المعرفة البدائية.

وكما نلحظ فإن طريق تانترا اليوغا العليا يتضمن حمل الحالات المعرفية المتنافرة مثل التعلق والكره، على الطريق. وعلى الطريق حيث يوجد مرافقون أتقياء sravaka تعتبر هذه الحالات المتنافرة أمرًا مرفوضًا. على طريق مايانا هناك منهجان يتناقضان مع منهج المرافقين الأتقياء. ووفق مقولة في المايانا إن أوحى موقف معين بنتيجة ايجابية من منطلق أنَّه نافع للآخرين فإن الاستخدام الطوعي للرغبة أو التعلق مسموح به. على أي حال ووفق التانترا فالرغبة أو التعلق بحد ذاتهما مسموح بهما عندما يكونان ذات منفعة، وهنا يستخدم المرء بشكل مدروس طاقته كطريق لتنقية أو استنفاذ الحالات المتنافرة بحد ذاتها.

وبفضل ممارسات التانترا، بما في ذلك الانخراط المضبوط للعمليات الفيزيولوجية اللطيفة وتحول الطاقات المرتبطة بالتعلق والكره، على المتدرب قبل البدء بممارسات التانترا أن يجد أستاذًا روحيًا يمتلك المواصفات المذكورة في الأديبات الرسمية. ويجب عليه أيضًا أن يتلقى الأوامر والتوجيه من الأستاذ. بالإضافة إلى ذلك على المتدرب أن يكمل الممارسات الأساسية ويثبت بشكل عميق على الطرق الأساسية للسوترا بما في ذلك نمو النية الغيرية من أجل الحصول على التنور bodhicitta، وتطور الخضوع الهادئ (استقرار الانتباه على هدف تأملي داخلي)، وتطور البصيرة النفاذة، وهي حالة تأملية تحليلية تُشرِّح طبيعة الأهداف وعلاقاتها وسماتها ووظيفتها. ويعتبر تطور الخضوع الهادئ والبصيرة النفاذة وسائل يستطيع المتدربـ/ة من خلالها بناء فهمه أو فهمها للفراغ. هذا الفراغ هو إدراك للغياب الكامل لأي وجود متأصل وهوية ذاتية في كل الظواهر. هذا مطلب أساسي وجوهري للانطلاق على طريق التانترا يحقق من خلاله المُتدرب ادراكًا عظيمًا للامادية non-substantiality وعلاقتها الوثيقة بالواقع الظاهراتي phenomenal reality. تفترض التانترا هذا الفهم ولهذا هو موجود في السوترا وبالتالي يمكننا ايجاد شرح مفصل لطرق تطوير فهمٍ كامل للفراغ.

وبما أنَّ فهم طبيعة الفراغ عبر التانترا يفترض أن غالبية معلميِّ مدارس Nyingma وKagyu وSakya وGelug تتفق على هذا المنظور للطريق الأوسط madhyumapratipad كما تقترحه السوترا وشرحها Nagarjuna في عمله. ومن منظور Dzogchen هناك منهج فريد لشرح الفراغ يؤكد على الارتباط بين الفراغ والتألق الداخلي، ولكن على أي حال وبشكل أساسي فإن هذا الوصف لا يشير إلى الفراغ كما يتكلم عنه Nagarjuna عندما يتحدث عن الطريق الأوسط.

ويعد مفهوم الفراغ أو الطبيعة المطلقة للواقع منطقة الالتقاء التي يتقاطع فيها الفهم البوذي لطبيعة الوجود المطلقة ووجهة النظر العلمية المعاصرة. وهذا التقاطع هو تعذر ايجاد الكينونات عند البحث عنها بطريقة تحليلية. في العلم الحديث يتم تطبيق مناهج التحليل وهي بشكل رئيسي تستخدم لتقصي طبيعة الكينونات المادية. بالتالي يتم البحث عن الطبيعة المطلقة للمادة من خلال عملية اختزالية ويتم اختصار العالم الشديد الدقة إلى عالم الجزيئات الدقيقة. لكن عند الإمعان في تقصي هذه الجزيئات نجد أنَّ وجودهم كذوات موضع شك. يعد التلاقي بين اللاماديَّة والظواهر المحور الأساسي للتحليل الفلسفي البوذي والتحليل التجريبي الذي يحدث من خلال تأمل طبيعة العقل. حاليًا وكما أصبح معروفًا في الحقل العلمي يقبع فهمٌ دقيق لطبيعة الظهور والانحلال للأفكار ودورة الوجود في قلب الأدبيات والممارسة البوذية.

باختصار ورغم كثرة عدد مراحل التحضير للانخراط في ممارسات تانترا اليوغا العليا يُقال إن تحقق صيغة الممارسة في تانترا اليوغا العليا يأتي بعد توافق شديد مع طبيعة الوجود. وينظر إلى الكينونات البشرية على أنها تمتلك قاعدة فيزيولوجية واسعة ودقيقة للنجاح في هذه الممارسات.

بشكل طبيعي إن عرفنا في حيواتنا بأننا سنواجه وضعًا صعبًا أو غريبًا فإننا نتحضر ونُدرب أنفسنا على هذا الظرف مسبقًا، حتى نكون جاهزين عندما يأتي الحدث. وكما أوضحت فإن التدريب على سيرورات الموت والمراحل الوسطى والخروج إلى وجود أبعد يقع في عمق طريق تانترا اليوغا العليا. وتعد هذه الممارسات جزءًا من ممارستي اليومية ولهذا أشعر أحيانًا بالحماسة عندما أفكر بتجربة الموت. لكن في الوقت عينه أتساءل أحيانًا إن كنت سأتمكن من استخدام ممارساتي التحضيرية عندما تأتي لحظة الموت الحقيقية!

إن الشعور بعد اليقين، وهو في الغالب شعور بالخوف، شعور بشري طبيعي يحدث عند التفكير بطبيعة الموت والعلاقة بين الحياة والموت. ليس من المستغرب أن كتاب الموتى التبيتي نص ثمين يركز على هذا الموضوع الهام وقد أصبح النص من أشهر أعمال الأدب التبيتي في الغرب، وكانت الترجمة الكاملة لهذه التعاليم انجازًا مذهلاً استمر وبعناية كبيرة لسنوات عديدة. أتمنى أن تكون الرؤى العظيمة في هذا الكتاب مصدرًا للوحي والعون للمهتمين به وبثقافتي من جميع أرجاء العالم.

***

فهرس أهم المصطلحات (وفق ترتيب ظهورها):

-       Prasangika-Madhyamaka philosophy

أحد الأفرع البوذية الفلسفية الأساسية المرتبطة بالبوذية المايانية. تعتبر هذه الفلسفة التعبير الفلسفي الأوضح لعقيدة بوذا. وجد المصطلح في القرن الثاني في أعمال الفيلسوف الهندي ناغارجونا Nāgārjuna.

-       Mahayana

تعني حرفيًا "العربة العظيمة" أو "عربة بوذا" وتعتبر أحد فروع البوذية الموجودة حاليًا وأكثرها انتشارًا حيث يصل عدد معتنقيها إلى حوالي 53 بالمئة من البوذيين. يشير المصطلح إلى الطريق الذي سلكه بوذا للوصول إلى الاستنارة الكاملة.

-       Highest Yoga Tantra

وفق المدارس البوذية التبيتية الجديدة فإنَّ تانترا اليوغا العليا أعلى الطبقات الأربع المرتبطة بطريق ماهامودرا للوصول إلى التنور. ووفق تقليد Gelugpa قدَّمَ بوذا في تانترا اليوغا العليا تعاليمه العظيمة حول كيفية تحويل المتعة الحسيَّة إلى طريق سريع لتحقيق التنور الذي يعتمد بدوره على القدرة على جمع وتفكيك الرياح الداخلية (البرانا باللغة السنسكريتية) لتصبح طريقًا أساسيًا يتحقق من خلال قوة التأمل.

-       Rlung (or lung)

تعني الرياح أو النَفَس وهو مفهوم جوهري في البوذية التبيتية له العديد من المعاني. هذا المفهوم مهم عند محاولة فهم الجسد اللطيف وصواعق الإله اندرا الثلاث vajras (الجسد والكلام والعقل). يقدم الدكتور تمدين برادلي المختص بالطب التبيتي وصفًا لهذا المصطلح: "... هو التدفق اللطيف للطاقة ويتكون من العناصر الخمس (الهواء والنار والماء والأرض والفضاء) لكنه وثيقة الصلة بالهواء مع أنه ليس الهواء الذي نتنفسه أو الهواء الموجود في معدتنا، بل هو أعمق من هذا. إنَّه كالجواد والعقل هو الفارس. وإن كان هناك خطب ما في الجواد لن يتمكن الفارس من امتطاء الجواد بشكل جيد. يوصف بأنه قاسٍ وخفيف ولطيف ورقيق وصلب ومتحرك. وظيفته الأساسية مساعدة نمو وحركة الجسد في الشهيق والزفير، ودعم وظيفة العقل والكلام والجسد. وهو يساعد الهواء الموجود في معدتنا على فصل المغذيات عن الفضلات. رغم هذا فوظيفته الأساسية دعم تحركات العقل والكلام والجسد، وطبيعته حارة وباردة في آنٍ معًا".

-       Trikaya

يعني حرفيًا "الأجساد الثلاث" وهو يقع في صلب التعاليم البوذية المايانية التي تتكلم عن طبيعة الواقع وطبيعة بوذا. حسب هذا المصطلح هناك ثلاث أجساد لبوذا: الجسد الأول dharmakaya أو جسد الواقع وهو أساس التنور ولا يعرف حدودًا أو حواجز. الجسد الثاني sambhogakaya أو جسد المتعة المشتركة وهو جسد الهناء أو ضوء التجلي الساطع. الجسد الثالث nirmanakaya أو الجسد المخلوق والمسؤول عن اظهار الزمان والمكان.

-       Nagarjuna

يعد أكاريا ناغارجونا من بين أعظم الفلاسفة الهنود. يعتبره البوذيون في الصين واليابان والتيبت بوذا الثاني.

-       Nyingma

تعني حرفيًا "القديم" وهي أقدم المدارس البوذية الأربع في البوذية التبيتية. تأسست على المدرسة القديمة أو على الترجمة الأقدم لنصوص بوذا التي نُقلت من السنسكرتية إلى التيبتية القديمة. في الحقيقة تم وضع أبجدية وقواعد اللغة التيبتية بناءً على عمل الترجمة هذا.

-       Mahayoga

تعني حرفيًا "اليوغا العظيمة" وهي التانترا الأولى في التانترات الداخلية الثلاث التابعة لمدرسة Nyingma. وهي مسؤولة عن مرحلة التوليد أو تطوير التانترا.

-       Anuyoga

تعني حرفيًا "اليوغا الأبعد" وهي التانترا الثانية في التانترات الداخلية الثلاث التابعة لمدرسة Nyingma. تُرسخ هذه اليوغا الممارسة اليوغية ومنظور هذه الممارسة.

-       Atiyoga

تعني حرفيًا "اليوغا الأعظم" وهي تتضمن إدراك أنَّ كل الظواهر ليست سوى مظاهر للحكمة البدائية الطبيعية المنشأ.

-       Dzogchen

يعني حرفيًا "الكمال العظيم" ويهدف للحصول وحماية الحالة البدائية الطبيعية أو الشرط الطبيعي. وهو أحد التعاليم المركزية في المدرسة البوذية التيبتية القديمة.

-       Sakya

تعني حرفيًا "الطريق الباهت" وهي مدرسة من مدارس البوذية التيبتية.

-       Mahamudra

تعني حرفيًا "الختم أو الرمز العظيم" وهي مصطلح مهم في البوذية الهندية والتيبتية. يشير الاسم إلى مجموعة تعاليم مدارس سارما في البوذية التيبتية. يشير قسم "مودرا" إلى تجربة العَالِم مع الواقع حيث كل ظاهرة حالة مفعمة بالطاقة. أمَّا قسم "ماها" فيشير إلى الحقائق البعيدة عن المفاهيم والخيال والتصور.

-       Kagyu

تعني حرفيًا "السلالة الشفوية" أو "النقل المهموس" وتعد اليوم من بين أهم مدارس البوذية في الهمالايا والتيبت.

-       Gelug

تعد أحدث مدارس البوذية التيبتية أوجدها الفيلسوف والقائد الديني Je Tsongkhapa. يُعتقد أنَّ الدالي لاما من أهم الشخصيات المتأثرة بهذه المدرسة.

-       Mandalas

في الهندوسية والبوذية التانترية الماندالا الشكل يمثل الكون لذلك يتم هذا الرسم وفق طقوس مقدسة وكطريقة للتأمل. تعمل الماندالا كنقطة تجميع كل الطاقات الكونية. ومن خلال دخول الماندالا والتحرك باتجاه المركز يتحرك المرء وفق عمليات الانفصال وإعادة الاندماج الكونية. يمكن أن تُطبع الماندالا على الأوراق أو القماش أو ترسم على الأرض أو تصنع من المعدن أو الحجر. هناك نوعان مُختلفان من الماندالا. الأول يسمى ماندالا عالم الرحم حيث الحركة من الفرد إلى الكل، والثاني ماندالا العالم الألماسي حيث الحركة من الكل إلى الفرد.

-       Samsara

تعني في البوذية والهندوسية الدورة الأبدية للولادة والموت والبعث وتخضع لها جميع الكائنات المشروطة الوجود. ويقال بأنَّها لا تملك نقطة بداية أو نهاية واضحة. وتتحدد تفاصيل حركة الفرد في السمسارا بالكارما. في البوذية الخروج من السمسارا يؤدي إلى النيرفانا. ويتدرج مجال السمسارا من أدنى الحشرات إلى أعلى الآلهة.

ترجمة عن الانكليزية: عزَّة حسون

*** *** ***

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني