أنا ظلُّ العصافير

 

ميس الريم قرفول

 

1

سمِّها ما تشاء
هي الإبرة التي نزلت في ثقب العنب
هو الذي دهن أذنيه بالحائط
هو الذي حين ضممتك إلى تدفقي
تحولت عيناك لكرتين أرضيتين
وصرت أحبك بالطريقة ذاتها التي تفتح سيقان العنب بها حراشفها كي تغوص في الأخضر
وصرتُ أنتشلك من بحر سابق
حيث كانت عيوني غمامًا لا زال ينقشع على المنعطفات
لا زال يبحث عن فيء شجرة
كي ينكسر عطوفًا.
أنا ظلُّ العصافير.

2

فقط لو تطلق كلمة واحدة في العراء، مثل حب امتلأ بقوس قزح
مثل نافذة محبوسة بين دفتي الخوف، مثل مطر يتهكم ويدخل في حدقات العيون غبارًا وطينًا رماديًا وأبيض.
فقط لو تُخرج من أشواكك قليلاً من الدم الطري كي ألون وجهي به، لو تدلق قليلاً من الماء على الوجه الرمادي، لو تذهب وقد تركت على قلبي بقعة على شكل دمية.
لو تحضنني وتنسى المآزق، لو تنمو وتنسى خطايا شجر الزيتون.
لو تنتظر فلَّاحًا مشطًا حريرًا وترمي الطُّرق صعودًا كما لو أنك ترمي قطع النقد والمؤونة للسماء
وتنتظرني وأفقه في عشقك تقلبات المناخ ذوبان الأرض وانتصاف السماء فوق رأسي.
ولو تعيد لخدي هذي التفاحة التي سرقتها
ولجسدي هذا التفاح.
وأقول لك والندى يبسمل ويرتمي في حدقات صبحي
لم أكن أعرف وأنا أمشي أن الحب محراثي.

3

لما يقول لي
أذبحكِ على مسرح العرض وأُشرِب الخليقة من دمك وتنتهي الأمور بين سلام وحروب عالقة بين حنجرتي والناس المتجمهرة كي تتسلى بالمرور والابتعاد حتى يقسو عودها... ولما يُنزل خلَّ الليمون الحامض على جسدي كي يصفو ويبين قشر الإجاص المتيبس على صدري.
كأنَّ مرآةً تلونت في قعري وكان صوتي لعوبًا خرج من الماء وتحلَّل في هودج الرغبة وأطفأ نوره وتقسَّى واقترب من الأصابع وابتعدتْ ولفَّها الشتاء وتصحَّرت وصار اليباس أليفًا يبتعد خلف حلكة الغبار لكنَّ الشتاء يقترب بحبل من المطر ووابل.
ولما يصدم كلامه بالجدار كي أركب حصانًا
شقراء
تمتد ألوانها بين خيولنا الباهتة
نزل زورق ممزق من ضحكةٍ مفتتة
أشعلتُها في نصف بركة الشمس
حيث توضَّأتُ وحدي ووحدكَ
وأشعلتُ لك العتمة كي تبصر النور وهو يمر إلى قلبي
الورق اليابس على الحنجرة
شرخ مبلل على رقبتها
الطريق يتغيَّر ويسرع ويغمض
إنه سباق الأغصان والأحصنة.

4

ظلَّ يصعد أحلامي ويتكوَّم من بحَّات عطشي
في الليل
لما يصير المطر ناشفًا وتصير عيني جوفًا يبكي
حتى صار ورقة خضراء كاملة تتمشى في الغابة وصار كلُّ ما تحتها وارفًا
أبتعدُ عن الشمس وأنزل في بروق الماء
أصطاد حوتًا وأنوِّمه جانبي وأتلوثُ بمعنى الأقدام الصغيرة
التي تهلك في الغبار.

5

أخاف عليك من شيء لست أدركه
ولا تدركه
كأنك التراب وأنا حبة الحنطة
غيابنا موشوم علينا بالأحذية
فتتُ ورق اللعب حيث كان الطريق مكعبات
انتظرت في غيابك حتى انتصف القمر على ظهري
أحيانًا أتمنى أن أكون في متناول سهامك صبارة
تغرز بي يديك وتغرز باطن قدميك اللتين تدوسان على الوقت الميت
وأحيانًا أتمنى أن تتحول الجنية الزرقاء التي فوق رأسك
إلى الصبية الشهباء التي هي أنا
حتى أبعثر الرجال
ورق الخريف والانتظار الذي سكر
وأنزل هناك
فالورق والشمع يتتاليان كي أفيق
ويتتابعان في إرسال الكون
سالكًا من حزني
مضمَّخًا بالعشب وطلقات الرصاص
مستقرًا في الحنجرة
حيث الغناء يمدُّ يده في جرن جسمي
حيث أطفئه
كما أطفئ دمع سيجارة.

*** *** ***

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني