إضاءات

تموز وآب 2014

July & August 2014

 

 

يوجد طيفان يسكنان الذات: طيف الإرادة وطيف الحرية. كل شيء يدفعها إلى المطالبة بالممارسة الكاملة للأولى، والاستخدام غير المحدود للثانية. فمن غير القانوني اليوم ألا نريد أنفسنا أحرارًا، أو أن نتخلى عن إرادتنا الذاتية.

يصبح الإنسان "المحرَّر" مسؤولاً بقوة القانون عن الشروط الموضوعية لوجوده. وهو مصير أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه مبهم: مثلاً، العامل "المحرر" يقع رهينةً للشروط الموضوعية لسوق العمل.

بالتزامن مع حركة التحرر (تحرر الطاقة، والجنس، والفضائل الأخلاقية، والعمل) تنخرط الحداثة في تحويل كل ما كان ينتمي إلى الخيالي والحلم والمثالي واليوتوبيا إلى واقع تقني وعملياتي. نشهد اليوم تحقق كافة الرغبات، وتحقق كافة الممكنات، وإنجازًا غير مشروط لها، فقد انتهى التعالي والإنسان المستلَب: إننا أمام فرد مشبع الرغبات – افتراضيًا، طبعًا: فالمجال الافتراضي هو الذي يجعل الواقعي كليًا بامتصاصه لكل تناوبية تخيلية ليصبح الفرد أخيرًا في هوية مع ذاته ويتحقق وعد الأنا. إن نبوءة التاريخ الحديث، من هيغل وماركس إلى ستيرنر والوضعيين، نبوءة تملُّك الذات لذاتها ونهاية الاستلاب قد تحققت، ليس للأفضل بل للأسوأ. عَبَرنا من الآخر إلى الذات، ومن الاستلاب إلى التماهي (أيضًا، نبوءة نيتشه عن انقلاب transvaluation القيم تحققت على نحو سيء من خلال العبور، ليس إلى ما وراء بل إلى ما دون الخير والشر).

 

 

قد يفيد أن نحاول وضع يدنا على المعنى المراد من كلمة "نموذج" قبل أن نبحث في سلطته في الفكر العربيِّ. وأول ما يتبادر للذهن أن من الوجاهة المعرفية النَّظر إلى معنى النَّموذج من خلال اندراج هذه الكلمة في سياق العبارة نفسها "سلطة النَّموذج في الفكر العربيِّ" حتى لا ننداح في تشقيق معانٍ ودلالاتٍ قد يحتاجُ التَّوسُّع فيها إلى عدد كبير من الصفحات. لذلك فإنَّ وجهة النظر هنا ستقارب معنى النَّموذج من داخل علاقة المفردة بما يجاورها من قبل ومن بعد من المفردات، لاسيما وأنَّ العبارة تعطي من تلقاء ذاتها فضاء ممكنًا لترسيم المعنى وفهمه على نحو محدَّد.

 

 

وقد عرضت السبب الرئيسي والفعلي الكامن وراء السيطرة التي تمارسها المعتقدات الدينية على الجموع. وتدل هذه النزعات الصوفية على عدم الرضى العميق في القلب أكثر منه على السخط في العقل. وهي نوع من الاحتجاج الغريزي والعاطفي للكائن البشري على ضيق وتفاهة وأوجاع وعار وجود تعيس. وقد قلت لتوي إن هناك علاجًا واحدًا لهذا الداء وهو الثورة الاجتماعية.

في هذا الوقت حاولت أن أظهر الأسباب المسؤولة عن الظهور والتطور التاريخي لهذه الهلوسات الدينية في الضمير البشري. وغرضي هنا أن أعالج مسألة وجود الله أو الأصل المقدس للعالم وللبشر، من منطلق وحيد ألا وهو النفعية الأخلاقية والاجتماعية ولكن سأقول بخصوص هذا القليل بغرض شرح أفكاري حول الأسس النظرية لهذا المعتقد.

 

 

-1-

تذهب السياسة العربية في علاقاتها بالسياسات الأميركية-الأوروبية، إلى مزيد من الخسران والتبعيَّة.

وراء ذلك أسبابٌ كثيرة أهمُّها:

الأوَّل، يبدو العرب «واحدًا» على مستوى اللفظ. لكنَّهم، على مستوى العمل، يبدون كثرة، ومتنوِّعين إلى درجة التناقض. وليست لهم قضيَّة واحدة يُجمِعون عليها إجماعًا كاملاً، قولاً وعملاً، ظاهرًا وباطنًا.

اللفظ «يوحِّدهم» والعمل «يبدِّدهم».

وهذه ظاهرة عربية خاصَّة تدفع إلى القول إنَّ مشكلة العرب الكبرى تكمن في العرب أنفسهم.

 

لم يكن المفكرون وحتى الفقهاء العرب معقدين من مسألة الجنس والجنسانية بل كانوا يتحدثون ويكتبون في الموضوع من دون أي حرج. كان موقف القدامى حرًا ومنفتحًا تجاه مختلف العلاقات الجنسية مقارنةً بما يحدث اليوم. فلماذا وكيف انتقلت المجتمعات العربية من الجهر بالمتعة إلى حياة السرية والمنع؟ ما سبب هذا التراجع؟ في هذا الاستطلاع مع عدد من الباحثين العرب بعض عناصر إجابة.

 

 

لن نتطرَّقَ إلى الأخطاء العِلمية الكثيرة في القرآن لأنَّ وجودها أمرٌ طبيعي في نص كُتِبَ في القرن السابع الميلادي، بالإضافة إلى أنه ليس نصًا عِلميًا بل نص ديني أدبي يعكِسُ المستوى المعرفيَّ لواضعيه وعلومَ عصرِهم. بل سنحاولُ قراءةَ أخطائه اللغوية والإنشائية قراءةً تفكيكية، بحسب النظرية التفكيكية لجاك دريدا Jacques Derrida (1930 - 2004).

في ما يتعلَّق بالأخطاء الواردة في القرآن، يقدِّم المسلِمُ المؤدلَج أحكامًا مسبقة لا أساسَ لها من الصحة لا لغويًا ولا تاريخيًا. ولو أنه قرأَ القرآنَ بحيادية كقراءته لكتاب غير مقدَّس فسوفَ يرى الأخطاءَ بوضوح؛ لأنَّ علاقة القارئ بالنص هي أحد أهم محدِّدات القراءة.

 

أوَّلاً: تمهيد عام

إنَّ قيمةَ أيِّ مُنتَجٍ بشريٍّ يتعلَّق حتمًا بمدى ما يُحدثُه لدى الآخرين من فعل إيجابيٍّ يُسعدُ وينفع ويدفع إلى ماهو أعلى وأسمى. ولعلَّ معضلةَ الإنسانيَّة الكُبرى تتجلَّى في الإلغائيَّة القاتلة، والتّطَرُّف البغيض.

قرأتُ بحثك الذي استغرق منك وقتًا وجهدًا لهما التقدير في حاليْ الاختلاف والموافقة. وكما كان لك الحقُّ في عرض رؤيتِك أجد من حقِّي أيضًا عرض رؤيتي وللنَّاس في ما يعشقون مذاهبُ. إنَّ ما أرغبه موضوعيَّة الحوار لا المناكفة ومزيد الاختلاف وما ينتج عنهما من كراهية وبُغض لسنا في حاجة إليه. كفى البشريّة ضيقًا وتمزُّقًا إذ تحوَّلت الأديان والمذاهب عن غرضها الرئيس إلى المشاحنات والاقتتال وكأنَّها لم تُغادرْ بعدُ بداوتَها. ولئن ظهرت بعض القوى العالميَّة بمظهر التَّمدُّن فإنَّ في سلوكها لمثالبَ ومعايبَ تلغي ادِّعاءاتها. ولنسمِّ الأمور بمسمَّياتها فالكاذب والغشَّاشُ والمخادع المنافق المراوغ المعتدي القاتل... إلخ كلٌّ يشكِّل لعنةً على البشريَّة. والعالم الصَّادق الأمين المحبُّ العادلُ السويُّ... إلخ كلٌّ يستأهل الاحترام ويمثِّل قيمة عالية تضيء مسالك الإنسان.

 

كانت حقبة الستينات الفترة التي شهدت فيها حياتي التحول الشخصي الأكثر عمقًا وجذرية. وبالنسبة لأولئك الذين يتماهون مع الحركات الثقافية والسياسية في الستينات، لا تمثل تلك الفترة كثيرًا ذلك العَقد بوصفه حالة من الوعي، تتسم بالتوسع "العابر للشخصية"، والتشكيك بالسلطة، والشعور بالتمكين، وتجربة الجمال الحسي، والانتماء للمجتمع.

تغلغلت هذه الحالة من الوعي في حقبة السبعينات. وفي الواقع، يمكن القول بأن حقبة الستينات لم تنته سوى في كانون الأول عام 1980، مع الرصاصة التي قتلت جون لينون. كان الشعور الهائل بالخسارة الذي شعر به الكثيرون منا شعورًا بخسارة حقبة، إلى حدٍّ كبير. ولبضعة أيام بعد إطلاق النار المميت، عشنا مجددًا سحر الستينات. فعلنا ذلك بالحزن والدموع، ولكن الشعور بالافتتان نفسه والانتماء للمجتمع عاد للحياة مجددًا. فأنَّى ذهبت خلال تلك الأيام القليلة – في كل حيٍّ، وفي كل مدينة، وفي كل بلد حول العالم - كنت تسمع موسيقى جون لينون، وتجلت المثالية الشديدة التي ميزتنا إبان الستينيات مرة أخرى:

 

هناك أطروحة مثيرة وجريئة تدور حول موضوع أصل الحياة، فهي تربط ظهور هذه الأخيرة على الأرض بمصدر خارجي وليس بمصدر داخلي هو الحساء البدائي. الكون مليء بالحياة بأشكال مختلفة ما دام أن العناصر الأساسية مثل الهيدروجين والكربون والأزوت وغيرها من المواد الأساسية لتشكيل الأحماض الأمينية كلها مواد موجودة في الفضاء الخارجي وقد تكونت داخل النجوم، أو قبل ذلك منذ اللحظات الأولى للانفجار العظيم. كل هذا معناه أن بذور الحياة منتشرة في الكون وهذا شيء تثبته بعض الاكتشافات حيث يتم العثور على بعض المواد المكونة للحياة في النيازك، ففي سنة 1996 عثر العلماء على بعض المكروبات في نيزك صغير سقط على الأرض قادمًا من المريخ.

قد تكون الحياة تكونت في كواكب أخرى من بينها المريخ مثلاً ثم انتشرت في باقي الكون عن طريق النيازك والحجارة المتساقطة فوق الأرض. بهذا المعنى سيصبح الإنسان نفسه كائنًا فضائيًا يعيش فوق الأرض، أو هو "غبار النجوم" كما كان يردد كارل ساغان. إن السؤال المطروح هنا هو هل الحياة تكونت فوق الأرض أم أن مصدرها خارجي من كواكب أخرى؟ أو أكثر من هذا ألا يمكن أن يكون فضل ظهور الحياة العاقلة فوق الأرض عائدًا إلى كائنات فضائية خارقة؟

 

 

السياسة الجنسِّية

هل يمكننا مقاربة العلاقة بين الجنسين من منظور سياسي؟ هذا يتوقف على التعريف الشخصي لكلمة "سياسة". وأنا هنا لا أختصر المجال السياسي إلى ذلك القطاع الضيق والحصري والمؤسساتي، أو إلى السياسة الرسمية التي ينتهجها كل من الديمقراطيين أو الجمهوريين ممن تعبنا ومللنا منهم. لكن ما أعنيه بالسياسة هو العلاقات المبنية على أساس السلطة، تلك المنظومة القائمة على حكم مجموعة لمجموعة أخرى، أي أنَّ هناك مجموعة مسيطرة وأخرى تابعة.

ربما حان الوقت المناسب لتطوير علم نفس وفلسفة أكثر اقناعًا، ندرس من خلالهما العلاقات السلطوية وفق طريقة جديدة لم تقاربها السياسة المؤسساتية أبدًا. وهو الوقت الملائم أيضًا لتقديم نظرية في السياسة يتم فيها معالجة العلاقات السلطوية على أسس أقل رسمية في مقاربة العلاقات الشخصية بين أفراد مجموعات معلومة ومتجانسة في العرق والطبقة والجنس. فالنظم السياسية الرسمية لا تملك أي تصور عن مدى شمولية واستمرارية حالة الاضطهاد التي تعيشها المجموعات.

 

يرتبط الآخر الهامشي ارتباطًا وثيقًا بعلاقة الغير ونظرة الآخر فهي تراهن وتسائل مفاهيم الفردية والجسم الاجتماعي بالتناوب سواء تم ذلك بالنفور منها أو الرفع من شأنها، و

تبرز ظاهرة الهامشية على أساس شكلين أساسيين، أولاً واقع الطبقات الاجتماعية المغتربة منذ زمان بعيد عن المشاركة الواقعية في خيرات وأنشطة المجتمع، إنها الهامشية الاجتماعية والاقتصادية التي تعود جذورها إلى بنى الإنتاج والتنظيم الاقتصادي للمجتمع. والشكل الثاني للهامشية يظهر من خلال رفض إرادي وجلي للاندماج في المجتمع الذي نلفظه: إنها الهامشية الاجتماعية الثقافية.

 

يجود فهمنا لذواتنا بفيض من الشكوك والهواجس والمدلولات والأحاسيس المتناقضة، تجعلنا في شكٍّ مستمر من أمرنا ومن أمر علاقاتنا مع غيرنا وكأن الوضوح أمر في غاية التعقيد عكس ما يختلج صدورنا ونحن نُعبِّر عن أحاسيسنا وعواطفنا في لحظات البوح العاطفي. إنها علاقة الأنا بالذات وهي علاقة الفهم والسلوك في استمرارية حتمية تقترب فيها هذه العناصر أحيانًا وتبتعد في أحيان أخرى. حتى تعابيرنا وألفاظنا وتفاسيرنا عن ماهية سلوكنا أو سلوك غيرنا يحكمها كثير من اللامعقول، هل نحكم على ذواتنا وذوات غيرنا من خلال السلوك أم من خلال اللغة المتواصَلِ بها أم من خلال الأحاسيس المعبَّرِ عنها في أوقات الفرح والحزن والحب والكراهية والحنين والشوق؟

 

 

 

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني