english arabic
الفصل السابق

 الروح في الإنسان

(2 من 2)

 

س. رادهاكرشنان

 

5. الخبرة الروحية وما يترتب عنها

الدين هو، من حيث ماهيَّته، اختبار للحقِّ الأقصى أو تماسٌ حيٌّ معه. إنه ليس ظاهرة ذاتية، ولا هو بمجرَّد اعتناء بالحياة الداخلية، بل الإحاطة بشيء ينتصب مقابل الفرد. فالحقُّ لا يُعرَف كنتيجة للمحاجَجة بل بيقين شيء مختبَر. ليس بوسعنا أن نبرهن على حقِّية الله بالطريقة نفسها التي نبرهن بها على وجود كرسي أو طاولة؛ إذ إن الله ليس موضوعاً كبقية الموضوعات في الطبيعة. الله روح يتمايز عن الذات العالمة أو عن الموضوع المعلوم. وكل البراهين على وجود الله تفشل لأنها تتصور الله كواقع موضوعي. الروح هو الحياة، وليس شيئاً أو طاقة أو جموداً، هو شيء حقٌّ في ذاته وبذاته، ولا يمكن أن يقارَن بأي جوهر ذاتي أو موضوعي. الإلهي يتجلَّى في الحياة أو الخبرة الروحية. إنه معطى لنا في الحياة ولا يبرهَن عليه بإعمال المنطق العقلي.

مع أن الخبرة الدينية مقايِسة من بعض الوجوه للتجلِّيات الأخرى للنشاط الروحي، من نحو العبقرية العلمية والإبداع الفني والبطولة المعنوية، فلا يمكن مواحدتها مع أيٍّ منها؛ إذ إنها فريدة وذاتية التدبير. فالروح منسجمة مع نفسها في الدين، وحياتها ترضي كل جانب من جوانب وجودنا. والسلام الذي نحظى به من خلالها ليس مجرد رضى انفعالي. فيها يصير الذهن مشعاً بالنور الإلهي وتجد أسئلة العقل العنيدة إجابة عليها. والإرادة تفقد تحيُّرها إذ تصبح واحدة مع الإرادة الإلهية. يمتلك العباقرة الروحيون أسمى ما يمكن للإنسان أن يمتلكه: التماس الدائم مع المبدأ الخلاق الذي يتجلَّى في الحياة، التطابق مع الإرادة الإلهية، السكينة الوادعة، السلام الداخلي الذي ما من هوى يستطيع أن يزعجه، وما من اضطهاد يمكنه أن يجزعه.

لابدَّ لأي تعليل فلسفي للكون أن يأخذ بالحسبان المعطيات المعلومة كافة، آمالنا ومخاوفنا، جهودنا ومساعينا. وفي حين لا تستطيع الفلسفة أن تسلِّم بصحة أيِّ شيء، لا تستطيع أن تتجاهل شهادة الخبرة الدينية على طبيعة الحقِّ الأقصى الذي تسعى هي الأخرى للإحاطة به. فإذا كان الفن يسارِرنا بالحقيقة، إذا كان موضوع الشعر هو "الحقيقة التي تشهد لذاتها" (ووردزوورث)، فقد يصحُّ فعلاً أن الخبرة الدينية، هي الأخرى، تُسهمُ إسهاماً حقيقياً في فهم العالم، وتمتلك مغزى ميتافيزيائياً عميقاً. لذا فمن واجبنا، كباحثين عن الحقيقة، أن نصغي بإجلال لآراء أولئك الرائين الذين نمُّوا الحسَّ الديني وهم موهوبون بصفة خاصة بتمييز دقيق في شؤون الروح.

لا يحق لنا أن نقول إن الخبرة الدينية إما غير حقيقية وإما متعذرة، لا لشيء إلا لأن هناك أشخاص يجهلونها. فخبراتنا المحدودة ليست معياراً للجميع. هناك كثيرون ليس الجمال بنظرهم إلا كلمة وليست الموسيقى إلا ضوضاء، لكن ذلك لا يعني أن خبرة الفنان تعدم الحقِّية. فالخبرة الدينية، ههنا أيضاً، استثنائية، فقط بمعنى أن العبقرية دوماً استئنائية. وهذا لا يعني أن الذين يتجشمون المشقة الضرورية لا يستطيعون التحقق من الخبرة. وعلى الرغم من أننا قد لا ننطق جميعاً بصوت الروح فإن هذا الصوت يجد صدى له في أعماق نفسنا. والإيحاء بأن البشر من أصحاب الخبرة الدينية معوَّهون ذهنياً يتناقض مع الواقع المعلوم جيداً بأن عدداً من أكابر الصوفية بشرٌ ذوو قدرة عقلية لافتة، وذوو تمييز فَطِن واقتدار عملي.

يستبعد المشكِّكون خبرات القديسين بوصفها ناجمة عن اختلال ذهني أو حِيَل نفسانية. ولعل ما يبرِّر لهم هذا الرأي هو تاريخ الخبرة الدينية الذي كثيراً ما التبست فيه هذه بالطرب الانفعالي وبالمشاعر الجياشة. وهذا الواقع لا يذكِّرنا إلا بالحاجة إلى تقصٍّ متأنٍّ لما يدَّعي أنه خبرة دينية وإلى فحص دقيق عنه. لا يحقُّ لنا نستهين بحقل الخبرة الدينية برمَّتها بوصفه لا أساس له، لا لشيء إلا لأن الدين مراراً ما حُسِبَ – خطأً – غيرَ ما هو واختلط بمفاهيم وهمية وفظائع تعسفية. فنحن لا خاطر لنا في صرف الإدراك الحواسي بوصفه وهمياً فقط لأن لدينا أحلاماً وأهلاساً؛ إذ إن خبراتنا عرضة لسوء التأويل وآراؤنا ليست معصومة. نحن في أيامنا هذه مُجِلُّون حتى لاختبار الأشباح؛ فلا داعي لأن نغلظ الكلام عن اختبار الله. فإذا تبنَّينا نظرة عقلانية ضيقة، لا يصير الدين وحسب عديم المعنى وباثولوجياً، بل ونشاطات الذهن العليا جميعاً. إن مثل هذه النظرة تضيِّق مدى رؤية الذهن الإنساني.

مع أن الخبرة الدينية قد تطورت إلى عقائد متنوعة وعبَّرت عن ذاتها من خلال إشارات اصطلاحية عديدة فهناك قرابة روحية ما بين العباقرة الروحيين الذين تركوا بصماتهم على التاريخ، والذين يضمُّون أيديهم عبر القرون ويدعوننا لدخول ملكوت الروح. إنهم يؤكدون أن الذات تدرك إدراكاً مباشراً الحقَّ الأقصى الحاضر أبداً، الواجب الوجود بذاته، الذي لا تنال منه نواقص العالم؛ وهو لصيق الحضور من أجلنا وفينا. الحق والجمال والخير ليست تهيُّؤات ذاتية بل وقائع موضوعية. وهي ليست قيماً قصوى متضمَّنة في الغاية من العالم وحسب بل حقائق سامية. وموضوعيَّتُها وسلطانها يُبرَزان أحياناً بتسميتهما صفات الله. إن لدينا وعياً بأننا ننتمي إلى ما هو حقٌّ في المآل. وههنا أيضاً لا يمكننا أن نستبعد عنصر السرِّ في الدين فنحاول قياس المتعالي والأزلي بمعايير منتهية وزمنية. وكل جهد لجعل الدين عقلانياً بإطلاق محكوم عليه بإساءة تصوُّر خاصيَّته الجوهرية. للبارون فون هوغل ملاحظة ذات مغزى بصدد هذه المسألة. إن توقُّع الوضوح بخصوص معرفة العليِّ، يقول، "يشير إلى عادة ذهنية غير معقولة مطلقاً ومناقضة لذاتها."[1] وعندما نسمع أوصافاً حماسية للحقِّ الأقصى يحسن بنا أن نتذكر مقولة لاوتسه بأن عارف التاو يمكن أن يُعرَف بإحجامه عن الكلام عليه. إن أفلاطون، في رسالته السابعة، يعلن نيَّته بعدم الجهر بشيء عن مثاله عن الخير: "لم أكتب قط في هذا الموضوع ولن أفعل أبداً. فهو ليس مباحاً للتعبير شأن فروع الدراسة الأخرى؛ إنما كنتيجة لوصال مديد وحياة مشتركة مصروفة على الأمر يشتعل ضوء فجأة وكأن مصدره شرارة قافزة، وعندما يبلغ النفس تجد منذئذٍ فصاعداً القوت لنفسها." الصوفية يلتمسوننا لبناء المجتمع المثالي، الجمهورية الشاملة حيث لا يهودي ولا أممي، لا يوناني ولا بربري، حيث كل البشر، من حيث هم بشر، سواسية في القيمة. فالعباقرة الدينيون أوفياء لمثال الإخاء الشامل، القائم على تصور قداسة الشخص الإنساني.

وفي حين أن الذين يشتركون في الخبرة لا يلتمسون البراهين على وجود الروح، بل يشعرون مباشرة، مستيقنين مما هو مختبَر، يجب تقديم البراهين لأولئك الذين لا يشتركون في الخبرة. إن عقلانية الإيمان تتطلب الإثبات. ومع أن الحجج على وجود الله ليست حاسمة منطقياً فإنها تبيِّن قصور التفسيرات الطبيعانية. الطبيعة ليست علة ذاتها؛ وما من جزء منها يتضمن تفسيره الخاص. ففي موكب الأحداث الذي ندعوه بالطبيعة هناك انبثاق لخصائص أعلى حيث، على حدِّ قول براوننغ، "من ثلاثة أصوات لا نشكِّل صوتاً رابعاً بل نجم." لقد انبثقت الحياة من الجماد عندما تمكَّنت الأرض المبتردة من إعالة الحياة. التعليلات الفيزيائية–الكيميائية، باعتراف الجميع، غير ملائمة للحياة ولظهور الذهن والشخصية؛ وخصائص المستوى الأعلى لا يمكن أن تُستنتَج من خصائص المستوى الأدنى. وفي حين يستطيع العلم أن يصف الظروف الدقيقة التي تمهِّد لانبثاق الخصائص العليا فإنه لا يستطيع أن يقول لماذا تفعل ذلك. إن التطور الطبيعاني الذي يحاول أن يعلل ظهور أنواع جديدة بنظرية التغيرات الطارئة التي يحافظ عليها الاصطفاء وتثبِّتها الوراثة يفترض حصول سلسلة من المعجزات. لذا ينبغي أن نقبل بوجود قصدية للطبيعة لتعليل التنسيق بين التغيرات المتكاملة على نحو تستفيد منه المتعضِّية وإمكانية انتقالها إلى أخلافها. يقترح برغسون في التطور المبدع أن تطور الأنواع ليس نتيجة فعل آلي لأسباب خارجية بل هو التعبير عن زخم حيوي يعمل في الأفراد، حاملاً إياهم باتِّجاه معطى نحو تعقيدات أعلى فأعلى. إن نظرية الزخم الحيوي هي إقرار بسرِّ الحياة وحركتها. وكلما أمعنَّا في الفحص عن التطور العضوي وجدنا أن دور العشوائية فيه محدود جداً. فالحياة تنمو باتِّجاه غاية معينة، والغاية هي نمو الروح. إن كوناً قد أنتج الإنسان لا يمكن أن يكون غير مكترث بخيره الأسمى.

أياً كانت السيرورة فهي معقولة بالنظر إلى الغاية التي ترمي إلى بلوغها. إن خاصية المراحل المختلفة وصفاتها تتحدَّد بالغاية. وفي السيرورة الكونية نجد أن الحياة تستعمل المادة أداةً لها. وبالمثل، يستعمل العقل متعضِّية حية. إن نظام الوجود الأعلى المدعو بالروح، الذي هو العقل وقد تنوَّر بمُثُل الحق والخير والجمال، متجذِّر في الفطنة الإنسانية وينمو في تربتها. والكون يسعى لتحقيق هذه المُثُل ولا يمكن أن يُفهم إلا في ضوئها. فهي ليست وحسب هدف الكون بالمعنى الزمني، بل هي المبادئ اللازمنية التي لا يصير الكون معقولاً إلا في ضوئها وحدها.

البروفيسور ألكزاندر، من جانبه، على استعداد للإقرار بأن "الإله" الذي هو الصفة العليا التالية المنبثقة هو التفسير لسيرورة العالم، مع أنه، بنظره، غير موجود، ومع أن العالم يكدح من أجل إيجاده. إنه ما يزال مثالاً وموجوداً فقط بمقدار ما يكون هذا الميل فاعلاً في العالم. إنه دائماً مزمع أن يجيء لكنه لا يجيء أبداً. إنه اسم الصفة العليا التالية الميَّالة إلى الانبثاق لكنها لم تنبثق بعد. وبمعنى ما، "إله" ألكزاندر ليس الخالق لكنه المخلوق. إنه لا يفيد تفسيراً للعالم إذا لم يوجد ويعمل بمعنى ما. وإنه ليس بعدُ موجوداً بالمعنى الزمني؛ فهو بالتالي يجب أن يكون موجوداً بمعنى لازمني. لهذا العالم معنى وقيمة فقط بمقدار ما يحقق في الزمن والوجود ذاك الذي يتعالى على الزمن والوجود. فما من تفسير ممكن للسيرورة الكونية بدون مرجعية متعالية.

تُقتفَى السيرورة الكونية أحياناً حتى قوة الحياة مختبِرة جعلنا برغسون نألفها. وأنصار قوة الحياة يصدمهم قصور التفسيرات الطبيعانية المحضة. فهم يقولون باستمرار الحياة لإبداع أنماط أعلى من الوجود. ولديهم من الإيمان بائتمانية قوة الحياة وتجاوبها مع أعمق أشواقنا ما يكفي. ويقترح برغسون أنها تكتشف حلولاً أصيلة للمشكلات التي تطرحها الشروط الخارجية وتتخطى العقبات تخطياً ذكياً. فإذا كنا على يقين من أن قوة الحياة سوف تتصرف تصرفاً عاقلاً وغائياً، فليس من الإنصاف في شيء التفكير فيها بوصفها عاملاً لاواعياً. فإذا صحَّ أنها مبدأ فاعل للسيرورة الكونية وتحوي، كما يقترح برغسون، الخصائص الجوهرية المنمَّاة في مختلف خطوط التطور في حالة من الانخراط المتبادل، حيث "الغريزة والعقل مجرد نظرتين، مأخوذتين من نقطتين مختلفتين، لذلك الواقع البسيط"، فإنه، والحالة هذه، عارٍ عن المعنى أن ندعوه بالزخم الحيوي أو بقوة الحياة. ففي عمله الأخير على منبعي الأخلاق والدين يحاجِج برغسون بأن الطاقة الخلاقة، مبدأ الحياة بعامة الذي يكشف عنه الحدس الباطن، ينبغي أن يعرَّف به على أنه المحبة وهو الله نفسه.[2]

الله هو الروح اللازمني الساعي إلى تحقيق القيم اللازمنية على مرتبة الزمن. إن مثال السيرورة الكونية، التي هي في آن معاً غاية وتفسير ذاتها، حقِّية في أحد المعاني، مع أنها تريد أن تتحقق في معنى آخر. والقيم التي تسعى السيرورة الكونية إلى إنجازها ليست إلا بضعة من الممكنات المحتواة في المطلق. الله هو تعيُّن المطلق بالرجوع إلى قيم العالم.

ثمة مظاهر في الخبرة الدينية، من نحو حس الراحة والتحقُّق، حس الأبدية والتَمامية، الذي يتطلب تصور كائن طبيعته لا تستنفدها السيرورة الكونية، ويمتلك امتلاءً من الحق، يتميَّز منه عالمنا ظلاً باهتاً وحسب. هذا الجانب من الخبرة الروحية يتطلب تصور العليِّ بوصفه موجوداً بذاته، اللانهاية، الحرية، النور المطلق، والغبطة المطلقة. من جانب آخر، ثمة سمات لخبرتنا الدينية تتطلب منَّا أن ننظر إلى الله كمبدأ ذاتي التعيين متجلٍّ في انبساط زمني، صفاته الحكمة والمحبة والخير. الله، من وجهة النظر هذه، كائن شخصي نستطيع أن نقيم معه علاقة شخصية. يفترض الدين العملي مسبقاً إلهاً عليماً بذات الصدور، عالماً بصفاتنا، يعيننا في حاجتنا. ذلك أن حقيَّة الصلاة والتضحية تؤكدها الحياة الدينية للإنسانية، إذ هي تأخذ بحقِّية كائنٍ عينيٍّ يؤثر في حياتنا. فإن ترك المطلق في عزلة مجرَّدة مقيماً في مسرَّة أبيقورية لفيه اختزال له إلى صورة زخرفية تضفي جواً على نظرة إلى السيرورة الكونية لاأدرية في الأساس. فالحق الدائم، المتعالي على عالم الكدِّ والفتن العابر، حاضر كذلك هنا وفي كل شيء. في الخبرة الدينية بحدِّ ذاتها ليس هناك نزاع؛ فالعليُّ يشبع جُملتَيْ الحاجات كلتيهما. أما فلسفة الدين فإن المشكلة المركزية فيها هي المصالحة بين النظرتين المتضادتين ظاهرياً إلى العليِّ بوصفة تاماً أبداً والعليِّ بوصفه المبدأ الذاتي التعيين المتجلي في السيرورة الزمنية.

في الفكر الإغريقي تصور أفلاطون وأرسطو الكائن الإلهي بوصفة غنياً بذاته في كماله، لا يطاله أيٌّ من تغيرات في العالم. ويضع أفلاطون تراتبية من المُثُل، يتسنَّم مثال الخير ذروتها. الله بنظر أرسطو هو المحرِّك الذي لا يتحرك، وهو عقل يعقل ذاته، منكفئاً على ذاته، لا يفعل إلا متوسلاً كماله عينه. أما إله العبرانيين فهو من نمط آخر. إنه إله شخصي، فاعل في التاريخ، ومهتم بتغيرات هذه الدنيا المتحركة وبحظوظها؛ إنه إله يبقى على اتصال بنا. بينما المسيحية تمثِّل مزيجاً من المنقولين العبري والإغريقي، مع أنها لم تفلح بعدُ في المصالحة بينهما.

الهندوسي، من جانبه، بصير بهذه المشكلة الأساسية. من هنا نجد محاولات تعود إلى فترة الأوبنشاد الباكرة لمصالحة عقيدة قيُّومية كمال للمطلق مع القناعة بأن الله مسؤول أيضاً عن هذا العالم المتغير.[3]

إن الطريقة المشار بها هنا إلى العلاقة بين المطلق والله ليست عينها إما طريقة شنكرا وإما طريقة برادلي، مع كونها تتشابه ظاهرياً في بعض النقاط مع عقيدتيهما. فبينما المطلق هو الإلهي المتعالي، الله هو الإلهي الكوني. وبينما المطلق هو الحقُّ الكلِّي، الله هو المطلق من جهة الكون والوعي الذي يُعلِم العالم ويُمِدُّه بأسباب الحياة. الله، إذا جاز التعبير، هو عبقري هذا العالم، أصله، الذي، كفكرة أو كإمكان للمطلق، يبطن متعالياً على العالم في الوعي الكلِّي للمطلق. إن الممكنات أو الصور المثالية إنما هي عقل المطلق أو معقولاته. ومن هاتيك الممكنات اللانهائية ثمة ممكن واحد يُترجَم إلى عالم الزمان والمكان هذا. فكما أن العالم هو تجلٍّ معيَّن لممكن محدَّد واحد من ممكنات المطلق، كذلك الله الذي يقيم معه العابد علاقة شخصية هو المطلق نفسه في سياق العالم وليس مجرَّد مظهر من مظاهر المطلق.

عندما يقول العهد القديم: "قبل أن تصنَع الأرض والعالم أنت الله من الأزل، والعالَم الذي لا نهاية له"، فإنه يشير إلى المطلق وليس إلى الله المندمج عضوياً في سيرورة العالم. المطلق فرح: الله محبة. الفرح حقٌّ موجود بذاته، مطلق لا يتَّكل على الموضوعات بل على ذاته وحسب. أما قوة المحبة الإلهية فهي تبذل نفسها لموضوعات حبِّها بدون أن تتوقع مردوداً من بذلها الذاتي. وإبان السيرورة الكونية يقبل الله عنصراً من المعطى، بعض الضرورات التي لا توافق عليها إرادته، مع أنه يكدح في تحويلها من خلال جهده الخلاق. هكذا يبدو الله منتهياً في هذه العملية مع أن لانهائيَّته تفصح عن نفسها عندما تبلغ خطة العالم كمالها.

في مقطع مشهور من الميكروكوسموس يدحض لوتسه الاعتراضَ على شخصية الله، الذي مفاده أن التمييز بين الذات واللاذات ضروري لوجود الشخصية، وبما أن الذات الإلهية لانهائية، وبالتالي لا آخَر لها، لا يصحُّ أن تكون شخصية. جواب لوتسه على هذه المشكلة هو أنه بينما يكون التضاد بين الذات واللاذات ملازماً دائماً للشخصية كما نعرفها فإنه ليس صفة جوهرية من صفاتها؛ فالتضاد خاصية مميِّزة للشخصية الإنسانية، وليس للإلهي. ولكن إذا كانت كينونة الله فاعلية إيجابية فإن لهذه الفاعلية معنى فقط عندما تعترضها أو تحدِّدها شروط ليست من خلقها بالذات. وسواء كان تضادُّ الذات واللاذات ضرورياً للشخصية، إنسانية أو إلهية، أو لم يكن، فإن حياة كائن شخصي ليست ممكنة إلا في بيئة معينة. فإذا لم تكن لله بيئة يفعل فيها، لا يمكن أن يكون شخصياً. وإذا كان الله شخصياً فلا يمكن أن يكون المطلق الذي ليس من شيء إلا وهو متضمَّن فيه بكل معنى ممكن للعالم.

لا يمكن لله أن يكون إلا شخصية خالقة فاعلة في بيئة، على كونها متَّكلة على الله، ليست هي الله. ومع أن فعل الله ليس قسراً عليه من الخارج فإنه يبقى محدوداً بنشاطات الأفراد. فشخصية الله ممكنة فقط بالرجوع إلى عالَمٍ بنواقصه وقدرته على التقدم. بعبارة أخرى، تكون كينونة إله شخصي متَّكلة على وجود نظام مخلوق: الله متَّكل على الخلق بمقدار ما يتَّكل الخلق على الله.[4] وفي فلك الفكر، الوجودُ واللاوجودُ ضدان. فالوجود الذي نختبره ليس الوجود المطلق؛ إذ إن كل ما يقصِّر عن الحق المطلق بأية درجة يشوبه شيء من اللاوجود. وفي عالم الخبرة لدينا صراع بين الوجود واللاوجود؛ ففي تناوئهما – وعبره – يوجد العالم. فلو لم يكن اللاوجود موجوداً لما كان للوجود وجود: وجود كل منهما يستلزم وجود الآخر. وكلاهما لا يرتبط أحدهما بالآخر ارتباط النجار بالخشب أو ارتباط الخزَّاف بالطين.

العالَم موجود في فعل تأكيد ذاتي ومن خلاله. والذات التي تؤكد ذاتها وتقول "أنا" هي الذات الإلهية. وعلى الضد من هذه الذات – إرادة الوجود هذه – هناك لانهائية اللاوجود، المقاومة السلبية التي يجب التصدي لها والتغلب عليها. إن روح الله ترفرف فوق المياه، المادة عديمة الشكل، كلِّية الوجود الممكن. إن الزخم الحيوي والمادة الخام هما، بنظر برغسون، المظهران المتكاملان للخلق. ونحن لا نقدر أن نزيل الثنوية بين الذات والموضوع، بين الله والمعطى في سيرورة الكون.

الله في البدء هو مجرد العالِم ذي الأفكار والخطط، التي تتحقق في المآل عندما يصير العالم صورة الله الصريحة. والفرق بين البداية والنهاية مقايِس للفرق بين الـ"أنا" والـ "أنية". والـ"أنية" تصير تمثيلاً ملائماً للـ"أنا" في النهاية؛ فكل الأشياء تتحرك نحو الخالق. وعندما يتطابق الخالق والمخلوق يخلد الله إلى المطلق. والكينونة، بمعنى يجتذب فكرنا ويتملَّص منه في آن معاً، هو الغاية المثالية للصيرورة. وببلوغ هذه الغاية تنجز الصيرورة قدرها وتنعدم.

يحدد الخلق بداية هذا العالم بـالزمن، وإن لم يكن في الزمن. فالتصور النيوتني للزمن، كإطار سابق تحدث ضمنه الأحداث، يقال إنه يجري بخطى منتظمة بلا توقف وبلا نهاية، قد تمَّ التخلي عنه. فالزمن لا وجود له بمعزل عن الأحداث؛ إنه بناء تصوري ناجم عن اختبار الأحداث المتوالية. فالكون، على كونه غير محدود، يقال إنه منتهٍ؛ إذ إن له بداية ونهاية. فإذا تخلينا عن هذه النظرة لا بد لنا من الالتزام بالاعتقاد بأبدية هذا العالم. تنجم عن ذلك ثنوية لله والعالم يكون لواحد منهما فيها وجود معرَّض للزوال وهمي. إن مثال العالم ليس اكتمالاً لوَّاصاً أبداً، يعمل بصورة غير مجدية فوق عالم الوقائع، لكنه ما هو الأكثر حقِّية وفاعلية قطعاً فيه ولابد له ذات يوم غير مؤرَّخ أن يتحقق.

التطور والتاريخ ينتميان إلى العالم وهما حقيقيان وليسا مجرَّد مظهرين أو وهمين. فالله ليس لازمنياً بإطلاق، مع أنه ليس في الزمن بمعنى أن كينونته برمَّتها خاضعة للتتالي وللتغير. فمع أن الله ليس عبارة عن تتالٍ من الأحوال فإن التتالي حقيقي عنده. فللمستقبل معنى عند الله الذي ينفِّذ المخططات في فلك النظام المخلوق. الله نفسه، بمعنى ما، خاضع للتغير. فهناك مرحلة يسعى فيها لتحقيق مثال ومرحلة أخرى يتحقق فيها المثال. والتضاد بين المثال المستهدَف وبين الفعلي تضاد حقيقي عند الله.

كذلك إن ما يبدو في الأشكال التحتبشرية نزوعاً أو كدحاً يصير في الإنسان إرادة واعية تقودها فكرة القيمة. فالبشر عملاء فعالون، وليسوا مشاركين سلبيين في مقابل كلِّ أشياء الله. بوسعهم أن يعملوا مع الله أو أن يديروا ظهرهم له. والروح المتديِّنة التي تدخل في تماس مباشر مع الإلهي في خبرة يتم فيها التغلب على المسافة بين الذات والموضوع، المحب والمحبوب، تتواحد مع الإرادة الإلهية وتشارك في عمل الله الخلاق. وعندما يُقبَل بإمكان وضع تجلٍّ تطوري للقيم يصبح الله عامل الخلق، المنجِز للقدرة والنور والمحبة من خلال التغلب على العطالة والظلمة والموت. والمطلق الموجود بذاته من أجل هذا العالم، بمقاومة الأشياء المنتهية فيه لوحدة الكل، يصير الله، الرحيم، الودود، المعين، روح الحق في كل الأشياء ومخلِّص الإنسانية. إنه يشتري الفاسد، ويصالح المعتدي، ويخرِج الإيقاع من العماء. وعمل الله لا يتوقف حتى يشكِّل الجوهر الخالد من العدم الزائل.

المطلق لا يتعالى على تعبيراته المنتهية وحسب، بل وعلى تعبيراته اللانهائية المأخوذة فرادى أو بعدد منتهٍ. ففي طيف تعبيراته، أو في درجة تعبيريَّته، يتعالى المطلق على كل الحدود المنتهية. إن مسألة المحايثة والتعالي لا تنطرح بخصوص المطلق؛ إذ إن المحايثة تنطوي على وجود آخر يحايثه المطلق. لكن المطلق يمثل كلِّية الوجود، ولا شيء ثمة إلاه. والمطلق حاضر في العالم بمعنى أن العالم ما هو إلا تفعيل لممكن واحد من ممكنات المطلق، إلا أن هناك الكثير في المطلق مما يتعدى هذا الممكن الذي هو في طور التحقيق.

الله هو المطلق بالرجوع إلى هذا الممكن الذي هو منه الينبوع والخالق. إلا أن الله يتعالى في أية لحظة على السيرورة الكونية بكل ما تحتويه من زمان ومكان. إنه يتعالى على نظام الطبيعة والتاريخ حتى تتجلَّى كينونته تجلياً تاماً. وعندما تحين تلك اللحظة يصير الكلمة جسداً، وينجو العالم كلُّه وتنتهي سيرورة التاريخ. وحتى ئذٍ، يكون الله جزئياً بالقوة، وجزئياً بالفعل. وهذه النظرة ليست نظرة حلولية؛ إذ إن السيرورة الكونية ليست تجلياً تاماً للمطلق.

وبمقدار ما يتعلق الأمر بالمطلق فإن خلق العالم لا يجعل فيه اختلافاً؛ إذ لا يستطيع أن يضيف أي شيء إلى المطلق أو أن يأخذ منه أي شيء. فكل ينابيع كينونته متضمَّنة فيه. إن عالم التغير لا يقلقل كمال المطلق. "عندما تنعدم الشموس والأكوان، فإن كل وجود سيكون موجوداً فيك" (إميلي برونتي). ولا يصح أن العالم ينتج عن طبيعة المطلق كما تنتج نتيجة القياس المنطقي من مقدماته، كما كان سبينوزا يريدنا أن نعتقد. فالمطلق ليس أصل العالم إلا بمعنى أن ممكناً من ممكنات المطلق هو العلَّة المنطقية للعالم؛ فما كان للعالم أن يوجد لولا هذه الإمكانية في المطلق.

أما عن سبب انبثاق هذا الممكن وليس سواه، لابد أن نجيب بأنه تعبير عن حرية المطلق. فليس حتى ضرورياً للمطلق أن يعبِّر عن أيٍّ من ممكناته. فإذا اتَّفق لهذا الممكن أن يعبَّر عنه فهذا فعل حرٌّ من جانب المطلق. من هنا فإن الهندوس ميَّالون إلى النظر إلى فعل الخلق بوصفه عمل فنان أكثر منه عمل صانع. إنه ليلا أو لعبٌ حرٌّ. إنما العالم عمل فنان أعماله عوالم، وخصوبته لا نهاية لها. إن شنكرا يقول إن العالم ينشأ من العليِّ بلا جهد (أبْـرَيَـتْـنـيـنَـيْـفا)، قياساً إلى الرياضة (ليلانيايِـنا)، مثل النَّفَس البشري (بوروشانِـهْـشفاسَـفَـتْ).[5]

6. خاتمة

يولد الدين الصحيح من الروح، وليس من اللحم والدم، ليس من الأعراف والعادات، ليس من الأعراق والأمم. فحياة الروح عبارة تحديداً عن التحرر من هذه الأشياء والولوج إلى الكينونة الحقة. أما المنظومات اللاهوتية وقواعد السلوك فتصاغ من أجل جمهور الناس الذين يعدمون خبرة مباشرة للدين ويحتاجون، بالتالي، إلى توجيه في طريق الدين. فما دام هناك أناس لم يبلغوا بعد المستوى الروحي، حيث يوجد تماس فوري مع الواقع الإلهي، وهم بالتالي متَّكلون على خبرة الآخرين، هناك مبرِّر للدين السلطوي.

العقائد والقواعد ليست تجسيمات مطلقة للحقيقة الدينية. فهي تعبِّر عن مراحل معينة من التفتح الروحي للإنسان. فما يوحى به يُشوَّه ويُستوعَب بحسب طبيعة الشخص الذي يتبلَّغه وبحسب نموِّه الروحي. أما الرائي البصير فيفهم تنوع العقائد والقواعد اللاهوتية: إنْ هي إلا محاولات للتعبير عن العصيِّ على التعبير، ولترجمة الموسيقى الإلهية إلى كلمات بشرية. ففي حضرة المجد الفائق الوصف لا شيء يجدي سوى زهد الفنان وشظف الصمت. ذلك أن العقيدة التي نتبنَّى والبطاقة التي نحمل طارئان إلى حدٍّ بعيد. إننا نبقى في الحظيرة التي نولد فيها لا لشيء إلا لأننا نشعر بالارتياح فيها أكثر من الحظائر الأخرى. والعقائد والشعائر التي يستعملها الدين للتعبير عن ذاته والانتشار ما هي إلا وسائل لاستيلاد سموَّ النفس هذا الذي يستطيع أن يستغني عنها جميعاً. من هنا فإن إضفاء خاصية قدسية على التقاليد العرقية هو من قبيل تضليل حياة الروح. إن إخضاع الروح اللانهائية للأشكال المنتهية يقود لا محالة إلى استعباد الروح.

إن المذهب العقلي يقبل بإمكان بلوغ منظومة كاملة للمعرفة الإلهية. وهو يرفض رؤية كينونة الله الفائقة وينكر سرَّ الدين. تلتبس عليه الطبيعة الإلهية ذاتُها بانعكاس الله في الذهن. وهو يعطي للأشكال الخارجية للسيرورة التاريخية تبريراً مطلقاً. الدين العقلي يُلزِمنا بتعريفات جامدة وعقائد بالية. وهو يشجع على قساوة في الاعتقاد تكاد تكون رياضية في جمودها. وهو لا يعتقد بوجود أية تدرجات بين الأسود والأبيض، أية ظلال دقيقة بين الحق والباطل. وهو، في حرصه على تطويع كل الإرادات الفردية لقصد الجماعة وعلى ترسيخ التماسك الاجتماعي، يفرض شعائر وطاعات خاصة بالجماعة ويتجاهل مطالب الإنسانية. إنه يعلن أن ما يؤكده هو الحق، كل الحق، ولا شيء غير الحق. بهذا تكتسب المنظومات اللاهوتية المختلفة مغزى قدسي مطلق لا يتغير، وهذا يقود إلى إخماد الروح.

الروح فينا هي الحياة، وهي تقاوم الموت بكل أشكاله: الغريزة العمياء، العرف المجمَّد، الطاعة البليدة، العطالة العقلية، والجفاف الروحي. دين المرء يجب أن يكون دينه هو، وليس شيئاً مسلَّماً به عن ثقة أو تفرضه السلطة. فلئن كانت الثقة والسلطة تدلانه على الطريق، لا شيء إلا بحثه المستقل يوصله إلى الغاية.

الدين طريقة حياة تتوقف على انضباط كيان المرء، بدناً وذهناً. علَّة وجوده جعلُ المرء يتحلَّى بصفات معينة، وتشكيل كيان المرء على خُلُق معين لإعادة تشكيل العالم العنيد، وبالتالي لتغيير حياة المرء بما يجعلها حقيقة بدخول الحركة الحيوية للكون. لم تشاهَد قدرة الروح الخلاقة بعدُ في مداها الأوسع، ولم تبلغ بعد قامتها التامة. ما زالت الحضارة في طور طفولتها، والدين ما زال قيد الصنع. من هنا ينبغي التعريف بالتقدم الإنساني بوصفه السيرورة التي يتحول بها المجتمع تحولاً مطرداً على نحو روحي. فالعالم غير ناجز ومهمة الدين هي المضي قدماً في مهمة تهذيبه.

من هذا المنظور، ليس الدين سكونياً بل مقاتل، يعرِّض بعداوة وخواء بالمبدأ اللاديني. وهو يعني استياءً عميقاً من الحالة الراهنة للإنسانية واستعداداً فعالاً لحياة جديدة، سواء كانت ملكوت الله على الأرض أو فيما يتعداها. والدين ثائر أبدي لأنه ما من نظام للحياة بوسعه أن يرضيه يوماً. إنه يتطلب أكثر تحولات الإنسان والمجتمع جذرية، ولن يرضى حتى يترسخ نظام اجتماعي جديد، يكفل العدالة الاقتصادية الأساسية، والإخاء والمساواة العرقيين، والتعاون العقلي والروحي الحر والصداقة الحقيقية بين الأمم. ومادام الإنسان مضطراً أن يكسب خبزه بعرق جبينه، فسوف يصرف طاقاته سعياً وراء القوت، ولكن إذا نُظِّم المجتمع تنظيماً تغذيه الشجاعة وتقوده الرؤيا، بحيث يكفل لكلِّ أعضائه الطعام واللباس والمأوى، فإن الأفراد سوف يتحررون من أجل السعي إلى الأمور العليا للعقل والروح. وإذا تم تأمين التغيير الجذري فيما يُدعى بآليات العيش، فإن فن العيش سوف يتلقى زخماً جديداً وسوف يتحقق قدر الإنسانية.

لا يكفي أن نغير الأشكال والمؤسسات الخارجية. علينا أن نغير مشاعر البشر وأهواءهم. لسنا بحاجة إلى ثورة في الرأي بل إلى ثورة في المسلك. لقد قادنا المذهب العقلي الكاذب إلى أن نفضل في الحياة الفنية، سيادة الشكل على المضمون؛ وفي السياسة، سيادة التنظيم على الحرية؛ وفي الأخلاق، سيادة السلطة على الخبرة الشخصية؛ وفي الدين، سيادة المنظومات السُنَنية على الحياة الروحية. إن رياضةً لكياننا كلِّه، بما فيه العواطف التي هي منبع العمل، ضرورية لنرُدَّ إلى العالم الإلهام الذي فقده.

*** *** ***


[1] Essays and Addresses on the Philosophy of Religion, First Series, p. 100.

[2] E. T. (1935), p. 320.

[3] للاطلاع على نظرات الأوبنشاد والبْـهَـغَـفَـدغيتا والمعلِّمين الكبار، أمثال شنكرا، رامانوجا، ومدهفا، راجع كتاب المؤلِّف: الفلسفة الهندية، ج 1 وج2، الطبعة الثانية.

يقول ابن عربي: "لا إله بلا مألوه." (م)[4]

[5] شرح شنكرا على الـبرهما سوترا، 1، 1، 3.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود