التاريخ

 

في المعاني القديمة: بالنسبة لأرسطو كان التاريخ istoria يعني مجرد جمع للوثائق من دون أية محاولة للشرح أو للتصنيف. أمَّا بيكون، وفي تصنيفه للعلوم، فقد عرَّف التاريخ كمعرفة للفرد بأنه علم الذاكرة، الأمر الذي يميزه عن الشعر كعلم للخيال، وعن الفلسفة التي هي معرفة للعام كعلم للمنطق. مشيرين إلى أن جميع المؤلفين الكلاسيكيين فرَّقوا بين التاريخ الطبيعي الذي يصف ويصنِّف المخلوقات في الطبيعة، والتاريخ الإنساني الذي يفترض، كما تصفه الأنسيكوبيديا، تسلسلاً زمنيًا – وأيضًا، حسب هيغل، عامل وعي – الأمر الذي ينفي، من منظور هذا الأخير، إمكانية كتابة تاريخ للطبيعة.

في المعنى المعاصر: يمكن القول إن التاريخ هو علم يتعاطى مع ماضي البشر. وهو ماضٍ يقتصر فقط على المجتمعات التي عرفت الكتابة. حيث سُميت الفترة التي سبقت هذه المرحلة، بما قبل التاريخ. ونلاحظ في هذا السياق، أن النصَّ التاريخي الذي كان فيما مضى (عند هيرودوت مثلاً) مجرد مسح شخصي للأحداث، قد قضى مئات السنين قبل أن يتوصل إلى فرض منهجيته وطرائقه، متدرجًا على مرِّ العصور من السرد الأدبي الصرف كي يصبح في النهاية، منهجًا علميًا. منهج يستند في محاولاته لتحديد الأحداث التي أعيد سردها، إلى وثائق جرى التمحيص فيها بما فيه الكفاية، ساعيًا شرحها وتبيان تتاليها الصحيح. وهذا الشرح هو ما يميِّز في النهاية التاريخ الحقيقي عمَّا نعرِّفه بالكرونولوجيا التي هي مجرَّد سرد تسلسلي زمني للأحداث من دون أية محاولة للربط بينها وشرح مسبباتها. ذلك الشرح الذي يمكن أن يتم انطلاقًا من منهجيات مختلفة، أعطت على مرِّ السنين مدارس تاريخية متباينة. مدارس يؤكد بعضها على المجال الحيوي، وبعضها الآخر على دور كبار الشخصيات، أو على الصراع الطبقي،... إلخ.

ونؤكد في النهاية، على أن أهمية التاريخ الإنساني أو لنقل، بشكل أدق، أهمية تاريخية الإنسان، لم تقدَّر فلسفيًا بشكل صحيح، إلاَّ عندما بوشر بالنظر إلى الكائن الإنساني، ليس كمخلوق يحدده تعريف أساسي وأزلي (كناتج خاص للخليقة الإلهية)، وإنما كنتاج تطورات تدريجية. وقد كان روسّو أول من بدأ هذا المنهج الذي أخذ بعده الكامل من خلال منهجية هيغل ثم منهجية ماركس. الأمر الذي يجعل المنظور التاريخي في الفلسفة أساسيًا بالنسبة للشريحة الأعظم من الفكر التاريخي المعاصر.

*** *** ***

ملاحظة: تم تعريب هذا النص عن قاموس ناثان الفلسفي، تأليف جيرار دوروزوي وأندريه روسيل.

تعريب: أكرم أنطاكي.

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني